- عربي - نصوص الآيات عثماني : وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍۢ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَآ أَوْ رُدُّوهَآ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ حَسِيبًا
- عربى - نصوص الآيات : وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ۗ إن الله كان على كل شيء حسيبا
- عربى - التفسير الميسر : وإذا سلَّم عليكم المسلم فردُّوا عليه بأفضل مما سلَّم لفظًا وبشاشةً، أو ردوا عليه بمثل ما سلَّم، ولكل ثوابه وجزاؤه. إن الله تعالى كان على كل شيء مجازيًا.
- السعدى : وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا
التحية هي: اللفظ الصادر من أحد المتلاقيين على وجه الإكرام والدعاء، وما يقترن بذلك اللفظ من البشاشة ونحوها. وأعلى أنواع التحية ما ورد به الشرع، من السلام ابتداء وردًّا. فأمر تعالى المؤمنين أنهم إذا حُيّوا بأي تحية كانت، أن يردوها بأحسن منها لفظا وبشاشة، أو مثلها في ذلك. ومفهوم ذلك النهي عن عدم الرد بالكلية أو ردها بدونها. ويؤخذ من الآية الكريمة الحث على ابتداء السلام والتحية من وجهين أحدهما: أن الله أمر بردها بأحسن منها أو مثلها، وذلك يستلزم أن التحية مطلوبة شرعًا. الثاني: ما يستفاد من أفعل التفضيل وهو "أحسن" الدال على مشاركة التحية وردها بالحسن، كما هو الأصل في ذلك. ويستثنى من عموم الآية الكريمة من حيَّا بحال غير مأمور بها، كـ "على مشتغل بقراءة، أو استماع خطبة، أو مصلٍ ونحو ذلك" فإنه لا يطلب إجابة تحيته، وكذلك يستثنى من ذلك من أمر الشارع بهجره وعدم تحيته، وهو العاصي غير التائب الذي يرتدع بالهجر، فإنه يهجر ولا يُحيّا، ولا تُرد تحيته، وذلك لمعارضة المصلحة الكبرى. ويدخل في رد التحية كل تحية اعتادها الناس وهي غير محظورة شرعًا، فإنه مأمور بردّها وبأحسن منها، ثم أوعد تعالى وتوعد على فعل الحسنات والسيئات بقوله: { إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا } فيحفظ على العباد أعمالهم، حسنها وسيئها، صغيرها وكبيرها، ثم يجازيهم بما اقتضاه فضله وعدله وحكمه المحمود.
- الوسيط لطنطاوي : وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا
وبعد أن أمر الله- تعالى- عباده بالشفاعة الحسنة ونهاهم عن الشفاعة السيئة، أتبع ذلك بتعليمهم أدب اللقاء والمقابلة حتى تزيد المودة والمحبة بينهم فقال- تعالى-: وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها.
والتحية: تفعلة من حييت والأصل تحيية مثل ترضية وتسمية فأدغموا الياء في الياء. قال الراغب: أصل التحية من الحياة، بأن يقال حياك الله، أى: جعل لك حياة، وذلك إخبار ثم جعل دعاء تحية. يقال: حيا فلان فلانا تحية إذا قال له ذلك.
وكان من عادة العرب إذا لقى بعضهم بعضا أن يقولوا على سبيل المودة: حياك الله فلما جاء الإسلام أبدل ذلك بالسلام والأمان بأن يقول المسلم لأخيه المسلم: السلام عليكم وأضيف إليها الدعاء برحمة الله وبركاته.
قال ابن كثير: قوله- تعالى- وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها أى: إذا سلم عليكم المسلم فردوا عليه بأفضل مما سلم، أوردوا عليه بمثل ما سلم. فالزيادة مندوبة والمماثلة مفروضة. فعن سلمان الفارسي قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم يا رسول الله. فقال «وعليك السلام ورحمة الله» ثم جاء آخر فقال: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وعليك السلام ورحمة الله وبركاته. ثم جاء ثالث فقال: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته فقال له: (وعليك) فقال له الرجل:
يا رسول الله، بأبى أنت وأمى أتاك فلان وفلان فسلما عليك فرددت عليهما أكثر مما رددت على.
فقال (إنك لم تترك لنا شيئا) قال الله- تعالى-: وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها فرددناها عليك. وفي الحديث دلالة على أنه لا زيادة في السلام على هذه الصفة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. إذ لو شرع أكثر من ذلك لزاده رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فأنت ترى أن الآية الكريمة تدعو المؤمنين إلى أن يردوا التحية على من يحيونهم وأن يفشوا هذه التحية بينهم، لأن إفشاءها يؤدى إلى توثيق علاقات المحبة والمودة بين المسلمين.
وقد ورد في الحض على إفشاء السلام أحاديث كثيرة منها ما رواه مسلم في صحيحه عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا.
ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم» .
وقوله إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً تذييل قصد به بعث الناس على امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه.
أى: إن الله- تعالى- كان وما زال مهيمنا على عباده، بصيرا بكل أقوالهم وأعمالهم، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، وسيحاسب الناس يوم القيامة على أفعالهم، وسيجازيهم عليها بما يستحقون فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ.
وإذا كان الأمر كذلك فالعاقل هو الذي يفعل ما أمره الله- تعالى- بفعله، ويجتنب ما أمره الله- تعالى- باجتنابه.
هذا وقد تكلم العلماء هنا كلاما طويلا في كيفية السلام وفي فضله، وفي بعض أحكامه المأثورة، فارجع إلى كلامهم إن شئت.
- البغوى : وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا
قوله تعالى : ( وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ) التحية : هي دعاء الحياة ، والمراد بالتحية هاهنا ، السلام ، يقول : إذا سلم عليكم مسلم فأجيبوا بأحسن منها أو ردوها كما سلم ، فإذا قال : السلام عليكم ، فقل : وعليكم السلام ورحمة الله ، وإذا قال : السلام عليكم ورحمة الله ، فقل : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، فإذا قال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، فرد مثله ، روي أن رجلا سلم على ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، ثم زاد شيئا ، فقال ابن عباس : إن السلام ينتهي إلى البركة .
وروي عن عمران بن حصين : أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : السلام عليكم ، فرد عليه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " عشر " ثم جاء آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله ، فرد عليه فجلس ، فقال : " عشرون " ثم جاء آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، فرد عليه ، فقال : " ثلاثون " .
واعلم أن السلام سنة ورد السلام فريضة ، وهو فرض على الكفاية ، وكذلك السلام سنة على الكفاية فإذا سلم واحد من جماعة كان كافيا في السنة ، وإذا سلم واحد على جماعة ورد واحد منهم سقط الفرض عن جميعهم .
أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي ، أنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي ، أنا أبو بكر محمد بن عمر بن حفص التاجر ، أنا إبراهيم بن عبد الله بن عمر بن بكير الكوفي ، أنا وكيع ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة رضي الله عنهم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم " .
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، أنا محمد بن إسماعيل ، أنا قتيبة ، أنا الليث ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي الخير ، عن عبد الله بن عمرو أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الإسلام خير؟ قال : " أن تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف " . ومعنى قوله : أي الإسلام خير ، يريد : أي خصال الإسلام خير .
وقيل : ( فحيوا بأحسن منها ) معناه أي إذا كان الذي سلم مسلما ، ( أو ردوها ) بمثلها إذا لم يكن مسلما .
أخبرنا أبو الحسن السرخسي أنا زاهر بن أحمد ، أنا أبو إسحاق الهاشمي ، أنا أبو مصعب عن مالك عن عبد الله بن دينار ، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن اليهود إذا سلم عليكم أحدهم : فإنما يقول السام عليكم ، فقل عليك " .
قوله تعالى : ( إن الله كان على كل شيء حسيبا ) أي : على كل شيء من رد السلام بمثله أو بأحسن منه ، حسيبا أي : محاسبا مجازيا ، وقال مجاهد : حفيظا ، وقال أبو عبيدة : كافيا ، يقال : حسبي هذا أي كفاني .
