- عربي - نصوص الآيات عثماني : نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ ۖ وَقَدِّمُواْ لِأَنفُسِكُمْ ۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُوٓاْ أَنَّكُم مُّلَٰقُوهُ ۗ وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ
- عربى - نصوص الآيات : نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ۖ وقدموا لأنفسكم ۚ واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه ۗ وبشر المؤمنين
- عربى - التفسير الميسر : نساؤكم موضع زرع لكم، تضعون النطفة في أرحامهن، فَيَخْرج منها الأولاد بمشيئة الله، فجامعوهن في محل الجماع فقط، وهو القبل بأي كيفية شئتم، وقَدِّموا لأنفسكم أعمالا صالحة بمراعاة أوامر الله، وخافوا الله، واعلموا أنكم ملاقوه للحساب يوم القيامة. وبشِّر المؤمنين -أيها النبي- بما يفرحهم ويسرُّهم من حسن الجزاء في الآخرة.
- السعدى : نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ ۖ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُم مُّلَاقُوهُ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ
{ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } مقبلة ومدبرة غير أنه لا يكون إلا في القبل, لكونه موضع الحرث, وهو الموضع الذي يكون منه الولد. وفيه دليل على تحريم الوطء في الدبر, لأن الله لم يبح إتيان المرأة إلا في الموضع الذي منه الحرث، وقد تكاثرت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في تحريم ذلك, ولعن فاعله. { وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ } أي: من التقرب إلى الله بفعل الخيرات, ومن ذلك أن يباشر الرجل امرأته, ويجامعها على وجه القربة والاحتساب, وعلى رجاء تحصيل الذرية الذين ينفع الله بهم. { وَاتَّقُوا اللَّهَ } أي: في جميع أحوالكم, كونوا ملازمين لتقوى الله, مستعينين بذلك لعلمكم، { أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ } ومجازيكم على أعمالكم الصالحة وغيرها. ثم قال: { وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ } لم يذكر المبشر به ليدل على العموم, وأن لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وكل خير واندفاع كل ضير, رتب على الإيمان فهو داخل في هذه البشارة. وفيها محبة الله للمؤمنين, ومحبة ما يسرهم, واستحباب تنشيطهم وتشويقهم بما أعد الله لهم من الجزاء الدنيوي والأخروي.
- الوسيط لطنطاوي : نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ ۖ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُم مُّلَاقُوهُ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ
ثم قال- تعالى-: نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ.
روى الشيخان عن جابر قال: كانت اليهود تقول: إذا أتى الرجل امرأته من دبرها في قبلها ثم حملت كان ولدها أحول. فأنزل الله- تعالى- قوله: نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ الآية.
والحرث في الأصل: تهيئة الأرض بالحراثة لإلقاء البذر فيها. وقد تطلق كلمة الحرث على الأرض المزروعة كما في قوله- تعالى- أَنِ اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ أى على حديقتكم لجمع ما فيها من ثمار.
وشبهت المرأة بالأرض لأن كليهما يمد الوجود الإنسانى بأسباب بقائه، فالزوجة تمده بعناصر تكوينه، والأرض تمده بأسباب حياته.
وأَنَّى شِئْتُمْ بمعنى كيف شئتم، أو متى شئتم في غير وقت الحيض.
والمعنى: نساؤكم هن مزرع لكم ومنبت للولد، أعدهن الله لذلك كما أعد الأرض للزراعة والإنبات، فأتوهن إذا تطهرن من الحيض في موضع الحرث كيف شئتم مستلقيات على ظهورهن أو غير ذلك ما دمتم تؤدون شهوتكم في صمام واحد وهو الفرج.
وفي هذه الجملة الكريمة إشعار بأن المقصد الأول من الزواج إنما هو النسل، ويشير إلى ذلك قوله نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ إذ من شأن الحرث الصالح الإنتاج وإشعار كذلك بما شرعه الله للزوجين من مؤانسة ومباسطة ويشير إلى ذلك قوله- تعالى-: فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ.
ويرى صاحب الكشاف أن التشبيه بين ما يلقى في الأرحام من النطفة وبين البذر الذي يلقى في الأرض من حيث إن كلا منهما ينمو في مستودعه ويكون به البقاء والتوالد، فقد قال- رحمه الله-:
نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ مواضع الحرث لكم. وهذا مجاز شبهن بالمحارث تشبيها لما يلقى في أرحامهن من النطف التي منها النسل بالبذور، وقوله: فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ تمثيل، أى فأتوهن كما تأتون أراضيكم التي تحرثونها من أى جهة شئتم، لا تحظر عليكم جهة دون جهة.
والمعنى: جامعوهن من أى شق أردتم بعد أن يكون المأتى واحدا وهو موضع الحرث.
ثم قال: وقوله- تعالى-: هُوَ أَذىً، فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ وقوله مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ وقوله فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ من الكنايات اللطيفة والتعريضات الحسنة. وهذه وأشباهها في كلام الله آداب حسنة على المؤمنين أن يتعلموها ويتأدبوا بها ويتكلفوا مثلها في محاورتهم ومكاتبتهم.
فإن قلت: ما موقع قوله نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ مما قبله؟ قلت: موقعه موقع البيان والتوضيح لقوله: فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ يعنى أن المأتى الذي أمركم الله به هو مكان الحرث ترجمة له وتفسيرا، أو إزالة للشبهة ودلالة على أن الغرض الأصيل في الإتيان هو طلب النسل لا قضاء الشهوة فلا تأتوهن إلا من المأتى الذي يتعلق به هذا الغرض» .
ثم ختم الله- تعالى- الآية بقوله: وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ، وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ.
أى: عليكم أيها المؤمنون أن تقدموا في حاضركم لمستقبلكم من الأعمال الصالحة ما ينفعكم في دنياكم وآخرتكم، بأن تختاروا في زواجكم ذات الدين، وأن تسيروا في حياتكم الزوجية على الطريقة التي رسمها لكم خالقكم وعليكم كذلك أن تتقوه بأن تصونوا أنفسكم عن كل ما نهاكم عنه، وأن تعلموا علم اليقين أنكم ستلقونه فيحاسبكم على أعمالكم ويجازيكهم عليها بما تستحقون.
وقوله: وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بشارة طيبة لمن آمن وعمل صالحا، وتلقى ما كلفه الله- تعالى- بالطاعة والامتثال.
وبذلك نرى أن هاتين الآيتين قد أرشدتا المسلّم إلى أفضل الوسائل، وأقوى الدعائم التي يقوم عليها صرح الحياة الزوجية السعيدة، والتي عن طريقها تأتى الذرية الصالحة الرشيدة، وأن الإسلام في تعاليمه لا يحاول أن ينكر أو يحطم غرائز الإنسان وضرورياته، وإنما الإسلام يعترف بغرائز الإنسان وضرورياته ثم يعمل على تهذيبها وتقويمها بالطرق التي من شأنه إذا ما اتبعها أن يظفر بالسعادة والطمأنينة في دنياه وأخراه.
وبعد أن بينت لنا السورة الكريمة حكم المباشرة في فترة الحيض تابعت حديثها عن شئون الأسرة فذكرت حكم الإيلاء أى الحلف بالامتناع عن المباشرة بعد أن قدمت له بالحديث عن الحلف في ذاته. استمع إلى السورة الكريمة وهي تحكى ذلك فتقول:
- البغوى : نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ ۖ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُم مُّلَاقُوهُ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ
قوله تعالى : ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) أخبرنا أبو سعيد أحمد بن إبراهيم الشريحي أنا أبو إسحاق الثعلبي أخبرنا عبد الله بن حامد الأصبهاني أخبرنا محمد بن يعقوب أنا ابن المنادي أنا يونس أنا يعقوب القمي عن جعفر بن المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : جاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " يا رسول الله هلكت قال وما الذي أهلكك؟ قال : حولت رحلي البارحة فلم يرد عليه شيئا وأوحى الله إليه ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) يقول : أدبر وأقبل واتق الدبر والحيضة .
أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي أخبرنا أحمد بن الحسين الحيري أنا حاجب بن أحمد الطوسي أنا عبد الرحيم بن منيب أنا ابن عيينة عن ابن المنكدر أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : كانت اليهود تقول في الذي يأتي امرأته من دبرها في قبلها : إن الولد يكون أحول فنزلت ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) .
وروى مجاهد عن ابن عباس قال كان من شأن أهل الكتاب أن لا يأتوا النساء إلا على حرف وذلك أستر ما تكون المرأة وكان هذا الحي من الأنصار قد أخذوا بذلك من فعلهم وكان هذا الحي من قريش يتلذذون منهن مقبلات ومدبرات ومستلقيات فلما قدم المهاجرون المدينة تزوج رجل منهم امرأة من الأنصار فذهب يصنع بها ذلك فأنكرت عليه وقالت : إنا كنا نؤتى على حرف فإن شئت فاصنع ذلك وإلا فاجتنبني حتى سرى أمرهما فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى ( نساؤكم حرث لكم ) الآية يعني موضع الولد ( فأتوا حرثكم أنى شئتم ) مقبلات ومدبرات ومستلقيات وأنى حرف استفهام يكون سؤالا عن الحال والمحل معناه : كيف شئتم وحيث شئتم بعد أن يكون في صمام واحد وقال عكرمة ( أنى شئتم ) إنما هو الفرج ومثله عن الحسن وقيل ( حرث لكم ) أي مزرع لكم ومنبت للولد بمنزلة الأرض التي تزرع وفيه دليل على تحريم الأدبار لأن محل الحرث والزرع هو القبل لا الدبر .
وقال سعيد بن المسيب : هذا في العزل يعني إن شئتم فاعزلوا وإن شئتم فلا تعزلوا وسئل ابن عباس عن العزل فقال : حرثك إن شئت فأعطش وإن شئت فارو وروي عنه أنه قال : تستأمر الحرة في العزل ولا تستأمر الجارية وبه قال أحمد وكره جماعة العزل وقالوا : هو الوأد الخفي وروى عن مالك عن نافع قال كنت أمسك على ابن عمر المصحف فقرأ هذه الآية ( نساؤكم حرث لكم ) فقال أتدري فيم نزلت هذه الآية؟ قلت : لا قال : نزلت في رجل أتى امرأته في دبرها ، فشق ذلك عليه فنزلت هذه الآية .
ويحكى عن مالك إباحة ذلك وأنكر ذلك أصحابه ، وروي عن عبد الله بن الحسن أنه لقي سالم بن عبد الله فقال له يا أبا عمر ما حديث يحدث نافع عن عبد الله أنه لم يكن يرى بأسا بإتيان النساء في أدبارهن فقال : كذب العبد وأخطأ إنما قال عبد الله : يؤتون في فروجهن من أدبارهن والدليل على تحريم الأدبار ما أخبرنا عبد الوهاب بن محمد بن الخطيب أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال أخبرنا أبو العباس الأصم أنا الربيع أخبرنا الشافعي أنا عمر محمد بن علي بن شافع أخبرني عبد الله بن علي بن السائب عن عمرو بن أحيحة بن الجلاح عن خزيمة بن ثابت أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن إتيان النساء في أدبارهن فقال النبي صلى الله عليه وسلم : في أي الخرمتين؟ أو في أي الخرزتين؟ أو في أي الخصفتين؟ أمن دبرها في قبلها فنعم أو من دبرها في دبرها فلا فإن الله لا يستحي من الحق لا تأتوا النساء في أدبارهن .
أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي أنا أبو إسحاق الثعلبي أنا عبد الله الحسين بن محمد الحافظ أنا عمر بن أحمد بن القاسم النهاوندي أخبرنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي أنا عبد الله بن أبان أنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن مسلم بن خالد عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
ملعون من أتى امرأته في دبرها " .قوله تعالى : ( وقدموا لأنفسكم ) قال عطاء : التسمية عند الجماع قال مجاهد ( وقدموا لأنفسكم ) يعني إذا أتى أهله فليدع .
أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن إسماعيل أنا عثمان بن أبي شيبة أنا جرير عن منصور عن سالم عن كريب عن ابن عباس قال قال النبي صلى الله عليه وسلم "
لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال : بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ، فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبدا " . وقيل قدموا لأنفسكم يعني طلب الولد .أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الخرقي أنا أبو الحسن علي بن عبد الله الطيسفوني أخبرنا عبد الله بن عمر الجوهري أنا أحمد بن علي الكشميهني أنا علي بن حجر عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "
إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة : صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له " وقيل : هو التزوج بالعفاف ليكون الولد صالحا .أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أنا مسدد أنا يحيى عن عبيد الله حدثني سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "
تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك " وقيل معنى الآية تقديم الأفراط .أخبرنا أبو الحسن السرخسي أخبرنا زاهر بن أحمد أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي أنا أبو مصعب عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "
لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فتمسه النار إلا تحلة القسم " وقال الكلبي والسدي : وقدموا لأنفسكم يعني الخير والعمل الصالح بدليل سياق الآية ( واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه ) صائرون إليه فيجزيكم بأعمالكم ( وبشر المؤمنين ) . - ابن كثير : نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ ۖ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُم مُّلَاقُوهُ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ
وقوله : ( نساؤكم حرث لكم ) قال ابن عباس : الحرث موضع الولد ( فأتوا حرثكم أنى شئتم ) أي : كيف شئتم مقبلة ومدبرة في صمام واحد ، كما ثبتت بذلك الأحاديث .
قال البخاري : حدثنا أبو نعيم ، حدثنا سفيان عن ابن المنكدر قال : سمعت جابرا قال : كانت اليهود تقول : إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول ، فنزلت : ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) ورواه داود من حديث سفيان الثوري به .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني مالك بن أنس وابن جريج وسفيان بن سعيد الثوري : أن محمد بن المنكدر حدثهم : أن جابر بن عبد الله أخبره : أن اليهود قالوا للمسلمين : من أتى امرأة وهي مدبرة جاء الولد أحول ، فأنزل الله عز وجل : ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم )
قال ابن جريج في الحديث : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مقبلة ومدبرة ، إذا كان ذلك في الفرج " .
