- عربي - نصوص الآيات عثماني : وَلَقَدْ خَلَقْنَٰكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَٰكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَٰٓئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لِءَادَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ ٱلسَّٰجِدِينَ
- عربى - نصوص الآيات : ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين
- عربى - التفسير الميسر : ولقد أنعمنا عليكم بخلق أصلكم -وهو أبوكم آدم من العدم- ثم صوَّرناه على هيئته المفضلة على كثير من الخلق، ثم أمرنا ملائكتنا عليهم السلام بالسجود له -إكرامًا واحترامًا وإظهارًا لفضل آدم- فسجدوا جميعًا، لكنَّ إبليس الذي كان معهم لم يكن من الساجدين لآدم؛ حسدًا له على هذا التكريم العظيم.
- السعدى : وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ
يقول تعالى مخاطبا لبني آدم: { وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ } بخلق أصلكم ومادتكم التي منها خرجتم: أبيكم آدم عليه السلام { ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ } في أحسن صورة، وأحسن تقويم، وعلمه الله تعالى ما به تكمل صورته الباطنة، أسماء كل شيء. ثم أمر الملائكة الكرام أن يسجدوا لآدم، إكراما واحتراما، وإظهارا لفضله، فامتثلوا أمر ربهم، { فَسَجَدُوا } كلهم أجمعون { إِلَّا إِبْلِيسَ } أبى أن يسجد له، تكبرا عليه وإعجابا بنفسه.
- الوسيط لطنطاوي : وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ
أو المعنى نحن الذين خلقناكم في ظهر آدم. ثم صورناكم حين أخذنا عليكم الميثاق، ثم أمرنا بعد ذلك ملائكتنا بالسجود لآدم فسجدوا إلا إبليس فإنه لم يكن من الساجدين.
والسجود: لغة، التذلل والخضوع مع انخفاض بانحناء وغيره، وخص في الشرع بوضع الجبهة على الأرض بقصد العبادة.
وللعلماء أقوال في كيفية السجود الذي أمر الله به الملائكة لآدم وأرجح هذه الأقوال. أن السجود المأمور به في الآية يحمل على المعنى المعروف في اللغة. أى: أن الله- تعالى- أمرهم بفعل تجاه آدم يكون مظهرا من مظاهر التواضع والخضوع له تحية وتعظيما، وإقرارا له بالفضل دون وضع الجبهة على الأرض الذي هو عبادة، إذ عبادة غير الله شرك يتنزه الملائكة عنه، وعلى هذا الرأى سار علماء أهل السنة.
وقيل إن السجود كان لله. وآدم إنما كان كالقبلة يتوجه إليه الساجدون تحية له. وإلى هذا الرأى اتجه علماء المعتزلة، وقد قالوا ذلك هربا من أن تكون الآية الكريمة حجة عليهم، إذ أن أهل السنة قالوا: إبليس من الملائكة والصالحون من البشر أفضل من الملائكة. واحتجوا بسجود الملائكة لآدم وخالفت المعتزلة في ذلك، وقالت الملائكة أفضل من البشر، وسجود الملائكة لآدم كان كالقبلة.
والذي نراه أن ما سار عليه أهل السنة أرجح لأن ما ذهب إليه المعتزلة يبعده أن المقام مقام لإظهار فضل آدم على الملائكة، وإظهار فضله عليهم لا يتحقق بمجرد كونه قبلة للسجود: وأمر الله الملائكة بالسجود لآدم، هو لون من الابتلاء والاختبار، ليميز الله الخبيث من الطيب، وينفذ ما سبق به العلم واقتضته المشيئة والحكم.
وإبليس: اسم مشتق من الإبلاس، وهو الحزن الناشئ عن شدة اليأس وفعله بلس.
والراجح أنه اسم أعجمى، ومنعه من الصرف للعلمية والعجمة وهو كائن حي، وقد أخطأ من حمله على معنى داعي الشر الذي يخطر في النفوس، إذ ليس من المعقول أن يكون ذلك مع أن القرآن أخبرنا بأنه يرى الناس ولا يرونه. قال- تعالى-: إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ.
وللعلماء في كون إبليس من الملائكة أولا قولان:
أحدهما: أنه كان منهم، لأنه- سبحانه- أمرهم بالسجود لآدم، ولولا أنه كان منهم لما توجه إليه الأمر بالسجود، ولو لم يتوجه إليه الأمر بالسجود لم يكن عاصيا ولما استحق الخزي والنكال، ولأن الأصل في المستثنى أن يكون داخلا تحت اسم المستثنى منه حتى يقوم دليل على أنه خارج عنه.
والثاني: أنه ليس منهم لقوله- تعالى-: إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ فهو أصل الجن، كما أن آدم أصل الإنس، ولأنه خلق من نار، والملائكة خلقوا من نور، ولأن له ذرية ولا ذرية للملائكة.