- ابن كثير : وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا
وقوله : ( وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ) أي : إذا سلم عليكم المسلم ، فردوا عليه أفضل مما سلم ، أو ردوا عليه بمثل ما سلم [ به ] فالزيادة مندوبة ، والمماثلة مفروضة .
قال ابن جرير : حدثني موسى بن سهل الرملي ، حدثنا عبد الله بن السري الأنطاكي ، حدثنا هشام بن لاحق ، عن عاصم الأحول ، عن أبي عثمان النهدي ، عن سلمان الفارسي قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : السلام عليك يا رسول الله . فقال : " وعليك السلام ورحمة الله " . ثم أتى آخر فقال : السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وعليك السلام ورحمة الله وبركاته " . ثم جاء آخر فقال : السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته فقال له : " وعليك " فقال له الرجل : يا نبي الله ، بأبي أنت وأمي ، أتاك فلان وفلان فسلما عليك فرددت عليهما أكثر مما رددت علي . فقال : " إنك لم تدع لنا شيئا ، قال الله تعالى : ( وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ) فرددناها عليك " .
وهكذا رواه ابن أبي حاتم معلقا فقال : ذكر عن أحمد بن الحسن الترمذي ، حدثنا عبد الله بن السري - أبو محمد الأنطاكي - قال أبو الحسن : وكان رجلا صالحا - حدثنا هشام بن لاحق ، فذكر بإسناده مثله .
ورواه أبو بكر بن مردويه : حدثنا عبد الباقي بن قانع ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثنا أبي ، حدثنا هشام بن لاحق أبو عثمان ، فذكره بمثله ، ولم أره في المسند والله أعلم .
وفي هذا الحديث دلالة على أنه لا زيادة في السلام على هذه الصفة : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، إذ لو شرع أكثر من ذلك ، لزاده رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن كثير - أخو سليمان بن كثير - حدثنا جعفر بن سليمان ، عن عوف ، عن أبي رجاء العطاردي ، عن عمران بن حصين ; أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : السلام عليكم فرد عليه ثم جلس ، فقال : " عشر " . ثم جاء آخر فقال : " السلام عليكم ورحمة الله . فرد عليه ، ثم جلس ، فقال : " عشرون " . ثم جاء آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . فرد عليه ، ثم جلس ، فقال : " ثلاثون " .
وكذا رواه أبو داود عن محمد بن كثير ، وأخرجه الترمذي والنسائي والبزار من حديثه ، ثم قال الترمذي : حسن غريب من هذا الوجه ، وفي الباب عن أبي سعيد وعلي وسهل بن حنيف [ رضي الله عنهم ] .
وقال البزار : قد روي هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه ، هذا أحسنها إسنادا وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن حرب الموصلي ، حدثنا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي عن الحسن بن صالح ، عن سماك ، عن عكرمة عن ابن عباس قال : من يسلم عليك من خلق الله ، فاردد عليه وإن كان مجوسيا ; ذلك بأن الله يقول : ( فحيوا بأحسن منها أو ردوها )
وقال قتادة : ( فحيوا بأحسن منها ) يعني : للمسلمين ( أو ردوها ) يعني : لأهل الذمة .
وهذا التنزيل فيه نظر ، بل كما تقدم في الحديث من أن المراد أن يرد بأحسن مما حياه به ، فإن بلغ المسلم غاية ما شرع في السلام ; رد عليه مثل ما قال ، فأما أهل الذمة فلا يبدءون بالسلام ولا يزادون ، بل يرد عليهم بما ثبت في الصحيحين ، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "
إذا سلم عليكم اليهود فإنما يقول أحدهم : السام عليك فقل : وعليك " .وفي صحيح مسلم ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "
لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام ، وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه " .وقال سفيان الثوري ، عن رجل ، عن الحسن البصري قال : السلام تطوع ، والرد فريضة .
وهذا الذي قاله هو قول العلماء قاطبة : أن الرد واجب على من سلم عليه ، فيأثم إن لم يفعل ; لأنه خالف أمر الله في قوله : ( فحيوا بأحسن منها أو ردوها ) وقد جاء في الحديث الذي رواه
أبو داود بسنده إلى أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "
والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أدلكم على أمر إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم". - القرطبى : وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا
قوله تعالى : وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إن الله كان على كل شيء حسيبا
فيه اثنتا عشرة مسألة :
الأولى : قوله تعالى : وإذا حييتم بتحية التحية تفعلة من حييت ؛ الأصل تحيية مثل ترضية وتسمية ، فأدغموا الياء في الياء . والتحية السلام . وأصل التحية الدعاء بالحياة . والتحيات لله ، أي السلام من الآفات . وقيل : الملك . قال عبد الله بن صالح العجلي : سألت الكسائي عن قوله " التحيات لله " ما معناه ؟ فقال : التحيات مثل البركات ؛ فقلت : ما معنى البركات ؟ فقال : ما سمعت فيها شيئا . وسألت عنها محمد بن الحسن فقال : هو شيء تعبد الله به عباده . فقدمت الكوفة فلقيت عبد الله بن إدريس فقلت : إني سألت الكسائي ومحمدا عن قول " التحيات لله " فأجاباني بكذا وكذا ؛ فقال عبد الله بن إدريس : إنهما لا علم لهما بالشعر وبهذه الأشياء ؟ ! التحية الملك ؛ وأنشد الشاعر عمرو بن معدي كرب :
أؤم بها أبا قابوس حتى أنيخ على تحيته بجندي
وأنشد ابن خويز منداد :
أسير به إلى النعمان حتى أنيخ على تحيته بجندي
يريد على ملكه . وقال آخر :
ولكل ما نال الفتى قد نلته إلا التحيه
وقال القتبي : إنما قال " التحيات لله " على الجمع ؛ لأنه كان في الأرض ملوك يحيون بتحيات مختلفات ؛ فيقال لبعضهم : أبيت اللعن ، ولبعضهم : اسلم وانعم ، ولبعضهم : عش ألف سنة . فقيل لنا : قولوا التحيات لله ؛ أي الألفاظ التي تدل على الملك ، ويكنى بها عنه لله تعالى . ووجه النظم بما قبل أنه قال : إذا خرجتم للجهاد كما سبق به الأمر فحييتم في سفركم بتحية الإسلام ، فلا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا ، بل ردوا جواب السلام ؛ فإن أحكام الإسلام تجري عليهم .
الثانية : واختلف العلماء في معنى الآية وتأويلها ؛ فروى ابن وهب وابن القاسم عن مالك أن هذه الآية في تشميت العاطس والرد على المشمت . وهذا ضعيف ؛ إذ ليس في الكلام دلالة على ذلك ، أما الرد على المشمت فمما يدخل بالقياس في معنى رد التحية ، وهذا هو منحى مالك إن صح ذلك عنه . والله أعلم . وقال ابن خويز منداد : وقد يجوز أن تحمل هذه الآية على الهبة إذا كانت للثواب ؛ فمن وهب له هبة على الثواب فهو بالخيار إن شاء ردها وإن شاء قبلها وأثاب عليها قيمتها .