وفي حديث بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة القشيري ، عن أبيه ، عن جده أنه قال : يا رسول الله ، نساؤنا ما نأتي منها وما نذر ؟ قال : " حرثك ، ائت حرثك أنى شئت ، غير ألا تضرب الوجه ، ولا تقبح ، ولا تهجر إلا في المبيت . الحديث ، رواه أحمد ، وأهل السنن .
حديث آخر : قال ابن أبي حاتم : حدثنا يونس ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب ، عن عامر بن يحيى ، عن حنش بن عبد الله ، عن عبد الله بن عباس قال : أتى ناس من حمير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسألوه عن أشياء ، فقال له رجل : إني أجبي النساء ، فكيف ترى في ذلك ، فأنزل الله : ( نساؤكم حرث لكم ) .
حديث آخر : قال أبو جعفر الطحاوي في كتابه "
مشكل الحديث " : حدثنا أحمد بن داود بن موسى ، حدثنا يعقوب بن كاسب ، حدثنا عبد الله بن نافع ، عن هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري : أن رجلا أصاب امرأة في دبرها ، فأنكر الناس عليه ذلك ، فأنزل الله : ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) ورواه ابن جرير عن يونس وعن يعقوب ، به .حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا وهيب ، حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم عن عبد الرحمن بن سابط قال : دخلت على حفصة ابنة عبد الرحمن بن أبي بكر فقلت : إني سائلك عن أمر ، وإنى أستحيي أن أسألك . قالت : فلا تستحيي يا ابن أخي . قال : عن إتيان النساء في أدبارهن ؟ قالت : حدثتني أم سلمة أن الأنصار كانوا لا يجبون النساء ، وكانت اليهود تقول : إنه من جبى امرأته كان الولد أحول ، فلما قدم المهاجرون المدينة نكحوا في نساء الأنصار ، فجبوهن ، فأبت امرأة أن تطيع زوجها وقالت : لن تفعل ذلك حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم . فدخلت على أم سلمة فذكرت لها ذلك ، فقالت : اجلسي حتى يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم استحيت الأنصارية أن تسأله ، فخرجت ، فحدثت أم سلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : "
ادعي الأنصارية " : فدعيت ، فتلا عليها هذه الآية : " ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) صماما واحدا " .ورواه الترمذي ، عن بندار ، عن ابن مهدي ، عن سفيان ، عن ابن خثيم به . وقال : حسن .
قلت : وقد روي من طريق حماد بن أبي حنيفة ، عن أبيه ، عن ابن خثيم عن يوسف بن ماهك ، عن حفصة أم المؤمنين : أن امرأة أتتها فقالت : إن زوجي يأتيني محيية ومستقبلة فكرهته ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : "
لا بأس إذا كان في صمام واحد " .حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا حسن ، حدثنا يعقوب يعني القمي عن جعفر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : جاء عمر بن الخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، هلكت ! قال : "
ما الذي أهلكك ؟ " قال : حولت رحلي البارحة ! قال : فلم يرد عليه شيئا . قال : فأوحى الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) أقبل وأدبر ، واتق الدبر والحيضة " .رواه الترمذي ، عن عبد بن حميد ، عن حسن بن موسى الأشيب ، به . وقال : حسن غريب .
وقال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن غيلان ، حدثنا رشدين ، حدثني الحسن بن ثوبان ، عن عامر بن يحيى المعافري ، عن حنش ، عن ابن عباس قال : أنزلت هذه الآية : ( نساؤكم حرث لكم ) في أناس من الأنصار ، أتوا النبي صلى الله عليه وسلم ، فسألوه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " آتها على كل حال ، إذا كان في الفرج " .
وقال الحافظ أبو يعلى : حدثنا الحارث بن سريج حدثنا عبد الله بن نافع ، حدثنا هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد قال : أثفر رجل امرأته على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : أثفر فلان امرأته ، فأنزل الله عز وجل : ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) .
وقال أبو داود : حدثنا عبد العزيز بن يحيى أبو الأصبغ ، قال : حدثني محمد يعني ابن سلمة عن محمد بن إسحاق ، عن أبان بن صالح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : إن ابن عمر والله يغفر له أوهم ، إنما كان أهل هذا الحي من الأنصار وهم أهل وثن مع أهل هذا الحي من يهود وهم أهل كتاب وكانوا يرون لهم فضلا عليهم في العلم ، فكانوا يقتدون بكثير من فعلهم ، وكان من أمر أهل الكتاب لا يأتون النساء إلا على حرف ، وذلك أستر ما تكون المرأة ، فكان هذا الحي من الأنصار قد أخذوا بذلك من فعلهم ، وكان هذا الحي من قريش يشرحون النساء شرحا منكرا ، ويتلذذون بهن مقبلات ومدبرات ومستلقيات . فلما قدم المهاجرون المدينة تزوج رجل منهم امرأة من الأنصار ، فذهب يصنع بها ذلك ، فأنكرته عليه ، وقالت : إنما كنا نؤتى على حرف . فاصنع ذلك وإلا فاجتنبني ، فسرى أمرهما ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله : ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) أي : مقبلات ، ومدبرات ، ومستلقيات يعني بذلك موضع الولد .
تفرد به أبو داود ، ويشهد له بالصحة ما تقدم من الأحاديث ، ولا سيما رواية أم سلمة ، فإنها مشابهة لهذا السياق .
وقد روى هذا الحديث الحافظ أبو القاسم الطبراني من طريق محمد بن إسحاق ، عن أبان بن صالح ، عن مجاهد قال : عرضت المصحف على ابن عباس من فاتحته إلى خاتمته ، أوقفه عند كل آية منه وأسأله عنها ، حتى انتهيت إلى هذه الآية : ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) فقال ابن عباس : إن هذا الحي من قريش كانوا يشرحون النساء بمكة ، ويتلذذون بهن . . فذكر القصة بتمام سياقها .
وقول ابن عباس : " إن ابن عمر والله يغفر له أوهم " . كأنه يشير إلى ما رواه البخاري :
حدثنا إسحاق ، حدثنا النضر بن شميل ، أخبرنا ابن عون عن نافع قال : كان ابن عمر إذا قرأ القرآن لم يتكلم حتى يفرغ منه ، فأخذت عليه يوما فقرأ سورة البقرة ، حتى انتهى إلى مكان قال : أتدري فيم أنزلت ؟ قلت : لا . قال : أنزلت في كذا وكذا . ثم مضى . وعن عبد الصمد قال : حدثني أبي ، حدثني أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر : ( فأتوا حرثكم أنى شئتم ) قال : يأتيها في . . .
هكذا رواه البخاري ، وقد تفرد به من هذه الوجوه .
وقال ابن جرير : حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، حدثنا ابن عون ، عن نافع قال : قرأت ذات يوم : ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) فقال ابن عمر : أتدري فيم نزلت ؟ قلت : لا . قال : نزلت في إتيان النساء في أدبارهن .
وحدثني أبو قلابة ، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ، حدثني أبي ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر : ( فأتوا حرثكم أنى شئتم ) قال : في الدبر .
وروي من حديث مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر ، ولا يصح .
وروى النسائي ، عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، عن أبي بكر بن أبي أويس ، عن سليمان بن بلال ، عن زيد بن أسلم ، عن ابن عمر : أن رجلا أتى امرأته في دبرها ، فوجد في نفسه من ذلك وجدا شديدا ، فأنزل الله : ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) .
قال أبو حاتم الرازي : لو كان هذا عند زيد بن أسلم ، عن ابن عمر لما أولع الناس بنافع . وهذا تعليل منه لهذا الحديث .
وقد رواه عبد الله بن نافع ، عن داود بن قيس ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن ابن عمر فذكره .
وهذا محمول على ما تقدم ، وهو أنه يأتيها في قبلها من دبرها ، لما رواه النسائي أيضا عن علي بن عثمان النفيلي ، عن سعيد بن عيسى ، عن المفضل بن فضالة عن عبد الله بن سليمان الطويل ، عن كعب بن علقمة ، عن أبي النضر : أنه أخبره أنه قال لنافع مولى ابن عمر : إنه قد أكثر عليك القول : إنك تقول عن ابن عمر إنه أفتى أن تؤتى النساء في أدبارهن قال : كذبوا علي ، ولكن سأحدثك كيف كان الأمر : إن ابن عمر عرض المصحف يوما وأنا عنده ، حتى بلغ : ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) فقال : يا نافع ، هل تعلم من أمر هذه الآية ؟ قلت : لا . قال : إنا كنا معشر قريش نجبي النساء ، فلما دخلنا المدينة ونكحنا نساء الأنصار ، أردنا منهن مثل ما كنا نريد فإذا هن قد كرهن ذلك وأعظمنه ، وكانت نساء الأنصار قد أخذن بحال اليهود ، إنما يؤتين على جنوبهن ، فأنزل الله : ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) .
وهذا إسناد صحيح ، وقد رواه ابن مردويه ، عن الطبراني ، عن الحسين بن إسحاق ، عن زكريا بن يحيى الكاتب العمري ، عن مفضل بن فضالة ، عن عبد الله بن عياش عن كعب بن علقمة ، فذكره . وقد روينا عن ابن عمر خلاف ذلك صريحا ، وأنه لا يباح ولا يحل كما سيأتي ، وإن كان قد نسب هذا القول إلى طائفة من فقهاء المدينة وغيرهم ، وعزاه بعضهم إلى الإمام مالك في كتاب السر وأكثر الناس ينكر أن يصح ذلك عن الإمام مالك ، رحمه الله . وقد وردت الأحاديث المروية من طرق متعددة بالزجر عن فعله وتعاطيه ; فقال الحسن بن عرفة :
حدثنا إسماعيل بن عياش عن سهيل بن أبي صالح ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " استحيوا ، إن الله لا يستحيي من الحق ، لا يحل مأتى النساء في حشوشهن " .
وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، عن عبد بن شداد عن رجل عن خزيمة بن ثابت : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يأتي الرجل امرأته في دبرها .
طريق أخرى : قال أحمد : حدثنا يعقوب ، سمعت أبي يحدث ، عن يزيد بن عبد الله بن أسامة ابن الهاد : أن عبيد الله بن الحصين الوالبي حدثه أن هرمي بن عبد الله الواقفي حدثه : أن خزيمة بن ثابت الخطمي حدثه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يستحيي الله من الحق ، لا يستحيي الله من الحق ثلاثا لا تأتوا النساء في أعجازهن " .
ورواه النسائي ، وابن ماجه من طرق ، عن خزيمة بن ثابت . وفي إسناده اختلاف كثير .
حديث آخر : قال أبو عيسى الترمذي ، والنسائي : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو خالد الأحمر ، عن الضحاك بن عثمان ، عن مخرمة بن سليمان ، عن كريب ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا ينظر الله إلى رجل أتى رجلا أو امرأة في الدبر " . ثم قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب . وهكذا أخرجه ابن حبان في صحيحه . وصححه ابن حزم أيضا . ولكن رواه النسائي ، عن هناد ، عن وكيع ، عن الضحاك ، به موقوفا .
وقال عبد : أخبرنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر عن ابن طاوس ، عن أبيه : أن رجلا سأل ابن عباس عن إتيان المرأة في دبرها ، قال : تسألني عن الكفر ! [ إسناد صحيح ] .
وكذا رواه النسائي ، من طريق ابن المبارك ، عن معمر به نحوه .
حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الصمد ، حدثنا همام ، حدثنا قتادة ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الذي يأتي امرأته في دبرها هي اللوطية الصغرى " .
وقال عبد الله بن أحمد : حدثني هدبة ، حدثنا همام ، قال : سئل قتادة عن الذي يأتي امرأته في دبرها . فقال قتادة : حدثنا عمرو بن شعيب ، عن أبيه عن جده : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " هي اللوطية الصغرى " .
قال قتادة : وحدثني عقبة بن وساج ، عن أبي الدرداء قال : وهل يفعل ذلك إلا كافر ؟ .
وقد روى هذا الحديث يحيى بن سعيد القطان ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن أبي أيوب ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، قوله . وهذا أصح ، والله أعلم .
وكذلك رواه عبد بن حميد ، عن يزيد بن هارون ، عن حميد الأعرج ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو ، موقوفا من قوله .
طريق أخرى : قال جعفر الفريابي : حدثنا قتيبة ، حدثنا ابن لهيعة ، عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سبعة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ، ويقول : ادخلوا النار مع الداخلين : الفاعل والمفعول به ، والناكح يده ، وناكح البهيمة ، وناكح المرأة في دبرها ، وجامع بين المرأة وابنتها ، والزاني بحليلة جاره ، والمؤذي جاره حتى يلعنه " .
ابن لهيعة وشيخه ضعيفان .
حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا سفيان ، عن عاصم ، عن عيسى بن حطان ، عن مسلم بن سلام ، عن علي بن طلق ، قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تؤتى النساء في أدبارهن ; فإن الله لا يستحيي من الحق .
وأخرجه أحمد أيضا ، عن أبي معاوية ، وأبو عيسى الترمذي من طريق أبي معاوية أيضا ، عن عاصم الأحول [ به ] وفيه زيادة ، وقال : هو حديث حسن .
ومن الناس من يورد هذا الحديث في مسند علي بن أبي طالب ، كما وقع في مسند الإمام أحمد بن حنبل والصحيح أنه علي بن طلق .
حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن الحارث بن مخلد ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الذي يأتي امرأته في دبرها لا ينظر الله إليه " .
وحدثنا عفان ، حدثنا وهيب ، حدثنا سهيل ، عن الحارث بن مخلد ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا ينظر الله إلى رجل جامع امرأته في دبرها " .
وكذا رواه ابن ماجه من طريق سهيل .
وحدثنا وكيع ، حدثنا سفيان عن سهيل بن أبي صالح ، عن الحارث بن مخلد ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ملعون من أتى امرأة في دبرها " .
وهكذا رواه أبو داود ، والنسائي من طريق وكيع ، به .