ففي هاتين الآيتين بيان لنعمتين عظيمتين من نعم الله على عباده:
أولاهما: نعمة التمكين في الأرض واتخاذهم إياها وطنا مزودا بضروب شتى مما يحتاجون إليه من معايشهم وما به قوام حياتهم وكمالها.
وثانيهما: نعمة خلقهم من أب واحد، تجمعهم به رحم واحدة، وبسببها كانوا خلفاء في الأرض وفي عمارة الكون، وفضلوا على كثير من الخلق، فكان الواجب عليهم أن يقابلوهما بالشكر والإيمان.
ثم حكى القرآن الكريم الأسباب التي حملت إبليس على عدم السجود لآدم فقال:
- البغوى : وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ
قوله - عز وجل - : ( ولقد خلقناكم ثم صورناكم ) قال ابن عباس : خلقناكم ، أي : أصولكم وآباءكم ثم صورناكم في أرحام أمهاتكم . وقال قتادة والضحاك والسدي : أما " خلقناكم " فآدم ، وأما " صورناكم " فذريته . وقال مجاهد في خلقناكم : آدم ، ثم صورناكم في ظهر آدم بلفظ الجمع ؛ لأنه أبو البشر ففي خلقه خلق من يخرج من صلبه . وقيل : خلقناكم في ظهر آدم ثم صورناكم يوم الميثاق حين أخرجكم كالذر . وقال عكرمة : خلقناكم في أصلاب الرجال ثم صورناكم في أرحام النساء . وقال يمان : خلق الإنسان في الرحم ثم صوره وشق سمعه وبصره وأصابعه . وقيل : الكل آدم خلقه وصوره و " ثم " بمعنى الواو .
( ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم ) فإن قيل : الأمر بسجود الملائكة كان قبل خلق بني آدم ، فما وجه قوله " ثم قلنا " وثم للترتيب وللتراخي ؟ قيل : على قول من يصرف الخلق والتصوير إلى آدم وحده يستقيم هذا الكلام ، أما على قول من يصرفه إلى الذرية : فعنه أجوبة :
أحدها " ثم " بمعنى الواو ، أي : وقلنا للملائكة ، فلا تكون للترتيب والتعقيب .
وقيل : أراد " ثم " أخبركم أنا قلنا للملائكة اسجدوا .
وقيل : فيه تقديم وتأخير تقديره ولقد خلقناكم ، يعني : آدم ثم قلنا للملائكة اسجدوا ثم صورناكم .
قوله تعالى : ( فسجدوا ) يعني الملائكة ، ( إلا إبليس لم يكن من الساجدين ) لآدم .
- ابن كثير : وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ
ينبه تعالى بني آدم في هذا المقام على شرف أبيهم آدم ، ويبين لهم عداوة عدوهم إبليس ، وما هو منطو عليه من الحسد لهم ولأبيهم آدم ، ليحذروه ولا يتبعوا طرائقه ، فقال تعالى : ( ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا ) وهذا كقوله تعالى : ( وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمإ مسنون فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين فسجد الملائكة ) الآية [ الحجر : 28 - 30 ] ، وذلك أنه تعالى لما خلق آدم ، عليه السلام ، بيده من طين لازب ، وصوره بشرا سويا ونفخ فيه من روحه ، وأمر الملائكة بالسجود له تعظيما لشأن الرب تعالى وجلاله ، فسمعوا كلهم وأطاعوا ، إلا إبليس لم يكن من الساجدين . وقد تقدم الكلام على إبليس في أول تفسير " سورة البقرة "
وهذا الذي قررناه هو اختيار ابن جرير : أن المراد بذلك كله آدم ، عليه السلام .
وقال سفيان الثوري ، عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ( ولقد خلقناكم ثم صورناكم ) قال : خلقوا في أصلاب الرجال ، وصوروا في أرحام النساء .
رواه الحاكم ، وقال : صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه .
ونقله ابن جرير عن بعض السلف أيضا : أن المراد بخلقناكم ثم صورناكم : الذرية .
وقال الربيع بن أنس ، والسدي ، وقتادة ، والضحاك في هذه الآية : ( ولقد خلقناكم ثم صورناكم ) أي : خلقنا آدم ثم صورنا الذرية .
وهذا فيه نظر; لأنه قال بعده : ( ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم ) فدل على أن المراد بذلك آدم ، وإنما قيل ذلك بالجمع لأنه أبو البشر ، كما يقول الله تعالى لبني إسرائيل الذين كانوا في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم : ( وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى ) [ البقرة : 57 ] والمراد : آباؤهم الذين كانوا في زمن موسى عليه السلام ولكن لما كان ذلك منة على الآباء الذين هم أصل صار كأنه واقع على الأبناء . وهذا بخلاف قوله تعالى : ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ) [ المؤمنون : 12 - 13 ] فإن المراد منه آدم المخلوق من السلالة وذريته مخلوقون من نطفة ، وصح هذا لأن المراد من ( خلقنا الإنسان ) الجنس ، لا معينا ، والله أعلم .