قلت : ونحو هذا قال أصحاب أبي حنيفة ، قالوا : التحية هنا الهدية ؛ لقوله تعالى : أو ردوها ولا يمكن رد السلام بعينه . وظاهر الكلام يقتضي أداء التحية بعينها وهي الهدية ، فأمر بالتعويض إن قبل أو الرد بعينه ، وهذا لا يمكن في السلام . وسيأتي بيان حكم الهبة للثواب والهدية في سورة " الروم " عند قوله : وما آتيتم من ربا إن شاء الله تعالى . والصحيح أن التحية هاهنا السلام ؛ لقوله تعالى : وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله . وقال النابغة الذبياني :
تحييهم بيض الولائد بينهم وأكسية الإضريج فوق المشاجب
أراد : ويسلم عليهم . وعلى هذا جماعة المفسرين . وإذا ثبت هذا وتقرر ففقه الآية أن يقال : أجمع العلماء على أن الابتداء بالسلام سنة مرغب فيها ، ورده فريضة ؛ لقوله تعالى : فحيوا بأحسن منها أو ردوها . واختلفوا إذا رد واحد من جماعة هل يجزئ أو لا ؛ فذهب مالك والشافعي إلى الإجزاء ، وأن المسلم قد رد عليه مثل قوله . وذهب الكوفيون إلى أن رد السلام من الفروض المتعينة ؛ قالوا : والسلام خلاف الرد ؛ لأن الابتداء به تطوع ورده فريضة . ولو رد غير المسلم عليهم لم يسقط ذلك عنهم فرض الرد ، فدل على أن رد السلام يلزم كل إنسان بعينه ؛ حتى قال قتادة والحسن : إن المصلي يرد السلام كلاما إذا سلم عليه ولا يقطع ذلك عليه صلاته ؛ لأنه فعل ما أمر به . والناس على خلافه . احتج الأولون بما رواه أبو داود عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يجزئ من الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدهم ، ويجزئ عن الجلوس أن يرد أحدهم . وهذا نص في موضع الخلاف . قال أبو عمر : وهو حديث حسن لا معارض له ، وفي إسناده سعيد بن خالد ، وهو سعيد بن خالد الخزاعي مدني ليس به بأس عند بعضهم ؛ وقد ضعفه بعضهم منهم أبو زرعة وأبو حاتم ويعقوب بن شيبة وجعلوا حديثه هذا منكرا ؛ لأنه انفرد فيه بهذا الإسناد ؛ على أن عبد الله بن الفضل لم يسمع من عبيد الله بن أبي رافع ؛ بينهما الأعرج في غير ما حديث . والله أعلم . واحتجوا أيضا بقوله عليه السلام : يسلم القليل على الكثير . ولما أجمعوا على أن الواحد يسلم على الجماعة ولا يحتاج إلى تكريره على عداد الجماعة ، كذلك يرد الواحد عن الجماعة وينوب عن الباقين كفروض الكفاية . وروى مالك عن زيد بن أسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يسلم الراكب على الماشي وإذا سلم واحد من القوم أجزأ عنهم . قال علماؤنا : وهذا يدل على أن الواحد يكفي في الرد ؛ لأنه لا يقال أجزأ عنهم إلا فيما قد وجب . والله أعلم .
قلت : هكذا تأول علماؤنا هذا الحديث وجعلوه حجة في جواز رد الواحد ؛ وفيه قلق .
الثالثة : قوله تعالى : فحيوا بأحسن منها أو ردوها رد الأحسن أن يزيد فيقول : عليك السلام ورحمة الله ؛ لمن قال : سلام عليك . فإن قال : سلام عليك ورحمة الله ؛ زدت في ردك : " وبركاته " . وهذا هو النهاية فلا مزيد . قال الله تعالى مخبرا عن البيت الكريم رحمة الله وبركاته على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى . فإن انتهى بالسلام غايته ، زدت في ردك الواو في أول كلامك فقلت : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته . والرد بالمثل أن تقول لمن قال السلام عليك : عليك السلام ، إلا أنه ينبغي أن يكون السلام كله بلفظ الجماعة ، وإن كان المسلم عليه واحدا . روى الأعمش عن إبراهيم النخعي قال : إذا سلمت على الواحد فقل : السلام عليكم ، فإن معه الملائكة . وكذلك الجواب يكون بلفظ الجمع ؛ قال ابن أبي زيد : يقول المسلم : السلام عليكم ، ويقول الراد : وعليكم السلام ، أو يقول : السلام عليكم كما قيل له ؛ وهو معنى قوله أو ردوها ولا تقل في ردك : سلام عليك .
الرابعة : والاختيار في التسليم والأدب فيه تقديم اسم الله تعالى على اسم المخلوق ؛ قال الله تعالى : سلام على إل ياسين . وقال في قصة إبراهيم عليه السلام : رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت . وقال مخبرا عن إبراهيم : سلام عليك . وفي صحيحي البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خلق الله عز وجل آدم على صورته طوله ستون ذراعا فلما خلقه قال اذهب فسلم على أولئك النفر وهم نفر من الملائكة جلوس فاستمع ما يحيونك فإنها تحيتك وتحية ذريتك - قال - فذهب فقال السلام عليكم فقالوا السلام عليك ورحمة الله - قال - فزادوه ورحمة الله - قال - فكل من يدخل الجنة على صورة آدم وطوله ستون ذراعا فلم يزل الخلق ينقص بعده حتى الآن .
قلت : فقد جمع هذا الحديث مع صحته فوائد سبعا : الأولى : الإخبار عن صفة خلق آدم . الثانية : أنا ندخل الجنة عليها بفضله . الثالثة : تسليم القليل على الكثير . الرابعة : تقديم اسم الله تعالى . الخامسة : الرد بالمثل لقولهم : السلام عليكم . السادسة : الزيادة في الرد . السابعة : إجابة الجميع بالرد كما يقول الكوفيون . والله أعلم .
الخامسة : فإن رد فقدم اسم المسلم عليه لم يأت محرما ولا مكروها ؛ لثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال للرجل الذي لم يحسن الصلاة وقد سلم عليه : وعليك السلام ارجع فصل فإنك لم تصل . وقالت عائشة : وعليه السلام ورحمة الله ؛ حين أخبرها النبي صلى الله عليه وسلم أن جبريل يقرأ عليها السلام . أخرجه البخاري . وفي حديث عائشة من الفقه أن الرجل إذا أرسل إلى رجل بسلامه فعليه أن يرد . كما يرد عليه إذا شافهه . وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن أبي يقرئك السلام ؛ فقال : عليك وعلى أبيك السلام . وقد روى النسائي وأبو داود من حديث جابر بن سليم قال : لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : عليك السلام يا رسول الله ؛ فقال : لا تقل عليك السلام فإن عليك السلام تحية الميت ولكن قل السلام عليك . وهذا الحديث لا يثبت ؛ إلا أنه لما جرت عادة العرب بتقديم اسم المدعو عليه في الشر كقولهم : عليه لعنة الله وغضب الله . قال الله تعالى : وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين . وكان ذلك أيضا دأب الشعراء وعادتهم في تحية الموتى ؛ كقولهم :
عليك سلام الله قيس بن عاصم ورحمته ما شاء أن يترحما
وقال آخر وهو الشماخ :
عليك سلام من أمير وباركت يد الله في ذاك الأديم الممزق
نهاه عن ذلك ، لا أن ذاك هو اللفظ المشروع في حق الموتى ؛ لأنه عليه السلام ثبت عنه أنه سلم على الموتى كما سلم على الأحياء فقال : السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون . فقالت عائشة : قلت يا رسول الله ، كيف أقول إذا دخلت المقابر ؟ قال : قولي السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين الحديث ؛ وسيأتي في سورة " ألهاكم " إن شاء الله تعالى .
قلت : وقد يحتمل أن يكون حديث عائشة وغيره في السلام على أهل القبور جميعهم إذا دخلها وأشرف عليها ، وحديث جابر بن سليم خاص بالسلام على المرور المقصود بالزيارة . والله أعلم .
