- عربي - نصوص الآيات عثماني : وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّٰتٍۢ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلْأَنْهَٰرُ ۖ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍۢ رِّزْقًا ۙ قَالُواْ هَٰذَا ٱلَّذِى رُزِقْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَأُتُواْ بِهِۦ مُتَشَٰبِهًا ۖ وَلَهُمْ فِيهَآ أَزْوَٰجٌ مُّطَهَّرَةٌ ۖ وَهُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ
- عربى - نصوص الآيات : وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ۖ كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا ۙ قالوا هذا الذي رزقنا من قبل ۖ وأتوا به متشابها ۖ ولهم فيها أزواج مطهرة ۖ وهم فيها خالدون
- عربى - التفسير الميسر : وأخبر -أيها الرسول- أهل الإيمان والعمل الصالح خبرًا يملؤهم سرورًا، بأن لهم في الآخرة حدائق عجيبة، تجري الأنهار تحت قصورها العالية وأشجارها الظليلة. كلَّما رزقهم الله فيها نوعًا من الفاكهة اللذيذة قالوا: قد رَزَقَنا الله هذا النوع من قبل، فإذا ذاقوه وجدوه شيئًا جديدًا في طعمه ولذته، وإن تشابه مع سابقه في اللون والمنظر والاسم. ولهم في الجنَّات زوجات مطهَّرات من كل ألوان الدنس الحسيِّ كالبول والحيض، والمعنوي كالكذب وسوء الخُلُق. وهم في الجنة ونعيمها دائمون، لا يموتون فيها ولا يخرجون منها.
- السعدى : وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا ۙ قَالُوا هَٰذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا ۖ وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ۖ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
لما ذكر جزاء الكافرين, ذكر جزاء المؤمنين, أهل الأعمال الصالحات, على طريقته تعالى في القرآن يجمع بين الترغيب والترهيب, ليكون العبد راغبا راهبا, خائفا راجيا فقال: { وَبَشِّرِ } أي: [يا أيها الرسول ومن قام مقامه] { الَّذِينَ آمَنُوا } بقلوبهم { وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } بجوارحهم, فصدقوا إيمانهم بأعمالهم الصالحة. ووصفت أعمال الخير بالصالحات, لأن بها تصلح أحوال العبد, وأمور دينه ودنياه, وحياته الدنيوية والأخروية, ويزول بها عنه فساد الأحوال, فيكون بذلك من الصالحين, الذين يصلحون لمجاورة الرحمن في جنته. فبشرهم { أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ } أي: بساتين جامعة من الأشجار العجيبة, والثمار الأنيقة, والظل المديد, [والأغصان والأفنان وبذلك] صارت جنة يجتن بها داخلها, وينعم فيها ساكنها. { تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ } أي: أنهار الماء, واللبن, والعسل, والخمر، يفجرونها كيف شاءوا, ويصرفونها أين أرادوا, وتشرب منها تلك الأشجار فتنبت أصناف الثمار. { كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ } أي: هذا من جنسه, وعلى وصفه, كلها متشابهة في الحسن واللذة، ليس فيها ثمرة خاصة, وليس لهم وقت خال من اللذة, فهم دائما متلذذون بأكلها. وقوله: { وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا } قيل: متشابها في الاسم, مختلف الطعوم وقيل: متشابها في اللون, مختلفا في الاسم، وقيل: يشبه بعضه بعضا, في الحسن, واللذة, والفكاهة, ولعل هذا الصحيح ثم لما ذكر مسكنهم, وأقواتهم من الطعام والشراب وفواكههم, ذكر أزواجهم, فوصفهن بأكمل وصف وأوجزه, وأوضحه فقال: { وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ } فلم يقل " مطهرة من العيب الفلاني " ليشمل جميع أنواع التطهير، فهن مطهرات الأخلاق, مطهرات الخلق, مطهرات اللسان, مطهرات الأبصار، فأخلاقهن, أنهن عرب متحببات إلى أزواجهن بالخلق الحسن, وحسن التبعل, والأدب القولي والفعلي, ومطهر خلقهن من الحيض والنفاس والمني, والبول والغائط, والمخاط والبصاق, والرائحة الكريهة، ومطهرات الخلق أيضا, بكمال الجمال, فليس فيهن عيب, ولا دمامة خلق, بل هن خيرات حسان, مطهرات اللسان والطرف، قاصرات طرفهن على أزواجهن, وقاصرات ألسنتهن عن كل كلام قبيح. ففي هذه الآية الكريمة, ذكر المبشِّر والمبشَّر, والمبشَّرُ به, والسبب الموصل لهذه البشارة، فالمبشِّر: هو الرسول صلى الله عليه وسلم ومن قام مقامه من أمته، والمبشَّر: هم المؤمنون العاملون الصالحات، والمبشَّر به: هي الجنات الموصوفات بتلك الصفات، والسبب الموصل لذلك, هو الإيمان والعمل الصالح، فلا سبيل إلى الوصول إلى هذه البشارة, إلا بهما، وهذا أعظم بشارة حاصلة, على يد أفضل الخلق, بأفضل الأسباب. وفيه استحباب بشارة المؤمنين, وتنشيطهم على الأعمال بذكر جزائها [وثمراتها], فإنها بذلك تخف وتسهل، وأعظم بشرى حاصلة للإنسان, توفيقه للإيمان والعمل الصالح، فذلك أول البشارة وأصلها، ومن بعده البشرى عند الموت، ومن بعده الوصول إلى هذا النعيم المقيم، نسأل الله أن يجعلنا منهم
- الوسيط لطنطاوي : وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا ۙ قَالُوا هَٰذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا ۖ وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ۖ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
البشارة : الخبر السار فهو أخص من الخبر ، سمي بذلك لأن أثره يظهر على البشرة وهي ظاهر جلد الإِنسان ، والمأمور بالتبشير هو النبي صلى الله عليه وسلم أو كل من يتأتى منه تفخيماً لأمره ، وتعظيماً لشأنه .
والصالحات : جمع صالحة وهي الفعلة الحسنة ، وهي من الصفات التي جرت مجرى الأسماء في إيلائها العوامل .
والجنات : جمع جنة ، وهي كل بستان ذي شجر متكاثف ، ملتف الأغصان ، يظل ما تحته ويستره ، من الجن وهو ستر الشيء عن الحاسة ، ثم صارت الجنة اسماً شرعياً لدار النعيم في الآخرة ، وهي سبع درجات :
جنة الفردوس ، وجنة عدن ، وجنة النعيم ، ودار الخلد ، وجنة المأوى ، ودار السلام ، وعليون . . . وتتفاوت منازل المؤمنين في كل درجة بتفاوت الأعمال الصالحة .
والأنهار جمع نهر - بفتح الهاء وسكونها والفتح أفصح - وهو الأخدود الذي يجري فيه الماء على الأرض ، وهو مشتق من مادة نهر الدالة على الانشقاق والاتساع ، ويكون كبيراً أو صغيراً .
وأسند إليه الجري في الآية مع أن الذي يجري في الحقيقة هو الماء ، أخذاً بفن معروف بين البلغاء ، وهو إسناد الفعل إلى مكانه ، توسعاً في أساليب البيان .
وقوله : " من تحتها " وارد على طريقة الإِيجاز بحذف كلمة " أشجار " اعتماداً على تبادرها إلى الذهن ، والمعنى : تجري من تحت أشجارها الأنهار . ثم بين - سبحانه - أحوال هؤلاء المؤمنين الصالحين فقال :
( كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هذا الذي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ )
أي : إن سكان الجنة كلما رزقوا في الجنة ثمرة من ثمراتها ، وجدوها مثل الذي رزقوه فيها من قبل ، في بلوغه الغاية من حسن المنظر ولذة الطعم .
وفي هذا إِشارة إلى أن ثمار الجنة متماثلة في حسن منظرها ، ولذة طعمها بحيث لا تفضل ثمرة في ذلك على أخرى ، فجميع ثمرها يسر له القلب ، ويستحليه الذوق ، وإن اختلفت المناظر والطعوم .
ثم قال - تعالى ( وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً ) أي : يشبه بعضه بعضاً في الصورة والرائحة ، ويختلف في اللذة والطعم ، أو في المزية والحسن ، وعن ابن عباس : " ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسامي "؛ وهذه الجملة مؤكدة لما قبلها في معنى أن كل ثمر يشابه ما قبله في حسن المنظر ولذة الطعم مشابهة لا يفضل فيها ثمر الدنيا ، فإنه يتفاوت في مناظره حسناً ، وفي طعومه لذة .
ويرى بعض العلماء حمل قوله - تعالى - : ( قَالُواْ هذا الذي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ ) على تقدير : من قبل دخول الجنة ، أي هذا الذي رزقناه في الدنيا ، وإلى هذا الرأي مال صاحب الكشاف فقد قال : " فإن قلت : كيف قيل .
"
هذا الذي رزقنا من قبل؟ وكيف تكون ذات الحاضر عندهم في الجنة هي ذات الذي رزقوه في الدنيا؟ قلت : معناه هذا مثل الذي رزقناه من قبل وشبهه ، بدليل قوله : ( وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً ) فإن قلت : إلام يرجع الضمير في قوله : ( وَأُتُواْ بِهِ ) ؟ قلت : إلى المرزوق في الدنيا والآخرة جميعاً ، لأن قوله : ( هذا الذي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ ) انطوى تحته ذكر ما رزقوه في الدارين . فإن قلت : لأي غرض يتشابه ثمر الدنيا وثمر الجنة؟ قلت : لأن الإِنسان بالمألوف آنس؛ وإلى المعهود أميل ، وإذا رأى ما لم يألفه نفر عن طبعه ، وعافته نفسه "ثم قال - تعالى - : ( وَلَهُمْ فِيهَآ أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) .
الأزواج : جمع زوج وهي المرأة يختص بها الرجل ، والضمير في "
فيها " يعود إلى الجنات .والمعنى : أن لهؤلاء المؤمنين نساء مختصات بهم ، مطهرات غاية التطهير من كل دنس وقذر ، حسي ومعنوي ، لا كنساء الدنيا ، وهم في هذه الجنات باقون على الدوام ، لأن النعيم إنما يتم باطمئنان صاحبه على أنه دائم ، أما إذا كان محتملا للزوال فإن صاحبه يبقى منغص البال ، إذ سيذكر أنه سيفقده في يوم من الأيام ، فجملة ( وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) جيء بها على سبيل الاحتراس من وهم الانقطاع .
وبعد هذا البيان الجامع عن أحوال المهتدين بهديه أو الناكبين عن صراطه ، وما تخلل ذلك من المواعظ النافعة ، والتمثيلات الرائعة ، والبشارات الطيبة لمن آمن وعمل صالحاً ، بعد كل ذلك بين - سبحانه - أنه لا يعبأ أن يضرب مثلا بشيء حقير أو غير حقير ، فقال - تعالى - :
( إِنَّ الله لاَ يَسْتَحْى أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الذين آمَنُواْ . . . )
- البغوى : وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا ۙ قَالُوا هَٰذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا ۖ وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ۖ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
قوله تعالى : ( وبشر الذين آمنوا ) أي أخبر والبشارة كل خبر صدق تتغير به بشرة الوجه ويستعمل في الخير والشر وفي الخير أغلب ( وعملوا الصالحات ) أي الفعلات الصالحات يعني المؤمنين الذين هم من أهل الطاعات قال عثمان بن عفان رضي الله عنه ( وعملوا الصالحات ) أي أخلصوا الأعمال كما قال " فليعمل عملا صالحا " ( 110 - الكهف ) أي خاليا من الرياء . قال معاذ : العمل الصالح الذي فيه أربعة أشياء . العلم والنية والصبر والإخلاص . ( أن لهم جنات ) جمع الجنة والجنة البستان الذي فيه أشجار مثمرة سميت بها لاجتنانها وتسترها بالأشجار . وقال الفراء : الجنة ما فيه النخيل والفردوس ما فيه الكرم
( تجري من تحتها ) أي من تحت أشجارها ومساكنها ( الأنهار ) أي المياه في الأنهار لأن النهر لا يجري وقيل ( من تحتها ) أي بأمرهم لقوله تعالى حكاية عن فرعون " وهذه الأنهار تجري من تحتي " ( 51 - الزخرف ) أي بأمري والأنهار جمع نهر سمي به لسعته وضيائه . ومنه النهار . وفي الحديث " أنهار الجنة تجري في غير أخدود . . . " ]
- ابن كثير : وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا ۙ قَالُوا هَٰذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا ۖ وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ۖ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
لما ذكر تعالى ما أعده لأعدائه من الأشقياء الكافرين به وبرسله من العذاب والنكال ، عطف بذكر حال أوليائه من السعداء المؤمنين به وبرسله ، الذين صدقوا إيمانهم بأعمالهم الصالحة ، وهذا معنى تسمية القرآن مثاني على أصح أقوال العلماء ، كما سنبسطه في موضعه ، وهو أن يذكر الإيمان ويتبعه بذكر الكفر ، أو عكسه ، أو حال السعداء ثم الأشقياء ، أو عكسه . وحاصله ذكر الشيء ومقابله . وأما ذكر الشيء ونظيره فذاك التشابه ، كما سنوضحه إن شاء الله ؛ فلهذا قال تعالى : ( وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ) فوصفها بأنها تجري من تحتها الأنهار ، كما وصف النار بأن وقودها الناس والحجارة ، ومعنى ( تجري من تحتها الأنهار ) أي : من تحت أشجارها وغرفها ، وقد جاء في الحديث : أن أنهارها تجري من غير أخدود ، وجاء في الكوثر أن حافتيه قباب اللؤلؤ المجوف ، ولا منافاة بينهما ، وطينها المسك الأذفر ، وحصباؤها اللؤلؤ والجوهر ، نسأل الله من فضله [ وكرمه ] إنه هو البر الرحيم .