- القرطبى : وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ
قوله تعالى : ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين
قوله تعالى ولقد خلقناكم ثم صورناكم لما ذكر نعمه ذكر ابتداء خلقه . وقد تقدم معنى الخلق في غير موضع ثم صورناكم أي خلقناكم نطفا ثم صورناكم ثم إنا نخبركم أنا قلنا للملائكة اسجدوا لآدم . وعن ابن عباس والضحاك وغيرهما : المعنى خلقنا آدم ثم صورناكم في ظهره . وقال الأخفش : " ثم " بمعنى الواو . وقيل : المعنى ولقد خلقناكم يعني آدم عليه السلام ، ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم ، ثم صورناكم ; على التقديم والتأخير . وقيل : ولقد خلقناكم يعني آدم ; ذكر بلفظ الجمع لأنه أبو البشر . ثم صورناكم راجع إليه أيضا . كما يقال : نحن قتلناكم ; أي قتلنا سيدكم .
ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم وعلى هذا لا تقديم ولا تأخير ; عن ابن عباس أيضا . وقيل : المعنى ولقد خلقناكم ، يريد آدم وحواء ; فآدم من التراب وحواء من ضلع من أضلاعه ، ثم وقع التصوير بعد ذلك . فالمعنى : ولقد خلقنا أبويكم ثم صورناهما ; قاله الحسن . وقيل : المعنى خلقناكم في ظهر آدم ثم صورناكم حين أخذنا عليكم الميثاق . هذا قول مجاهد ، رواه عنه ابن جريج وابن أبي نجيح . قال النحاس : وهذا أحسن الأقوال . يذهب مجاهد إلى أنه خلقهم في ظهر آدم ، ثم صورهم حين أخذ عليهم الميثاق ، ثم كان السجود بعد . ويقوي هذا وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم والحديث أنه أخرجهم أمثال الذر فأخذ عليهم الميثاق . وقيل : " ثم " للإخبار ، أي ولقد خلقناكم يعني في ظهر آدم صلى الله عليه وسلم ، ثم صورناكم أي في الأرحام . قال النحاس : هذا صحيح عن ابن عباس . قلت : كل هذه الأقوال محتمل ، والصحيح منها ما يعضده التنزيل ; قال الله تعالى : ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين يعني آدم . وقال : وخلق منها زوجها . ثم قال : جعلناه أي جعلنا نسله وذريته نطفة في قرار مكين الآية . فآدم خلق من طين ثم صور وأكرم بالسجود ، وذريته صوروا في أرحام الأمهات بعد أن خلقوا فيها وفي أصلاب الآباء . وقد تقدم في أول سورة " الأنعام " أن كل إنسان مخلوق من نطفة وتربة ; فتأمله وقال هنا : خلقناكم ثم صورناكم وقال في آخر الحشر : هو الله الخالق البارئ المصور . فذكر التصوير بعد البرء . وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى . وقيل : معنى ولقد خلقناكم أي خلقنا الأرواح أولا ثم صورنا الأشباح آخرا .
قوله تعالى إلا إبليس لم يكن من الساجدين استثناء من غير الجنس . وقيل : من الجنس . وقد اختلف العلماء : هل كان من الملائكة أم لا . كما سبق بيانه في " البقرة " .
- الطبرى : وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ
القول في تأويل قوله : وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (11)
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.
فقال بعضهم: تأويل ذلك: (ولقد خلقناكم)، في ظهر آدم، أيها الناس =(ثم صورناكم)، في أرحام النساء. خلقًا مخلوقًا ومثالا ممثلا في صورة آدم.
* ذكر من قال ذلك:
14338- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس قوله: (ولقد خلقناكم ثم صورناكم) , قوله: (خلقناكم)، يعني آدم = وأما " صورناكم "، فذريّته.
14339- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله: (ولقد خلقناكم ثم صورناكم) الآية, قال: أمّا " خلقناكم "، فآدم. وأمّا " صورناكم "، فذرية آدم من بعده.
14340- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام, عن أبي جعفر, عن الربيع: (ولقد خلقناكم)، يعني: آدم =(ثم صورناكم)، يعني: في الأرحام.
14341- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرحمن بن سعد قال، أخبرنا أبو جعفر الرازي, عن الربيع بن أنس في قوله: (ولقد خلقناكم ثم صورناكم)، يقول: خلقناكم خلق آدم, ثم صَوَّرناكم في بطون أمهاتكم.
14342- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (ولقد خلقناكم ثم صورناكم)، يقول: خلقنا آدم، ثم صورنا الذرية في الأرحام.
14343- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد, عن قتادة: (ولقد خلقناكم ثم صورناكم)، قال: خلق الله آدم من طين =" ثم صورناكم "، في بطون أمهاتكم خلقًا من بعد خلق: علقة، ثم مضغة، ثم عظامًا, ثم كسا العظام لحمًا, ثم أنشأناه خلقًا آخر. (45)
14344- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة قال: خلق الله آدم، ثم صوّر ذريته من بعده.