السادسة : من السنة تسليم الراكب على الماشي ، والقائم على القاعد ، والقليل على الكثير ؛ هكذا جاء في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة . قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يسلم الراكب فذكره فبدأ بالراكب لعلو مرتبته ؛ ولأن ذلك أبعد له من الزهو ، وكذلك قيل في الماشي مثله . وقيل : لما كان القاعد على حال وقار وثبوت وسكون فله مزية بذلك على الماشي ؛ لأن حاله على العكس من ذلك . وأما تسليم القليل على الكثير فمراعاة لشرفية جمع المسلمين وأكثريتهم . وقد زاد البخاري في هذا الحديث ( ويسلم الصغير على الكبير ) . وأما تسليم الكبير على الصغير فروى أشعث عن الحسن أنه كان لا يرى التسليم على الصبيان ؛ قال : لأن الرد فرض والصبي لا يلزمه الرد فلا ينبغي أن يسلم عليهم . وروي عن ابن سيرين أنه كان يسلم على الصبيان ولكن لا يسمعهم . وقال أكثر العلماء : التسليم عليهم أفضل من تركه . وقد جاء في الصحيحين عن سيار قال : كنت أمشي مع ثابت فمر بصبيان فسلم عليهم ، وذكر أنه كان يمشي مع أنس فمر بصبيان فسلم عليهم ، وحدث أنه كان يمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمر بصبيان فسلم عليهم . لفظ مسلم . وهذا من خلقه العظيم صلى الله عليه وسلم ، وفيه تدريب للصغير وحض على تعليم السنن ورياضة لهم على آداب الشريعة فيه ؛ فلتقتد .
السابعة : وأما التسليم على النساء فجائز إلا على الشابات منهن خوف الفتنة من مكالمتهن بنزعة شيطان أو خائنة عين . وأما المتجالات والعجز فحسن للأمن فيما ذكرناه ؛ هذا قول عطاء وقتادة ، وإليه ذهب مالك وطائفة من العلماء . ومنعه الكوفيون إذا لم يكن منهن ذوات محرم وقالوا : لما سقط عن النساء الأذان والإقامة والجهر بالقراءة في الصلاة سقط عنهن رد السلام فلا يسلم عليهن . والصحيح الأول لما خرجه البخاري عن سهل بن سعد قال : كنا نفرح بيوم الجمعة . قلت ولم ؟ قال : كانت لنا عجوز ترسل إلي بضاعة - قال ابن مسلمة : نخل بالمدينة - فتأخذ من أصول السلق فتطرحه في القدر وتكركر حبات من شعير ، فإذا صلينا الجمعة انصرفنا فنسلم عليها فتقدمه إلينا فنفرح من أجله : وما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة . تكركر أي تطحن ؛ قاله القتبي .
الثامنة : والسنة في السلام والجواب الجهر ؛ ولا تكفي الإشارة بالإصبع والكف عند الشافعي ، وعندنا تكفي إذا كان على بعد ؛ روى ابن وهب عن ابن مسعود قال : السلام اسم من أسماء الله عز وجل وضعه الله في الأرض فأفشوه بينكم ؛ فإن الرجل إذا سلم على القوم فردوا عليه كان له عليهم فضل درجة لأنه ذكرهم ، فإن لم يردوا عليه رد عليه من هو خير منهم وأطيب . وروى الأعمش عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن الحارث قال : إذا سلم الرجل على القوم كان له فضل درجة ، فإن لم يردوا عليه ردت عليه الملائكة ولعنتهم . فإذا رد المسلم عليه أسمع جوابه ؛ لأنه إذا لم يسمع المسلم لم يكن جوابا له ؛ ألا ترى أن المسلم إذا سلم بسلام لم يسمعه المسلم عليه لم يكن ذلك منه سلاما ، فكذلك إذا أجاب بجواب لم يسمع منه فليس بجواب . وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا سلمتم فأسمعوا وإذا رددتم فأسمعوا وإذا قعدتم فاقعدوا بالأمانة ولا يرفعن بعضكم حديث بعض . قال ابن وهب : وأخبرني أسامة بن زيد عن نافع قال : كنت أساير رجلا من فقهاء الشام يقال له عبد الله بن زكريا فحبستني دابتي تبول ، ثم أدركته ولم أسلم عليه ؛ فقال : ألا تسلم ؟ فقلت : إنما كنت معك آنفا ؛ فقال : وإن صح ؛ لقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتسايرون فيفرق بينهم الشجر فإذا التقوا سلم بعضهم على بعض .
التاسعة : وأما الكافر فحكم الرد عليه أن يقال له : وعليكم . قال ابن عباس وغيره : المراد بالآية : وإذا حييتم بتحية فإذا كانت من مؤمن فحيوا بأحسن منها وإن كانت من كافر فردوا على ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقال لهم : ( وعليكم ) . وقال عطاء : الآية في المؤمنين خاصة ، ومن سلم من غيرهم قيل له : عليك ؛ كما جاء في الحديث .
قلت : فقد جاء إثبات الواو وإسقاطها في صحيح مسلم ( عليك ) بغير واو وهي الرواية الواضحة المعنى ، وأما مع إثبات الواو ففيها إشكال ؛ لأن الواو العاطفة تقتضي التشريك فيلزم منه أن يدخل معهم فيما دعوا به علينا من الموت أو من سآمة ديننا ؛ فاختلف المتأولون لذلك على أقوال : أولاها أن يقال : إن الواو على بابها من العطف ، غير أنا نجاب عليهم ولا يجابون علينا ، كما قال صلى الله عليه وسلم . وقيل : هي زائدة . وقيل : للاستئناف . والأولى أولى . ورواية حذف الواو أحسن معنى وإثباتها أصح رواية وأشهر ، وعليها من العلماء الأكثر .
العاشرة : واختلف في رد السلام على أهل الذمة هل هو واجب كالرد على المسلمين ؛ وإليه ذهب ابن عباس والشعبي وقتادة تمسكا بعموم الآية وبالأمر بالرد عليهم في صحيح السنة . وذهب مالك فيما روى عنه أشهب وابن وهب إلى أن ذلك ليس بواجب ؛ فإن رددت فقل : عليك . واختار ابن طاوس أن يقول في الرد عليهم : علاك السلام . أي ارتفع عنك . واختار بعض علمائنا السلام ( بكسر السين ) يعني به الحجارة . وقول مالك وغيره في ذلك كاف شاف كما جاء في الحديث ، وسيأتي في سورة " مريم " القول في ابتدائهم بالسلام عند قوله تعالى إخبارا عن إبراهيم في قوله لأبيه سلام عليك . وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم . وهذا يقتضي إفشاءه بين المسلمين دون المشركين . والله أعلم .
الحادية عشرة : ولا يسلم على المصلي فإن سلم عليه فهو بالخيار إن شاء رد بالإشارة بإصبعه وإن شاء أمسك حتى يفرغ من الصلاة ثم يرد . ولا ينبغي أن يسلم على من يقضي حاجته فإن فعل لم يلزمه أن يرد عليه . دخل رجل على النبي صلى الله عليه وسلم في مثل هذه الحال فقال له : إذا وجدتني أو رأيتني على هذه الحال فلا تسلم علي فإنك إن سلمت علي لم أرد عليك . ولا يسلم على من يقرأ القرآن فيقطع عليه قراءته ، وهو بالخيار إن شاء رد وإن شاء أمسك حتى يفرغ ثم يرد ، ولا يسلم على من دخل الحمام وهو كاشف العورة ، أو كان مشغولا بما له دخل بالحمام ، ومن كان بخلاف ذلك سلم عليه .
الثانية عشرة : قوله تعالى : إن الله كان على كل شيء حسيبا معناه حفيظا . وقيل : كافيا ؛ من قولهم : أحسبني كذا أي كفاني ، ومثله حسبك الله . وقال قتادة : محاسبا كما يقال : أكيل بمعنى مواكل . وقيل : هو فعيل من الحساب ، وحسنت هذه الصفة هنا ؛ لأن معنى الآية في أن يزيد الإنسان أو ينقص أو يوفي قدر ما يجيء به . روى النسائي عن عمران بن حصين قال : كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاء رجل فسلم ، فقال : السلام عليكم فرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : عشر ، ثم جلس ، ثم جاء آخر فسلم فقال : السلام عليكم ورحمة الله ؛ فرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : عشرون ، ثم جلس وجاء آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ؛ فرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : ثلاثون . وقد جاء هذا الخبر مفسرا وهو أن من قال لأخيه المسلم : سلام عليكم كتب له عشر حسنات ، فإن قال : السلام عليكم ورحمة الله كتب له عشرون حسنة . فإن قال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كتب له ثلاثون حسنة ، وكذلك لمن رد من الأجر . والله أعلم .