وقال ابن أبي حاتم : قرئ على الربيع بن سليمان : حدثنا أسد بن موسى ، حدثنا ابن ثوبان ، عن عطاء بن قرة ، عن عبد الله بن ضمرة ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنهار الجنة تفجر من تحت تلال - أو من تحت جبال - المسك .
وقال أيضا : حدثنا أبو سعيد ، حدثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن عبد الله بن مرة ، عن مسروق ، قال : قال عبد الله : أنهار الجنة تفجر من جبل مسك .
وقوله تعالى : ( كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل ) قال السدي في تفسيره ، عن أبي مالك ، وعن أبي صالح ، عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود ، وعن ناس من الصحابة : ( قالوا هذا الذي رزقنا من قبل ) قال : إنهم أتوا بالثمرة في الجنة ، فلما نظروا إليها قالوا : هذا الذي رزقنا من قبل في [ دار ] الدنيا .
وهكذا قال قتادة ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، ونصره ابن جرير .
وقال عكرمة : ( قالوا هذا الذي رزقنا من قبل ) قال : معناه : مثل الذي كان بالأمس ، وكذا قال الربيع بن أنس . وقال مجاهد : يقولون : ما أشبهه به .
قال ابن جرير : وقال آخرون : بل تأويل ذلك هذا الذي رزقنا من ثمار الجنة من قبل هذا ؛ لشدة مشابهة بعضه بعضا ، لقوله تعالى : ( وأتوا به متشابها ) قال سنيد بن داود : حدثنا شيخ من أهل المصيصة ، عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، قال : يؤتى أحدهم بالصحفة من الشيء ، فيأكل منها ثم يؤتى بأخرى فيقول : هذا الذي أوتينا به من قبل . فتقول الملائكة : كل ، فاللون واحد ، والطعم مختلف .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا سعيد بن سليمان ، حدثنا عامر بن يساف ، عن يحيى بن أبي كثير قال : عشب الجنة الزعفران ، وكثبانها المسك ، ويطوف عليهم الولدان بالفواكه فيأكلونها ثم يؤتون بمثلها ، فيقول لهم أهل الجنة : هذا الذي أتيتمونا آنفا به ، فيقول لهم الولدان : كلوا ، فإن اللون واحد ، والطعم مختلف . وهو قول الله تعالى : ( وأتوا به متشابها )
وقال أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية : ( وأتوا به متشابها ) قال : يشبه بعضه بعضا ، ويختلف في الطعم .
وقال ابن أبي حاتم : وروي عن مجاهد ، والربيع بن أنس ، والسدي نحو ذلك .
وقال ابن جرير بإسناده عن السدي في تفسيره ، عن أبي مالك ، وعن أبي صالح ، عن ابن عباس وعن مرة ، عن ابن مسعود ، وعن ناس من الصحابة ، في قوله تعالى : ( وأتوا به متشابها ) يعني : في اللون والمرأى ، وليس يشتبه في الطعم .
وهذا اختيار ابن جرير .
وقال عكرمة : ( وأتوا به متشابها ) قال : يشبه ثمر الدنيا ، غير أن ثمر الجنة أطيب .
وقال سفيان الثوري ، عن الأعمش ، عن أبي ظبيان ، عن ابن عباس ، لا يشبه شيء مما في الجنة ما في الدنيا إلا في الأسماء ، وفي رواية : ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء . رواه ابن جرير ، من رواية الثوري ، وابن أبي حاتم من حديث أبي معاوية كلاهما عن الأعمش ، به .
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله : ( وأتوا به متشابها ) قال : يعرفون أسماءه كما كانوا في الدنيا : التفاح بالتفاح ، والرمان بالرمان ، قالوا في الجنة : هذا الذي رزقنا من قبل في الدنيا ، وأتوا به متشابها ، يعرفونه وليس هو مثله في الطعم .
وقوله تعالى : ( ولهم فيها أزواج مطهرة ) قال ابن أبي طلحة ، عن ابن عباس : مطهرة من القذر والأذى .
وقال مجاهد : من الحيض والغائط والبول والنخام والبزاق والمني والولد .
وقال قتادة : مطهرة من الأذى والمأثم . وفي رواية عنه : لا حيض ولا كلف . وروي عن عطاء والحسن والضحاك وأبي صالح وعطية والسدي نحو ذلك .
وقال ابن جرير : حدثني يونس بن عبد الأعلى ، أنبأنا ابن وهب ، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، قال : المطهرة التي لا تحيض . قال : وكذلك خلقت حواء - عليها السلام - حتى عصت ، فلما عصت قال الله تعالى : إني خلقتك مطهرة وسأدميك كما أدميت هذه الشجرة . وهذا غريب .
وقال الحافظ أبو بكر بن مردويه : حدثنا إبراهيم بن محمد ، حدثني جعفر بن محمد بن حرب ، وأحمد بن محمد الجوري قالا حدثنا محمد بن عبيد الكندي ، حدثنا عبد الرزاق بن عمر البزيعي ، حدثنا عبد الله بن المبارك عن شعبة ، عن قتادة ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : ( ولهم فيها أزواج مطهرة ) قال : من الحيض والغائط والنخاعة والبزاق .
هذا حديث غريب . وقد رواه الحاكم في مستدركه ، عن محمد بن يعقوب ، عن الحسن بن علي بن عفان ، عن محمد بن عبيد ، به ، وقال : صحيح على شرط الشيخين .
وهذا الذي ادعاه فيه نظر ؛ فإن عبد الرزاق بن عمر البزيعي هذا قال فيه أبو حاتم بن حبان البستي : لا يجوز الاحتجاج به .
قلت : والأظهر أن هذا من كلام قتادة ، كما تقدم ، والله أعلم .
وقوله تعالى : ( وهم فيها خالدون ) هذا هو تمام السعادة ، فإنهم مع هذا النعيم في مقام أمين من الموت والانقطاع ، فلا آخر له ولا انقضاء ، بل في نعيم سرمدي أبدي على الدوام ، والله المسئول أن يحشرنا في زمرتهم ، إنه جواد كريم ، بر رحيم .
- القرطبى : وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا ۙ قَالُوا هَٰذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا ۖ وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ۖ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
قوله تعالى : وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون قوله تعالى : وبشر الذين آمنوا فيه ثلاث مسائل :
الأولى : لما ذكر الله عز وجل جزاء الكافرين ذكر جزاء المؤمنين أيضا . والتبشير الإخبار بما يظهر أثره على البشرة - وهي ظاهر الجلد - لتغيرها بأول خبر يرد عليك ، ثم الغالب أن يستعمل في السرور مقيدا بالخير المبشر به ، وغير مقيد أيضا . ولا يستعمل في الغم والشر إلا مقيدا منصوصا على الشر المبشر به ، قال الله تعالى فبشرهم بعذاب أليم ويقال : بشرته وبشرته - مخفف ومشدد - بشارة ( بكسر الباء ) فأبشر واستبشر . وبشر يبشر إذا فرح . ووجه بشير إذا كان حسنا بين البشارة ( بفتح الباء ) . والبشرى : ما يعطاه المبشر . وتباشير الشيء : أوله .
الثانية : أجمع العلماء على أن المكلف إذا قال : من بشرني من عبيدي بكذا فهو حر ، فبشره واحد من عبيده فأكثر فإن أولهم يكون حرا دون الثاني . واختلفوا إذا قال : من أخبرني من عبيدي بكذا فهو حر فهل يكون الثاني مثل الأول ، فقال أصحاب الشافعي : نعم ; لأن كل واحد منهم مخبر . وقال علماؤنا : لا ; لأن المكلف إنما قصد خبرا يكون بشارة ، وذلك يختص بالأول ، وهذا معلوم عرفا فوجب صرف القول إليه . وفرق محمد بن الحسن بين قوله : أخبرني ، أو حدثني ، فقال : إذا قال الرجل أي غلام لي أخبرني بكذا ، أو أعلمني بكذا وكذا فهو حر - ولا نية له - فأخبره غلام له بذلك بكتاب أو كلام أو رسول فإن الغلام يعتق ; لأن هذا خبر . وإن أخبره بعد ذلك غلام له عتق ; لأنه قال : أي غلام أخبرني فهو حر . ولو أخبروه كلهم عتقوا ، وإن كان عنى - حين حلف - بالخبر كلام مشافهة لم يعتق واحد منهم إلا أن يخبره بكلام مشافهة بذلك الخبر . قال : وإذا قال أي غلام لي حدثني ، فهذا على المشافهة لا يعتق واحد منهم .
الثالثة : قوله تعالى : وعملوا الصالحات رد على من يقول : إن الإيمان بمجرده يقتضي الطاعات ; لأنه لو كان ذلك ما أعادها فالجنة تنال بالإيمان والعمل الصالح . وقيل : الجنة تنال بالإيمان ، والدرجات تستحق بالأعمال الصالحات . والله أعلم .
" أن لهم " في موضع نصب ب " بشر " والمعنى وبشر الذين آمنوا بأن لهم ، أو لأن لهم ، فلما سقط الخافض عمل الفعل . وقال الكسائي وجماعة من البصريين : " أن " في موضع خفض بإضمار الباء .
" جنات " في موضع نصب اسم أن ، " وأن وما عملت فيه في موضع المفعول الثاني . والجنات : البساتين ، وإنما سميت جنات لأنها تجن من فيها أي تستره بشجرها ، ومنه : المجن والجنين والجنة .
"
تجري " في موضع النعت لجنات وهو مرفوع ; لأنه فعل مستقبل فحذفت الضمة من الياء لثقلها معها .من تحتها : أي من تحت أشجارها ، ولم يجر لها ذكر ; لأن الجنات دالة عليها .
الأنهار أي ماء الأنهار ، فنسب الجري إلى الأنهار توسعا ، وإنما يجري الماء وحده فحذف اختصارا ، كما قال تعالى : واسأل القرية أي أهلها . وقال الشاعر :
نبئت أن النار بعدك أوقدت واستب بعدك يا كليب المجلس
أراد : أهل المجلس ، فحذف . والنهر : مأخوذ من أنهرت ، أي وسعت ، ومنه قول قيس بن الخطيم :
ملكت بها كفي فأنهرت فتقها يرى قائم من دونها ما وراءها
أي وسعتها ، يصف طعنة . ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوه . معناه : ما وسع الذبح حتى يجري الدم كالنهر . وجمع النهر : نهر وأنهار . ونهر نهر : كثير الماء ، قال أبو ذؤيب :
أقامت به فابتنت خيمة على قصب وفرات نهر
وروي : أن أنهار الجنة ليست في أخاديد ، إنما تجري على سطح الجنة منضبطة بالقدرة حيث شاء أهلها . والوقف على الأنهار حسن وليس بتام لأن قوله : كلما رزقوا منها من ثمرة من وصف الجنات .
"
رزقا " مصدره ، وقد تقدم القول في الرزق .ومعنى : من قبل يعني في الدنيا ، وفيه وجهان : أحدهما : أنهم قالوا هذا الذي وعدنا به في الدنيا . والثاني : هذا الذي رزقنا في الدنيا ; لأن لونها يشبه لون ثمار الدنيا ، فإذا أكلوا وجدوا طعمه غير ذلك وقيل : من قبل يعني في الجنة لأنهم يرزقون ثم يرزقون ، فإذا أتوا بطعام وثمار في أول النهار فأكلوا منها ، ثم أتوا منها في آخر النهار قالوا : هذا الذي رزقنا من قبل ، يعني أطعمنا في أول النهار ; لأن لونه يشبه ذلك ، فإذا أكلوا منها وجدوا لها طعما غير طعم الأول .
وأتوا فعلوا من أتيت . وقرأه الجماعة بضم الهمزة والتاء . وقرأ هارون الأعور "
وأتوا " بفتح الهمزة والتاء . فالضمير في القراءة الأولى لأهل الجنة ، وفي الثانية للخدام ."
به متشابها " حال من الضمير في به ، أي يشبه بعضه بعضا في المنظر ويختلف في الطعم . قاله ابن عباس ومجاهد والحسن وغيرهم . وقال عكرمة : يشبه ثمر الدنيا ويباينه في جل الصفات . ابن عباس : هذا على وجه التعجب ، وليس في الدنيا شيء مما في الجنة سوى الأسماء ، فكأنهم تعجبوا لما رأوه من حسن الثمرة وعظم خلقها . وقال قتادة : خيارا لا رذل فيه ، كقوله تعالى : كتابا متشابها وليس كثمار الدنيا التي لا تتشابه ; لأن فيها خيارا وغير خيار .ولهم فيها أزواج ابتداء وخبر . وأزواج : جمع زوج . والمرأة : زوج الرجل . والرجل زوج المرأة . قال الأصمعي : ولا تكاد العرب تقول زوجة . وحكى الفراء أنه يقال : زوجة ، وأنشد الفرزدق :
وإن الذي يسعى ليفسد زوجتي كساع إلى أسد الشرى يستبيلها
وقال عمار بن ياسر في شأن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها : والله إني لأعلم أنها زوجته في الدنيا والآخرة ، ولكن الله ابتلاكم . ذكره البخاري ، واختاره الكسائي .
مطهرة نعت للأزواج ومطهرة في اللغة أجمع من طاهرة وأبلغ ، ومعنى هذه الطهارة من الحيض والبصاق وسائر أقذار الآدميات . ذكر عبد الرزاق قال : أخبرني الثوري عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : "
مطهرة " قال : لا يبلن ولا يتغوطن ولا يلدن ولا يحضن ولا يمنين ولا يبصقن . وقد أتينا على هذا كله في وصف أهل الجنة وصفة الجنة ونعيمها من كتاب التذكرة . والحمد لله .وهم فيها خالدون : "
هم " مبتدأ . " خالدون " خبره ، والظرف ملغى . ويجوز في غير القرآن نصب خالدين على الحال . والخلود : البقاء ومنه جنة الخلد . وقد تستعمل مجازا فيما يطول ، ومنه قولهم في الدعاء : خلد الله ملكه أي طوله . قال زهير :ألا لا أرى على الحوادث باقيا ولا خالدا إلا الجبال الرواسيا
وأما الذي في الآية فهو أبدي حقيقة .