طريق أخرى : قال الحافظ أبو نعيم الأصبهاني : أخبرنا أحمد بن القاسم بن الريان ، حدثنا أبو عبد الرحمن النسائي ، حدثنا هناد ، ومحمد بن إسماعيل واللفظ له قالا : حدثنا وكيع ، حدثنا سفيان ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ملعون من أتى امرأة في دبرها " .
ليس هذا الحديث هكذا في سنن النسائي ، وإنما الذي فيه عن سهيل ، عن الحارث بن مخلد ، كما تقدم .
قال شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي : ورواية أحمد بن القاسم بن الريان هذا الحديث بهذا السند ، وهم منه ، وقد ضعفوه .
طريق أخرى : رواها مسلم بن خالد الزنجي ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى عليه وسلم قال : " ملعون من أتى النساء في أدبارهن " .
ومسلم بن خالد فيه كلام ، والله أعلم .
طريق أخرى : رواها الإمام أحمد ، وأهل السنن من حديث حماد بن سلمة ، عن حكيم الأثرم ، عن أبي تميمة الهجيمي ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من أتى حائضا أو امرأة في دبرها ، أو كاهنا فصدقه ، فقد كفر بما أنزل على محمد " .
وقال الترمذي : ضعف البخاري هذا الحديث . والذي قاله البخاري في حديث حكيم [ الأثرم ] عن أبي تميمة : لا يتابع في حديثه .
طريق أخرى : قال النسائي : حدثنا عثمان بن عبد الله ، حدثنا سليمان بن عبد الرحمن من كتابه ، عن عبد الملك بن محمد الصنعاني ، عن سعيد بن عبد العزيز ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " استحيوا من الله حق الحياء ، لا تأتوا النساء في أدبارهن " .
تفرد به النسائي من هذا الوجه .
قال حمزة بن محمد الكناني الحافظ : هذا حديث منكر باطل من حديث الزهري ، ومن حديث أبي سلمة ومن حديث سعيد ; فإن كان عبد الملك سمعه من سعيد ، فإنما سمعه بعد الاختلاط ، وقد رواه الزهري عن أبي سلمة أنه كان ينهى عن ذلك ، فأما عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا . انتهى كلامه .
وقد أجاد وأحسن الانتقاد ; إلا أن عبد الملك [ بن محمد ] الصنعاني لا يعرف أنه اختلط ، ولم يذكر ذلك أحد غير حمزة الكناني ، وهو ثقة ، ولكن تكلم فيه دحيم ، وأبو حاتم ، وابن حبان ، وقال : لا يجوز الاحتجاج به ، فالله أعلم . وقد تابعه زيد بن يحيى بن عبيد ، عن سعيد بن عبد العزيز . وروي من طريقين آخرين ، عن أبي سلمة . ولا يصح منها شيء .
طريق أخرى : قال النسائي : حدثنا إسحاق بن منصور ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن سفيان الثوري ، عن ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد ، عن أبي هريرة قال : إتيان الرجال النساء في أدبارهن كفر .
ثم رواه ، عن بندار ، عن عبد الرحمن ، به . قال : من أتى امرأة في دبرها ملك كفره . هكذا رواه النسائي ، من طريق الثوري ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن أبي هريرة موقوفا . وكذا رواه من طريق علي ابن بذيمة ، عن مجاهد ، عن أبي هريرة موقوفا . ورواه بكر بن خنيس ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من أتى شيئا من الرجال والنساء في الأدبار فقد كفر " والموقوف أصح ، وبكر بن خنيس ضعفه غير واحد من الأئمة ، وتركه آخرون .
حديث آخر : قال محمد بن أبان البلخي : حدثنا وكيع ، حدثنا زمعة بن صالح ، عن ابن طاوس ، عن أبيه وعن عمرو بن دينار ، عن عبد الله بن يزيد بن الهاد قالا قال عمر بن الخطاب : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله لا يستحيي من الحق ، لا تأتوا النساء في أدبارهن " .
وقد رواه النسائي : حدثنا سعيد بن يعقوب الطالقاني ، عن عثمان بن اليمان ، عن زمعة بن صالح ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، عن ابن الهاد ، عن عمر قال : " لا تأتوا النساء في أدبارهن " .
وحدثنا إسحاق بن إبراهيم ، حدثنا يزيد بن أبي حكيم ، عن زمعة بن صالح ، عن عمرو بن دينار ، عن طاوس ، عن عبد الله بن الهاد الليثي قال : قال عمر رضي الله عنه : استحيوا من الله ، فإن الله لا يستحيي من الحق ، لا تأتوا النساء في أدبارهن . الموقوف أصح .
حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا غندر ومعاذ بن معاذ قالا : حدثنا شعبة عن عاصم الأحول ، عن عيسى بن حطان ، عن مسلم بن سلام ، عن طلق بن يزيد أو يزيد بن طلق عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله لا يستحيي من الحق ، لا تأتوا النساء في أستاههن " .
وكذا رواه غير واحد ، عن شعبة . ورواه عبد الرزاق ، عن معمر ، عن عاصم الأحول ، عن عيسى بن حطان ، عن مسلم بن سلام ، عن طلق بن علي ، والأشبه أنه علي بن طلق ، كما تقدم ، والله أعلم .
حديث آخر : قال أبو بكر الأثرم في سننه : حدثنا أبو مسلم الحرمي ، حدثنا أخي أنيس بن إبراهيم أن أباه إبراهيم بن عبد الرحمن بن القعقاع أخبره ، عن أبيه أبي القعقاع ، عن ابن مسعود ، رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " محاش النساء حرام " .
وقد رواه إسماعيل بن علية ، وسفيان الثوري ، وشعبة ، وغيرهم ، عن أبي عبد الله الشقري واسمه سلمة بن تمام : ثقة عن أبي القعقاع ، عن ابن مسعود موقوفا . وهو أصح .
طريق أخرى : قال ابن عدي : حدثنا أبو عبد الله المحاملي ، حدثنا سعيد بن يحيى الأموي ، حدثنا محمد بن حمزة ، عن زيد بن رفيع عن أبي عبيدة ، عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تأتوا النساء في أعجازهن " محمد بن حمزة هو الجزري وشيخه ، فيهما مقال .
وقد روي من حديث أبي بن كعب والبراء بن عازب ، وعقبة بن عامر وأبي ذر ، وغيرهم . وفي كل منها مقال لا يصح معه الحديث ، والله أعلم .
وقال الثوري ، عن الصلت بن بهرام ، عن أبي المعتمر ، عن أبي جويرية قال : سأل رجل عليا عن إتيان امرأة في دبرها ، فقال : سفلت ، سفل الله بك ! ألم تسمع إلى قول الله عز وجل : ( أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين ) [ الأعراف : 80 ] .
وقد تقدم قول ابن مسعود ، وأبي الدرداء ، وأبي هريرة ، وابن عباس ، وعبد الله بن عمرو في تحريم ذلك ، وهو الثابت بلا شك عن عبد الله بن عمر ، رضي الله عنهما ، أنه يحرمه .
قال أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن الدارمي في مسنده : حدثنا عبد الله بن صالح ، حدثنا الليث ، عن الحارث بن يعقوب ، عن سعيد بن يسار أبي الحباب قال : قلت لابن عمر : ما تقول في الجواري ، أنحمض لهن ؟ قال : وما التحميض ؟ فذكر الدبر . فقال : وهل يفعل ذلك أحد من المسلمين ؟
وكذا رواه ابن وهب وقتيبة ، عن الليث ، به . وهذا إسناد صحيح ونص صريح منه بتحريم ذلك ، فكل ما ورد عنه مما يحتمل ويحتمل فهو مردود إلى هذا المحكم .
وقال ابن جرير : حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم ، حدثنا أبو زيد عبد الرحمن بن أحمد بن أبي الغمر حدثني عبد الرحمن بن القاسم ، عن مالك بن أنس أنه قيل له : يا أبا عبد الله ، إن الناس يروون عن سالم بن عبد الله أنه قال : كذب العبد ، أو العلج ، على أبي [ عبد الله ] فقال مالك : أشهد على يزيد بن رومان أنه أخبرني ، عن سالم بن عبد الله ، عن ابن عمر مثل ما قال نافع . فقيل له : فإن الحارث بن يعقوب يروي عن أبي الحباب سعيد بن يسار : أنه سأل ابن عمر فقال له : يا أبا عبد الرحمن ، إنا نشتري الجواري أفنحمض لهن ؟ فقال : وما التحميض ؟ فذكر له الدبر . فقال ابن عمر : أف ! أف ! أيفعل ذلك مؤمن أو قال : مسلم . فقال مالك : أشهد على ربيعة لأخبرني عن أبي الحباب ، عن ابن عمر ، مثل ما قال نافع .
وروى النسائي ، عن الربيع بن سليمان ، عن أصبغ بن الفرج الفقيه ، حدثنا عبد الرحمن بن القاسم قال : قلت لمالك : إن عندنا بمصر الليث بن سعد يحدث عن الحارث بن يعقوب ، عن سعيد بن يسار ، قال : قلت لابن عمر : إنا نشتري الجواري ، فنحمض لهن ؟ قال : وما التحميض ؟ قلت : نأتيهن في أدبارهن . فقال : أف ! أف ! أو يعمل هذا مسلم ؟ فقال لي مالك : فأشهد على ربيعة لحدثني عن سعيد بن يسار أنه سأل ابن عمر ، فقال : لا بأس به .
وروى النسائي أيضا من طريق يزيد بن رومان ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر أن ابن عمر كان لا يرى بأسا أن يأتي الرجل المرأة في دبرها .
وروى معن بن عيسى ، عن مالك : أن ذلك حرام .
وقال أبو بكر بن زياد النيسابوري : حدثني إسماعيل بن حصين ، حدثني إسماعيل بن روح : سألت مالك بن أنس : ما تقول في إتيان النساء في أدبارهن : قال : ما أنتم قوم عرب . هل يكون الحرث إلا موضع الزرع ، لا تعدو الفرج .
قلت : يا أبا عبد الله ، إنهم يقولون : إنك تقول ذلك ؟ ! قال : يكذبون علي ، يكذبون علي .
فهذا هو الثابت عنه ، وهو قول أبي حنيفة ، والشافعي ، وأحمد بن حنبل وأصحابهم قاطبة . وهو قول سعيد بن المسيب ، وأبي سلمة ، وعكرمة ، وطاوس ، وعطاء ، وسعيد بن جبير ، وعروة بن الزبير ، ومجاهد بن جبر والحسن وغيرهم من السلف : أنهم أنكروا ذلك أشد الإنكار ، ومنهم من يطلق على فاعله الكفر ، وهو مذهب جمهور العلماء .
وقد حكي في هذا شيء عن بعض فقهاء المدينة ، حتى حكوه عن الإمام مالك ، وفي صحته عنه نظر .
[ وقد روى ابن جرير في كتاب النكاح له وجمعه عن يونس بن عبد الأحوص بن وهب إباحته ] .
قال الطحاوي : روى أصبغ بن الفرج ، عن عبد الرحمن بن القاسم قال : ما أدركت أحدا أقتدي به في ديني يشك أنه حلال . يعني وطء المرأة في دبرها ، ثم قرأ : ( نساؤكم حرث لكم ) ثم قال : فأي شيء أبين من هذا ؟ هذه حكاية الطحاوي .
وقد روى الحاكم ، والدارقطني ، والخطيب البغدادي ، عن الإمام مالك من طرق ما يقتضي إباحة ذلك . ولكن في الأسانيد ضعف شديد ، وقد استقصاها شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي في جزء جمعه في ذلك ، فالله أعلم .
وقال الطحاوي : حكى لنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أنه سمع الشافعي يقول : ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في تحليله ولا تحريمه شيء . والقياس أنه حلال . وقد روى ذلكأبو بكر الخطيب ، عن أبي سعيد الصيرفي ، عن أبي العباس الأصم ، سمعت محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، سمعت الشافعي يقول . . . فذكر . قال أبو نصر الصباغ : كان الربيع يحلف بالله الذي لا إله إلا هو : لقد كذب يعني ابن عبد الحكم على الشافعي في ذلك فإن الشافعي نص على تحريمه في ستة كتب من كتبه ، والله أعلم .
وقال القرطبي في تفسيره : وممن ينسب إليه هذا القول وهو إباحة وطء المرأة في دبرها سعيد بن المسيب ونافع وابن عمر ومحمد بن كعب القرظي وعبد الملك بن الماجشون . وهذا القول في العتبية . وحكى ذلك عن مالك في كتاب له أسماه كتاب السر ، وحذاق أصحاب مالك ومشايخهم ينكرون ذلك الكتاب ، ومالك أجل من أن يكون له كتاب السر ووقع هذا القول في العتبية ، وذكر ابن العربي أن ابن شعبان أسند هذا القول إلى زمرة كبيرة من الصحابة والتابعين وإلى مالك من رواية كثيرة من كتاب جماع النسوان وأحكام القرآن هذا لفظه قال : وحكى الكيا الهراسي الطبري عن محمد بن كعب القرظي أنه استدل على جواز ذلك بقوله : ( أتأتون الذكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون ) الشعراء : [ 165 ، 166 ] .
يعني مثله من المباح ثم رده بأن المراد بذلك من خلق الله لهم من فروج النساء لا أدبارهن . قلت : وهذا هو الصواب وما قاله القرظي إن كان صحيحا إليه فخطأ . وقد صنف الناس في هذه المسألة مصنفات منهم أبو العباس القرطبي وسمى كتابه إظهار إدبار من أجاز الوطء في الأدبار .
وقوله تعالى : ( وقدموا لأنفسكم ) أي : من فعل الطاعات ، مع امتثال ما نهاكم عنه من ترك المحرمات ; ولهذا قال : ( واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه ) أي : فيحاسبكم على أعمالكم جميعا .
( وبشر المؤمنين ) أي : المطيعين لله فيما أمرهم ، التاركين ما عنه زجرهم .