- الطبرى : وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا
القول في تأويل قوله : وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: " وإذا حييتم بتحية "، إذا دعي لكم بطول الحياة والبقاء والسلامة. (63) =" فحيوا بأحسن منها أو ردُّوها "، يقول: فادعوا لمن دعا لكم بذلك بأحسن مما دعا لكم=" أو ردوها " يقول: أو ردّوا التحية.
* * *
ثم اختلف أهل التأويل في صفة "
التحية " التي هي أحسن مما حُيِّيَ به المُحَّيي، والتي هي مثلها.فقال بعضهم: التي هي أحسن منها: أن يقول المسلَّم عليه إذا قيل: "
السلام عليكم "، : " وعليكم السلام ورحمة الله "، ويزيد على دعاء الداعي له. والرد أن يقول: " السلام عليكم " مثلها. كما قيل له، (64) أو يقول: " وعليكم السلام "، فيدعو للداعي له مثل الذي دعا له. (65)*ذكر من قال ذلك:
10033 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "
وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها "، يقول: إذا سلم عليك أحد فقل أنت: " وعليك السلام ورحمة الله "، أو تقطع إلى " السلام عليك "، كما قال لك.10034 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء قوله: "
وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها "، قال: في أهل الإسلام.10035 - حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك، عن ابن جريج فيما قرئ عليه، عن عطاء قال: في أهل الإسلام.
10036 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن شريح أنه كان يرد: "
السلام عليكم "، كما يسلم عليه.10037 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن ابن عون وإسماعيل بن أبي خالد، عن إبراهيم أنه كان يرد: "
السلام عليكم ورحمة الله ".10038 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن عطية، عن ابن عمر: أنه كان يرد: "
وعليكم ".* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: فحيوا بأحسن منها أهلَ الإسلام، أو ردوها على أهل الكفر.
*ذكر من قال ذلك:
10039 - حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد قال، حدثنا حميد بن عبد الرحمن، عن الحسن بن صالح، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: من سلَّم عليك من خلق الله، فاردُدْ عليه وإن كان مجوسيًّا، فإن الله يقول: "
وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ".10040 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا سالم بن نوح قال، حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة في قوله: "
وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها "، للمسلمين=" أو ردوها "، على أهل الكتاب.10041 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة في قوله: "
وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها "، للمسلمين=" أو ردوها "، على أهل الكتاب.10042 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: "
وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها "، يقول: حيوا أحسن منها، أي: على المسلمين=" أو ردوها "، أي: على أهل الكتاب.10043 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، ابن زيد في قوله: "
وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها "، قال: قال أبي: حق على كل مسلم حيِّي بتحية أن يحيِّي بأحسن منها، وإذا حياه غير أهل الإسلام، أن يرد عليه مثل ما قال.* * *
قال أبو جعفر: وأولى التأويلين بتأويل الآية، قولُ من قال: ذلك في أهل الإسلام، ووجّه معناه إلى أنه يرد السلام على المسلم إذا حياه تحية أحسن من تحيته أو مثلها. وذلك أن الصِّحاح من الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه واجب على كل مسلم ردُّ تحية كل كافر بأخَسَّ من تحيته. وقد أمر الله بردِّ الأحسن والمثل في هذه الآية، من غير تمييز منه بين المستوجب ردَّ الأحسن من تحيته عليه، والمردودِ عليه مثلها، بدلالة يعلم بها صحة قولُ من قال: "
عنى برد الأحسن: المسلم، وبرد المثل: أهل الكفر ".والصواب= إذْ لم يكن في الآية دلالة على صحة ذلك، ولا صحة أثر لازم عن الرسول صلى الله عليه وسلم (66) = أن يكون الخيار في ذلك إلى المسلَّم عليه: بين رد الأحسن، أو المثل، إلا في الموضع الذي خصَّ شيئًا من ذلك سنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيكون مسلَّمًا لها. وقد خَصّت السنة أهل الكفر بالنهي عن رد الأحسن من تحيتهم عليهم أو مثلها، إلا بأن يقال: "
وعليكم "، فلا ينبغي لأحد أن يتعدَّى ما حدَّ في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأما أهل الإسلام، فإن لمن سلَّم عليه منهم في الردّ من الخيار، ما جعل الله له من ذلك.وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تأويل ذلك بنحو الذي قلنا، خَبَرٌ. وذلك ما:-
10044 - حدثني موسى بن سهل الرملي قال، حدثنا عبد الله بن السري الأنطاكي قال، حدثنا هشام بن لاحق، عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان الفارسي قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليك يا رسول الله. فقال: وعليك ورحمة الله. ثم جاء آخر فقال: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله. فقال له رسول الله: وعليك ورحمة الله وبركاته. ثم جاء آخر فقال: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته. فقال له: وعليك. فقال له الرجل: يا نبي الله، بأبي أنت وأمي، أتاك فلان وفلان فسلَّما عليك، فرددتَ عليهما أكثر مما رددت عليّ! فقال: إنك لم تدع لنا شيئًا، قال الله: "
وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها "، فرددناها عليك. (67)* * *
فإن قال قائل: أفواجب رد التحية على ما أمر الله به في كتابه؟
قيل: نعم، وبه كان يقول جماعة من المتقدمين.
*ذكر من قال ذلك:
10045 - حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك، عن ابن جريج قال، أخبرني أبو الزبير: أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: ما رأيته إلا يوجبه، قوله: "
وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ". (68)10046 - حدثني المثنى قال، حدثنا سويد بن نصر قال، أخبرنا ابن المبارك، عن سفيان، عن رجل، عن الحسن قال: السلام: تطوُّع، والرد فريضة.