- الطبرى : وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا ۙ قَالُوا هَٰذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا ۖ وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ۖ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
القول في تأويل قوله : وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ
قال أبو جعفر: أما قوله تعالى: " وبشِّر "، فإنه يعني: أخبرهم. والبشارة أصلها الخبرُ بما يُسَرُّ به المخبَرُ, إذا كان سابقًا به كل مخبِرٍ سواه.
وهذا أمر من الله تعالى نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم بإبلاغ بشارته خلقَه الذين آمنوا به وبمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به من عند ربه, وصدّقوا إيمانهم ذلك وإقرَارهم بأعمالهم الصالحة, فقال له: يا محمد، بشِّرْ من صدَّقك أنك رسولي - وأن ما جئتَ به من الهدى والنور فمن عندي, وحقَّق تصديقَه ذلك قولا بأداء الصالح من الأعمال التي افترضتُها عليه، وأوجبتُها في كتابي على لسانك عليه - أن له جنات تجري من تحتها الأنهار، خاصةً, دُون من كذَّب بك وأنكرَ ما جئته به من الهدى من عندي وعاندك (1) ، ودون من أظهر تصديقك (2) ، وأقرّ أن ما جئته به فمن عندي قولا وجحده اعتقادًا، ولم يحققه عملا. فإن لأولئك النارَ التي وقُودها الناسُ والحجارة، مُعدةً عندي. والجنات: جمع جنة, والجنة: البستان.
وإنما عَنى جلّ ذكره بذكر الجنة: ما في الجنة من أشجارها وثمارها وغروسها، دون أرضها - ولذلك قال عز ذكره (3) " : تجري من تحتها الأنهار ". لأنّه معلومٌ أنه إنما أراد جل ثناؤه الخبرَ عن ماء أنهارها أنه جارٍ تحت أشجارها وغروسها وثمارها, لا أنه جارٍ تحت أرضها. لأن الماء إذا كان جاريًا تحت الأرض, فلا حظَّ فيها لعيون منْ فَوقها إلا بكشف الساتر بينها وبينه. على أنّ الذي تُوصف به أنهارُ الجنة، أنها جارية في غير أخاديد.
509- كما حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا الأشجعي, عن سفيان, عن عمرو بن مُرَّة, عن أبي عُبيدة, عن مسروق, قال: نخل الجنة نَضيدٌ من أصْلها إلى فرعها, وثمرها أمثالُ القِلال, كلما نُـزعت ثمرة عادتْ مكانها أخرى, وماؤها يَجري في غير أخدود (4) .
510- حدثنا مجاهد [بن موسى]، (5) قال: حدثنا يزيد, قال: أخبرنا مِسعر بن كدام, عن عمرو بن مرة, عن أبي عُبيدة، بنحوه.
511- وحدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا ابن مهدي, قال: حدثنا سفيان, قال: سمعت عمرو بن مُرَّة يحدث، عن أبي عبيدة -فذكر مثله- قال: فقلت لأبي عُبيدة: من حدّثك؟ فغضب، وقال: مسروق.
ص[ 1-385 ]
فإذا كان الأمر كذلك، في أنّ أنهارَها جارية في غير أخاديد, فلا شكّ أنّ الذي أريدَ بالجنات: أشجارُ الجنات وغروسها وثمارها دون أرضها, إذ كانت أنهارُها تجري فوق أرضها وتحتَ غروسها وأشجارها, على ما ذكره مسروق. وذلك أولى بصفة الجنة من أن تكون أنهارها جاريةً تحت أرضها.
وإنما رغَّب الله جل ثناؤه بهذه الآية عبادَه في الإيمان، وحضّهم على عبادته بما أخبرهم أنه أعدّه لأهل طاعته والإيمان به عنده, كما حذّرهم في الآية التي قبلها بما أخبر من إعداده ما أعدّ - لأهل الكفر به، الجاعلين معه الآلهةَ والأنداد - من عقابه عن إشراك غيره معه, والتعرّض لعقوبته بركوب معصيته وتَرك طاعته (6) .
القول في تأويل قوله جل ثناؤه: كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " كلما رُزقوا منها ": من الجنات, والهاء راجعةٌ على الجنات، وإنما المعنيّ أشجارها، فكأنه قال: كلما رُزقوا - من أشجار البساتين التي أعدّها الله للذين آمنوا وعملوا الصالحات في جناته - من ثمرة من ثمارها رزقًا قالوا: هذا الذي رُزقنا من قبل.
ثم اختلف أهلُ التأويل في تأويل قوله: " هذا الذي رُزقنا من قَبل ".
فقال بعضهم: تأويل ذلك: هذا الذي رُزقنا من قبل هذا في الدنيا.
* ذكر من قال ذلك:
512- حدثني موسى بن هارون, قال: حدثنا عمرو بن حماد, قال: حدثنا ص[ 1-386 ] أسباط، عن السُّدّيّ في خبر ذكره، عن أبي مالك, وعن أبي صالح, عن ابن عباس - وعن مُرَّة, عن ابن مسعود, وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قالوا: " هذا الذي رُزقنا من قبل "، قال: إنهم أتوا بالثمرة في الجنة, فلما نظروا (7) إليها قالوا: هذا الذي رزقنا من قبلُ في الدنيا.
513- حدثنا بشر بن معاذ, قال: حدثنا يزيد بن زُريع, عن سعيد, عن قتادة: " قالوا هذا الذي رُزقنا من قبل "، أي في الدنيا.
514- حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى بن ميمون، عن ابن أبي نَجيح, عن مجاهد: " قالوا هذا الذي رزقنا من قبل "، يقولون: ما أشبهه به.
515- حدثنا القاسم, قال: حدثنا الحسين, قال: حدثني حجاج, عن ابن جُريج، عن مجاهد، مثله.
516- حدثني يونس بن عبد الأعلى, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد: " قالوا هذا الذي رزقنا من قَبل "، في الدنيا, قال: " وأتوا به مُتشابهًا "، يعرفونه (8) .
قال أبو جعفر: وقال آخرون: بل تأويلُ ذلك: هذا الذي رزقنا من ثمار الجنة من قبل هذا, لشدة مشابهة بعض ذلك في اللون والطعم بعضًا. ومن علة قائلي هذا القول: أن ثمار الجنة كلما نـزع منها شيءٌ عاد مكانه آخرُ مثله.
517- كما حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا ابن مهدي, قال: حدثنا سفيان, قال: سمعت عمرو بن مُرَّة يحدث، عن أبي عُبيدة, قال: نخل الجنة نضيد من أصلها إلى فرعها, وثمرُها مثل القلال, كلما نُـزعت منها ثمرةٌ عادتْ مكانها أخرى (9) .
قالوا: فإنما اشتبهت عند أهل الجنة, لأن التي عادت، نظيرةُ التي نُـزعت فأكِلت، في كل معانيها. قالوا: ولذلك قال الله جل ثناؤه: " وأتوا به متشابهًا "، لاشتباه جميعه في كل معانيه.
وقال بعضهم: بل قالوا: " هذا الذي رزقنا من قبل "، لمشابهته الذي قبله في اللون، وإن خالفه في الطعم.
* ذكر من قال ذلك:
518- حدثنا القاسم بن الحسين, قال: حدثنا الحسين بن داود, قال: حدثنا شيخ من المِصِّيصة، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير, قال: يؤتى أحدهم بالصحفة فيأكل منها, ثم يؤتى بأخرى فيقول: هذا الذي أتِينا به من قبل. فيقول الملك: كُلْ، فاللونُ واحد والطعمُ مختلف (10) .
وهذا التأويل مذهب من تأوّل الآية. غير أنه يدفَع صحته ظاهرُ التلاوة. والذي يدل على صحته ظاهرُ الآية ويحقق صحته، قول القائلين: إن معنى ذلك: هذا الذي رزقنا من قبلُ في الدنيا. وذلك أن الله جلّ ثناؤه قال: " كلما رُزقوا منها من ثمرة رزقًا "، فأخبر جل ثناؤه أنّ مِنْ قِيل أهل الجنة كلما رزقوا من ثمر الجنة رزقًا، أن يقولوا: هذا الذي رُزقا من قبلُ. ولم يخصص بأن ذلك من قِيلهم في بعض ذلك دون بعض. فإذْ كان قد أخبر جلّ ذكره عنهم أن ذلك من قيلهم في كل ما رزقوا من ثمرها, فلا شكّ أن ذلك من قيلهم في أول رزق رُزقوه من ثمارها أتُوا به بعد دخولهم الجنة واستقرارهم فيها, الذي لم يتقدّمه عندهم من ثمارها ثمرة. فإذْ كان لا شك أنّ ذلك من قيلهم في أوله, كما هو من قيلهم في أوْسطه وَما يَتلوه (11) - فمعلومٌ أنه مُحال أن يكون من قيلهم لأول رزق رُزقوه من ثمار الجنة: هذا الذي رُزقنا من قبل هذا من ثمار ص[ 1-388 ] الجنة! وكيف يجوز أن يقولوا لأول رزق رُزقوه من ثمارها ولمَّا يتقدمه عندهم غيره: هذا هو الذي رُزقناه من قبل؟ إلا أن ينسُبهم ذُو غَيَّة وضَلال إلى قيل الكذب الذي قد طهرهم الله منه (12) ، أو يدفعَ دافعٌ أن يكونَ ذلك من قيلهم لأول رزق رُزقوه منها مِن ثمارها, فيدفعَ صحة ما أوجب الله صحّته بقوله: " كلما رُزقوا منها من ثمرة رزقًا "، من غير نَصْب دلالة على أنه معنيّ به حالٌ من أحوال دون حال.
فقد تبيّن بما بيَّنا أنّ معنى الآية: كلما رُزق الذين آمنوا وعملوا الصالحات من ثمرة من ثمار الجنة في الجنة رزقًا قالوا: هذا الذي رُزقنا من قبل هذا في الدنيا (13) .
فإن سألنا سائل، فقال: وكيف قال القوم: هذا الذي رُزقنا من قبل، والذي رُزقوه من قبل قد عُدم بأكلهم إياه؟ وكيف يجوز أن يقول أهل الجنة قولا لا حقيقة له؟
قيل: إن الأمر على غير ما ذهبتَ إليه في ذلك. وإنما معناه: هذا من النوع الذي رُزقناه من قَبل هذا، من الثمار والرزق. كالرجل يقول لآخر: قد أعدّ لك فلانٌ من الطعام كذا وكذا من ألوان الطبيخ والشواء والحلوى. فيقول المقول له ذاك: هذا طعامي في منـزلي. يعني بذلك: أن النوع الذي ذكر له صاحبه أنه أعدّه له من الطعام هو طعامُه, لا أنّ أعيانَ ما أخبره صاحبه أنه قد أعده له، هو طعامه . بل ذلك مما لا يجوز لسامع سَمعه يقول ذلك، أن يتوهم أنه أراده أو قصدَه، لأن ذلك خلافُ مَخرَج كلام المتكلم. وإنما يوجَّه كلام كلّ متكلم إلى المعروف في الناس من مخارجه، دون المجهول من معانيه. فكذلك ذلك في قوله: " قالوا هذا الذي رُزقنا من قبل "، إذ كان ما كانوا رُزقوه من قبل قد فني وعُدِم. فمعلوم أنهم عَنَوْا بذلك: هذا من النوع الذي رُزقناه من قبل, ومن جنسه في السِّمَات والألوان (14) - على ما قد بينا من القول في ذلك في كتابنا هذا (15) .
القول في تأويل قوله: وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا
قال أبو جعفر: والهاء في قوله: " وأتُوا به مُتشابهًا " عائدة على الرزق, فتأويله: وأتوا بالذي رُزقوا من ثمارها متشابهًا.
وقد اختلَفَ أهلُ التأويل في تأويل " المتشابه " في ذلك:
فقال بعضهم: تشابهه أنّ كله خيار لا رَذْلَ فيه.
* ذكر من قال ذلك:
519- حدثنا خلاد بن أسلم, قال: أخبرنا النضر بن شُميل, قال: أخبرنا أبو عامر، عن الحسن في قوله: " متشابهًا " قال: خيارًا كُلَّها لا رَذل فيها.
520- حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: حدثنا ابن عُلَيَّة, عن أبي رَجاء: قرأ الحسنُ آيات من البقرة, فأتى على هذه الآية: " وأتُوا به مُتشابهًا " قال: ألم تَروْا إلى ثمار الدنيا كيف تُرذِلُون بعضَه؟ وإن ذلك ليس فيه رَذْل.
521- حدثنا الحسن بن يحيى, قال: حدثنا عبد الرزّاق, قال: أخبرنا مَعمر, قال: قال الحسن: " وأتوا به متشابهًا " قال: يشبه بعضه بعضًا، ليس فيه من رَذْل (16) .
522- حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, عن سعيد, عن قتادة: " وأتوا به ص[ 1-390 ] متشابهًا "، أي خيارًا لا رَذلَ فيه, وإن ثمار الدنيا يُنقَّى منها ويُرْذَل منها, وثمار الجنة خيارٌ كله، لا يُرْذَل منه شيء.
523- حدثنا القاسم, قال: حدثنا الحسين, قال: حدثني حجاج, عن ابن جُريج. قال: ثمر الدنيا منه ما يُرْذَل، ومنه نَقاوَةٌ, وثمرُ الجنة نقاوة كله، يشبه بعضُه بعضًا في الطيب، ليس منه مرذول (17) .