وقال ابن جرير : حدثنا القاسم ، حدثنا حسين ، حدثني محمد بن كثير ، عن عبد الله بن واقد ، عن عطاء قال : أراه عن ابن عباس : ( وقدموا لأنفسكم ) قال : يقول : " باسم الله " ، التسمية عند الجماع .
وقد ثبت في صحيح البخاري ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو أن أحدهم إذا أراد أن يأتي أهله قال : باسم الله ، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ، فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره الشيطان أبدا " .
- القرطبى : نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ ۖ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُم مُّلَاقُوهُ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ
قوله تعالى : نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين
فيه ست مسائل :
الأولى : قوله تعالى : نساؤكم حرث لكم روى الأئمة واللفظ لمسلم عن جابر بن عبد الله قال : ( كانت اليهود تقول : إذا أتى الرجل امرأته من دبرها في قبلها كان الولد أحول ) ، فنزلت الآية نسائكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم زاد في رواية عن الزهري : إن شاء مجبية وإن شاء غير مجبية غير إن ذلك في صمام واحد . ويروى : في سمام واحد بالسين ، قاله الترمذي . وروى البخاري عن نافع قال : كان ابن عمر إذا قرأ القرآن لم يتكلم حتى يفرغ منه ، فأخذت عليه يوما ، فقرأ سورة " البقرة " حتى انتهى إلى مكان قال : أتدري فيم أنزلت ؟ قلت : لا ، قال : نزلت في كذا وكذا ، ثم مضى . وعن عبد الصمد قال : حدثني أبي قال حدثني أيوب عن نافع عن ابن عمر : فأتوا حرثكم أنى شئتم قال : يأتيها في . قال الحميدي : يعني الفرج . وروى أبو داود عن ابن عباس قال : ( إن ابن عمر - والله يغفر له - وهم ، إنما كان هذا الحي من الأنصار ، وهم أهل وثن ، مع هذا الحي من يهود ، وهم أهل كتاب : وكانوا يرون لهم فضلا عليهم في العلم ، فكانوا يقتدون بكثير من فعلهم ، وكان من أمر أهل الكتاب ألا يأتوا النساء إلا على حرف ، وذلك أستر ما تكون المرأة ، فكان هذا الحي من الأنصار قد أخذوا بذلك من فعلهم ، وكان هذا الحي من قريش يشرحون النساء شرحا منكرا ، ويتلذذون منهن مقبلات ومدبرات ومستلقيات ، فلما قدم المهاجرون المدينة تزوج رجل منهم امرأة من الأنصار ، فذهب يصنع بها ذلك فأنكرته عليه ، وقالت : إنما كنا نؤتى على حرف! فاصنع ذلك وإلا فاجتنبني ، حتى شري أمرهما ؟ فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله عز وجل : فأتوا حرثكم أنى شئتم ، أي مقبلات ومدبرات ومستلقيات ، يعني بذلك موضع الولد . وروى الترمذي عن ابن عباس قال : جاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، هلكت! قال : ( وما أهلكك ؟ ) قال : حولت رحلي الليلة ، قال : فلم يرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ، قال : فأوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم أقبل وأدبر واتق الدبر والحيضة قال : هذا حديث حسن صحيح . وروى النسائي عن أبي النضر أنه قال لنافع مولى ابن عمر : قد أكثر عليك القول . إنك تقول عن ابن عمر : ( أنه أفتى بأن يؤتى النساء في أدبارهن ) . قال نافع : لقد كذبوا علي! ولكن سأخبرك كيف كان الأمر : إن ابن عمر عرض علي المصحف يوما وأنا عنده حتى بلغ : نساؤكم حرث لكم ، قال نافع : هل تدري ما أمر هذه الآية ؟ إنا كنا معشر قريش نجبي النساء ، فلما دخلنا المدينة ونكحنا نساء الأنصار أردنا منهن ما كنا نريد من نسائنا ، فإذا هن قد كرهن ذلك وأعظمنه ، وكان نساء الأنصار إنما يؤتين على جنوبهن ، فأنزل الله سبحانه : نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم .
الثانية : هذه الأحاديث نص في إباحة الحال والهيئات كلها إذا كان الوطء في موضع الحرث ، أي كيف شئتم من خلف ومن قدام وباركة ومستلقية ومضطجعة ، فأما الإتيان في غير المأتى فما كان مباحا ، ولا يباح! وذكر الحرث يدل على أن الإتيان في غير المأتى محرم . و " حرث " تشبيه ؛ لأنهن مزدرع الذرية ، فلفظ " الحرث " يعطي أن الإباحة لم تقع إلا في الفرج خاصة إذ هو المزدرع . وأنشد ثعلب :
إنما الأرحام أرضو ن لنا محترثات فعلينا الزرع فيها
وعلى الله النبات
ففرج المرأة كالأرض ، والنطفة كالبذر ، والولد كالنبات ، فالحرث بمعنى المحترث . ووحد الحرث لأنه مصدر ، كما يقال : رجل صوم ، وقوم صوم .
الثالثة : قوله تعالى : أنى شئتم معناه عند الجمهور من الصحابة والتابعين وأئمة الفتوى : من أي وجه شئتم مقبلة ومدبرة ، كما ذكرنا آنفا . و " أنى " تجيء سؤالا وإخبارا عن أمر له جهات ، فهو أعم في اللغة من " كيف " ومن " أين " ومن " متى " ، هذا هو الاستعمال العربي في " أنى " . وقد فسر الناس " أنى " في هذه الآية بهذه الألفاظ . وفسرها سيبويه ب " كيف " ومن " أين " باجتماعهما . وذهبت فرقة ممن فسرها ب " أين " إلى أن الوطء في الدبر مباح ، وممن نسب إليه هذا القول : سعيد بن المسيب ونافع وابن عمر ومحمد بن كعب القرظي وعبد الملك بن الماجشون ، وحكي ذلك عن مالك في كتاب له يسمى " كتاب السر " . وحذاق أصحاب مالك ومشايخهم ينكرون ذلك الكتاب ، ومالك أجل من أن يكون له " كتاب سر " . ووقع هذا القول في العتبية . وذكر ابن العربي أن ابن شعبان أسند جواز هذا القول إلى زمرة كبيرة من الصحابة والتابعين ، وإلى مالك من روايات كثيرة في كتاب " جماع النسوان وأحكام القرآن " . وقال الكيا الطبري : وروي عن محمد بن كعب القرظي أنه كان لا يرى بذلك بأسا ، ويتأول فيه قول الله عز وجل : أتأتون الذكران من العالمين . وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم . وقال : فتقديره تتركون مثل ذلك من أزواجكم ، ولو لم يبح مثل ذلك من الأزواج لما صح ذلك ، وليس المباح من الموضع الآخر مثلا له ، حتى يقال : تفعلون ذلك وتتركون مثله من المباح . قال الكيا : وهذا فيه نظر ، إذ معناه : وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم مما فيه تسكين شهوتكم ، ولذة الوقاع حاصلة بهما جميعا ، فيجوز التوبيخ على هذا المعنى . وفي قوله تعالى : فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله مع قوله : فأتوا حرثكم ما يدل على أن في المأتى اختصاصا ، وأنه مقصور على موضع الولد .
قلت : هذا هو الحق في المسألة . وقد ذكر أبو عمر بن عبد البر أن العلماء لم يختلفوا في الرتقاء التي لا يوصل إلى وطئها أنه عيب ترد به ، إلا شيئا جاء عن عمر بن عبد العزيز من وجه ليس بالقوي أنه لا ترد الرتقاء ولا غيرها ، والفقهاء كلهم على خلاف ذلك ؛ لأن المسيس هو المبتغى بالنكاح ، وفي إجماعهم على هذا دليل على أن الدبر ليس بموضع وطء ، ولو كان موضعا للوطء ما ردت من لا يوصل إلى وطئها في الفرج . وفي إجماعهم أيضا على أن العقيم التي لا تلد لا ترد . والصحيح في هذه المسألة ما بيناه . وما نسب إلى مالك وأصحابه من هذا باطل وهم مبرءون من ذلك ؛ لأن إباحة الإتيان مختصة بموضع الحرث ، لقوله تعالى : فأتوا حرثكم ، ولأن الحكمة في خلق الأزواج بث النسل ، فغير موضع النسل لا يناله ملك النكاح ، وهذا هو الحق . وقد قال أصحاب أبي حنيفة : إنه عندنا ولائط الذكر سواء في الحكم ، ولأن القذر والأذى في موضع النجو أكثر من دم الحيض ، فكان أشنع . وأما صمام البول فغير صمام الرحم . وقال ابن العربي في قبسه : قال لنا الشيخ الإمام فخر الإسلام أبو بكر محمد بن أحمد بن الحسين فقيه الوقت وإمامه : الفرج أشبه شيء بخمسة وثلاثين ، وأخرج يده عاقدا بها . وقال : مسلك البول ما تحت الثلاثين ، ومسلك الذكر والفرج ما اشتملت عليه الخمسة ، وقد حرم الله تعالى الفرج حال الحيض لأجل النجاسة العارضة . فأولى أن يحرم الدبر لأجل النجاسة اللازمة . وقال مالك لابن وهب وعلي بن زياد لما أخبراه أن ناسا بمصر يتحدثون عنه أنه يجيز ذلك ، فنفر من ذلك ، وبادر إلى تكذيب الناقل فقال : كذبوا علي ، كذبوا علي ، كذبوا علي! ثم قال : ألستم قوما عربا ؟ ألم يقل الله تعالى : نساؤكم حرث لكم وهل يكون الحرث إلا في موضع المنبت! وما استدل به المخالف من أن قوله عز وجل : أنى شئتم شامل للمسالك بحكم عمومها فلا حجة فيها ، إذ هي مخصصة بما ذكرناه ، وبأحاديث صحيحة حسان وشهيرة رواها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنا عشر صحابيا بمتون مختلفة ، كلها متواردة على تحريم إتيان النساء في الأدبار ، ذكرها أحمد بن حنبل في مسنده ، وأبو داود والنسائي والترمذي وغيرهم . وقد جمعها أبو الفرج بن الجوزي بطرقها في جزء سماه " تحريم المحل المكروه " . ولشيخنا أبي العباس أيضا في ذلك جزء سماه ( إظهار إدبار ، من أجاز الوطء في الأدبار ) . قلت : وهذا هو الحق المتبع والصحيح في المسألة ، ولا ينبغي لمؤمن بالله واليوم الآخر أن يعرج في هذه النازلة على زلة عالم بعد أن تصح عنه . وقد حذرنا من زلة العالم . وقد روي عن ابن عمر خلاف هذا ، وتكفير من فعله ، وهذا هو اللائق به رضي الله عنه . وكذلك كذب نافع من أخبر عنه بذلك ، كما ذكر النسائي ، وقد تقدم . وأنكر ذلك مالك واستعظمه ، وكذب من نسب ذلك إليه . وروى الدارمي أبو محمد في مسنده عن سعيد بن يسار أبي الحباب قال : قلت لابن عمر : ما تقول في الجواري حين أحمض بهن ؟ قال : وما التحميض ؟ فذكرت له الدبر ، فقال : هل يفعل ذلك أحد من المسلمين! وأسند عن خزيمة بن ثابت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أيها الناس إن الله لا يستحي من الحق لا تأتوا النساء في أعجازهن . ومثله عن علي بن طلق . وأسند عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من أتى امرأة في دبرها لم ينظر الله تعالى إليه يوم القيامة وروى أبو داود الطيالسي في مسنده عن قتادة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : تلك اللوطية الصغرى يعني إتيان المرأة في دبرها . وروي عن طاوس أنه قال : كان بدء عمل قوم لوط إتيان النساء في أدبارهن . قال ابن المنذر : وإذا ثبت الشيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم استغني به عما سواه .
الرابعة : قوله تعالى : وقدموا لأنفسكم أي قدموا ما ينفعكم غدا ، فحذف المفعول ، وقد صرح به في قوله تعالى : وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله . فالمعنى قدموا لأنفسكم الطاعة والعمل الصالح . وقيل ابتغاء الولد والنسل ؛ لأن الولد خير الدنيا والآخرة ، فقد يكون شفيعا وجنة . وقيل : هو التزوج بالعفائف ، ليكون الولد صالحا طاهرا . وقيل : هو تقدم الأفراط ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : من قدم ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث لم تمسه النار إلا تحلة القسم الحديث . وسيأتي في " مريم " إن شاء الله تعالى . وقال ابن عباس وعطاء : أي قدموا ذكر الله عند الجماع ، كما قال عليه السلام : لو أن أحدكم إذا أتى امرأته قال بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فإنه إن يقدر بينهما ولد لم يضره شيطان أبدا . أخرجه مسلم .
الخامسة : قوله تعالى : واتقوا الله تحذير . واعلموا أنكم ملاقوه خبر يقتضي المبالغة في التحذير ، أي فهو مجازيكم على البر والإثم . وروى ابن عيينة عن عمرو بن دينار قال : سمعت سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب يقول : إنكم ملاقو الله حفاة عراة مشاة غرلا - ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه . أخرجه مسلم بمعناه .
السادسة : قوله تعالى : وبشر المؤمنين تأنيس لفاعل البر ومبتغي سنن الهدى .