14345- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمر بن هارون, عن نصر بن مُشارس, عن الضحاك: (خلقناكم ثم صورناكم)، قال: ذريته. (46)
14346- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول، أخبرنا عبيد بن سليمان, عن الضحاك, قوله: (ولقد خلقناكم)، يعني آدم =(ثم صورناكم) , يعني: ذريته.
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: "
ولقد خلقناكم "، في أصلاب آبائكم =" ثم صورناكم "، في بطون أمهاتكم.* ذكر من قال ذلك:
14347- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي, عن شريك, عن سماك, عن عكرمة: (ولقد خلقناكم ثم صورناكم)، قال: خلقناكم في أصلاب الرجال, وصوّرناكم في أرحام النساء.
14348- حدثني المثنى قال، حدثنا الحمانى قال، حدثنا شريك, عن سماك, عن عكرمة, مثله.
14349- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا مؤمل قال، حدثنا سفيان قال، سمعت الأعمش يقرأ: (ولقد خلقناكم ثم صورناكم)، قال: خلقناكم في أصلاب الرجال, ثم صورناكم في أرحام النساء.
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: (خلقناكم)، يعني آدم =(ثم صورناكم)، يعني = في ظهره.
* ذكر من قال ذلك:
14350- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول الله: (ولقد خلقناكم)، قال: آدم =(ثم صورناكم)، قال: في ظهر آدم.
14351- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (ولقد خلقناكم ثم صورناكم)، في ظهر آدم.
14352- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج ، عن مجاهد قوله: (ولقد خلقناكم ثم صورناكم)، قال: صورناكم في ظهر آدم.
14353- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو سعد المدني قال، سمعت مجاهدًا في قوله: (ولقد خلقناكم ثم صورناكم)، قال: في ظهر آدم، لما تصيرون إليه من الثواب في الآخرة.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: "
ولقد خلقناكم "، في بطون أمهاتكم =" ثم صورناكم "، فيها.* ذكر من قال ذلك:
14354- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عمن ذكره قال: (خلقناكم ثم صورناكم)، قال: خلق الله الإنسان في الرحم, ثم صوّره، فشقَّ سمعه وبصره وأصابعه.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بالصواب قول من قال: تأويله: (ولقد خلقناكم)، ولقد خلقنا آدم =(ثم صورناكم)، بتصويرنا آدم, كما قد بينا فيما مضى من خطاب العرب الرجلَ بالأفعال تضيفها إليه, والمعنيُّ في ذلك سلفه, (47) وكما قال جل ثناؤه لمن بين أظهر المؤمنين من اليهود على عهد رسول الله: وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ ، [سورة البقرة: 63]. وما أشبه ذلك من الخطاب الموجَّه إلى الحيّ الموجود، والمراد به السلف المعدوم, فكذلك ذلك في قوله: (ولقد خلقناكم ثم صورناكم)، معناه: ولقد خلقنا أباكم آدم ثم صوَّرناه.
وإنما قلنا هذا القول أولى الأقوال في ذلك بالصواب, لأن الذي يتلو ذلك قوله: (ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم)، ومعلوم أن الله تبارك وتعالى قد أمر الملائكة بالسجود لآدم، قبل أن يصوِّر ذريته في بطون أمهاتهم, بل قبل أن يخلُق أمهاتهم.
و "
ثم " في كلام العرب لا تأتي إلا بإيذان انقطاع ما بعدها عما قبلها, (48) وذلك كقول القائل: " قمت ثم قعدت ", لا يكون " القعود " إذ عطف به بـ" ثم " على قوله: " قمت " إلا بعد القيام, (49) وكذلك ذلك في جميع الكلام. ولو كان العطف في ذلك بالواو، جاز أن يكون الذي بعدها قد كان قبل الذي قبلها, وذلك كقول القائل: " قمت وقعدت ", فجائز أن يكون " القعود " في هذا الكلام قد كان قبل " القيام ", لأن الواو تدخل في الكلام إذا كانت عطفًا، لتوجب للذي بعدها من المعنى ما وجب للذي قبلها، من غير دلالة منها بنفسها على أن ذلك كان في وقت واحد أو وقتين مختلفين, أو إن كانا في وقتين، أيهما المتقدم وأيهما المتأخر. فلما وصفنا قلنا إنّ قوله: (ولقد خلقناكم ثم صورناكم)، لا يصح تأويله إلا على ما ذكرنا.فإن ظن ظانّ أن العربَ، إذ كانت ربما نطقت بـ"
ثم " في موضع " الواو " في ضرورة شعره، كما قال بعضهم:سَــأَلْتُ رَبِيعَــةَ: مَــنْ خَيْرُهَــا
أَبًــا ثُــمَّ أُمًّــا? فَقَـالَتْ: لِمَـهْ? (50)
بمعنى: أبًا وأمًّا, فإن ذلك جائز أن يكون نظيره= فإن ذلك بخلاف ما ظن . وذلك أن كتاب الله جل ثناؤه نـزل بأفصح لغات العرب, وغير جائز توجيه شيء منه إلى الشاذّ من لغاتها، وله في الأفصح الأشهر معنى مفهومٌ ووجه معروف.