وقال بعضهم: تشابُهه في اللون وهو مختلف في الطعم.
* ذكر من قال ذلك:
524- حدثني موسى, قال حدثنا عمرو, قال: حدثنا أسباط, عن السُّدّيّ في خبر ذكره, عن أبي مالك، وعن أبي صالح, عن ابن عباس - وعن مُرَّة, عن ابن مسعود, وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: " وأتوا به متشابهًا " في اللَّوْن والمرْأى, وليس يُشبه الطعمَ.
525- حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, عن عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " وأتوا به متشابهًا " مِثلَ الخيار.
526- حدثنا المثنى, قال: حدثنا أبو حُذيفة, قال: حدثنا شِبْل، عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: وأتوا به متشابهًا لونه مختلفًا طعمُه , مثلَ الخيار من القثّاء.
527- حُدثت عن عمار بن الحسن, قال: حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع بن أنس: " وأتوا به متشابهًا "، يشبه بعضه بعضًا ويختلف الطعم.
528- حدثنا الحسن بن يحيى, قال: حدثنا عبد الرزّاق, قال: أنبأنا الثوري , عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد، في قوله: " متشابهًا "، قال: مشتبهًا في اللون، ومختلفًا في الطعم.
ص[1-391 ]
529- حدثنا القاسم, قال: حدثنا الحسين, قال: حدثني حجاج، عن ابن جُريج, عن مجاهد: " وأتوا به متشابهًا "، مثل الخيار (18) .
وقال بعضهم: تشابُهه في اللون والطعم.
* ذكر من قال ذلك:
530- حدثنا ابن وكيع. قال: حدثنا أبي, عن سفيان, عن رجل, عن مجاهد، قوله: " متشابهًا " قال: اللونُ والطعمُ.
531- حدثني المثنى, قال: حدثنا إسحاق, قال: حدثنا عبد الرزّاق, عن الثوري, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد، ويحيى بن سعيد: " متشابهًا " قالا في اللون والطعم.
وقال بعضهم: تشابهه، تشابه ثمر الجنة وثمر الدنيا في اللون، وإن اختلف طعومهما.
* ذكر من قال ذلك:
532- حدثنا الحسن بن يحيى, قال: أنبأنا عبد الرزّاق, قال: أخبرنا معمر, عن قتادة: " وأتوا به متشابهًا " قال: يشبه ثمر الدنيا، غيرَ أن ثمر الجنة أطيب.
533- حدثنا المثنى, قال: حدثنا إسحاق, قال: قال حفص بن عمر, قال: حدثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة في قوله: " وأتوا به متشابهًا "، قال: يشبه ثمر الدنيا, غير أن ثمر الجنة أطيبُ.
وقال بعضهم: لا يُشبه شيء مما في الجنة ما في الدنيا، إلا الأسماء.
* ذكر من قال ذلك:
534- حدثني أبو كريب, قال: حدثنا الأشجعيّ -ح- وحدثنا محمد ص[1-392 ] بن بشار, قال، حدثنا مؤمَّل, قالا جميعًا: حدثنا سفيان، عن الأعمش, عن أبي ظَبْيَان, عن ابن عباس - قال أبو كريب في حديثه عن الأشجعي -: لا يشبه شيءٌ مما في الجنة ما في الدنيا، إلا الأسماء. وقال ابن بشار في حديثه عن مؤمل، قال: ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء.
535- حدثنا عباس بن محمد, قال: حدثنا محمد بن عُبيد، عن الأعمش, عن أبي ظبيان، عن ابن عباس, قال: ليس في الدنيا من الجنة شيء إلا الأسماء.
536- حدثني يونس بن عبد الأعلى قال: أنبأنا ابن وهب, قال: قال عبد الرحمن بن زيد، في قوله: " وأتوا به متشابهًا "، قال: يعرفون أسماءه كما كانوا في الدنيا, التُّفاح بالتفاح والرُّمان بالرمان, قالوا في الجنة: هذا الذي رزقنا من قبل في الدنيا," وأتوا به متشابهًا " يعرفونه, وليس هو مثله في الطعم (19) .
قال أبو جعفر: وأولى هذه التأويلات بتأويل الآية, تأويلُ من قال: وأتوا به متشابهًا في اللون والمنظر, والطعمُ مختلف. يعني بذلك اشتباهَ ثمر الجنة وثمر الدنيا في المنظر واللون, مختلفًا في الطعم والذوق، لما قدّمنا من العلة في تأويل قوله: كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وأن معناه: كلما رُزقوا من الجِنان من ثمرة من ثمارها رزقًا قالوا: هذا الذي رُزقنا من قبل هذا في الدنيا: فأخبر الله جل ثناؤه عنهم أنهم قالوا ذلك، ومن أجل أنهم أتُوا بما أتوا به من ذلك في الجنة متشابهًا, يعني بذلك تشابه ما أتوا به في الجنة منه، والذي كانوا رُزقوه في الدنيا، في اللون والمرأى والمنظر، وإن اختلفا في الطعم والذوق، فتباينا, فلم يكن لشيء مما في الجنة من ذلك نظير في الدنيا.
وقد دللنا على فساد قول من زعم أنّ معنى قوله: قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ ، إنما هو قول من أهل الجنة في تشبيههم بعض ثَمر الجنة ببعض (20) . وتلك الدلالة على فساد ذلك القول، هي الدلالة على فساد قول من خالف قولنا في تأويل قوله: " وأتوا به متشابهًا "، لأن الله جل ثناؤه إنما أخبر عن المعنى الذي من أجله قال القوم: هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ بقوله: " وأتوا به متشابهًا ".
ويُسأل من أنكر ذلك (21) ، فزعم أنه غير جائز أن يكون شيء مما في الجنة نظيرًا لشيء مما في الدنيا بوجه من الوجوه, فيقال له: أيجوز أن يكون أسماءُ ما في الجنة من ثمارها وأطعمتها وأشربتها نظائرَ أسماء ما في الدنيا منها؟
فإن أنكر ذلك خالف نصّ كتاب الله, لأن الله جل ثناؤه إنما عرّف عبادَه في الدنيا ما هو عنده في الجنة بالأسماء التي يسمى بها ما في الدنيا من ذلك.
وإن قال: ذلك جائز, بل هو كذلك.
قيل: فما أنكرتَ أن يكون ألوانُ ما فيها من ذلك، نظيرَ ألوان ما في الدنيا منه (22) ، بمعنى البياض والحمرة والصفرة وسائر صنوف الألوان، وإن تباينت فتفاضلت بفضل حسن المَرآة والمنظر, فكان لما في الجنة من ذلك من البهاء والجمال وحسن المَرآة والمنظر، خلافُ الذي لما في الدنيا منه، كما كان جائزًا ذلك في الأسماء مع اختلاف المسميات بالفضْل في أجسامها؟ ثم يُعكس عليه القول في ذلك, فلن يقول في أحدهما شيئًا إلا ألزم في الآخر مثله.
وكان أبو موسى الأشعري يقول في ذلك بما:
537- حدثني به ابن بشار, قال: حدثنا ابن أبي عديّ، وعبد الوهاب, ومحمد بن جعفر, عن عوف، عن قَسَامةَ، عن الأشعري, قال: إن الله لما أخرج آدم من الجنة زوّده من ثمار الجنة, وعلّمه صَنعةَ كل شيء, فثمارُكم هذه من ثمار الجنة, غيرَ أن هذه تغيَّرُ وتلك لا تغيَّرُ (23) .
(24) وقد زعم بعض أهل العربية أنّ معنى قوله: " وأتوا به متشابهًا "، أنه متشابهٌ في الفضل، أي كل واحد منه له من الفضْل في نحوه، مثلُ الذي للآخر في نحوه.
قال أبو جعفر: وليس هذا قولا نستجيز التشاغلَ بالدلالة على فساده، لخروجه عن قول جميع علماء أهل التأويل. وحسبُ قولٍ - بخروجه عن قول جميع أهل العلم - دلالةٌ على خطئه.
القول في تأويل قوله: وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ
قال أبو جعفر: والهاء والميم اللتان في" لهم " عائدتان على الذين آمنوا وعملوا الصالحات, والهاء والألف اللتان في" فيها " عائدتان على الجنات. وتأويل ذلك: وبشِّر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أنّ لهم جنات فيها أزواجٌ مطهرة.
والأزواج جمع زَوْج, وهي امرأة الرجل. يقال: فلانة زَوْجُ فلان وزوجته.
وأما قوله: " مطهَّرة " فإن تأويله أنهن طُهِّرن من كل أذًى وقَذًى وريبةٍ, مما يكون في نساء أهل الدنيا، من الحيض والنفاس والغائط والبول والمخاط والبُصاق والمنيّ, وما أشبه ذلك من الأذى والأدناس والريب والمكاره.
538- كما حدثنا به موسى بن هارون, قال: حدثنا عمرو بن حماد, قال: حدثنا أسباط, عن السدي في خبر ذكره، عن أبي مالك, وعن أبي صالح, عن ابن عباس - وعن مُرَّة, عن ابن مسعود, وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أما أزواجٌ مطهرة، فإنهن لا يحضْن ولا يُحْدِثن ولا يتنخَّمن.
539- حدثني المثنى بن إبراهيم، قال: حدثنا عبد الله بن صالح, قال: حدثنا معاوية بن صالح, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس، قوله: " أزْواج مطهرة ". يقول: مطهرة من القذَر والأذى.
540- حدثنا محمد بن بشار, قال: حدثنا يحيى القطان (25) ، عن سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " ولهم فيها أزواجٌ مطهرة " قال: لا يبلن ولا يتغوّطن ولا يَمذِين.
541- حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي, قال: حدثنا أبو أحمد الزُّبيري, قال: حدثنا سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد، نحوه - إلا أنه زَاد فيه: ولا يُمنِين ولا يحضْنَ.
542- حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله تعالى ذكره: " ولهم فيها أزواج مطهرة " قال: مطهرة من الحيض والغائط والبول والنخام والبُزاق والمنيّ والولد.
543- حدثني المثنى بن إبراهيم, قال: حدثنا سويد بن نصر, قال: حدثنا ابنُ المبارك, عن ابن جُريج, عن مجاهد، مثله.
544- حدثنا الحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزّاق, قال: أخبرنا الثوري, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قال: لا يَبُلْنَ ولا يتغوّطنَ ولا يحضْنَ ولا يلدن ولا يُمْنِين ولا يبزُقنَ.
545- حدثني المثنى, قال: حدثنا أبو حُذيفة, قال: حدثنا شِبْل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد، نحوَ حديث محمد بن عمرو, عن أبي عاصم.
546- حدثنا بشر بن معاذ, قال: حدثنا يزيد بن زُريع, عن سعيد, عن قتادة: " ولهم فيها أزواج مطهرة "، إي والله من الإثم والأذى.
547- حدثنا الحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزّاق, قال: أخبرنا معمر, عن قتادة في قوله: " ولهم فيها أزواجٌ مطهرة "، قال: طهّرهن اللهُ من كل بول وغائط وقذَر, ومن كل مأثم.
548- حُدثت عن عمار بن الحسن, قال: حدثني ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن قتادة، قال مطهرة من الحيض والحبَل والأذى.
549- حُدثت عن عمار بن الحسن, قال: حدثني ابن أبي جعفر، عن أبيه, عن ليث, عن مجاهد, قال: المطهرة من الحيض والحبَل.
550- حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, عن عبد الرحمن بن زيد: " ولهم فيها أزواجٌ مطهَّرة " قال: المطهَّرة التي لا تحيض. قال: وأزواج الدنيا ليست بمطهرة, ألا تراهنّ يدمَيْنَ ويتركن الصلاة والصيامَ؟ قال ابن زيد: وكذلك خُلقت حواء حتى عصَتْ, فلما عصَتْ قال الله: إني خلقتك مطهَّرة ص[ 1-397 ] وسأدميك كما أدميت هذه الشجرة (26) .
551- حُدثت عن عمار, قال: حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع، عن الحسن في قوله: " ولهم فيها أزواج مطهرة "، قال يقول: مطهَّرة من الحيض.
552- حدثنا عمرو بن علي, قال: حدثنا خالد بن يزيد, قال: حدثنا أبو جعفر الرازي, عن الربيع بن أنس, عن الحسن في قوله: " ولهم فيها أزواجٌ مطهرة "، قال: من الحيض.
553- حدثنا عمرو, قال: حدثنا أبو معاوية, قال: حدثنا ابن جُريج, عن عطاء قوله: " ولهم فيها أزواج مطهرة "، قال: من الولد والحيض والغائط والبول, وذكر أشياءَ من هذا النحو (27) .
القول في تأويل قوله: وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (25)
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: والذين آمنوا وعملوا الصالحات في الجنات خالدون. والهاء والميم من قوله " وهم "، عائدة على الذين آمنوا وعملوا ص[1-398 ] الصالحات. والهاء والألف في" فيها " على الجنات. وخلودهم فيها دوام بقائهم فيها على ما أعطاهم الله فيها من الْحَبْرَةِ والنعيم المقيم (28) .
--------------
الهوامش :
(1) في المطبوعة : "ما جئت به من الهدى" .
(2) في المخطوطة : "دون من أظهر . . " بحذف الواو ، وهو قريب في المعنى .
(3) في المطبوعة : "فلذلك قال . . " ، وما في المخطوطة أجود .
(4) الأثر 509- في الدر المنثور 1 : 38 . وقال ابن كثير في تفسيره 1 : 113 : "وقد جاء في الحديث أن أنهارها تجري في غير أخدود" ، ولم يبين ، وانظر ما سيأتي رقم : 517 .