* * *
القول في تأويل قوله : إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا (86)
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: إن الله كان على كل شيء مما تعملون، أيها الناس، من الأعمال، من طاعة ومعصية، حفيظًا عليكم، حتى يجازيكم بها جزاءه، كما:-
10047 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: "
حسيبًا "، قال: حفيظًا.10048 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
* * *
وأصل "
الحسيب " في هذا الموضع عندي،" فعيل " من " الحساب " الذي هو في معنى الإحصاء، (69) يقال منه: " حاسبت فلانًا على كذا وكذا "، و " فلان حاسِبُه على كذا "، و " هو حسيبه "، وذلك إذا كان صاحبَ حِسابه.* * *
وقد زعم بعض أهل البصرة من أهل اللغة: أن معنى "
الحسيب " في هذا الموضع، الكافي. يقال منه: " أحسبني الشيء يُحسبني إحسابًا "، بمعنى كفاني، من قولهم: " حسبي كذا وكذا ". (70)وهذا غلط من القول وخطأ. وذلك أنه لا يقال في"
أحسبني الشيء "، (71) " أحسبَ على الشيء، فهو حسيب عليه "، (72) وإنما يقال: " هو حَسْبه وحسيبه "= والله يقول: " إن الله كان على كل شيء حسيبًا ".* * *
---------------
الهوامش :
(63) وذلك لأن معنى"
التحية": البقاء والسلامة من الآفات.(64) في المخطوطة ، مكان قوله: "
كما قيل له"="قال قيل له" ، ولا أدري ما هو ، وتصرف الطابع الأول لا بأس به.(65) في المطبوعة: "
فيدعو الداعي له" ، والصواب من المخطوطة ، ولكن أوقعه في الخطأ ، أن الناسخ كتب: "فيدعوا" بالألف بعد الواو.(66) في المطبوعة: "
ولا بصحته أثر لازم" ، وفي المخطوطة: "ولا بصحة أثر لازم" ، وكلتاهما غير مستقيمة ، فرجحت أن يكون ما أثبت أقرب إلى حق السياق.(67) الحديث: 10044- عبد الله بن السري المدائني الأنطاكي: ضعيف ، وكان رجلا صالحًا ، كما قالوا. وقال أبو نعيم: "
يروى المناكير ، لا شيء". وقال ابن حبان في كتاب الضعفاء: "روى عن أبي عمران العجائب التي لا يشك أنها موضوعة". مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 2 / 2 / 78. ولكنه لم ينفرد برواية هذا الحديث عن هشام بن لاحق ، كما سيأتي.هشام بن لاحق ، أبو عثمان المدائني: مختلف فيه ، قال أحمد: "
يحدث عن عاصم الأحول ، وكتبنا عنه أحاديث ، لم يكن به بأس ، ورفع عن عاصم أحاديث لم ترفع ، أسندها هو إلى سلمان". وأنكر عليه شبابة حديثًا. وهذا خلاصة ما في ترجمته عند البخاري في الكبير 4 / 2 / 200- 201 ، وابن أبي حاتم 4 / 2 / 69- 70. وفي لسان الميزان أن النسائي قواه ، وأن ابن حبان ذكره في الثقات وفي الضعفاء. وقال ابن عدي: "أحاديثه حسان ، وأرجو أنه لا بأس به". فيبدو من كل هذا أن الكلام فيه ليس مرجعه الشك في صدقه ، بل إلى وهم أو خطأ منه- فالظاهر أنه حسن الحديث.والحديث ذكره ابن كثير 2: 526- 527 ، عن هذا الموضع من الطبري. ثم نقل عن ابن أبي حاتم أنه رواه معلقًا من طريق عبد الله بن السري الأنطاكي ، بهذا الإسناد ، مثله.
ثم قال ابن كثير: "
ورواه أبو بكر بن مردويه: حدثنا عبد الباقي بن قانع ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثنا أبي ، حدثنا هشام بن لاحق أبو عثمان -فذكر مثله. ولم أره في المسند".وهو كما قال ابن كثير ، ليس في المسند.
ولكن السيوطي ذكره في الدر المنثور 2: 188 ، وأنه رواه أحمد"
في الزهد". وزاد نسبته أيضًا لابن المنذر ، والطبراني ، وأنه"بسند حسن".وقد ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 8: 33 ، وقال: "
رواه الطبراني. وفيه هشام بن لاحق ، قواه النسائي ، وترك أحمد حديثه ، وبقية رجاله رجال الصحيح".وإطلاقه أن أحمد ترك حديث هشام- ليس بجيد ، فإن النص الثابت عن أحمد عند البخاري وابن أبي حاتم ، لا يدل على ذلك.
(68) أي: يوجب رد السلام.
(69) انظر تفسير"
الحسيب" فيما سلف 7: 596 ، 597. = وتفسير"الحساب" فيما سلف 4: 207 ، 274 ، 275 / 6: 279.(70) هو أبو عبيدة في مجاز القرآن 1: 135 ، وانظر ما سلف 7: 596 ، 597.
(71) في المطبوعة والمخطوطة: "
أحسبت" ، والصواب"أحسبني" كما دل عليه السياق.(72) في المطبوعة والمخطوطة: "
أحسبت على الشيء" ، والصواب ما أثبت. - ابن عاشور : وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا
عطف على جملة { من يشفع شفاعة حسنة } [ النساء : 85 ] باعتبار ما قُصد من الجملة المعطوفة عليها ، وهو الترغيب في الشفاعة الحسنة والتحذير من الشفاعة السيّئة ، وذلك يتضمّن الترغيب في قبول الشفاعة الحسنة ورَدّ الشفاعة السيّئة . وإذ قد كان من شأن الشفيع أن يَدخل على المستشفَع إليه بالسلام استئناساً له لقبول الشفاعة ، فالمناسبة في هذا العطف هي أنّ الشفاعة تقتضي حضور الشفيع عند المشفوع إليه ، وأنّ صفة تلقّي المشفوع إليه للشفيع تؤذن بمقدار استعداده لقبول الشفاعة ، وأنّ أول بَوادر اللقاء هو السلام وردّه ، فعلّم الله المسلمين أدب القبول واللقاء في الشفاعة وغيرها وقد كان للشفاعات عندهم شأن عظيم . وفي الحديث : مرّ رجل فقال رسول الله : ماذا تقولون فيه؟ قالوا : هذا جدير إن شفع أن يشفَّع . . الحديث حتى إذا قبل المستشفَع إليه الشفاعة كان قد طيَّب خاطر الشفيع ، وإذا لم يقبل كان في حسن التحية مرضاة له على الجملة . وهذا دأب القرآن في انتهاز فرص الإرشاد والتأديب .
وبهذا البيان تنجلي عنك الحيرة التي عرضت في توجيه انتظام هذه الآية مع سابقتها ، وتستغني عن الالتجاء إلى المناسبات الضعيفة التي صاروا إليها .
وقد دلّ قوله : { فحيُّوا بأحسن منها } على الأمر بردّ السلام ، ووجوب الردّ لأنّ أصل صغية الأمر أن يكون للوجوب على مقتضى مذهب الجمهور في محمل صيغة الأمر ، ولذلك اتّفق الفقهاء على وجوب ردّ السلام ، ثم اختلفوا إذا كان المسلَّم عليهم جماعة هل يجب الردّ على كلّ واحد منهم : فقال مالك : هو واجب على الجماعة وجوبَ الكفاية فإذا رَد واحد من الجماعة أجزأ عنهم ، وورد في ذلك حديث صحيح؛ على أنّه إذا كانت الجماعة كثيرة يصير ردّ الجميع غوغاء . وقال أبو حنيفة : الردّ فرض على كلّ شخص من الجماعة بعينه . ولعلّ دليله في ذلك القياس .
ودلّ قوله : { وإذا حييتم بتحية } على أنّ ابتداء السلام شيء معروف بينهم ، ودليله قوله تعالى : { يأيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتّى تستأنسوا وتسلّموا على أهلها } وسيأتي في سورة النور ( 27 ) .
وأفاد قوله : { بأحسن منها أو ردّوها } التخيير بين الحالين ، ويُعلم من تقديم قوله : { بأحسنَ منها } أنّ ذلك أفضل .
وحيَيَّ أصله في اللغة دَعَا له بالحياة ، ولعلّه من قبيل النحت من قول القائل : حيّاك الله ، أي وهب لك طول الحياة . فيقال للملك : حياك الله . ولذلك جاء في دعاء التشهَّد ( التحيَّات لِلّه ) أي هو مستحقّها لا ملوك الناس . وقال النابغة :
يُحَيَّوْنَ بالرّيْحَاننِ يومَ السَّبَاسِبِ ... أي يحيون مع تَقَديم الريحان في يوم عيد الشعانين وكانت التحيّة خاصّة بالملوك بدعاء ( حيّاك الله ) غالباً ، فلذلك أطلقوا التحية على المُلْك في قول زهير بن جَنَّات الكلبي :
ولَكُلّ ما نال الفتى ... قد نلتُه إلاّ التحيَّة
يريد أنّه بلغَ غاية المجد سوى الملك . وهو الذي عناه المعريّ بقوله :
تحيةُ كِسْرى في الثناء وتُبَّعِ ... لِرْبعِككِ لا أرضَى تَحِيَّةَ أرْبُعِ
وهذه الآية من آداب الإسلام : علّم الله بها أن يَردّوا على المسلّم بأحسنَ من سلامه أو بما يماثله ، ليبطل ما كان بين الجاهلية من تفاوت السادة والدهماء . وتكون التحيّة أحسن بزيادة المعنى ، فلذلك قالوا في قوله تعالى : { فقالوا سلاماً قال سلام } [ الذاريات : 25 ] : أنّ تحية إبراهيم كانت أحسن إذ عُبِّر عنها بما هو أقوى في كلام العرب وهو رفع المصدر للدلالة على الثبات وتناسِي الحدوث المؤذن به نصب المصدر ، وليس في لغة إبراهيم مثل ذلك ولكنّه من بديع الترجمة ، ولذلك جاء في تحيّة الإسلام : السلام عليكم ، وفي ردّها وعليكم السلام لأنّ تقديم الظرف فيه للاهتمام بضمير المخاطب . وقال بعض الناس : إنّ الواو في ردّ السلام تفيد معنى الزيادة فلو كان المُسلِّم بلغ غاية التحية أن يقول : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، فإذا قال الرادّ : «وعليكم السلام» الخ ، كان قد ردّها بأحسن منها بزيادة الواو ، وهذا وهم .