* * *
وقد وجَّه بعض من ضعفت معرفته بكلام العرب ذلك إلى أنه من المؤخر الذي معناه التقديم, وزعم أن معنى ذلك: ولقد خلقناكم, ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم, ثم صورناكم. وذلك غير جائز في كلام العرب, لأنها لا تدخل "
ثم " في الكلام وهي مرادٌ بها التقديم على ما قبلها من الخبر, وإن كانوا قد يقدِّمونها في الكلام, (51) إذا كان فيه دليل على أن معناها التأخير, وذلك كقولهم: " قام ثم عبد الله عمرو "، فأما إذا قيل: " قام عبد الله ثم قعد عمرو ", فغير جائز أن يكون قعود عمرو كان إلا بعد قيام عبد الله, إذا كان الخبر صدقًا, فقول الله تبارك وتعالى: (ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا)، نظير قول القائل: " قام عبد الله ثم قعد عمرو "، في أنه غير جائز أن يكون أمرُ الله الملائكةَ بالسجود لآدم كان إلا بعد الخلق والتصوير، لما وصفنا قبل.* * *
وأما قوله للملائكة: (اسجدوا لآدم)، فإنه يقول جل ثناؤه: فلما صوّرنا آدم وجعلناه خلقًا سويًّا, ونفخنا فيه من روحنا, قلنا للملائكة: "
اسجدوا لآدم ", ابتلاء منا واختبارًا لهم بالأمر, ليعلم الطائع منهم من العاصي ، =(فسجدوا)، يقول: فسجد الملائكة، إلا إبليس فإنه لم يكن من الساجدين لآدم، حين أمره الله مع مَنْ أمرَ من سائر الملائكة غيره بالسجود.* * *
وقد بينا فيما مضى، المعنى الذي من أجله امتحن جَلّ جلاله ملائكته بالسجود لآدم, وأمْرَ إبليس وقصصه, بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (52)
----------------------
الهوامش :
(45) الأثر : 14343 - (( بشر بن معاذ العقدي )) ، مضى مرارًا ، وهذا إسناد يدور في التفسير دورانًا ، ولكنه جاء هنا في المخطوطة والمطبوعة : (( بشر بن آدم )) ، وهو خطأ . لا شك في ذلك .
(46) الأثر : 14345 - (( عمر بن هارون بن يزيد البلخي )) ، متكلم فيه وجرح ، مضى برقم : 12389 .
و (( نصر بن مشاري )) أو (( نصر بن مشيرس )) ، هو (( أبو مصلح الخراساني )) مشهور بكنيته ، وكذلك مضى في الأثر رقم : 12389 .
وكان في المطبوعة : (( مشاوش )) ، وفي المخطوطة : (( مشاوس )) والصواب ما أثبته .
(47) انظر هذا من خطاب العرب فيما سلف 2 : 38 ، 39 ثم ص : 164 ، 165 ، ومواضع أخرى بعد ذلك في فهرس مباحث العربية والنحو وغيرها .
(48) انظر القول في (( ثم )) فيما سلف ص : 233 .
(49) كان في هذه الجملة في المخطوطة تكرار ، ووضع الناسخ في الهامش ( كذا ) ، والصواب ما في المطبوعة .
(50) لم أعرف قائله .
(51) في المخطوطة : (( وإن كان يعبر فنرنها في الكلام )) ، فلم استبن لقراءتها وجهًا أرضاه ، فتركت ما في المطبوعة على حاله ، لأنه مستقيم المعنى إن شاء الله .
(52) انظر ما سلف 1 : 501 - 512 .
- ابن عاشور : وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ
عطف على جملة : { ولقد مكناكم في الأرض } [ الأعراف : 10 ] تذكيراً بنعمة إيجاد النّوع ، وهي نعمة عناية ، لأنّ الوجود أشرف من العدم ، بقطع النّظر عما قد يعرض للموجود من الأكدار والمتاعب ، وبنعمة تفضيله على النّوع بأنْ أمَر الملائكة بالسّجود لأصله ، وأُدمج في هذا الامتنان تنبيهٌ وإيقاظ إلى عداوة الشّيطان لنوع الإنسان من القِدم ، ليكون ذلك تمهيداً للتّحذير من وسوسه وتضليله ، وإغراء بالإقلاع عمّا أوقع فيه النّاس من الشّرك والضّلالة ، وهو غرض السورة ، وذلك عند قوله تعالى : { يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة } [ الأعراف : 27 ] ومَا تلاه من الآيات ، فلذلك كان هذا بمنزلة الاستدلال وُسِّط في خلال الموعظة .