(5) الإسناد 510- الزيادة بين القوسين من المخطوطة ، وهو مجاهد بن موسى بن فروخ الخوارزمي ، أبو علي الختلي (بضم ففتح) ، وثقه ابن معين والنسائي وغيرهما . مترجم في التهذيب ، وترجمه البخاري في الكبير 4/1/413 ، والصغير : 245 ، والخطيب في تاريخ بغداد 13 : 265 - 266 وابن الأثير في اللباب 1 : 345 . مات مجاهد هذا في رمضان سنة 244 . وشيخه يزيد : هو يزيد بن هارون .
(6) في المخطوطة : "والتفريق لعقوبته" ، ولا معنى لها .
(7) في الدر المنثور : "فينظروا" ، وفي الشوكاني : "فنظروا" ، وكذلك في المخطوطة .
(8) الآثار 512 - 516 : في تفسير ابن كثير 1 : 113 - 114 ، والدر المنثور 1 : 38 ، والشوكاني 1 : 42 .
(9) انظر الآثار السالفة رقم : 509 - 511 . وفي المخطوطة : "أمثال القلال" كما مر آنفًا .
(10) الأثر 518- في ابن كثير 1 : 114 ، والدر المنثور 1 : 38 .
(11) في المطبوعة : "في وسطه" .
(12) في المطبوعة مكان قوله : "ذو غية" ، "ذو غرة" ، وفي المخطوطة : "ذو عته" . والعته : نقص العقل ، أو الجنون ، وأجودهن ما أثبته عن كتاب حادي الأرواح لابن قيم الجوزية 1 : 268 ، حيث نقل نص الطبري .
(13) هذا التفصيل الذي ذكره الطبري من جيد النظر في معاني الكلام .
(14) في المطبوعة : "في التسميات والألوان" ، وهو خطأ .
(15) يعني بذلك الذي تقدم ، معنى قوله : "وإنما يوجه كلام كل متكلم إلى المعروف في الناس من مخارجه ، دون المجهول من معانيه" ، وقد مضى ذكر ذلك في ص 388 .
هذا ، وقد وقع في المطبوعة خطأ بين ، فقد وضع في هذا المكان ما نقلناه إلى حق موضعه في ص 394 من أول قوله : "وقد زعم بعض أهل العربية . . " إلى قوله : "بخروجه عن قول جميع أهل العلم ، دلالة على خطئه" .
(16) في المطبوعة : "ليس فيه مرذول" .
(17) الآثار : 519 - 523 بعضها في الدر المنثور 1 : 38 ، وبعضها في الشوكاني 1 : 42 .
(18) الآثار : 524 - 529 بعضها في ابن كثير 1 : 114 - 115 ، والدر المنثور 1 : 38 ، والشوكاني 1 : 42 .
(19) الآثار : 530 - 536 بعضها في الدر المنثور 1 : 38 ، والشوكاني 1 : 42 .
(20) انظر ما مضى ص 387 وما بعدها .
(21) في المطبوعة : "وسأل من أنكر . . " ، وهو خطأ بين .
(22) في المطبوعة : "نظائر ألوان" .
(23) الحديث 537- هذا إسناد صحيح . وهو وإن كان موقوفًا لفظًا فإنه مرفوع حكمًا ، لأنه إخبار عن غيب لا يعلم بالرأي ولا القياس . والأشعري : هو أبو موسى ، ولم يكن ممن يحكى عن الكتب القديمة . عوف : هو ابن أبي جميلة الأعرابي ، وهو ثقة ثبت ، أخرج له أصحاب الكتب الستة . قسامة - بفتح القاف وتخفيف السين المهملة : هو ابن زهير المازني التميمي البصري ، وهو ثقة تابعي قديم ، بل ذكره بعضهم في الصحابة فأخطأ . وله ترجمة في الإصابة 5 : 276 وابن سعد 7/1/110 ، وقال : "كان ثقة إن شاء الله ، وتوفي في ولاية الحجاج على العراق" ، وابن أبي حاتم 3/2/147 ، وروى توثيقه عن ابن معين .
والحديث ذكره ابن كثير في التاريخ 1 : 80 ، من رواية عبد الرزاق عن معمر عن عوف ، بهذا الإسناد . وذكره ابن القيم في حادي الأرواح 1 : 273 (ص 125 من الطبعة الثانية ، طبعة محمود ربيع سنة 1357) من رواية عبد الله بن أحمد بن حنبل ، عن عقبة بن مكرم العمى الحافظ ، عن ربعى بن إبراهيم بن علية عن عوف ، بهذا الإسناد ، مرفوعًا صراحة : "قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" . وكذلك ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 8 : 197 - 198"عن أبي موسى رفعه" ، وقال : "رواه البزار ، والطبراني ، ورجاله ثقات" . وذكره ابن القيم في حادي الأرواح قبل ذلك (ص 30 - 31) ، من رواية"هوذة بن خليفة عن عوف" بهذا الإسناد ، موقوفًا لفظًا . ورواية هوذة بن خليفة : رواها الحاكم في المستدرك 2 : 543 ، ولكن إسنادها عندي أنه مغلوط ، والظاهر أنه غلط من الناسخين . لأن الذي فيه : "هوذة بن خليفة حدثنا عوف عن قسامة بن زهير عن أبي بكر بن أبي موسى الأشعري ، قال : إن الله لما أخرج آدم" إلخ . ثم قال الحاكم : "صحيح الإسناد ولم يخرجاه" ، ووافقه الذهبي! ولا يمكن -فيما أعرف وأعتقد- أن يصحح الحاكم هذا الإسناد ، ثم يوافقه الذهبي ، إن كان على هذا الوجه ، لأن أبا بكر بن أبي موسى الأشعري تابعي ثقة ، فلو كان الإسناد هكذا كان الحديث مرسلا لا حجة فيه ، سواء أرفعه أم قاله من قبل نفسه ، فالظاهر أن الناسخين القدماء للمستدرك أخطئوا في زيادة"أبي بكر بن" ، وأن صوابه : "عن أبي موسى الأشعري" ، كما تبين من نقل ابن القيم رواية هوذة ، وكما تبين من الروايات الأخر التي سقناها . والحمد لله على التوفيق .
(24) هذه الفقرة كلها من أول قوله : "وقد زعم بعض أهل العربية . . " كانت في المطبوعة في الموضع الذي أشرنا إليه آنفًا ص 389 .
(25) في المخطوطة : "يحيى العطار" ، وهو خطأ .
(26) في المخطوطة : "كما دميت" بتشديد الميم ، وهما سواء ، ويعني بذلك دم الحيض . وهذا الأثر نقله ابن كثير 1 : 115 عن هذا الموضع ، وفيه"أدميت" ، كما في المطبوعة هنا . وقال ابن كثير بعد سياقه : "وهذا غريب" .
(27) الآثار 538 - 553 : بعضها في ابن كثير 1 : 115 ، والدر المنثور 1 : 39 ، والشوكاني 1 : 42 وكرهنا الإطالة بتفصيل مراجعها واحدًا واحدًا . ونقل ابن كثير 1 : 115 - 116 حديثًا مرفوعًا بهذا المعنى : يعني مطهرة"من الحيض والغائط والنخاعة والبزاق" ، من تفسير ابن مردويه بإسناده - من طريق محمد بن عبيد الكندي عن عبد الرزاق بن عمر البزيعي عن عبد الله بن المبارك عن شعبة عن قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد ، مرفوعًا . وقال : "هذا حديث غريب" . ثم نقل عن الحاكم أنه رواه في المستدرك ، من هذا الوجه ، وأنه صححه على شرط الشيخين . ثم قال : "وهذا الذي ادعاه فيه نظر ، فإن عبد الرزاق بن عمر البزيعي هذا - قال فيه أبو حاتم بن حبان البستي : لا يجوز الاحتجاج به . قلت : والأظهر أن هذا من كلام قتادة ، كما تقدم" . وهو كما قال ابن كثير . انظر الميزان 2 : 126 .
(28) في الدر المنثور 1 : 41 ، والشوكاني 1 : 42 ، أن ابن جرير أخرج عن ابن عباس في قوله"وهم فيها خالدون" -"أي خالدون أبدًا ، يخبرهم أن الثواب بالخير والشر مقيم على أهله أبدا لا انقطاع له" .
وهذا الخبر سيأتي عند تفسير الآية : 82 من هذه السورة (1 : 307 بولاق) . فنقله السيوطي إلى هذا الموضع ، وتبعه الشوكاني .
- ابن عاشور : وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا ۙ قَالُوا هَٰذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا ۖ وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ۖ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
في «الكشاف» من عادته عز وجل في كتابه أن يذكر الترغيب مع الترهيب ويشفع البشارة بالإنذار إرادة التنشيط لاكتساب ما يزلف والتثبيط عن اقتراف ما يتلف فلما ذكر الكفار وأعمالهم وأوعدهم بالعقاب قفاه ببشارة عباده الذين جمعوا بين التصديق والأعمال الصالحة ا ه .
وجعل جملة : { وبشر } معطوفة على مجموع الجمل المسوقة لبيان وصف عقاب الكافرين يعني جميع الذي فصل في قوله تعالى : { وإن كنتم في ريب } [ البقرة : 23 ] إلى قوله : { أُعدت للكافرين } [ البقرة : 24 ] فعَطف مجموع أخبار عن ثواب المؤمنين على مجموع أخبار عن عقاب الكافرين والمناسبة واضحة مسوغة لعطف المجموع على المجموع ، وليس هو عطفاً لجملة معينة على جملة معينة الذي يطلب معه التناسب بين الجملتين في الخبرية والإنشائية ، ونظّره بقولك : زيد يعاقب بالقيد والإرهاق وبشر عمراً بالعفو والإطلاق .
وجعل السيد الجرجاني لهذا النوع من العطف لقَبَ عطف القصة على القصة لأن المعطوف ليس جملة على جملة بل طائفة من الجمل على طائفة أخرى ، ونظيره في المفردات ما قيل إن الواو الأولى والواو الثالثة في قوله تعالى : { هو الأول والآخر والظاهر والباطن } [ الحديد : 3 ] ليستا مثل الواو الثانية لأن كل واحدة منهما لإفادة الجمع بين الصفتين المتقابلتين وأما الثانية فلعطف مجموع الصفتين المتقابلتين اللتين بعدها على مجموع الصفتين المتقابلتين اللتين قبلها ولو اعتبر عطف الظاهر وحده على إحدى السابقتين لم يكن هناك تناسب ، هذا حاصله ، وهو يريد أن الواو عاطفة جملة ذات مبتدأ محذوف وخبرين على جملة ذات مبتدأ ملفوظ به وخبرين ، فالتقدير وهو الظاهر والباطن وليس المراد أن المبتدأ فيها مقدر لإغناء حرف العطف عنه بل هو محذوف للقرينة أو المناسبة في عطف جملة ( الظاهر والباطن ) على جملة ( الأول والآخر ) . أنهما صفتان متقابلتان ثبتتا لموصوف واحد هو الذي ثبتت له صفتان متقابلتان أخريان .
قال السيد ولم يذكر صاحب «المفتاح» عطف القصة على القصة فتحير الجامدون على كلامه في هذا المقام وتوهموا أن مراد صاحب «الكشاف» هنا عطف الجملة على الجملة وأن الخبر المتقدم مضمن معنى الطلب أو بالعكس لتتناسب الجملتان مع أن عبارة «الكشاف» صريحة في غير ذلك وقصد السيد من ذلك إبطال فهم فهمه سعد الدين من كلام «الكشاف» وأودعه في شرحه «المطول» على «التخليص» .
وجوز صاحب «الكشاف» أن يكون قوله : { وبشر } معطوفاً على قوله : { فاتقوا } [ البقرة : 24 ] الذي هو جواب الشرط فيكون له حكم الجواب أيضاً وذلك لأن الشرط وهو { فإن لم تفعلوا } [ البقرة : 24 ] سبب لهما لأنهم إذا عجزوا عن المعارضة فقد ظهر صدق النبيء فحق اتقاء النار وهو الإنذار لمن دام على كفره وحقت البشارة للذين آمنوا .
وإنما كان المعطوف على الجواب مخالفاً له لأن الآية سيقت مساق خطاب للكافرين على لسان النبيء فلما أريد ترتب الإنذار لهم والبشارة للمؤمنين جعل الجواب خطاباً لهم مباشرة لأنهم المبتدأ بخطابهم وخطاباً للنبيء ليخاطب المؤمنين إذ ليس للمؤمنين ذكر في هذا الخطاب فلم يكن طريق لخطابهم إلا الإرسال إليهم .
وقد استضعف هذا الوجه بأن علماء النحو قرروا امتناع عطف أمر مخاطب على أمر مخاطب إلا إذا اقترن بالنداء نحو قم يا زيدُ واكتب يا عمرو ، وهذا لا نداء فيه .
وجوز صاحب «المفتاح» أن { بشر } معطوف على قُلْ مقدَّراً قبل { يأيها الناس اعبدوا } [ البقرة : 21 ] وقال القزويني في «الإيضاح» إنه معطوف على مقدر بعد قوله : { أُعدت للكافرين } [ البقرة : 24 ] أي فأنذر الذين كفروا وكل ذلك تكلف لا داعي إليه إلا الوقوف عند ظاهر كلام النحاة مع أن صاحب «الكشاف» لم يعبأ به قال عبد الحكيم لأن منع النحاة إذا انتفت قرينة تدل على تغاير المخاطبين والنداء ضرب من القرينة نحو : { يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك } [ يوسف : 29 ] ا ه . يريد أن كل ما يدل على المراد بالخطاب فهو كاف وإنما خص النحاة النداء لأنه أظهر قرينة واختلاف الأمرين هنا بعلامة الجمع والإفراد دال على المراد ، وأيًّا ما كان فقد روعي في الجمل المعطوفة ما يقابل ما في الجمل المعطوف عليها فقوبل الإنذار الذي في قوله : { فاتقوا النار } [ البقرة : 24 ] بالتبشير وقوبل { الناس } [ البقرة : 21 ] المراد به المشركون بالذين آمنوا وقوبل ( النار ) بالجنة فحصل ثلاثة طباقات .