ومعنى ( ردّوها ) ردّوا مثلها ، وهذا كقولهم : عندي درهم ونصفه ، لظهور تعذّر ردّ ذات التحيّة ، وقوله تعالى : { إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها } [ النساء : 176 ] فعاد ضمير «وهو» وهاء «يرثها» إلى اللفظين لا إلى الذاتين ، ودلّ الأمر على وجوب ردّ السلام ، ولا دلالة في الآية على حكم الابتداء بالسلام ، فذلك ثابت بالسنّة للترغيب فيه . وقد ذكروا أنّ العرب كانوا لا يقدّمون اسم المسلَّم عليه المجرور بعَلى في ابتداء السلام إلاّ في الرثاء ، في مثل قول عبدة بن الطيب :
عليك السلام الله قيس بن عاصم ... ورحمته ما شاء أن يترحّما
وفي قول الشمّاخ :
عليك سلام من أمير وباركت ... يد الله في ذاك الأديم الممّزق
يرثي عثمان بن عفّان أو عمَر بن الخطاب . روى أبو داوود أنّ جابر بن سليم سلّم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : عليك السلام يا رسول الله ، فقال له : " إنّ عليك السلامُ تحيةُ الموتى ، قل ، السلام عليك " . والتذييل بقوله : { إنّ الله كان على كلّ شيء حسيباً } لقصد الامتنان بهذه التعليمات النافعة .
والحسيب : العليم وهو صفة مشبَّهة : من حَسِب بكسر السين الذي هو من أفعَال القلب ، فحُوّل إلى فعُل بضمّ عينه لمَّا أريد به أنّ العلم وصف ذاتي له ، وبذلك نقصت تعديته فاقتصر على مفعول واحد ، ثمّ ضمّن معنى المحصي فعدي إليه بعلى . ويجوز كونه من أمثلة المبالغة . قيل : الحسيب هنا بمعنى المحاسب ، كالأكيل والشريب . فعلى كلامهم يكون التذييل وعداً بالجزاء على قدرِ فضل ردّ السلام ، أو بالجزاء السَّيّء على ترك الردّ من أصله ، وقد أكدّ وصف الله بحسيب بمؤكّدين : حرف ( إنّ ) وفعل ( كَانَ ) الدالّ على أنّ ذلك وصف مقرّر أزلي .
- إعراب القرآن : وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا
«وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ» فعل ماض مبني للمجهول تعلق به الجار والمجرور والتاء نائب فاعله إذا ظرف متعلق بحيوا «فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها» فعل أمر والواو فاعل بأحسن اسم مجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة للوصف ووزن أفعل وهما متعلقان بالفعل قبلهما «مِنْها» متعلقان بأحسن «أَوْ رُدُّوها» فعل أمر وفاعل ومفعول به والجملة معطوفة «إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً» إن ولفظ الجلالة اسمها وكان وخبرها الذي تعلق به الجار والمجرور قبله واسمها محذوف والجملة خبر إن.
- English - Sahih International : And when you are greeted with a greeting greet [in return] with one better than it or [at least] return it [in a like manner] Indeed Allah is ever over all things an Accountant
- English - Tafheem -Maududi : وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا(4:86) When you are greeted with a salutation then return it with a better one, or at least the same. *114 Surely Allah takes good count of everything.
- Français - Hamidullah : Si on vous fait une salutation saluez d'une façon meilleure; ou bien rendez-la simplement Certes Allah tient compte de tout
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Und wenn euch ein Gruß entboten wird dann grüßt mit einem schöneren zurück oder erwidert ihn Gewiß Allah ist über alles ein Abrechner
- Spanish - Cortes : Si os saludan saludad con un saludo aún mejor o devolvedlo igual Alá tiene todo en cuenta
- Português - El Hayek : Quando fordes saudados cortesmente respondei com cortesia maior ou pelo menos igual porque Deus leva em contatodas as circunstâncias
- Россию - Кулиев : Когда вас приветствуют отвечайте еще лучшим приветствием или тем же самым Воистину Аллах подсчитывает всякую вещь
- Кулиев -ас-Саади : وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا
Когда вас приветствуют, отвечайте еще лучшим приветствием или тем же самым. Воистину, Аллах подсчитывает всякую вещь.Под приветствием подразумеваются слова, которые люди произносят при встрече, чтобы выразить друг другу свое почтение или помолиться друг за друга, а также улыбка и радушие, которыми сопровождаются эти слова. Самой лучшей формой приветствия является приветствие миром, принятое в мусульманском шариате. Им надлежит встречать людей и отвечать на подобные приветствия. Всевышний приказал правоверным отвечать на любое приветствие, которым их приветствуют, еще более прекрасными словами и еще более теплой улыбкой или же ограничиться таким же приветствием. Из этого следует, что мусульманам запрещено вообще не отвечать на приветствие или же отвечать приветствием, которое уступает первому. Этот прекрасный аят призывает мусульман первыми приветствовать людей при встрече. В пользу такого вывода свидетельствуют два обстоятельства. Во-первых, Аллах приказал отвечать на приветствие лучшим или таким же приветствием, из чего следует, что приветствие является требованием шариата. Во-вторых, в этом откровении упомянуто имя прилагательное в сравнительной степени ахсан ‘лучше’, из чего следует, что приветствие и ответ на него должны быть прекрасными. Именно этим принципом следует руководствоваться при толковании подобных откровений. Исключением из общего смысла этого аята является несколько случаев, когда мусульманину не приказано отвечать на приветствие, например, когда он читает Коран, слушает проповедь или совершает намаз. В этих и других похожих случаях от него не требуется отвечать на приветствие. Еще одним исключением является ответ на приветствие того, кого Законотворец приказал избегать и не приветствовать. Это относится к грешникам, которые не желают принести покаяние и которых велено избегать, чтобы таким образом удержать их от ослушания. Мусульманам не следует приветствовать их первыми и даже отвечать на их приветствия, потому что такое поведение способствует достижению более важной цели. Предписание отвечать на приветствия распространяется на все приветствия, которыми обычно пользуются люди, если они не противоречат шариату. Люди должны отвечать на них еще лучшими или такими же словами. Затем Всевышний обещал вознаградить рабов за праведные поступки и наказать их за грехи, ведь Он подсчитывает все сущее и сохраняет для Своих рабов их хорошие и плохие, большие и малые деяния, дабы они могли получить воздаяние в соответствии с Его милостью, справедливостью и мудростью.