- الطبرى : نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ ۖ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُم مُّلَاقُوهُ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ
نساؤكم حرث لكم
القول في تأويل قوله تعالى : { نساؤكم حرث لكم } يعني تعالى ذكره بذلك : نساؤكم مزدرع أولادكم , فأتوا مزدرعكم كيف شئتم , وأين شئتم . وإنما عنى بالحرث المزدرع , والحرث هو الزرع , ولكنهن لما كن من أسباب الحرث جعلن حرثا , إذ كان مفهوما معنى الكلام . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : 3446 - حدثنا محمد بن عبيد المحاربي , قال : ثنا ابن المبارك , عن يونس , عن عكرمة , عن ابن عباس : { فأتوا حرثكم } قال : منبت الولد . 3447 - حدثني موسى , قال : ثنا عمرو , قال : ثنا أسباط , عن السدي : { نساؤكم حرث لكم } أما الحرث فهي مزرعة يحرث فيها .فأتوا حرثكم أنى شئتم
القول في تأويل قوله تعالى : { فأتوا حرثكم أنى شئتم } يعني تعالى ذكره بذلك : فانكحوا مزدرع أولادكم من حيث شئتم من وجوه المأتى . والإتيان في هذا الموضع كناية عن اسم الجماع . واختلف أهل التأويل في معنى قوله : { أنى شئتم } فقال بعضهم : معنى أنى : كيف . ذكر من قال ذلك : 3448 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا ابن عطية , قال : ثنا شريك , عن عطاء , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس : { فأتوا حرثكم أنى شئتم } قال : يأتيها كيف شاء ما لم يكن يأتيها في دبرها أو في الحيض . * - حدثنا أحمد بن إسحاق , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا شريك , عن عطاء , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس قوله : { نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم } قال : ائتها أنى شئت مقبلة ومدبرة , ما لم تأتها في الدبر والمحيض . 3449 - حدثنا علي بن داود قال : ثنا أبو صالح , قال : ثني معاوية , عن علي , عن ابن عباس قوله : { فأتوا حرثكم أنى شئتم } يعني بالحرث : الفرج , يقول : تأتيه كيف شئت مستقبلة ومستدبرة وعلى أي ذلك أردت بعد أن لا تجاوز الفرج إلى غيره , وهو قوله : { فأتوهن من حيث أمركم الله } . 3450 - حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا شريك , عن عبد الكريم , عن عكرمة : { فأتوا حرثكم أنى شئتم } قال : يأتيها كيف شاء ما لم يعمل عمل قوم لوط . 3451 - حدثنا أحمد بن إسحاق , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا الحسن بن صالح , عن ليث , عن مجاهد : { فأتوا حرثكم أنى شئتم } قال : يأتيها كيف شاء , واتق الدبر والحيض . 3452 - حدثني عبيد الله بن سعد , قال : ثني أبي , قال : ثني عمي , قال : ثني أبي , عن أبيه , قال : ثني يزيد أن ابن كعب كان يقول : إنما قوله : { فأتوا حرثكم أنى شئتم } يقول : ائتها مضطجعة وقائمة ومنحرفة ومقبلة ومدبرة كيف شئت إذا كان في قبلها . 3453 - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا حصين , عن مرة الهمداني , قال : سمعته يحدث : أن رجلا من اليهود لقي رجلا من المسلمين , فقال له : أيأتي أحدكم أهله باركا ؟ قال : نعم , قال : فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم , قال : فنزلت هذه الآية : { نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم } يقول : كيف شاء بعد أن يكون في الفرج . 3454 - حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة قوله : { نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم } إن شئت قائما أو قاعدا أو على جنب إذا كان يأتيها من الوجه الذي يأتي منه المحيض , ولا يتعدى ذلك إلى غيره . 3455 - حدثنا موسى بن هارون , قال : ثنا عمرو بن حماد , قال : ثنا أسباط , عن السدي : { فأتوا حرثكم أنى شئتم } ائت حرثك كيف شئت من قبلها , ولا تأتيها في دبرها , { أنى شئتم } قال : كيف شئتم . 3456 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : أخبرنا عمرو بن الحارث , عن سعيد بن أبي هلال أن عبد الله بن علي حدثه : أنه بلغه أن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جلسوا يوما ورجل من اليهود قريب منهم , فجعل بعضهم يقول : إني لآتي امرأتي وهي مضطجعة , ويقول الآخر : إني لآتيها وهي قائمة , ويقول الآخر : إني لآتيها على جنبها وباركة فقال اليهودي : ما أنتم إلا أمثال البهائم , ولكنا إنما نأتيها على هيئة واحدة , فأنزل الله تعالى ذكره : { نساؤكم حرث لكم } فهو القبل . وقال آخرون : معنى : { أنى شئتم } من حيث شئتم , وأي وجه أحببتم . ذكر من قال ذلك : 3457 - حدثنا سهل بن موسى الرازي , قال : ثنا ابن أبي فديك , عن إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة الأشهلي , عن داود بن الحصين , عن عكرمة , عن ابن عباس : أنه كان يكره أن تؤتى المرأة في دبرها ويقول : إنما الحرث من القبل الذي يكون منه النسل والحيض . وينهى عن إتيان المرأة في دبرها ويقول : إنما نزلت هذه الآية : { نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم } يقول : من أي وجه شئتم . 3458 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا ابن واضح , قال : ثنا العتكي , عن عكرمة : { فأتوا حرثكم أنى شئتم } قال : ظهرها لبطنها غير معاجزة , يعني الدبر . 3459 - حدثنا عبيد الله بن سعد , قال : ثني عمي , قال : ثني أبي , عن يزيد , عن الحارث بن كعب , عن محمد بن كعب , قال : إن ابن عباس كان يقول : اسق نباتك من حيث نباته . 3460 - حدثت عن عمار , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع قوله : { فأتوا حرثكم أنى شئتم } يقول : من أين شئتم . ذكر لنا والله أعلم أن اليهود قالوا : إن العرب يأتون النساء من قبل أعجازهن , فإذا فعلوا ذلك جاء الولد أحول ; فأكذب الله أحدوثتهم , فقال : { نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم } . 3461 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثنا حجاج , عن ابن جريج , عن مجاهد قال : يقول : ائتوا النساء في [ غير ] أدبارهن على كل نحو , قال ابن جريج : سمعت عطاء بن أبي رباح قال : تذاكرنا هذا عند ابن عباس , فقال ابن عباس : ائتوهن من حيث شئتم مقبلة ومدبرة فقال رجل : كأن هذا حلال . فأنكر عطاء أن يكون هذا هكذا , وأنكره , كأنه إنما يريد الفرج مقبلة ومدبرة في الفرج . وقال آخرون : معنى قوله : { أنى شئتم } متى شئتم . ذكر من قال ذلك : 3462 - حدثنا عن حسين بن الفرج , قال : سمعت أبا معاذ الفضل بن خالد , قال : أخبرنا عبيد بن سليمان , قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { فأتوا حرثكم أنى شئتم } يقول : متى شئتم . 3463 - حدثني يونس بن عبد الأعلى , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : ثنا أبو صخر , عن أبي معاوية البجلي , وهو عمار الدهني , عن سعيد بن جبير أنه قال : بينا أنا ومجاهد جالسان عند ابن عباس , أتاه رجل فوقف على رأسه , فقال : يا أبا العباس - أو يا أبا الفضل - ألا تشفيني عن آية المحيض ؟ فقال : بلى ! فقرأ : { ويسألونك عن المحيض } حتى بلغ آخر الآية , فقال ابن عباس : من حيث جاء الدم من ثم أمرت أن تأتي , فقال له الرجل : يا أبا الفضل كيف بالآية التي تتبعها { نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم } ؟ فقال : إي ويحك وفي الدبر من حرث ؟ لو كان ما تقول حقا لكان المحيض منسوخا إذا اشتغل من ههنا جئت من ههنا ! ولكن أنى شئتم من الليل والنهار . وقال آخرون : بل معنى ذلك : أين شئتم , وحيث شئتم . ذكر من قال ذلك : 3464 - حدثني يعقوب , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا ابن عون , عن نافع , قال : كان ابن عمر إذا قرئ القرآن لم يتكلم , قال : فقرأت ذات يوم هذه الآية : { نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم } فقال : أتدري فيمن نزلت هذه الآية ؟ قلت : لا , قال : نزلت في إتيان النساء في أدبارهن . * - حدثني إبراهيم بن عبد الله بن مسلم أبو مسلم , قال : ثنا أبو عمر الضرير , قال : ثنا إسماعيل بن إبراهيم , صاحب الكرابيسي , عن ابن عون , عن نافع , قال : كنت أمسك على ابن عمر المصحف , إذ تلا هذه الآية : { نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم } فقال : أن يأتيها في دبرها . 3465 - حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم , قال : ثنا عبد الملك بن مسلمة , قال : ثنا الدراوردي , قال : قيل لزيد بن أسلم : إن محمد بن المنكدر ينهى عن إتيان النساء في أدبارهن فقال زيد : أشهد على محمد لأخبرني أنه يفعله . 3466 - حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم , قال : ثنا أبو زيد عبد الرحمن بن أحمد بن أبي الغمر , قال : ثني عبد الرحمن بن القاسم , عن مالك بن أنس , أنه قيل له : يا أبا عبد الله إن الناس يروون عن سالم : " وكذب العبد أو العلج على أبي " , فقال مالك : أشهد على يزيد بن رومان أنه أخبرني , عن سالم بن عبد الله , عن ابن عمر مثل ما قال نافع . فقيل له : إن الحارث بن يعقوب يروي عن أبي الحباب سعيد بن يسار أنه سأل ابن عمر , فقال له : يا أبا عبد الرحمن إنا نشتري الجواري , فنحمض لهن ؟ فقال : وما التحميض ؟ قال : الدبر فقال ابن عمر : أف أف , يفعل ذلك مؤمن ؟ أو قال مسلم . فقال مالك : أشهد على ربيعة لأخبرني عن أبي الحباب عن ابن عمر مثل ما قال نافع . 3467 - حدثني محمد بن إسحاق , قال : أخبرنا عمرو بن طارق , قال : أخبرنا يحيى بن أيوب , عن موسى بن أيوب الغافقي , قال : قلت لأبي ماجد الزيادي : إن نافعا يحدث عن ابن عمر : في دبر المرأة فقال : كذب نافع , صحبت ابن عمر ونافع مملوك , فسمعته يقول : ما نظرت إلى فرج امرأتي منذ كذا وكذا . 3468 - حدثني أبو قلابة قال : ثنا عبد الصمد , قال : ثني أبي , عن أيوب , عن نافع , عن ابن عمر : { فأتوا حرثكم أنى شئتم } قال : في الدبر . 3469 - حدثني أبو مسلم , قال : ثنا أبو عمر الضرير , قال : ثنا يزيد بن زريع , قال ثنا روح بن القاسم , عن قتادة قال : سئل أبو الدرداء عن إتيان النساء في أدبارهن , فقال : هل يفعل ذلك إلا كافر قال روح : فشهدت ابن أبي مليكة يسأل عن ذلك , فقال : قد أردته من جارية لي البارحة فاعتاص علي , فاستعنت بدهن أو بشحم , قال : فقلت له : سبحان الله أخبرنا قتادة أن أبا الدرداء قال : هل يفعل ذلك إلا كافر ! فقال : لعنك الله ولعن قتادة ! فقلت : لا أحدث عنك شيئا أبدا , ثم ندمت بعد ذلك . واعتل قائلو هذه المقالة لقولهم بما : 3470 - حدثني به محمد بن عبد الله بن عبد الحكم , قال : أخبرنا أبو بكر بن أبي أويس الأعشى , عن سليمان بن بلال , عن زيد بن أسلم , عن ابن عمر : أن رجلا أتى امرأته في دبرها , فوجد في نفسه من ذلك , فأنزل الله : { نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم } . 3471 - حدثني يونس , قال : أخبرني ابن نافع , عن هشام بن سعد , عن زيد بن أسلم , عن عطاء بن يسار : أن رجلا أصاب امرأته في دبرها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم , فأنكر الناس ذلك وقالوا : أثفرها فأنزل الله تعالى ذكره : { نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم } . وقال آخرون : معنى ذلك : ائتوا حرثكم كيف شئتم , إن شئتم فاعزلوا وإن شئتم فلا تعزلوا . ذكر من قال ذلك : 3472 - حدثني أحمد بن إسحاق , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا الحسن بن صالح , عن ليث , عن عيسى بن سنان , عن سعيد بن المسيب : { فأتوا حرثكم أنى شئتم } إن شئتم فاعزلوا , وإن شئتم فلا تعزلوا . 3473 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا وكيع , عن يونس , عن أبي إسحاق , عن زائدة بن عمير , عن ابن عباس قال : إن شئت فاعزل , وإن شئت فلا تعزل . وأما الذين قالوا : معنى قوله : { أنى شئتم } كيف شئتم مقبلة ومدبرة في الفرج والقبل , فإنهم قالوا : إن الآية إنما نزلت في استنكار قوم من اليهود استنكروا إتيان النساء في أقبالهن من قبل أدبارهن , قالوا : وفي ذلك دليل على صحة ما قلنا من أن معنى ذلك على ما قلنا . واعتلوا لقيلهم ذلك بما : 3474 - حدثني به أبو كريب , قال : ثنا المحاربي , قال : ثنا محمد بن إسحاق , عن أبان بن صالح , عن مجاهد , قال : عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات من فاتحته إلى خاتمته أوقفه عند كل آية وأسأله عنها , حتى انتهى إلى هذه الآية : { نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم } فقال ابن عباس : إن هذا الحي من قريش , كانوا يشرحون النساء بمكة , ويتلذذون بهن مقبلات ومدبرات . فلما قدموا المدينة تزوجوا في الأنصار , فذهبوا ليفعلوا بهن كما كانوا يفعلون بالنساء بمكة , فأنكرن ذلك وقلن : هذا شيء لم نكن نؤتى عليه فانتشر الحديث حتى انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فأنزل الله تعالى ذكره في ذلك : { نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم } إن شئت فمقبلة وإن شئت فمدبرة وإن شئت فباركة وإنما يعني بذلك موضع الولد للحرث , يقول : ائت الحرث من حيث شئت . * - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا يونس بن بكير , عن محمد بن إسحاق بإسناده نحوه . 