والتبشير الإخبار بالأمر المحبوب فهو أخص من الخبر . وقيد بعض العلماء معنى التبشير بأن يكون المخبر ( بالفتح ) غير عالم بذلك الخبر والحق أنه يكفي عدم تحقق المخبر ( بالكسر ) عِلْم المخبر ( بالفتح ) فإن المخبر ( بالكسر ) لا يلزمه البحث عن علم المخاطب فإذا تحقق المخبر علم المخاطب لم يصح الإخبار إلا إذا استعمل الخبر في لازم الفائدة أو في توبيخ ونحوه .
والصالحات جمع صالحة وهي الفعلة الحسنة فأصلها صفة جرت مجرى الأسماء لأنهم يقولون صالحة وحسنة ولا يقدرون موصوفاً محذوفاً قال الحطيئة :
كيفَ الهجاءُ وما تنفَكُّ صَالحةٌ ... من آل لأْممٍ بظهر الغيببِ تأتينا
وكأنَّ ذلك هو وجه تأنيثها للنقل من الوصفية للاسمية .
والتعريف هنا للاستغراق وهو استغراق عرفي يحدد مقداره بالتكليف والاستطاعة والأدلة الشرعية مثل كون اجتناب الكبائر يغفر الصغائر فيجعلها كالعدم .
فإن قلت : إذا لم يقل وعملوا الصالحة بالإفراد فقد قالوا إن استغراق المفرد أشْمَلُ من استغراق المجموع ، قلت تلك عبارة سرت إليهم من كلام صاحب «الكشاف» في هذا الموضع من تفسيره إذ قال : «إذا دخلت لام الجنس على المفرد كان صالحاً لأن يراد به الجنس إلى أن يحاط به وأن يراد به بعضه إلى الواحد منه وإذا دخلت على المجموع صلح أن يراد به جميع الجنس وأن يراد به بعضه لا إلى الواحد منه ا ه .
فاعتمدها صاحب «المفتاح» وتناقلها العلماء ولم يفصِّلوا بيانها .
ولعل سائلاً يسأل عن وجه إتيان العرب بالجموع بعد أل الاستغراقية إذا كان المفرد مغنياً غناءها فأقول : إن أل المُعَرِّفة تأتي للعهد وتأتي للجنس مراداً به الماهية وللجنس مراداً به جميع أفراده التي لا قرار له في غيرها فإذا أرادوا منها الاستغراق نظروا فإن وجدوا قرينة الاستغراق ظاهرة من لفظ أو سياق نحو : { إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا } [ العصر : 2 ، 3 ] { وتؤمنون بالكتاب كله } [ آل عمران : 119 ] { والمَلَكُ على أرجائها } [ الحاقة : 17 ] اقتنعوا بصيغة المفرد لأنه الأصل الأحَفُّ وإن رأوا قرينة الاستغراق خفية أو مفقودة عدلوا إلى صيغة الجمع لدلالة الصيغة على عدة أفراد لا على فرد واحد . ولما كان تعريف العهد لا يتوجه إلى عدد من الأفراد غالباً تعين أن تعريفها للاستغراق نحو : { واللَّهُ يحب المحسنين } [ آل عمران : 134 ] لئلا يتوهم أن الحديث على مُحسن خاص نحو قولها : { وأن الله لا يهدي كيد الخائنين } [ يوسف : 52 ] لئلا يتوهم أن الحديث عن خائن معين تعني نفسها فيصير الجمع في هذه المواطن قرينة على قصد الاستغراق .
وانتصب الصالحات على المفعول به لعملوا على المعروف من كلام أئمة العربية وزعم ابن هشام في الباب السادس من «مغني اللبيب» أن مفعول الفعل إذا كان لا يوجد إلا بوجود فعله كان مفعولاً مطلقاً لا مفعولاً به فنحو : { عملوا الصالحات } مفعول مطلق ونحو : { خلق الله السماوات } [ العنكبوت : 44 ] كذلك ، واعتضد لذلك بأنّ ابن الحاجب في «شرح المفصل» زعم أن المفعول المطلق يكون جملة نحو قال زيد عمرو منطلق وكلام ابن هشام خطأ وكلام ابن الحاجب مثله ، وقد رده ابن هشام نفسه . والصواب أن المفعول المطلق هو مصدر فعله أو ما يجري مجراه .
والجنات جمع جنة ، والجنة في الأصل فعلة من جنه إذا ستره نقلوه للمكان الذي تكاثرت أشجاره والتف بعضها ببعض حتى كثر ظلها وذلك من وسائل التنعم والترفه عند البشر قاطبة لا سيما في بلد تغلب عليه الحرارة كبلاد العرب قال تعالى : { وجنات ألفافاً } [ النبأ : 16 ] .
والجري حقيقته سرعة شديدة في المشي ، ويطلق مجازاً على سَيْل الماء سَيْلاً متكرراً متعاقباً وأحسن الماء ما كان جارياً غير قار لأنه يكون بذلك جديداً كلما اغترف منه شارب أو اغتسل مغتسل .
والأنهار جمع نهر بفتح الهاء وسكونها والفتح أفصح والنهر الأُخدود الجاري فيه الماء على الأرض وهو مشتق من مادة نَهَر الدالة على الانشقاق والاتساع ويكون كبيراً وصغيراً . وأكمل محاسن الجنات جريان المياه في خلالها وذلك شيء اجتمع البشر كلهم على أنه من أنفس المناظر لأن في الماء طبيعة الحياة ولأن الناظر يرى منظراً بديعاً وشيئاً لذيذاً .
وأودع في النفوس حب ذلك فإما لأن الله تعالى أعد نعيم الصالحين في الجنة على نحو ما ألفته أرواحهم في هذا العالم فإن للإلف تمكناً من النفوس والأرواح بمرورها على هذا العالم عالم المادة اكتسبت معارف ومألوفات لم تزل تحن إليها وتعدها غاية المنى ولذا أعد الله لها النعيم الدائم في تلك الصور ، وإما لأن الله تعالى حبب إلى الأرواح هاته الأشياء في الدنيا لأنها على نحو ما ألفته في العوالم العليا قبل نزولها للأبدان لإلفها بذلك في عالم المثال ، وسبب نفرتها من أشكال منحرفة وذوات بشعة عدم إلفها بأمثالها في عوالمها .
والوجه الأول الذي ظهر لي أراه أقوى في تعليل مجيء لذات الجنة على صور اللذات المعروفة في الدنيا وسينفعنا ذلك عند قوله تعالى : { وأتوا به متشابهاً } .
ومعنى { من تحتها } من أسفلها والضمير عائد إلى الجنات باعتبار مجموعها المشتمل على الأشجار والأرض النابتة فيها ويجوز عود الضمير إلى الجنات باعتبار الأشجار لأنها أهم ما في الجنات ، وهذا القيد لمجرد الكشف فإن الأنهار لا تكون إلا كذلك ويفيد هذا القيد تصوير حال الأنهار لزيادة تحسين وصف الجنات كقول كعب بن زهير :
شُجَّت بذِي شبَممٍ من ماء مَحنية ... صاففٍ بأبطحَ أضحى وهو مشمولُ
البيتين .
وقد أورد صاحب «الكشاف» توجيهاً لتعريف الأنهار ومخالفتها لتنكير ( جنات ) إما بأن يراد تعريف الجنس فيكون كالنكرة وإما بأن يراد من التعريف العهد إلا أنه عهد تقديري لأن الجنات لما ذكرت استحضر لذهن السامع لوازمها ومقارناتها فساغ للمتكلم أن يشير إلى ذلك المعهود فجيء باللام ، وهذا معنى قوله أو يراد أنهارها فعوض التعريف باللام من تعريف الإضافة ، يريد أن المتكلم في مثل هذا المقام في حيرة بين أن يأتي بالأنهار معرفة بالإضافة للجنات وبين أن يعرفها بأل العهدية عهداً تقديرياً واختير الثاني تفادياً من كلفة الإضافة وتنبيهاً على أن الأنهار نعمة مستقلة جديرة بأن لا يكون التنعم بها تبعاً للتنعم بالجنات وليس مراده أن أل عوض عن المضاف إليه على طريقة نحاة الكوفة لأنه قد أباه في تفسير قوله تعالى : { فإن الجحيم هي المأوى } [ النازعات : 39 ] وإنما أراد أن الإضافة واللام متعاقبتان هنا وليس ذلك صالحاً في كل موضع على أني أرى مذهب الكوفيين مقبولاً وأنهم ما أرادوا إلا بيان حاصل المعنى من ذلك التعريف فإن تقدير المضاف إليه هو الذي جعل المضاف المذكور كالمعهود فأدخلت عليه لام التعريف العهدي .
وعندي أن الداعي إلى التعريف هو التفنن لئلا يعاد التنكير مرة ثانية فخولف بينهما في اللفظ اقتناعاً بسورة التعريف .
وقوله : { من تحتها } يظهر أنه قيد كاشف قصد منه زيادة إحضار حالة جري الأنهار إذ الأنهار لا تكون في بعض الأحوال تجري من فوق فهذا الوصف جيء به لتصوير الحالة للسامع لقصد الترغيب وهذا من مقاصد البلغاء إذ ليس البليغ يقتصر على مجرد الإفهام ، وقريب من هذا قول النابغة يصف فرس الصائد وكلابه :
من حس أطلس تسعى تحته شرع ... كأن أحناكها السفلى مآشير
والتحت اسم لجهة المكان الأسفل وهو ضد الأعلى ، ولكل مكان علوٌّ وسفلٌ ولا يقتضي ذلك ارتفاعَ ما أضيف إليه التحت على التحت بل غاية مدلوله أنه بجهة سفله قال تعالى حكاية عن فرعون : { وهذه الأنهار تجري من تحتي } [ الزحرف : 51 ] فلا حاجة إلى تأويل الجنة هنا بالأشجار لتصحيح التحت ولا إلى غيره من التكلفات .
{ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هذا الذى رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ متشابها وَلَهُمْ فِيهَآ أزواج مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خالدون } .
جملة : { كلما رزقوا } يجوز أن تكون صفة ثانية لجنات ، ويجوز أن تكون خبراً عن مبتدأ محذوف وهو ضمير { الذين آمنوا } فتكون جملة ابتدائية الغرض منها بيان شأن آخر من شؤون الذين آمنوا ، ولكمال الاتصال بينها وبين جملة { أن لهم جنات } فصلت عنها كما تفصل الأخبار المتعددة .
و ( كلما ) ظرف زمان لأن كلا أضيفت إلى ما الظرفية المصدرية فصارت لاستغراق الأزمان المقيدة بصلة ما المصدرية وقد أشربت معنى الشرط لذلك فإن الشرط ليس إلا تعليقاً على الأزمان المقيدة بمدلول فعل الشرط ولذلك خرجت كثير من كلمات العموم إلى معنى الشرط عند اقترانها بما الظرفية نحو كيفما وحيثما وأنما وأينما ومتى وما مهما . والناصب لكلما الجواب لأن الشرطية طارئة عليها طرياناً غير مطرد بخلاف مهما وأخواتها .
وإذ كانت كلما نصاً في عموم الأزمان تعين أن قوله { من قبل } المبني على الضم هو على تقدير مضاف ظاهر التقدير أي من قبل هذه المرة فيقتضي أن ذلك ديدن صفات ثمراتهم أن تأتيهم في صور ما قدم إليهم في المرة السابقة . وهذا إما أن يكون حكاية لصفة ثمار الجنة وليس فيه قصد امتنان خاص فيكون المعنى أن ثمار الجنة متحدة الصورة مختلفة الطعوم . ووجه ذلك والله أعلم أن اختلاف الأشكال في الدنيا نشأ من اختلاف الأمزجة والتراكيب فأما موجودات الآخرة فإنها عناصر الأشياء فلا يعتورها الشكل وإنما يجيء في شكل واحد وهو الشكل العنصري . ويحتمل أن في ذلك تعجيباً لهم والشيء العجيب لذيذ الوقع عند النفوس ولذلك يرغب الناس في مشاهدة العجائب والنوادر . وهذا الاحتمال هو الأظهر من السياق . ويحتمل أن كلما لعموم غير الزمن الأول فهو عام مراد به الخصوص بالقرينة ، ومعنى ( من قبل ) في المرة الأولى من دخول الجنة . ومن المفسرين من حمل قوله { من قبل } على تقدير من قبل دخول الجنة أي هذا الذي رزقناه في الدنيا ، ووجهه في «الكشاف» : «بأن الإنسان بالمألوف آنس» وهو بعيد لاقتضائه أن يكون عموم كلما مراداً به خصوص الإتيان به في المرة الأولى في الجنة ولأنه يقتضي اختلاف الطعم واختلاف الأشكال وهذا أضعف في التعجب ، ولأن من أهل الجنة من لا يعرف جميع أصناف الثمار فيقتضي تحديد الأصناف بالنسبة إليه .
وقوله : { وأتوا به متشابهاً } ظاهر في أن التشابه بين المأتي به لا بينه وبين ثمار الدنيا . ثم مَنّ الله عليهم بنعمة التأنس بالأزواج ونزه النساء عن عوارض نساء الدنيا مما تشمئز منه النفس لولا النسيان فجمع لهم سبحانه اللذات على نحو ما ألفوه فكانت نعمة على نعمة .