- Turkish - Diyanet Isleri : Size bir selam verildiği zaman ondan daha iyisiyle selam verin veya ayniyle mukabele edin Allah her şeyin hesabını gereği gibi yapandır
- Italiano - Piccardo : Se vi si saluta rispondete con miglior saluto o comunque rispondete Allah vi chiederà conto di ogni cosa
- كوردى - برهان محمد أمين : ههرکاتێک سڵاو و چاک و چۆنیهکتان لهگهڵدا کرا ئهوه بهجوانتر له سڵاوهکهی ئهو یاخود هیچ نهبێت وهکو خۆی وهڵام بدهنهوه بێگومان خوا له ههموو شتێک دهپرسێتهوه
- اردو - جالندربرى : اور جب تم کو کوئی دعا دے تو جواب میں تم اس سے بہتر کلمے سے اسے دعا دو یا انہیں لفظوں سے دعا دو بےشک خدا ہر چیز کا حساب لینے والا ہے
- Bosanski - Korkut : Kada pozdravom pozdravljeni budete ljepšim od njega otpozdravite ili ga uzvratite jer će Allah za sve obračun tražiti
- Swedish - Bernström : När någon riktar en hälsning till er besvara den då med en hövligare hälsning eller med samma ord Gud håller räkning på allt
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Apabila kamu diberi penghormatan dengan sesuatu penghormatan maka balaslah penghormatan itu dengan yang lebih baik dari padanya atau balaslah penghormatan itu dengan yang serupa Sesungguhnya Allah memperhitungankan segala sesuatu
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا
(Apabila kamu diberi salam dengan suatu salam penghormatan) misalnya bila dikatakan kepadamu, "Assalamu'alaikum!" (maka balaslah) kepada orang yang memberi salam itu (dengan salam yang lebih baik daripadanya) yaitu dengan mengatakan, "Alaikumus salaam warahmatullaahi wabarakaatuh." (atau balaslah dengan yang serupa) yakni dengan mengucapkan seperti apa yang diucapkannya. Artinya salah satu di antaranya menjadi wajib sedangkan yang pertama lebih utama. (Sesungguhnya Allah memperhitungkan segala sesuatu) artinya membuat perhitungan dan akan membalasnya di antaranya ialah terhadap membalas salam. Dalam pada itu menurut sunah, tidak wajib membalas salam kepada orang kafir, ahli bidah dan orang fasik. Begitu pula kepada orang Islam sendiri yakni orang yang sedang buang air, yang sedang berada dalam kamar mandi dan orang yang sedang makan. Hukumnya menjadi makruh kecuali pada yang terakhir. Dan kepada orang kafir jawablah, "Wa`alaikum." Artinya: juga atasmu.
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : আর তোমাদেরকে যদি কেউ দোয়া করে তাহলে তোমরাও তার জন্য দোয়া কর; তারচেয়ে উত্তম দোয়া অথবা তারই মত ফিরিয়ে বল। নিশ্চয়ই আল্লাহ সর্ব বিষয়ে হিসাবনিকাশ গ্রহণকারী।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : உங்களுக்கு ஸலாம் கூறப்படும் பொழுது அதற்குப் பிரதியாக அதைவிட அழகான வார்த்தைகளைக் கொண்டு ஸலாம் கூறுங்கள்; அல்லது அதையே திருப்பிக் கூறுங்கள் நிச்சயமாக அல்லாஹ் எல்லாப் பொருட்களின் மீதும் கணக்கெடுப்பவனாக இருக்கிறான்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : และเมื่อพวกเจ้าได้รับคำอวยพรจะด้วยคำอวยพรใด ๆ ก็ตาม ก็จงกล่าวคำอวยพรตอบที่ดีกว่านั้น หรือไม่ก็กล่าวคำอวยพรนั้นตอบกลับไป แท้จริงอัลลอฮฺทรงคำนวณนับในทุกสิ่งทุกอย่าง
- Uzbek - Мухаммад Содик : Қачонки сизга бир саломлашиш ила салом берилса сиз ундан кўра яхшироқ алик олинг ёки худди ўзидек жавоб беринг Албатта Аллоҳ ҳар бир нарсанинг ҳисобини олувчи зотдир Исломдаги саломлашиш энг гўзал ва энг маъноли саломлашишдир Исломда танигангаю танимаганга салом бериш суннатдир Саломга алик олиш эса вожибдир
- 中国语文 - Ma Jian : 有人以祝词祝贺你们的时候,你们当以更好的祝词祝贺他,或以同样的祝词回答他。真主确是监察万物的。
- Melayu - Basmeih : Dan apabila kamu diberikan penghormatan dengan sesuatu ucapan hormat seperti memberi salam maka balaslah penghormatan itu dengan yang lebih baik daripadanya atau balaslah dia dengan cara yang sama Sesungguhnya Allah sentiasa menghitung tiaptiap sesuatu
- Somali - Abduh : Haddii laydin Salaamo Salaan ku Salaama mid ka Fiican ama ku celiya mid la mid ah Eebana waa wax kasta Xisaabiye Kaafiye
- Hausa - Gumi : Kuma idan an gaishe ku da wata gaisuwa to ku yi gaisuwa da abin da yake mafi kyau daga gare ta kõ kuwa ku mayar da ita Kuma Allah Yã kasance a kan dukkan kõme Mai lissãfi
- Swahili - Al-Barwani : Na mnapo amkiwa kwa maamkio yoyote basi nanyi itikieni kwa yaliyo bora kuliko hayo au rejesheni hayo hayo Hakika Mwenyezi Mungu ni Mwenye kuhisabu kila kitu
- Shqiptar - Efendi Nahi : Kur të ju përshëndet dikush me respekt kthenia përshëndetjen në mënyrë më të bukur ose si ajo Se Perëndia është llogaritar për çdo gjë
- فارسى - آیتی : چون شما را به درودى نواختند به درودى بهتر از آن يا همانند آن پاسخ گوييد. هرآينه خدا حسابگر هر چيزى است.
- tajeki - Оятӣ : Чун шуморо ба дуруде салом доданд, ба дуруде беҳтар аз он ё монанди он ҷавоб гӯед. Албатта Худо ҳисобгари ҳар чизест!
- Uyghur - محمد صالح : سىلەرگە بىر كىشى سالام بەرسە، ئۇنىڭغا تېخىمۇ ياخشى سالام بىلەن جاۋاب قايتۇرۇڭلار (يەنى بىر كىشى ئەسسالامۇئەلەيكۇم دەپ سالام بەرسە، ئۇنىڭغا ئەسسالامۇ ئەلەيكۇم ۋە رەھمەتۇللاھى ۋەبەرەكاتۇھۇ دەڭلار)، ياكى ئۇنىڭ سالامىنى ئەينەن قايتۇرۇڭلار (يەنى ۋەئەلەيكۇم ئەسسالام دەڭلار). اﷲ ھەقىقەتەن ھەممە نەرسىدىن (يەنى بەندىلىرىنىڭ چوڭ - كىچىك ئىشلىرىدىن ھېساب ئالغۇچىدۇر
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : നിങ്ങളെ ആരെങ്കിലും അഭിവാദ്യം ചെയ്താല് നിങ്ങള് അതിലും നന്നായി പ്രത്യഭിവാദ്യം ചെയ്യുക. കുറഞ്ഞപക്ഷം അവ്വിധമെങ്കിലും തിരിച്ചുനല്കുക. അല്ലാഹു എല്ലാ കാര്യങ്ങളുടെയും കണക്ക് കൃത്യമായി നോക്കുന്നവനാണ്.
- عربى - التفسير الميسر : واذا سلم عليكم المسلم فردوا عليه بافضل مما سلم لفظا وبشاشه او ردوا عليه بمثل ما سلم ولكل ثوابه وجزاوه ان الله تعالى كان على كل شيء مجازيا
*114). At that time the relations between the Muslims and non-Muslims were strained to the limit. It was feared, therefore, that the Muslims might feel inclined to treat the latter discourteously. They are accordingly asked to pay at least as much respect and consideration to others as is paid to them - and preferably more. Good manners and courtesy are to be matched by the Muslims. In fact, the mission entrusted to the Muslims requires them to excel others in this respect. Harshness, irritability and bitterness are not becoming in a people whose main function is to preach a message and invite people to it; a people committed to guiding mankind towards righteousness. While harshness and bitterness may at best satisfy one's injured vanity, they are positively harmful to the cause that one seeks to promote.'