والخطاب للنّاس كلّهم ، والمقصود منه المشركون ، لأنّهم الغرض في هذه السورة .
وتأكيد الخبر باللاّم و ( قد ) للوجه الذي تقدّم في قوله : { ولقد خلقناكم } ، وتعدية فعلي الخلق والتّصوير إلى ضمير المخاطبين ، لما كان على معنى خلق النّوع الذي هم من أفراد تعيّن أن يكون المعنى : خلقنا أصلكم ثمّ صوّرناه ، وهو آدم ، كما أفصح عنه قوله : { ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم }.
والخلق الإيجاد وإبراز الشّيء إلى الوجود ، وهذا الإطلاق هو المراد منه عند إسناده إلى الله تعالى أو وَصْف الله به .
والتّصوير جعل الشّيء صورة ، والصّورة الشّكل الذي يشكّل به الجسم كما يشكّل الطين بصورة نوع من الأنواع .
وعطفت جملة { صورناكم } بحرف ( ثمّ ) الدّالة على تراخي رتبة التّصوير عن رتبة الخلق ، لأنّ التّصوير حالة كمال في الخلق بأن كان الإنسان على الصورة الإنسانيّة المتقنة حسناً وشرفاً ، بما فيها من مشاعر الإدراك والتّدبير ، سواء كان التّصوير مقارناً للخلق كما في خلق آدم ، أم كان بعد الخلق بمدّة ، كما في تصوير الأجنّة من عظام ولحم وعصب وعروق ومشاعر ، كقوله تعالى : { فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً } [ المؤمنون : 14 ].
وتعدية فعلي ( خلقنا ) و ( صوّرنا ) إلى ضمير الخطاب ينتظم في سلك ما عاد إليه الضّمير قبله في قوله : { ولقد مكناكم في الأرض } [ الأعراف : 10 ] الآية فالخطاب للنّاس كلّهم توطئة لقوله فيما يأتي : { يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة } [ الأعراف : 27 ] والمقصود بالخصوص منه المشركون لأنّهم الذين سوّل لهم الشّيطان كفران هذه النّعم لقوله تعالى عقب ذلك : { وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا } [ الأعراف : 28 ] وقوله فيما تقدّم : { اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلاً ما تذكرون } [ الأعراف : 3 ].
وأمّا تعلُّق فعلي الخلق والتّصوير بضمير المخاطبين فمراد منه أصل نوعهم الأوّل وهو آدم بقرينة تعقيبه بقوله : ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فنُزل خلق أصل نوعهم منزلةَ خلق أفراد النّوع الذين منهم المخاطبون لأنّ المقصود التّذكير بنعمة الإيجاد ليشكروا موجدهم ونظيره قوله تعالى : { إنا لما طغا الماء حملناكم في الجارية }
[ الحاقة : 11 ] أي حملنا أصولكم وهم الذين كانوا مع نوح وتناسل منهم النّاس بعد الطّوفان ، لأنّ المقصود الامتنان على المخاطبين بإنجاء أصولهم الذين تناسلوا منهم ، ويجوز أن يؤول فعلا الخلق والتّصوير بمعنى إرادة حصول ذلك ، كقوله تعالى : حكاية عن كلام الملائكة مع إبراهيم : { فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين } [ الذاريات : 35 ] أي أردنا إخراج من كان فيها ، فإن هذا الكلام وقع قبل أمر لوط ومَن آمن به بالخروج من القرية .
ودلّ قوله : { ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم } على أنّ المخلوق والمصوّر هو آدم ، ومعنى الكلام خلقنا أصلكم وصوّرناه فبرز موجوداً معيَّناً مسمّى بآدم ، فإنّ التّسمية طريق لتعيين المسمّى ، ثمّ أظهرنا فضله وبديع صنعنا فيه فقلنا للملائكة اسجدوا له فوقع إيجاز بديع في نسج الكلام .
و ( ثُمّ ) في قوله : { ثم قال للملائكة اسجدوا لآدم } عاطفةٌ الجملةَ على الجملة فهي مقيّدة للتّراخي الرّتبي لا للتّراخي الزّماني وذلك أنّ مضمون الجملة المعطوفة هنا أرقى رتبة من مضمون الجملة المعطوف عليها .
وقوله : { ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم } ، تقدّم تفسيره ، وبيانُ ما تقدّم أمَر الله الملائكةَ بالسّجود لآدم ، من ظهور فضل ما علمه الله من الأسماء ما لم يَعلِّمه الملائكة ، عند قوله تعالى : { وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس } في سورة البقرة ( 34 ).