والأزواج جمع زوج يقال للذكر والأنثى لأنه جعل الآخر بعد أن كان مفرداً زوجاً وقد يقال للأنثى زوجة بالتاء وورد ذلك في حديث عمار بن ياسر في البخاري : «إني لأعلم أنها زوجته في الدنيا والآخرة» يعني عائشة وقال الفرزدق :
وإنّ الذي يَسعى ليفسد زَوجتي ... كساععٍ إلى أُسد الشَّرى يستمليها
وقوله : { وهم فيها خالدون } احتراس مِن تَوَهُّم الانقطاع بما تعودوا من انقطاع اللذات في الدنيا لأن جميع اللذات في الدنيا معرضة للزوال وذلك ينغصها عند المنعم عليه كما قال أبو طيب :
أشدُّ الغم عندي في سرور ... تحقَّقَ عنه صاحبُه انتقالا
وقوله : { مطهرة } هو بزنة الإفراد وكان الظاهر أن يقال مطهرات كما قرىء بذلك ولكن العرب تعدل عن الجمع مع التأنيث كثيراً لثقلهما لأن التأنيث خلاف المألوف والجمع كذلك ، فإذا اجتمعا تفادوا عن الجمع بالإفراد وهو كثير شائع في كلامهم لا يحتاج للاستشهاد .
- إعراب القرآن : وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا ۙ قَالُوا هَٰذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا ۖ وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ۖ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
«وَبَشِّرِ» الواو عاطفة ، بشر فعل أمر مبني على السكون وحرك بالكسر منعا لالتقاء الساكنين ، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت. «الَّذِينَ» اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به. «آمَنُوا» فعل ماض ، والواو فاعل. «وَعَمِلُوا» فعل ماض وفاعل. «الصَّالِحاتِ» مفعول به منصوب بالكسرة نيابة عن الفتحة لأنه جمع مؤنث سالم. «أَنَّ» حرف مشبه بالفعل. «لَهُمْ» جار ومجرور متعلقان بخبر أن المحذوف. «جَنَّاتٍ» اسمها منصوب بالكسرة. «تَجْرِي» فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل. «مِنْ تَحْتِهَا» متعلقان بالفعل تجري. «الْأَنْهارُ» فاعل مرفوع. وجملة تجري في محل نصب صفة لجنات. وأن وما بعدها في تأويل مصدر في محل جر بحرف جر محذوف ... «كُلَّما» كل مفعول فيه ظرف زمان ما مصدرية. «رُزِقُوا» فعل ماض مبني للمجهول ، والواو نائب فاعل. والجملة لا محل لها صلة موصول حرفي. «مِنْها» متعلقان برزقوا. «مِنْ ثَمَرَةٍ» الجار والمجرور بدل من قوله «مِنْها». وما والفعل رزقوا بعدها في تأويل مصدر في محل جر بالإضافة. «رِزْقاً» مفعول به ثان.
و المفعول الأول نائب فاعل في الفعل رزقوا. «قالُوا» فعل ماض وفاعل. والجملة جواب شرط لا محل لها من الإعراب. «هذَا» الهاء للتنبيه ، ذا اسم إشارة مبتدأ «الَّذِي» اسم موصول خبر. والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول. «رُزِقْنا» فعل ماض مبني للمجهول ، ونا نائب فاعل. وجملة رزقنا صلة الموصول لا محل لها. والعائد محذوف تقديره رزقناه. «مِنْ قَبْلُ» من حرف جر ، قبل ظرف مبني على الضم لانقطاعه عن الإضافة في محل جر بحرف الجر والجار والمجرور متعلقان بالفعل رزقنا. «وَأُتُوا» الواو استئنافية. أتوا فعل ماض مبني للمجهول والواو نائب فاعل. «بِهِ» متعلقان بالفعل قبلهما. «مُتَشابِهاً» حال منصوبة. وجملة أتوا مستأنفة. «وَلَهُمْ» الواو عاطفة ، لهم متعلقان بمحذوف خبر مقدم. «فِيها» متعلقان بمحذوف خبر مقدم. «أَزْواجٌ» مبتدأ مؤخر. «مُطَهَّرَةٌ» صفة لأزواج.
و الجملة معطوفة. «وَهُمْ» الواو عاطفة ، هم ضمير رفع منفصل في محل رفع مبتدأ. «فِيها» متعلقان بالخبر خالدون. «خالِدُونَ» خبر والجملة الاسمية هم فيها خالدون معطوفة.
- English - Sahih International : And give good tidings to those who believe and do righteous deeds that they will have gardens [in Paradise] beneath which rivers flow Whenever they are provided with a provision of fruit therefrom they will say "This is what we were provided with before" And it is given to them in likeness And they will have therein purified spouses and they will abide therein eternally
- English - Tafheem -Maududi : وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا ۙ قَالُوا هَٰذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا ۖ وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ۖ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ(2:25) And give good news (O Muhammad), to those who believe in this Book and do good deeds (in accordance with its teachings). For them there will be gardens underneath which canals flow. Their fruits will so resemble the fruits on the Earth that every time they will be provided with fruits, they will say, "Such fruits were provided to us before on the Earth *26 . " And there will be pure spouses *27 for them and therein they will live for ever.
- Français - Hamidullah : Annonce à ceux qui croient et pratiquent de bonnes œuvres qu'ils auront pour demeures des jardins sous lesquels coulent les ruisseaux; chaque fois qu'ils seront gratifiés d'un fruit des jardins ils diront C'est bien là ce qui nous avait été servi auparavant Or c'est quelque chose de semblable seulement dans la forme; ils auront là des épouses pures et là ils demeureront éternellement
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Und verkünde denen die glauben und rechtschaffene Werke tun die frohe Botschaft daß ihnen Gärten zuteil werden durcheilt von Bächen Jedesmal wenn sie mit einer Frucht daraus versorgt werden sagen sie "Das ist ja das womit wir zuvor versorgt wurden"; doch es ist ihnen eine ihr ähnliche gegeben worden Und darin haben sie vollkommen gereinigte Gattinnen Und ewig werden sie darin bleiben
- Spanish - Cortes : Anuncia la buena nueva a quienes creen y obran bien tendrán jardines por cuyos bajos fluyen arroyos Siempre que se les dé como sustento algún fruto de ellos dirán Esto es igual que lo que se nos ha dado antes Pero se les dará algo sólo parecido Tendrán esposas purificadas y estarán allí eternamente
- Português - El Hayek : Anuncia ó Mohammad os fiéis que praticam o bem que obterão jardins abaixo dos quais correm os rios Toda vez queforem agraciados com os seus frutos dirão Eis aqui o que nos fora concedido antes Porém só o será na aparência Aliterão companheiros imaculados e ali morarão eternamente
- Россию - Кулиев : Обрадуй тех которые уверовали и совершали праведные деяния тем что им уготованы Райские сады в которых текут реки Всякий раз когда им будут подавать плоды для пропитания они будут говорить Это уже было даровано нам прежде Но им будут давать нечто похожее У них там будут очищенные супруги и они пребудут там вечно
- Кулиев -ас-Саади : وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا ۙ قَالُوا هَٰذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا ۖ وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ۖ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
Обрадуй тех, которые уверовали и совершали праведные деяния, тем, что им уготованы Райские сады, в которых текут реки. Всякий раз, когда им будут подавать плоды для пропитания, они будут говорить: «Это уже было даровано нам прежде». Но им будут давать нечто похожее. У них там будут очищенные супруги, и они пребудут там вечно.О Посланник! О верующие, продолжающие его дело! Обрадуйте тех, которые уверовали всей душой и совершают праведные деяния своим телом, подтверждая тем самым свою веру. Их добрые деяния являются праведными, потому что они приводят в порядок положения рабов, обеспечивают им благополучное существование в этом мире и преуспеяние в Последней жизни, избавляют их от бед и несчастий и превращают в праведников, заслуживающих Рая и нахождения вблизи Милостивого Аллаха. Посему обрадуй их вестью о том, что они попадут в Райские сады, в которых они найдут удивительные деревья и распрекрасные плоды, прохладную тень и пышные ветви. Райские сады потому и называются раем (джаннат), что они изобилуют тенистыми местами и доставляют удовольствие их обитателям. Под ними текут ручьи из воды, молока, меда и вина, и обитатели Рая направляют русла этих ручьев, куда пожелают. Ими орошаются райские деревья, на которых созревают самые разные плоды. Когда же они будут преподнесены обитателям Рая, те скажут: «Эти плоды подобны тем, что мы уже вкушали». Это значит, что все райские плоды обладают самыми замечательными качествами. Все они прекрасны и аппетитны, и там не встретишь плохих плодов. Оказавшись в Раю, праведники ни на мгновение не перестанут получать удовольствие, и прекрасные яства будут вечно доставлять им невиданное наслаждение. Существует мнение, что из этого аята следует, что райские плоды будут иметь одинаковые названия с земными, но будут отличаться от них по вкусу. Согласно другому толкованию, они будут походить на земные плоды по цвету, но будут отличаться от них по названию. Согласно третьему мнению, они будут походить друг на друга своими прекрасными качествами, доставляя праведникам одинаковое наслаждение и удовольствие. Очевидно, это толкование является наиболее правильным. После упоминания о райских горницах, яствах, напитках и плодах Всевышний Аллах поведал о райских супругах и охарактеризовал их самым прекрасным образом. Он назвал их супругами очищенными, но не упомянул недостатков, от которых они будут очищены и избавлены. А это значит, что они будут совершенно чистыми. У них будут чистый нрав, чистая плоть, чистые уста и чистые взоры. Их нравственность будет воплощена в их верную любовь к своим супругам, которые будут любить их так же за прекрасные качества, супружескую верность, изысканные манеры и восхитительные речи. Их плоть будет избавлена от менструаций, послеродовых кровотечений, спермы, мочи, испражнений, мокроты, слизи и неприятного запаха, а их облик будет прекрасным и совершенным. Они будут лишены пороков, недостатков и уродств. Это будут прекрасные и благородные супруги, чьи речи и взоры будут очищены от всего дурного. Они будут удерживать свои глаза от взоров на посторонних мужчин и свой язык - от порочных речей. В этом прекрасном аяте упоминаются те, кого следует радовать Благой Вестью, сама Благая Весть и причина, благодаря которой люди удостаиваются ее. Проповедниками, которые несут Благую Весть, являются посланник Аллаха, да благословит его Аллах и приветствует, и мусульмане, продолжающие его дело. Радовать этой Благой Вестью следует правоверных, совершающих благодеяния. Благой Вестью же является весть о Райских садах, описание которых приводится в этом откровении. Заслужить ее можно только благодаря правой вере и праведным деяниям, и другого способа для этого нет. Таким образом, Всевышний упомянул о величайшей Благой Вести, которую принес лучший представитель рода человеческого тем, кто совершает наилучшие из деяний. Из этого аята следует, что доставлять радость правоверным Благой Вестью и вдохновлять их на праведные поступки, упоминая награду за них и их полезные результаты, похвально. Тем более что это облегчает людям совершение праведных дел. Одним словом, самой важной Благой Вестью для человека является его обращение в веру и совершение им праведных поступков. Вслед за ней последует Благая Весть при расставании с мирской жизнью, после чего праведники обретут вечное блаженство. Боже, одари нас этой милостью!
- Turkish - Diyanet Isleri : İnananlar ve yararlı işler yapanlara kendilerine altlarından ırmaklar akan cennetler olduğunu müjdele Onlara buranın bir ürünü rızık olarak verildiğinde "Bu daha önce de rızıklandığımızdır" derler Bunlar söylediklerinin benzerleri olarak sunulmuştur Onlara orada tertemiz eşler vardır ve orada temelli kalırlar
- Italiano - Piccardo : E annuncia a coloro che credono e compiono il bene che avranno i Giardini in cui scorrono i ruscelli Ogni volta che sarà loro dato un frutto diranno “Già ci era stato concesso” Ma è qualcosa di simile che verrà loro dato; avranno spose purissime e colà rimarranno in eterno
- كوردى - برهان محمد أمين : ئهی پێغهمبهر صلی الله علیه وسلم مژده بده بهوانهی كه باوهڕیان هێناوه و كارو كردهوه چاكهكانیان ئهنجامداوه بهوهی باخهكانی بهههشت كه چهندهها ڕوبار بهژێردرهخت و بهناو باخهكانیدا دهڕوات بهڕاستی بۆیان ئامادهیه ههركاتێك له میوهو بهرههمێكی ئهو باخانهیان بۆ دههێنن دهڵێن ئێستا لهوهتان هێنا تاوێك لهمهو پێش خواردمان ههر دهیهێنین و لهیهكتریش دهچن له ڕهنگ و ڕواڵهتدا بهڵام لهتام و بۆندا زۆر جیاوازن ههروهها لهوێدا هاوسهرانی پاك و بێ گهردیان بۆ ئامادهكراوه ئهو بهختهوهرانه ژیانی ههمیشهیی و نهبڕاوه لهو بهههشتهدا دهبهنه سهر
- اردو - جالندربرى : اور جو لوگ ایمان لائے اور نیک عمل کرتے رہے ان کو خوشخبری سنا دو کہ ان کے لیے نعمت کے باغ ہیں جن کے نیچے نہریں بہہ رہی ہیں۔ جب انہیں ان میں سے کسی قسم کا میوہ کھانے کو دیا جائے گا تو کہیں گے یہ تو وہی ہے جو ہم کو پہلے دیا گیا تھا۔ اور ان کو ایک دوسرے کے ہم شکل میوے دیئے جائیں گے اور وہاں ان کے لیے پاک بیویاں ہوں گی اور وہ بہشتوں میں ہمیشہ رہیں گے
- Bosanski - Korkut : A one koji vjeruju i dobra djela čine obraduj džennetskim baščama kroz koje će rijeke teći; svaki put kada im se iz njih da kakav plod oni će reći "Ovo smo i prije jeli" – a biće im davani samo njima slični U njima će čiste žene imati i u njima će vječno boraviti
- Swedish - Bernström : [Muhammad] Ge dem som tror och lever rättskaffens det glada budskapet att lustgårdar vattnade av bäckar väntar dem; var gång de förses med frukt därifrån skall de säga "Detta är vad vi försågs med i forna dagar" de kommer nämligen att få sådant som påminner om det [förgångna] Och [deras] hustrur skall vara med dem i dessa [lustgårdar] renade från [all jordisk] orenlighet och där skall de förbli till evig tid
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Dan sampaikanlah berita gembira kepada mereka yang beriman dan berbuat baik bahwa bagi mereka disediakan surgasurga yang mengalir sungaisungai di dalamnya Setiap mereka diberi rezeki buahbuahan dalam surgasurga itu mereka mengatakan "Inilah yang pernah diberikan kepada kami dahulu" Mereka diberi buahbuahan yang serupa dan untuk mereka di dalamnya ada isteriisteri yang suci dan mereka kekal di dalamnya
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا ۙ قَالُوا هَٰذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا ۖ وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ۖ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
(Dan sampaikanlah berita gembira) kabarkanlah (kepada orang-orang yang beriman) yang membenarkan Allah (dan mengerjakan kebaikan), baik yang fardu atau yang sunah (bahwa bagi mereka disediakan surga-surga), yaitu taman-taman yang ada pepohonan dan tempat-tempat kediaman (yang mengalir di bawahnya) maksudnya di bawah kayu-kayuan dan mahligai-mahligainya (sungai-sungai) maksudnya air yang berada di sungai-sungai itu, karena sungai artinya ialah galian tempat mengalirnya air, sebab airlah yang telah menggali atau menjadikannya 'nahr' dan menisbatkan 'mengalir' pada selokan disebut 'majaz' atau simbolisme. (Setiap mereka diberi rezeki di dalam surga itu) maksudnya diberi makanan (berupa buah-buahan, mereka mengatakan, "Inilah yang pernah) maksudnya seperti inilah yang pernah (diberikan kepada kami dulu"), yakni sebelum masuk surga, karena buah-buahan itu seperti itu pula ciri masing-masingnya, hampir serupa. (Mereka disuguhi) atau dipetikkan buah itu (dalam keadaan serupa), yakni warnanya tetapi berbeda rasanya, (dan diberi istri-istri) berupa wanita-wanita cantik dan selainnya, (yang suci) suci dari haid dan dari kotoran lainnya, (dan mereka kekal di dalamnya) untuk selama-lamanya, hingga mereka tak pernah fana dan tidak pula dikeluarkan dari dalamnya.