3475 - حدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا ابن مهدي , قال : ثنا سفيان , عن محمد بن المنكدر , قال : سمعت جابرا يقول : إن اليهود كانوا يقولون : إذا جامع الرجل أهله في فرجها من ورائها كان ولده أحول , فأنزل الله تعالى ذكره : { نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم } . * - حدثنا مجاهد بن موسى , قال : ثنا يزيد بن هارون , قال : أخبرنا الثوري , عن محمد بن المنكدر , عن جابر بن عبد الله قال : قالت اليهود : إذا أتى الرجل امرأته في قبلها من دبرها وكان بينهما ولد كان أحول , فأنزل الله تعالى ذكره : { نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم } . 3476 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا عبد الرحيم بن سليمان , عن عبد الله بن عثمان ابن خثيم , عن عبد الرحمن بن سابط , عن حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر , عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم , قالت : تزوج رجل امرأة , فأراد أن يجبيها , فأبت عليه وقالت : حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم , قالت أم سلمة : فذكرت ذلك لي . فذكرت أم سلمة ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال : " أرسلي إليها ! " فلما جاءت قرأ عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم : { نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم } " صماما واحدا , صماما واحدا " . * - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا معاوية بن هشام , عن سفيان بن عبد الله بن عثمان , عن ابن سابط , عن حفصة ابنة عبد الرحمن بن أبي بكر , عن أم سلمة , قالت : قدم المهاجرون فتزوجوا في الأنصار , وكانوا يجبون , وكانت الأنصار لا تفعل ذلك , فقالت امرأة لزوجها : حتى آتي النبي صلى الله عليه وسلم فأسأله عن ذلك . فأتت النبي صلى الله عليه وسلم , فاستحيت أن تسأله , فسألت أنا . فدعاها رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقرأ عليها : { نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم . أنى شئتم } " صماما واحدا صماما واحدا " . * - حدثني أحمد بن إسحاق , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا سفيان , عن عبد الله بن عثمان , عن عبد الرحمن بن سابط , عن حفصة بنت عبد الرحمن , عن أم سلمة , عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه . * - حدثنا ابن بشار وابن المثنى , قالا : ثنا ابن مهدي , قال : ثنا سفيان الثوري , عن عبد الله بن عثمان بن خثيم , عن عبد الرحمن بن سابط , عن حفصة ابنة عبد الرحمن , عن أم سلمة , عن النبي صلى الله عليه وسلم : { نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم } قال : " صماما واحدا , صماما واحدا " . * - حدثني محمد بن معمر البحراني , قال : ثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي , قال : ثني وهيب , قال : ثني عبد الله بن عثمان , عن عبد الرحمن بن سابط قال : قلت لحفصة : إني أريد أن أسألك عن شيء وأنا أستحي منك أن أسألك , قالت : سل يا بني عما بدا لك ! قلت : أسألك عن غشيان النساء في أدبارهن ؟ قالت : حدثتني أم سلمة , قالت : كانت الأنصار لا تجبي , وكان المهاجرون يجبون , فتزوج رجل من المهاجرين امرأة من الأنصار . ثم ذكر نحو حديث أبي كريب , عن معاوية بن هشام . * - حدثنا ابن المثنى , قال : ثني وهب بن جرير , قال : ثنا شعبة , عن ابن المنكدر : قال : سمعت جابر بن عبد الله , يقول : إن اليهود كانوا يقولون : إذا أتى الرجل امرأته باركة جاء الولد أحول , فنزلت { نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم } . 3477 - حدثني محمد بن أحمد بن عبد الله الطوسي , قال : ثنا الحسن بن موسى , قال : ثنا يعقوب القمي , عن جعفر , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس , قال : جاء عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله هلكت ! قال : " وما الذي أهلكك ؟ " قال : حولت رحلي الليلة , قال : فلم يرد عليه شيئا , قال : فأوحى الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : { نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم } " أقبل وأدبر , واتق الدبر والحيضة " . 3478 - حدثنا زكريا بن يحيى المصري , قال : ثنا أبو صالح الحراني , قال : ثنا ابن لهيعة , عن يزيد بن أبي حبيب أن عامر بن يحيى أخبره عن حنش الصنعاني , عن ابن عباس : أن ناسا من حمير أتوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه عن أشياء , فقال رجل منهم : يا رسول الله إني رجل أحب النساء , فكيف ترى في ذلك ؟ فأنزل الله تعالى ذكره في سورة البقرة بيان ما سألوا عنه , وأنزل فيما سأل عنه الرجل : { نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم } فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وائتها مقبلة ومدبرة إذا كان ذلك في الفرج " . والصواب من القول في ذلك عندنا قول من قال : معنى قوله { أنى شئتم } من أي وجه شئتم , وذلك أن أنى في كلام العرب كلمة تدل إذا ابتدئ بها في الكلام على المسألة عن الوجوه والمذاهب , فكأن القائل إذا قال لرجل : أنى لك هذا المال ؟ يريد من أي الوجوه لك , لذلك يجيب المجيب فيه بأن يقول : من كذا وكذا , كما قال تعالى ذكره مخبرا عن زكريا وفي مسألته مريم : { أنى لك هذا قالت هو من عند الله } 3 37 وهي مقاربة أين وكيف في المعنى , ولذلك تداخلت معانيها , فأشكلت " أنى " على سامعها ومتأولها حتى تأولها بعضهم بمعنى أين , وبعضهم بمعنى كيف , وآخرون بمعنى متى , وهي مخالفة جميع ذلك في معناها وهن لها مخالفات . وذلك أن " أين " إنما هي حرف استفهام عن الأماكن والمحال , وإنما يستدل على افتراق معاني هذه الحروف بافتراق الأجوبة عنها . ألا ترى أن سائلا لو سأل آخر فقال : أين مالك ؟ لقال بمكان كذا , ولو قال له : أين أخوك ؟ لكان الجواب أن يقول : ببلدة كذا , أو بموضع كذا , فيجيبه بالخبر عن محل ما سأله عن محله , فيعلم أن أين مسألة عن المحل . ولو قال قائل لآخر : كيف أنت ؟ لقال : صالح أو بخير أو في عافية , وأخبره عن حاله التي هو فيها , فيعلم حينئذ أن كيف مسألة عن حال المسئول عن حاله . ولو قال له : أنى يحيي الله هذا الميت ؟ لكان الجواب أن يقال : من وجه كذا ووجه كذا , فيصف قولا نظير ما وصف الله تعالى ذكره للذي قال : { أنى يحيي هذه الله بعد موتها } 2 259 فعلا حين بعثه من بعد مماته . وقد فرقت الشعراء بين ذلك في أشعارها , فقال الكميت بن زيد : تذكر من أنى ومن أين شربه يؤامر نفسيه كذي الهجمة الأبل وقال أيضا : أنى ومن أين نابك الطرب من حيث لا صبوة ولا ريب فيجاء ب " أنى " للمسألة عن الوجه و " أين " للمسألة عن المكان , فكأنه قال : من أي وجه ومن أي موضع رجعك الطرب . والذي يدل على فساد قول من تأول قول الله تعالى ذكره : { فأتوا حرثكم أنى شئتم } كيف شئتم , أو تأوله بمعنى حيث شئتم , أو بمعنى متى شئتم , أو بمعنى أين شئتم ; أن قائلا لو قال لآخر : أنى تأتي أهلك ؟ لكان الجواب أن يقول : من قبلها أو من دبرها , كما أخبر الله تعالى ذكره عن مريم إذ سئلت : { أنى لك هذا } أنها قالت : { هو من عند الله } 3 37 . وإذ كان ذلك هو الجواب , فمعلوم أن معنى قول الله تعالى ذكره : { فأتوا حرثكم أنى شئتم } إنما هو : فأتوا حرثكم من حيث شئتم من وجوه المأتى , وأن ما عدا ذلك من التأويلات فليس للآية بتأويل . وإذ كان ذلك هو الصحيح , فبين خطأ قول من زعم أن قوله : { فأتوا حرثكم أنى شئتم } دليل على إباحة إتيان النساء في الأدبار , لأن الدبر لا يحترث فيه , وإنما قال تعالى ذكره : { حرث لكم } فأتوا الحرث من أي وجوهه شئتم , وأي محترث في الدبر فيقال ائته من وجهه . وتبين بما بينا صحة معنى ما روي عن جابر وابن عباس من أن هذه الآية نزلت فيما كانت اليهود تقوله للمسلمين إذا أتى الرجل المرأة من دبرها في قبلها جاء الولد أحول .وقدموا لأنفسكم
القول في تأويل قوله تعالى : { وقدموا لأنفسكم } اختلف أهل التأويل في معنى ذلك , فقال بعضهم : معنى ذلك : قدموا لأنفسكم الخير . ذكر من قال ذلك : 3479 - حدثني موسى , قال : ثنا عمرو , قال : ثنا أسباط , عن السدي , أما قوله : { وقدموا لأنفسكم } فالخير . وقال آخرون : بل معنى ذلك { وقدموا لأنفسكم } ذكر الله عند الجماع وإتيان الحرث قبل إتيانه ذكر من قال ذلك : 3480 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثني محمد بن كثير , عن عبد الله بن واقد , عن عطاء , قال : أراه عن ابن عباس : { وقدموا لأنفسكم } قال : التسمية عند الجماع يقول بسم الله . والذي هو أولى بتأويل الآية , ما روينا عن السدي , وهو أن قوله : { وقدموا لأنفسكم } أمر من الله تعالى ذكره عباده بتقديم الخير , والصالح من الأعمال ليوم معادهم إلى ربهم , عدة منهم ذلك لأنفسهم عند لقائه في موقف الحساب , فإنه قال : تعالى ذكره : { وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله } 2 110 وإنما قلنا ذلك أولى بتأويل الآية , لأن الله تعالى ذكره عقب قوله : { وقدموا لأنفسكم } بالأمر باتقائه في ركوب معاصيه , فكان الذي هو أولى بأن يكون الذي قبل التهديد على المعصية عاما الأمر بالطاعة عاما . فإن قال لنا قائل : وما وجه الأمر بالطاعة بقوله : { وقدموا لأنفسكم } من قوله : { نسائكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم } ؟ قيل : إن ذلك لم يقصد به ما توهمته , وإنما عنى به وقدموا لأنفسكم من الخيرات التي ندبناكم إليها بقولنا : { يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين } وما بعده من سائر ما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم , فأجيبوا عنه مما ذكره الله تعالى ذكره في هذه الآيات , ثم قال تعالى ذكره : قد بينا لكم ما فيه رشدكم وهدايتكم إلى ما يرضي ربكم عنكم , فقدموا لأنفسكم الخير الذي أمركم به , واتخذوا عنده به عهدا لتجدوه لديه إذا لقيتموه في معادكم , واتقوه في معاصيه أن تقربوها وفي حدوده أن تضيعوها , واعلموا أنكم لا محالة ملاقوه في معادكم , فمجاز المحسن منكم بإحسانه والمسيء بإساءته .واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين
القول في تأويل قوله تعالى : { واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين } وهذا تحذير من الله تعالى ذكره عباده أن يأتوا شيئا مما نهاهم عنه من معاصيه , وتخويف لهم عقابه عند لقائه , كما قد بينا قبل , وأمر لنبيه محمد أن يبشر من عباده بالفوز يوم القيامة , وبكرامة الآخرة , وبالخلود في الجنة من كان منهم محسنا مؤمنا بكتبه ورسله وبلقائه , مصدقا إيمانه قولا بعمله ما أمره به ربه , وافترض عليه من فرائضه فيما ألزمه ومن حقوقه , وبتجنبه ما أمره بتجنبه من معاصيه .
- ابن عاشور : نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ ۖ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُم مُّلَاقُوهُ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ
هذه الجملة تذييل ثان لجملة : { فأتوهن من حيث أمركم الله نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أنى شِئْتُمْ } [ البقرة : 222 ] قصد به الارتفاق بالمخاطبين والتأنس لهم لإشعارهم بأن منعهم من قربان النساء في مدة المحيض منع مؤقت لفائدتهم وأن الله يعلم أن نساءهم محل تعهدهم وملابستهم ليس منعهم منهن في بعض الأحوال بأمر هين عليهم لولا إرادة حفظهم من الأذى ، كقول عمر بن الخطاب لما حمي الحمى «لولا المال الذي أحمل عليه في سبيل الله ما حميت عليهم من بلادهم شبراً إنها لبلادُهم» وتعتبر جملة { نساؤكم حرث } مقدِّمة لجملة { فأتوا حرثكم أنى شئتم } وفيها معنى التعليل للإذن بإتيانهن أنّى شاءوا ، والعلةُ قد تجعل مقدمة فلو أوثر معنى التعليل لأخرت عن جملة { فأتوا حرثكم أنى شئتم } ولكن أوثر أن تكون مقدمة للتي بعدها لأنه أحكم نسيج نظم ولتتأتى عقبه الفاء الفصيحة .
والحرث مصدر حرث الأرض إذا شقها بآلة تشق التراب ليزرع في شقوقه زريعة أو تغرس أشجار . وهو هنا مطلق على معنى اسم المفعول .
وإطلاق الحرث على المحروث وأنواعه إطلاق متعدد فيطلق على الأرض المجعولة للزرع أو الغرس كما قال تعالى : { وقالوا هذه أنعام وحرث حجر } [ الأنعام : 138 ] أي أرض زرع محجورة على الناس أن يزرعوها .
وقال : { والخيل المسومة والأنعام والحرث } [ آل عمران : 14 ] أي الجنات والحوائط والحقول .
وقال : { كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته } [ »ل عمران : 117 ] أي فأهلكت زرعهم .
وقال : { فتنادوا مصبحين أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين } [ القلم : 22 ] يعنون به جنتهم أي صارمين عراجين التمر .
والحرث في هذه الآية مراد به المحروث بقرينة كونه مفعولاً لفعل { فأتوا حرثكم } وليس المراد به المصدر لأن المقام ينبو عنه ، وتشبيه النساء بالحرث تشبيه لطيف كما شبه النسل بالزرع في قول أبي طالب في خطبته خديجة للنبيء صلى الله عليه وسلم " الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم وزرع إسماعيل " .
والفاء في { فأتوا حرثكم أنى شئتم } فاء فصيحة لابتناء ما بعدها على تقرر أن النساء حرث لهم ، لا سيما إذا كانوا قد سألوا عن ذلك بلسان المقال أو بلسان الحال .