وتعريف { الملائكة } للجنس فلا يلزم أن يكون الأمر عاماً لجميع الملائكة ، بل يجوز أن يكون المأمورون هم الملائكة ، الذين كانوا في المكان الذي خُلق فيه آدم ، ونقل ذلك عن ابن عبّاس ، ويحتمل الاستغراق لجميع الملائكة . وطريق أمرهم جميعاً وسجودِهم جميعاً لآدم لا يعلمه إلاّ الله ، لأنّ طرق علمهم بمراد الله عنهم في العالم العلوي لا تقاس على المألوف في عالم الأرض .
واعلم أن أمر الله الملائكة بالسّجود لآدم لا يقتضي أن يكون آدمُ قد خلق في العالم الذي فيه الملائكة بل ذلك محتمل ، ويحتمل أنّ الله لمّا خلق آدم حشر الملائكة ، وأطلعهم على هذا الخلق العجيب ، فإنّ الملائكة ينتقلون من مكان إلى مكان فالآية ليست نصّاً في أنّ آدم خلق في السّماوات ولا أنّه في الجنّة التي هي دار الثّواب والعقاب ، وإن كان ظاهرها يقتضي ذلك ، وبهذا الظاهر أخذ جمهور أهل السنّة ، وتقدّم ذلك في سورة البقرة . واستثناء إبليس من الساجدين في قوله : { إلا إبليس } يدلّ على أنّه كان في عداد الملائكة لأنّه كان مختلطا بهم . وقال السكاكي في «المفتاح» عُدّ إبليس من الملائكة بحكم التّغليب .
وجملة : عغتاة ، { لم يكن من الساجدين } حال من ( إبليس ) ، وهي حال مؤكدة لمضمون عاملها وهو ما دلّت عليه أداة الاستثناء ، لما فيها من معنى : أستثنِي ، لأنّ الاستثناء يقتضي ثبوت نقيض حكم المستثنى منه للمستثنَى ، وهو عين مدلول : لم يكن من الساجدين فكانت الحال تأكيداً . وفي اختيار الاخبار عن نفي سجوده بجعْلِه من غير السّاجدين : إشارة إلى أنّه انتفى عنه السّجود انتفاء شديداً لأنّ قولك لم يكن فلان من المهتدين يفيد من النّفي أشدّ ممّا يفيده قولك لم يكن مُهتدياً كما في قوله تعالى :
{ قل لا أتبع أهواءكم قد ضللت إذاً وما أنا من المهتدين } في سورة الأنعام ( 56 ).
ففِي الآية إشارة إلى أنّ الله تعالى خلق في نفس إبليس جبلة تدفعه إلى العصيان عندما لا يوافق الأمر هواه ، وجعل له هوىً ورأياً ، فكانت جبلته مخالفة لجبلة الملائكة . وإنّما استمرّ في عِداد الملائكة لأنّه لم يَحدث من الأمر ما يخالف هواه ، فلمّا حدث الأمرُ بالسّجود ظَهر خُلق العصيان الكامِنُ فيه ، فكان قوله تعالى : لم يكن من الساجدين } إشارة إلى أنّه لم يقدّر له أن يكون من الطائفة السّاجدين ، أي انتفى سجوده انتفاء لارجاء في حصوله بعدُ ، وقد عُلِم أنّه أبى السّجود إباء وذلك تمهيداً لحكاية السّؤال
- إعراب القرآن : وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ
«وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ» اللام واقعة في جواب القسم وماض وفاعله ومفعوله «ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ» عطف «ثُمَّ» حرف عطف «قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ» فعل ماض تعلق به الجار والمجرور ونا فاعله والجملة معطوفة.
«اسْجُدُوا» فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعله. «لِآدَمَ» اسم مجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة ، والجار والمجرور متعلقان باسجدوا ، والجملة مقول القول «فَسَجَدُوا» فعل ماض وفاعل والجملة معطوفة. «إِلَّا» أداة استثناء «إِبْلِيسَ» مستثنى منصوب. «لَمْ» جازمة «يَكُنْ» مضارع ناقص مجزوم واسمها ضمير مستتر تقديره هو. «مِنَ السَّاجِدِينَ» متعلقان بمحذوف خبر يكن ، والجملة في محل نصب حال أو مستأنفة.
- English - Sahih International : And We have certainly created you [O Mankind] and given you [human] form Then We said to the angels "Prostrate to Adam"; so they prostrated except for Iblees He was not of those who prostrated
- English - Tafheem -Maududi : وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ(7:11) We initiated your creation, then We gave you each a shape, and then We said to the angels: 'Prostrate before Adam.') *10They all prostrated except Iblis: he was not one of those who fell Prostrate.