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : আর হে নবী সাঃ যারা ঈমান এনেছে এবং সৎকাজসমূহ করেছে আপনি তাদেরকে এমন বেহেশতের সুসংবাদ দিন যার পাদদেশে নহরসমূহ প্রবাহমান থাকবে। যখনই তারা খাবার হিসেবে কোন ফল প্রাপ্ত হবে তখনই তারা বলবে এতো অবিকল সে ফলই যা আমরা ইতিপূর্বেও লাভ করেছিলাম। বস্তুতঃ তাদেরকে একই প্রকৃতির ফল প্রদান করা হবে। এবং সেখানে তাদের জন্য শুদ্ধচারিনী রমণীকূল থাকবে। আর সেখানে তারা অনন্তকাল অবস্থান করবে।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : ஆனால் நம்பிக்கை கொண்டு நற்கருமங்கள் செய்வோருக்கு நன்மாராயங்கள் கூறுவீராக சதா ஓடிக்கொண்டிருக்கும் ஆறுகளைக் கொண்ட சுவனச் சோலைகள் அவர்களுக்காக உண்டு அவர்களுக்கு உண்ண அங்கிருந்து ஏதாவது கனி கொடுக்கப்படும்போதெல்லாம் "இதுவே முன்னரும் நமக்கு உலகில் கொடுக்கப்பட்டிருக்கிறது" என்று கூறுவார்கள்; ஆனால் தோற்றத்தில் இது போன்றதுதான் அவர்களுக்கு உலகத்திற் கொடுக்கப்பட்டிருந்தன இன்னும் அவர்களுக்கு அங்கு தூய துணைவியரும் உண்டு மேலும் அவர்கள் அங்கே நிரந்தரமாக வாழ்வார்கள்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : และมุฮัมมัด จงแจ้งข่าวดีแก่บรรดาผู้ศรัทธา และประกอบสิ่งที่ดีทั้งหลายว่า แน่นอนพวกเขาจะได้รับบรรดาสวนสวรรค์ ซึ่งมีแม่น้ำหลายสาย ไหลอยู่ภายใต้สวนสวรรค์เหล่านั้น คราใดที่พวกเขาได้รับผลไม้จากสวนสวรรค์นั้นเป็นเครื่องยังชีพ พวกเขาก็กล่าวว่า นี่คือสิ่งที่เราได้รับเป็นปัจจัยยังชีพมาก่อนแล้ว และสิ่งที่พวกเขาได้รับนั้น มีลักษณะคล้ายคลึงกัน และในสวรรค์นั้น พวกเขาจะได้รับคู่ครองที่บริสุทธิ์ และพวกเขาจะพำนักอยู่ในสวรรค์นั้นตลอดกาล
- Uzbek - Мухаммад Содик : Иймон келтирган ва солиҳ амаллар қилганларга улар учун остидан анҳорлар оқиб турган жаннатлар борлигининг башоратини бер Қачонки уларнинг мевасидан баҳраманд бўлсалар бундан аввал ҳам ризқланган эдик дейишади Уларга ўхшаш нарсалар берилгандир Уларга бу ерда покиза жуфтлар бор ва улар у ерда абадий қолурлар Ушбу ояти каримада Аллоҳ субҳонаҳу ва таоло Пайғамбари Муҳаммад алайҳиссаломга хитоб қилиб иймон келтирган ва солиҳ амал қилганларга башоратсуюнчилик хабар беришни буюрмоқда Демак дарахтлари остидан анҳорлар оқиб турувчи жаннатга кириш учун иймон келтириш яъни Аллоҳга Пайғамбарга Қуръонга ва иймон лозим бўлган бошқа нарсаларга иймон келтириш ҳамда амали солиҳларни яъни Қуръон ва суннатда яхши деб таърифланган ишларни қилиш зарурдир
- 中国语文 - Ma Jian : 你当向信道而行善的人报喜;他们将享有许多下临诸河的乐园,每当他们得以园里的一种水果为给养的时候,他们都说:这是我们以前所受赐的。其实,他们所受赐的是类似的。他们在乐园里将享有纯洁的配偶,他们将永居其中。
- Melayu - Basmeih : Dan berilah khabar gembira kepada orangorang yang beriman dan beramal soleh sesungguhnya mereka beroleh syurga yang mengalir di bawahnya beberapa sungai; tiaptiap kali mereka diberikan satu pemberian dari sejenis buahbuahan syurga itu mereka berkata "Inilah yang telah diberikan kepada kami dahulu"; dan mereka diberikan rezeki itu yang sama rupanya tetapi berlainan hakikatnya dan disediakan untuk mereka dalam syurga itu pasanganpasangan isteriisteri yang sentiasa bersih suci sedang mereka pula kekal di dalamnya selamalamanya
- Somali - Abduh : ugu bishaaree kuwa rumeeyey xaqa Camal fiicanna falay inay mudan Janooyin ay socoto dhexdeeda Wabiyaalkii markastoo laga arxaaqo xaggeeda midho waxay dhahaan kani waa kii horay naloogu arzuqay waxaa la siiyey isagoo isu eg araga waxayna dhexdeeda ku leeyihiin Haween Janno oo nadiif ah dhexdeedana way ku waari
- Hausa - Gumi : Kuma ka bãyar da bishãra ga waɗanda suka yi ĩmãni kuma suka aikata ayyuka na ƙwarai cẽwa lallene suna da gidãjen Aljanna ƙõramu na gudãna daga ƙarƙashinsu Ko da yaushe aka azurta su da abinci daga wasu 'ya'yan itãce daga gare su sai su ce "Wannan shi ne aka azurta mu da shi daga gabãnin haka" Kuma a je musu da shi yana mai kama da juna Kuma sunã da a cikin su mãtan aure mãsu tsarki kuma su cikin su madawwama ne
- Swahili - Al-Barwani : Na wabashirie walio amini na wakatenda mema kwamba watapata mabustani yapitayo mito kati yake; kila watapo pewa matunda humo watasema Haya ndiyo kama tuliyo pewa mbele Na wataletewa matunda yaliyo fanana; na humo watakuwa na wake walio takasika; na wao humo watadumu
- Shqiptar - Efendi Nahi : Ata që besojnë dhe bëjnë vepra të mira gëzoji me kopshte të xhenetit nëpër të cilat do të kalojnë lumenj çdoherë kur u jepet atyre ndonjë frut i tyre ata të thonë “Këtë e kemi ngrënë edhe përpara” e atyre do t’u jepen vetëm fruta të ngjashme me to Në to do të ketë femra të pastra dhe në to do të jetojnë gjithmonë
- فارسى - آیتی : به آنان كه ايمان آوردهاند، و كارهاى شايسته كردهاند، بشارت ده كه برايشان بهشتهايى است كه در آن نهرها جارى است. و هرگاه كه از ميوههاى آن برخوردار شوند گويند: پيش از اين، در دنيا، از چنين ميوههايى برخوردار شده بوديم، كه اين ميوهها شبيه به يكديگرند. و نيز در آنجا همسرانى پاكيزه دارند و در آنجا جاودانه باشند.
- tajeki - Оятӣ : Ба онон, ки имон овардаанд ва корҳои шоиста кардаанд, мужда деҳ, ки барояшон биҳиштҳоест, ки дар он наҳрҳо ҷорист. Ва ҳар гоҳ, ки аз меваҳои он бархурдор шаванд, гӯянд: «Пеш аз ин дар дунё аз чунин меваҳое бархурдор шуда будем, ки ин меваҳо монанд ба якдигаранд». Ва низ дар он ҷо ҳамсароне покиза доранд ва дар он ҷо ҷовидона бошанд.
- Uyghur - محمد صالح : (ئى مۇھەممەد!) ئىمان ئېيتقان ۋە ياخشى ئەمەللەرنى قىلغانلارغا ئۇلارنىڭ ئاستىدىن ئۆستەڭلەر ئېقىپ تۇرىدىغان جەننەتلەرگە كىرىدىغانلىقى بىلەن خۇش خەۋەر بەرگىن. ئۇلار جەننەتنىڭ بىرەر مېۋىسىدىن رىزىقلاندۇرۇلغان چاغدا: «بۇنىڭ بىلەن بۇرۇن (دۇنيادىمۇ) رىزىقلاندۇرۇلغان ئىدۇق» دەيدۇ. ئۇلارغا كۆرۈنۈشى دۇنيانىڭ مېۋىلىرىگە ئوخشايدىغان، تەمى ئوخشىمايدىغان مېۋىلەر بېرىلىدۇ. جەننەتلەردە ئۇلارغا پاك جۈپتىلەر (يەنى ھۆرلەر) بېرىلىدۇ، ئۇلار جەننەتلەردە مەڭگۈ قالىدۇ
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : സത്യവിശ്വാസം സ്വീകരിക്കുകയും സല്ക്കര്മങ്ങളനുഷ്ഠിക്കുകയും ചെയ്യുന്നവരെ ശുഭവാര്ത്ത അറിയിക്കുക: അവര്ക്ക് താഴ്ഭാഗത്തൂടെ അരുവികളൊഴുകുന്ന സ്വര്ഗീയാരാമങ്ങളുണ്ട്. അതിലെ കനികള് ആഹാരമായി ലഭിക്കുമ്പോഴൊക്കെ അവര് പറയും: "ഞങ്ങള്ക്കു നേരത്തെ നല്കിയതു തന്നെയാണല്ലോ ഇതും." സത്യമോ, സമാനതയുള്ളത് അവര്ക്ക് സമ്മാനിക്കപ്പെടുകയാണ്. അവര്ക്കവിടെ വിശുദ്ധരായ ഇണകളുണ്ട്. അവരവിടെ സ്ഥിരവാസികളായിരിക്കും.
- عربى - التفسير الميسر : واخبر ايها الرسول اهل الايمان والعمل الصالح خبرا يملوهم سرورا بان لهم في الاخره حدائق عجيبه تجري الانهار تحت قصورها العاليه واشجارها الظليله كلما رزقهم الله فيها نوعا من الفاكهه اللذيذه قالوا قد رزقنا الله هذا النوع من قبل فاذا ذاقوه وجدوه شيئا جديدا في طعمه ولذته وان تشابه مع سابقه في اللون والمنظر والاسم ولهم في الجنات زوجات مطهرات من كل الوان الدنس الحسي كالبول والحيض والمعنوي كالكذب وسوء الخلق وهم في الجنه ونعيمها دائمون لا يموتون فيها ولا يخرجون منها
*26). The fruits of Paradise will not be so exotic in appearance as to be unfamiliar to people. They will resemble the fruits to which human beings are accustomed in this world, though infinitely excelling them in delicacy of taste. In appearance they may resemble, say mangoes, pomegranates and oranges, and the people of Paradise will be able to identify them as such. In taste, however, there will be no comparison between the terrestrial and heavenly fruits.
*27). The Qur'anic text has the Arabic word azwaj which means 'spouses' or 'couples', and embraces both husband and wife. The husband is the zawj of his wife, and vice versa. In the Next World, however, this relationship of spouses will be qualified by purity. If a man has been virtuous in this world while his wife has not, their relationship in the Next World will be sundered and the man will receive another spouse who will be pure and virtuous. On the other hand, if a virtuous woman has had an evil husband she will be tied in companionship with a virtuous man. Where husband and wife have both been virtuous their relationship will become everlasting.