وكلمة ( أنى ) اسم لمكان مبهم تبينه جملة مضاف هو إليها ، وقد كثر استعماله مجازاً في معنى كيف بتشبيه حال الشيء بمكانه ، لأن كيف اسم للحال المبهمة يبينها عاملها نحو { كيف يشاء } [ آل عمران : 6 ] وقال في «لسان العرب» : إن ( أنى ) تكون بمعنى ( متى ) ، وقد أضيف ( أنى ) في هذه الآية إلى جملة ( شئتم ) والمشيئات شتى فتأوله كثير من المفسرين على حمل ( أني ) على المعنى المجازي وفسره بكيف شئتم وهو تأويل الجمهور الذي عضدوه بما رووه في سبب نزول الآية وفيها روايتان .
إحداهما عن جابر بن عبد الله والأخرى عن ابن عباس وتأوله الضحاك على معنى متى شئتم وتأوله جمع على معناه الحقيقي من كونه اسم مكان مبهم ، فمنهم من جعلوه ظرفاً لأنه الأصل في أسماء المكان إذا لم يصرح فيها بما يصرف عن معنى الظرفية وفسروه بمعنى في أي مكان من المرأة شئتم وهو المروي في «صحيح البخاري» تفسيراً من ابن عمر ، ومنهم من جعلوه اسم مكان غير ظرف وقدروا أنه مجرور ب ( من ) ففسروه من أي مكان أو جهة شئتم وهو يئول إلى تفسيره بمعنى كيف ، ونسب القرطبي هذين التأويلين إلى سيبويه . فالذي يتبادر من موقع الآية وتساعد عليه معاني ألفاظها أنها تذييل وارد بعد النهي عن قربان النساء في حال الحيض . فتحمل ( أني ) على معنى متى ويكون المعنى فأتوا نساءكم متى شئتم إذا تطهرن فوزانها وزان قوله تعالى : { وإذا حللتم فاصطادوا بعد قوله : { غير محلى الصيد وأنتم حرم } [ المائدة : 2 ] .
ولا مناسبة تبعث لصرف الآية عن هذا المعنى إلا أن ما طار بين علماء السلف ومن بعدهم من الخوض في محامل أخرى لهذه الآية ، وما رووه من آثار في أسباب النزول يضطّرنا إلى استفصال البيان في مختلف الأقوال والمحامل مقتنعين بذلك ، لما فيه من إشارة إلى اختلاف الفقهاء في معاني الآية ، وإنها لمسألة جديرة بالاهتمام ، على ثقل في جريانها ، على الألسنة والأقلام .
روى البخاري ومسلم في «صحيحهما» عن جابر بن عبد الله : أن اليهود قالوا إذا أتى الرجل امرأته مجبية جاء الولد أحول ، فسأل المسلمون عن ذلك فنزلت { نساؤكم حرث لكم } الآية وأخرج أبو داود عن ابن عباس قال : كان هذا الحي من الأنصار وهم أهل وثن مع هذا الحي من اليهود وهم أهل كتاب وكانوا يرون لهم فضلاً عليهم في العلم فكانوا يقتدون بكثير من فعلهم ، وكان من أمر أهل الكتاب ألا يأتوا النساء إلا على حرف وذلك أستر ما تكون المرأة ، فكان هذا الحي من الأنصار قد أخذوا بذلك ، وكان هذا الحي من قريش يشرحون النساء شرحاً ( أي يطأونهن وهن مستلقيات عن أقفيتهن ) ومقبلات ومدبرات ومستلقيات ، فلما قدم المهاجرون المدينة تزوج رجل منهم امرأة من الأنصار فذهب يصنع بها ذلك فأنكرته عليه وقالت : إنما كنا نؤتَى على حرف فاصنع ذلك وإلا فاجتنبني حتى شَرِي أمرُهما ( أي تفاقم اللجاج ) فبلغ ذلك النبي فأنزل الله : { فأتوا حرثكم أنى شئتم } أي مقبلات كن أو مدبرات أو مستلقيات يعني بذلك في موضع الولد ، وروي مثله عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم في الترمذي ، وما أخرجه الترمذي عن ابن عباس قال : جاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله هلكتُ قال وما أهلكك؟ قال : حوَّلْت رحلي الليلة ( يريد أنه أتى امرأته وهي مستدبرة ) فلم يردَّ عليه رسول الله شيئاً فأوحى الله إلى رسوله هذه الآية : { نساؤكم حرث لكم } الآية .
وروى البخاري عن نافع قال : كان ابن عمر إذا قرأ القرآن لم يتكلم حتى يفرغ منه فأخذت عليه المصحف يوماً فقرأ سورة البقرة حتى انتهى إلى { فأتوا حرثكم أنى شئتم } قال : تدري فيم أنزلت؟ قلت : لا قال : أنزلت في كذا وكذا وفي رواية عن نافع في البخاري «يأتيها في . . . . » ولم يزد وهو يعني في كلتا الروايتين عنه إتيان النساء في أدبارهن كما صرح بذلك في رواية الطبري وإسحاق بن راهويه : أنزلت إتيان النساء في أدبارهن ، وروى الدارقطني في «غرائب مالك» والطبري عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رجلاً أتى امرأته في دبرها فوجد في نفسه من ذلك فأنزل الله { نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم } وقد روى أن ذلك الرجل هو عبد الله بن عمر ، وعن عطاء بن يسار أن رجلاً أصاب امرأته في دبرها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنكر الناس عليه وقالوا : أثفرها فأنزل الله تعالى { نساؤكم حرث لكم } فعلى تأويل هؤلاء يكون قوله تعالى : { نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم } ، تشبيهاً للمرأة بالحرث أي بأرض الحرث وأطلق { فأتوا حرثكم } على معنى : فاحرثوا في أي مكان شئتم .
أقول : قد أجمل كلام الله تعالى هنا ، وأبهم وبين المبهمات بمبهمات من جهة أخرى لاحتمال { أمركم الله } معاني ليس معنى الإيجاب والتشريع منها ، إذ لم يعهد سبق تشريع من الله في هذا كما قدمناه ، ثم أتبع بقوله : { يحب التوابين } [ البقرة : 222 ] فربما أشعر بأن فعلاً في هذا البيان كان يرتكب والله يدعو إلى الانكفاف عنه وأتبع بقوله : { ويحب المتطهرين } فأشعر بأن فعلاً في هذا الشأن قد يلتبس بغيرِ التنزه والله يحب التنزه عنه ، مع احتمال المحبة عنه لمعنى التفضيل والتكرمة مثل { يحبون أن يتطهروا والله يحب المتطهرين } [ التوبة : 108 ] ، واحتمالها لمعنى : ويبغض غير ذلك ، ثم جاء ما هو كالدليل وهو قوله : { نساؤكم حرث لكم } فجعلن حرثاً على احتمال وجوه في الشبه؛ فقد يقال : إنه وكل للمعروف ، وقد يقال : إنه جعل شائعاً في المرأة ، فلذلك نيط الحكم بذات النساء كلها ، ثم قال : { فأتوا حرثكم أنى شئتم } فجاء بأنى المحتملة للكيفيات وللأمكنة وهي أصل في الأمكنة ووردت في الكيفيات ، وقد قيل : إنها ترد للأزمنة فاحتمل كونها أمكنة الوصول من هذا الإتيان ، أو أمكنة الورود إلى مكان آخر مقصود فهي أمكنة ابتداء الإتيان أو أمكنة الاستقرار فأُجمِل في هذا كله إجمال بديع وأثنى ثناء حسن .
واختلاف محامل الآية في أنظار المفسرين والفقهاء طوعُ علم المتأمل ، وفيها أقوال كثيرة ومذاهب مختلفة لفقهاء الأمصار في كتب أحكام القرآن وكتب السنة ، وفي دواوين الفقه ، وقد اقتصرنا على الآثار التي تمت إلى الآية بسبب نزول ، وتركنا ما عداه إلى أفهام العقول .
{ وَقَدِّمُواْ لاَِنفُسِكُمْ واتقوا الله واعلموا أَنَّكُم ملاقوه وَبَشِّرِ المؤمنين }
عطف على جملة { فأتوا حرثكم } أو على جملة { إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين } . عطف الإنشاء على الخبر ، على أن الجملة المعطوف عليها وإن كانت خبراً فالمقصود منها الأمر بالتوبة والتطهر؛ فكرر ذلك اهتماماً بالحرص على الأعمال الصالحة بعد الكلام على اللذائذ العاجلة .
وحذف مفعول { وقدموا } اختصاراً لظهوره؛ لأن التقديم هنا إعداد الحسنات فإنها بمنزلة الثَّقَل الذي يقدمه المسافر .
وقوله : { لأنفسكم } متعلق ب { قدموا } ، واللام للعلة أي لأجل أنفسكم أي لنفعها ، وقوله : { واتقوا الله } تحريض على امتثال الشرع بتجنب المخالفة ، فيدخل تحته التخلي عن السيئات والتحلي بالواجبات والقربات ، فمضمونها أعم من مضمون جملة { وقدموا لأنفسكم } فلذلك كانت هذه تذييلاً .
وقوله : { واعلموا أنكم ملاقوه } يجمع التحذير والترغيب ، أي فلاقوه بما يرضى به عنكم كقوله : { ووجد الله عنده } [ النور : 39 ] وهو عطف على قوله : { واتقوا الله } .
والملاقاة : مفاعلة من اللقاء وهو الحضور لدى الغير بقصد أو مصادفة . وأصل مادة لقي تقتضي الوقوع بين شيئين فكانت مفيدة معنى المفاعلة بمجردها ، فلذلك كان لقي ولاقى بمعنى واحد ، وإنما أمرهم الله بعلم أنهم ملاقوه مع أن المسلمين يعلمون ذلك تنزيلاً لعلمهم منزلة العدم في هذا الشأن ، ليزاد من تعليمهم اهتماماً بهذا المعلوم وتنافساً فيه على أننا رأينا أن في افتتاح الجملة بكلمة : { اعلموا } اهتماماً بالخبر واستنصاتاً له وهي نقطة عظيمة سيأتي الكلام عليها عند قوله تعالى : { واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه } في سورة الأنفال ( 24 ) .
وقد رتبت الجمل الثلاث الأول على عكس ترتيب حصول مضامينها في الخارج؛ فإن الظاهر أن يكون الإعلام بملاقاة الله هو الحاصل أولاً ثم يعقبه الأمر بالتقوى ثم الأمر بأن يقدموا لأنفسهم ، فخولف الظاهر للمبادرة بالأمر بالاستعداد ليوم الجزاء ، وأعقب بالأمر بالتقوى إشعاراً بأنها هي الاستعداد ثم ذكِّروا بأنهم ملاقو الله فجاء ذلك بمنزلة التعليل .
وقوله : وبشر المؤمنين } تعقيب للتحذير بالبشارة ، والمراد : المؤمنون الكاملون وهم الذين يسرون بلقاء الله كما جاء : « من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه » وذِكر هذه البشارة عقب ما تقدم إشارة إلى أن امتثال الأحكام المتقدمة من كمال الإيمان ، وجملة : { وبشر المؤمنين } ، معطوفة على جملة : { واعلموا أنكم ملاقوه } ، على الأظهر من جعل جملة : { نساؤكم حرث لكم } ، استئنافاً غير معمولة لقل هو أذى ، وإذا جعلت جملة { نساؤكم } من معمول القول كانت جملة { قل هو أذى } [ البقرة : 222 ] معطوفة على جملة : { قُلْ هُوَ أَذًى } ؛ إذ لا يصح وقوعها مقولا للقول كما اختاره التفتازاني .
- إعراب القرآن : نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ ۖ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُم مُّلَاقُوهُ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ
«
نِساؤُكُمْ» مبتدأ «حَرْثٌ» خبر «لَكُمْ» متعلقان بصفة لحرث والجملة استئنافية «فَأْتُوا» الفاء استئنافية ، أتوا فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل «حَرْثَكُمْ» مفعول به «أَنَّى» اسم شرط مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية وقيل على المكانية متعلق بأتوا «شِئْتُمْ» فعل ماض وفاعل والجملة في محل جر بالإضافة «وَقَدِّمُوا» الواو عاطفة قدموا فعل أمر وفاعل «لِأَنْفُسِكُمْ» متعلقان بقدموا «وَاتَّقُوا اللَّهَ» فعل أمر والواو فاعل ولفظ الجلالة مفعول به «وَاعْلَمُوا» فعل أمر وفاعل وهذه الجمل كلها معطوفة «وَبَشِّرِ» فعل أمر «الْمُؤْمِنِينَ» مفعول به والفاعل أنت والجملة معطوفة وأن وما بعدها سدت مسد مفعولي اعلموا.
- English - Sahih International : Your wives are a place of sowing of seed for you so come to your place of cultivation however you wish and put forth [righteousness] for yourselves And fear Allah and know that you will meet Him And give good tidings to the believers
- English - Tafheem -Maududi : نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ ۖ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُم مُّلَاقُوهُ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ(2:223) Your wives are your tilth : so you may go to your tilth as you please, *241 but you should take care of your future *242 and refrain from the displeasure of Allah. Know it well that One Day you shall meet Him. (O Prophet !) bear good tidings to the Believers.
- Français - Hamidullah : Vos épouses sont pour vous un champ de labour; allez à votre champ comme [et quand] vous le voulez et œuvrez pour vous-mêmes à l'avance Craignez Allah et sachez que vous Le rencontrerez Et fais gracieuse annonce aux croyants
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Eure Frauen sind euch ein Saatfeld So kommt zu eurem Saatfeld wann und wie ihr wollt Doch schickt Gutes für euch selbst voraus Und fürchtet Allah und wißt daß ihr Ihm begegnen werdet Und verkünde den Gläubigen frohe Botschaft
- Spanish - Cortes : Vuestras mujeres son campo labrado para vosotros ¡Venid pues a vuestro campo como queráis haciendo preceder algo para vosotros mismos ¡Temed a Alá y sabed que Le encontraréis ¡Y anuncia la buena nueva a los creyentes
- Português - El Hayek : Vossas mulheres são vossas semeaduras Desfrutai pois da vossa semeadura como vos apraz; porém praticai boasobras antecipadamente temei a Deus e sabei que compareceis perante Ele E tu ó Mensageiro anuncia aos fiéis abemaventurança
- Россию - Кулиев : Ваши жены являются пашней для вас Приходите же на вашу пашню когда и как пожелаете Готовьте для себя добрые деяния бойтесь Аллаха и знайте что вы встретитесь с Ним Обрадуй же верующих
- Кулиев -ас-Саади : نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ ۖ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُم مُّلَاقُوهُ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ
Ваши жены являются пашней для вас. Приходите же на вашу пашню, когда и как пожелаете. Готовьте для себя добрые деяния, бойтесь Аллаха и знайте, что вы встретитесь с Ним. Обрадуй же верующих!Мужчинам разрешается вступать в половую близость с женами спереди или сзади, но только через половые органы, потому что именно матка является «пашней», на которой развивается зародыш. Это откровение подразумевает запрет на половую близость через анальное отверстие, потому что Аллах разрешил половую близость только через половые органы. Этот запрет упоминается во многих хадисах Пророка, да благословит его Аллах и приветствует, который проклял того, кто вступает в половую близость через анальное отверстие. Затем Аллах повелел рабам заблаговременно совершать добрые деяния, приближающие их к Нему. Одним из таких деяний является половая близость с женой, благодаря которой человек надеется приблизиться к своему Господу, заслужить вознаграждение и приобрести потомство, которое по воле Божьей может принести ему большую пользу. Аллах также повелел исповедовать богобоязненность при любых обстоятельствах и для этого помнить о том, что люди непременно встретятся с Ним и получат воздаяние за свои праведные и неправедные деяния. Затем Аллах велел обрадовать правоверных, но не упомянул того, чем их нужно обрадовать. Это значит, что эта благая весть имеет самый широкий смысл, и правоверных ожидает радость как в этом мире, так и в Последней жизни. Каждый из них обретет великое благо и сумеет уберечься от вреда в зависимости от силы своей веры. Это и многое другое подразумевается здесь под благой вестью. Из этого аята следует, что Аллах любит правоверных и любит то, что приносит им радость. Из него также следует, что желательно вдохновлять мусульман на праведные деяния, напоминая им о награде при жизни на земле и после смерти, которая уготована для них Аллахом.
- Turkish - Diyanet Isleri : Kadınlarınız sizin tarlanızdır tarlanıza istediğiniz gibi gelin İstikbal için hazırlıklı olun Allah'tan sakının O'na hiç şüphesiz kavuşacağınızı bilin bunu inananlara müjdele
- Italiano - Piccardo : Le vostre spose per voi sono come un campo Venite pure al vostro campo come volete ma predisponetevi; temete Allah e sappiate che Lo incontrerete Danne la lieta novella ai credenti
- كوردى - برهان محمد أمين : ژنانی هاوسهرتان کێڵگهن بۆتان و شوێنی چاندنی وهچهن جا به ههر شێوهیهک دهتانهوێت تۆو بوهشێننه ناو کێڵگهکهتانهوه به هیوای بهرههم و بۆ خۆتان دهست پێشکهری بکهن سهرهتا هاوسهری خواناس و چاک ههڵبژێرن لهوهودواش دوعاو نزاو خواپهرستی بهردهوام فهرامۆش مهکهنو له خوابترسن و خۆتان له خراپه بپارێزن و چاک بزانن و دڵنیابن که به دیداری خوا شاد دهبن و ئهم مژدهیهش بده به ئیمانداران
- اردو - جالندربرى : تمہاری عورتیں تمہارای کھیتی ہیں تو اپنی کھیتی میں جس طرح چاہو جاو۔ اور اپنے لئے نیک عمل اگے بھیجو۔ اور خدا سے ڈرتے رہو اور جان رکھو کہ ایک دن تمہیں اس کے روبرو حاضر ہونا ہے اور اے پیغمبر ایمان والوں کو بشارت سنا دو
- Bosanski - Korkut : Žene vaše su njive vaše i vi njivama vašim prilazite kako hoćete a pripremite što i za duše svoje I bojte se Allaha i znajte da ćete pred Njega stati A ti obraduj prave vjernike
- Swedish - Bernström : Era hustrur är för er [som] en åker; beträd därför er åker när och som ni önskar men sörj [först] för era själar Frukta Gud och var förvissade om att ni skall möta Honom Och förkunna för de troende hoppets budskap
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Isteriisterimu adalah seperti tanah tempat kamu bercocok tanam maka datangilah tanah tempat bercocoktanammu itu bagaimana saja kamu kehendaki Dan kerjakanlah amal yang baik untuk dirimu dan bertakwalah kepada Allah dan ketahuilah bahwa kamu kelak akan menemuiNya Dan berilah kabar gembira orangorang yang beriman
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ ۖ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُم مُّلَاقُوهُ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ
(Istri-istrimu adalah tanah persemaian bagimu), artinya tempat kamu membuat anak, (maka datangilah tanah persemaianmu), maksudnya tempatnya yaitu pada bagian kemaluan (bagaimana saja) dengan cara apa saja (kamu kehendaki) apakah sambil berdiri, duduk atau berbaring, baik dari depan atau dari belakang. Ayat ini turun untuk menolak anggapan orang-orang Yahudi yang mengatakan, "Barang siapa yang mencampuri istrinya pada kemaluannya tetapi dari arah belakangnya (pinggulnya), maka anaknya akan lahir bermata juling. (Dan kerjakanlah untuk dirimu) amal-amal saleh, misalnya membaca basmalah ketika bercampur (dan bertakwalah kepada Allah) baik dalam perintah maupun dalam larangan-Nya (dan ketahuilah bahwa kamu akan menemui-Nya kelak) yakni di saat berbangkit, Dia akan membalas segala amal perbuatanmu. (Dan sampaikanlah kabar gembira kepada orang-orang yang beriman) yang bertakwa kepada-Nya, bahwa mereka akan memperoleh surga.
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : তোমাদের স্ত্রীরা হলো তোমাদের জন্য শস্য ক্ষেত্র। তোমরা যেভাবে ইচ্ছা তাদেরকে ব্যবহার কর। আর নিজেদের জন্য আগামী দিনের ব্যবস্থা কর এবং আল্লাহকে ভয় করতে থাক। আর নিশ্চিতভাবে জেনে রাখ যে আল্লাহর সাথে তোমাদেরকে সাক্ষাত করতেই হবে। আর যারা ঈমান এনেছে তাদেরকে সুসংবাদ জানিয়ে দাও।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : உங்கள் மனைவியர் உங்கள் விளைநிலங்கள் ஆவார்கள்; எனவே உங்கள் விருப்பப்படி உங்கள் விளை நிலங்களுக்குச் செல்லுங்கள்; உங்கள் ஆத்மாக்களுக்காக முற்கூட்டியே நற்கருமங்களின் பலனை அனுப்புங்கள்; அல்லாஹ்வுக்கு அஞ்சுங்கள்; மறுமையில் அவனைச் சந்திக்க வேண்டும் என்பதை உறுதியாக அறிந்து கொள்ளுங்கள் நம்பிக்கை கொண்டவர்களுக்கு நற்செய்தி கூறுவீராக
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : บรรดาผู้หญิงของพวกเจ้านั้น คือแหล่งเพาะปลูกของพวกเจ้า ดังนั้นพวกเจ้าจงมายังแหล่งเพาะปลูกของพวกเจ้า ตามแต่พวกเจ้าประสงค์และจงประกอบล่วงหน้าไว้สำหรับตัวของพวกเจ้า และพึงยำเกรงอัลลอฮ์เถิด และพึงรู้ด้วยว่าแท้จริงพวกเจ้านั้นจะเป็นผู้พบกับพระองค์ และเจ้า จงแจ้งข่าวดีแก่บรรดาผู้ศรัทธาทั้งหลายเถิด
- Uzbek - Мухаммад Содик : Аёлларингиз экинзорларингиздир Бас экинзорингизга хоҳлаганингизча келинг Ўзингиз учун яхшилик тақдим қилинг Ва Аллоҳга тақво қилинг ҳамда билингки албатта Унга рўбарў келувчисиз Мўминларга башорат бер Эрхотин орасидаги ҳассос ва нозик алоқа Қуръони Карим оятларида ўзига хос услуб билан тасвирланади Аввалги оятлардан бирида эрхотинни бирбирига нисбатан кийимлибос деб таъриф қилинган эди Бу оятда эса аёллар экинзорга ўхшатиляпти
- 中国语文 - Ma Jian : 你们的妻子好比是你们的田地,你们可以随意耕种。你们当预先为自己而行善。你们当敬畏真主,当知道你们将与他相会。你当向信士们报喜。
- Melayu - Basmeih : Isteriisteri kamu adalah sebagai kebun tanaman kamu oleh itu datangilah kebun tanaman kamu menurut cara yang kamu sukai dan sediakanlah amalamal yang baik untuk diri kamu; dan bertaqwalah kepada Allah serta ketahuilah sesungguhnya kamu akan menemuiNya pada hari akhirat kelak dan berilah khabar gembira wahai Muhammad kepada orangorang yang beriman
- Somali - Abduh : Ilaweenkiinnu beerbay iddinyihiin ee ugutaga beertiinna saad doontaan oo bannaan una hormarsada naftiinna wanaag Eebana ka dhawrsada ogaadana inaad la kulmaysaan Eebe una bishaaree Muminiinta
- Hausa - Gumi : Mãtanku gõnaki ne a gare ku sabõda haka ku je wa gõnakinku yadda kuka so Kuma ku gabãtar da alheri sabõda kanku ku bi Allah da taƙawa Kuma ku sani cẽwa lalle nekũ mãsu haɗuwa da Shi ne Kuma ka bãyar da bishãra ga mũminai
- Swahili - Al-Barwani : Wake zenu ni kama konde zenu Basi ziendeeni konde zenu mpendavyo Lakini jitangulizieni kheri nafsi zenu na mcheni Mwenyezi Mungu na jueni kuwa hakika nyinyi mtakutana naye Na wape bishara njema Waumini
- Shqiptar - Efendi Nahi : Gratë tuaja janë arat tuaja dhe afroheni arave tuaja si të doni e paraqitni diçka për shpirtin tuaj të mirë Dhe druajuni Perëndisë dhe dinie se do të takoheni me Te Ti o Muhammed Sihariqoji besimtarët
- فارسى - آیتی : زنانتان كشتزار شما هستند. هر جا كه خواهيد به كشتزار خود درآييد. و براى خويش از پيش چيزى فرستيد و از خدا بترسيد و بدانيد كه به نزد او خواهيد شد. و مؤمنان را بشارت ده.
- tajeki - Оятӣ : Занатон киштзори шумо ҳастанд. Ҳар ҷо, ки хоҳед, ба киштзори худ дароед. Ва барои хеш аз пеш чизе фиристед ва аз Худо битарсед ва бидонед, ки ба назди Ӯ хоҳед рафт. Ва мӯъминонро хушхабар деҳ!
- Uyghur - محمد صالح : ئاياللىرىڭلار سىلەر ئۈچۈن (خۇددى) ئېكىنزارلىقتۇر (يەنى نەسىل تېرىيدىغان جايدۇر). ئېكىنزارلىقىڭلارغا خالىغان رەۋىشتە كېلىڭلار، ئۆزۈڭلار ئۈچۈن ئالدىنئالا ياخشى ئەمەل تەييارلاڭلار، (گۇناھتىن چەكلىنىش بىلەن) اﷲ تىن قورقۇڭلار، بىلىڭلاركى، سىلەر اﷲ قا مۇلاقات بولۇسىلەر، مۆمىنلەرگە (جەننەت بىلەن) خۇش خەۋەر بەرگىن
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : നിങ്ങളുടെ സ്ത്രീകള് നിങ്ങളുടെ കൃഷിയിട മാകുന്നു. അതിനാല് നിങ്ങളാഗ്രഹിക്കുംവിധം നിങ്ങള്ക്ക് നിങ്ങളുടെ കൃഷിയിടത്ത് ചെല്ലാവുന്നതാണ്. എന്നാല് നിങ്ങളുടെ ഭാവിക്കു വേണ്ടത് നിങ്ങള് നേരത്തെ തന്നെ ചെയ്തുവെക്കണം. നിങ്ങള് അല്ലാഹുവെ സൂക്ഷിക്കുക. അറിയുക: നിങ്ങള് അവനുമായി കണ്ടുമുട്ടുകതന്നെ ചെയ്യും. സത്യവിശ്വാസികളെ ശുഭവാര്ത്ത അറിയിക്കുക.
- عربى - التفسير الميسر : نساوكم موضع زرع لكم تضعون النطفه في ارحامهن فيخرج منها الاولاد بمشيئه الله فجامعوهن في محل الجماع فقط وهو القبل باي كيفيه شئتم وقدموا لانفسكم اعمالا صالحه بمراعاه اوامر الله وخافوا الله واعلموا انكم ملاقوه للحساب يوم القيامه وبشر المومنين ايها النبي بما يفرحهم ويسرهم من حسن الجزاء في الاخره
*241). That is, God's purpose in the creation of women is not merely to provide men with recreation. Their mutual relationship is like that between a farmer and his tilth. A farmer approaches his field not just for the sake of pleasure, but to acquire produce. Similarly, man ought to approach the tilth of the human race with the purpose of acquiring produce, that is, offspring. What is of concern to the Law of God is not the particular mode of cultivating one's tilth, but rather that one should go only to one's tilth and not elsewhere, and that one should go there for the purpose of cultivation.
*242). These words are susceptible to two meanings. First, that a person should try to maintain the continuity of the human race so that when he departs from this world there should be others to replace him in his tasks. Second, that one should be concerned with the quality of the coming generation, i.e., how far it is endowed with religious devotion, moral excellence and humanity, and that one should do all that is possible to promote these qualities. The latter part ot the verse contains the warning that those who deliberately neglect these two duties will he severly taken to task by God.