- Français - Hamidullah : Nous vous avons créés puis Nous vous avons donné une forme ensuite Nous avons dit aux Anges Prosternez-vous devant Adam Ils se prosternèrent à l'exception de Iblis qui ne fut point de ceux qui se prosternèrent
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Und Wir haben euch ja erschaffen Hierauf haben Wir euch gestaltet Hierauf haben Wir zu den Engeln gesagt "Werft euch vor Adam nieder" Da warfen sie sich nieder außer Iblis Er gehörte nicht zu denjenigen die sich niederwerfen
- Spanish - Cortes : Y os creamos Luego os formamos Luego dijimos a los ángeles ¡Prosternaos ante Adán Se prosternaron excepto Iblis No fue de los que se prosternaron
- Português - El Hayek : Criamovos e vos demos configuração então dissemos aos anjos Prostraisvos ante Adão E todos se prostraram menos Lúcifer que se recusou a ser dos prostrados
- Россию - Кулиев : Мы сотворили вас потом придали вам облик Потом Мы сказали ангелам Падите ниц перед Адамом Они пали ниц и только Иблис не был в числе поклонившихся
- Кулиев -ас-Саади : وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ
Мы сотворили вас, потом придали вам облик. Потом Мы сказали ангелам: «Падите ниц перед Адамом!» Они пали ниц, и только Иблис не был в числе поклонившихся.Всевышний поведал людям о сотворении того, кто стал прародителем их рода. Аллах создал Адама и наделил его прекрасным обликом и стройным сложением. Он наделил его знаниями о названиях разных вещей и явлений, благодаря чему его внутренний облик стал совершенен. После этого Он приказал благородным ангелам поклониться Адаму, выразив тем самым ему почтение и признав его превосходство. Ангелы повиновались приказу Господа, и только Иблис отказался пасть ниц перед Адамом, поскольку он был высокомерен и самодоволен.
- Turkish - Diyanet Isleri : And olsun ki sizi yarattık sonra şekil verdik sonra meleklere "Adem'e secde edin" dedik; İblis'ten başka hepsi secde etti o secde edenlerden olmadı
- Italiano - Piccardo : In verità vi abbiamo creati e plasmati quindi dicemmo agli angeli “Prosternatevi davanti ad Adamo” Si prosternarono ad eccezione di Iblîs che non fu tra i prosternati
- كوردى - برهان محمد أمين : سوێند بهخوا بهڕاستی ئێمه باوه گهورهی ئێوهمان دروست کردو نهخش و نیگاری ڕواڵهت و ڕوخساری ئێوهمان کێشا پاشان وتمان به فریشتهکان ئادهی سوژده بهرن بۆ ئادهم سوژدهی ڕێزو بهفهرمانی خوا جا ههموو فریشتهکان سوژدهیان برد جگه له ئیبلیس که فهرمانی خوای شکاندو له سوژدهبهران نهبوو
- اردو - جالندربرى : اور ہم ہی نے تم کو ابتدا میں مٹی سے پیدا کیا پھر تمہاری صورت شکل بنائی پھر فرشتوں کو حکم دیا ادم کے اگے سجدہ کرو تو سب نے سجدہ کیا لیکن ابلیس کہ وہ سجدہ کرنے والوں میں شامل نہ ہوا
- Bosanski - Korkut : Mi smo Adema stvorili i onda mu oblik dali a poslije melekima rekli "Poklonite mu se" – i oni su se poklonili osim Iblisa on se nije htio pokloniti
- Swedish - Bernström : Vi har skapat er och sedan format er; därefter sade Vi till änglarna "Fall ned på era ansikten inför Adam" Och de föll ned inför honom [alla] utom Iblees; han hörde inte till dem som föll ned på sina ansikten
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Sesungguhnya Kami telah menciptakan kamu Adam lalu Kami bentuk tubuhmu kemudian Kami katakan kepada para malaikat "Bersujudlah kamu kepada Adam" maka merekapun bersujud kecuali iblis Dia tidak termasuk mereka yang bersujud
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ
(Sesungguhnya Kami telah menciptakanmu) maksudnya ayah kamu yaitu Adam (lalu Kami bentuk tubuhmu) Kami membentuk tubuhnya sedangkan kamu masih berada di dalam sulbinya (kemudian Kami katakan kepada para malaikat, "Bersujudlah kamu kepada Adam,") sebagai penghormatan, yaitu dengan menundukkan punggung (maka mereka pun bersujud kecuali iblis) yaitu kakek moyang bangsa jin yang ada di antara malaikat (dia tidak termasuk mereka yang bersujud).
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : আর আমি তোমাদেরকে সৃষ্টি করেছি এরপর আকারঅবয়ব তৈরী করেছি। অতঃপর আমি ফেরেশতাদেরকে বলছিআদমকে সেজদা কর তখন সবাই সেজদা করেছে কিন্তু ইবলীস সে সেজদাকারীদের অন্তর্ভূক্ত ছিল না।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : நிச்சயமாக நாமே உங்களைப் படைத்தோம்; பின்பு உங்களுக்கு உருக்கொடுத்தோம் அதன்பின் "ஆதமுக்கு ஸுஜுது செய்யுங்கள் சிரம் பணியுங்கள்" என்று மலக்குகளிடம் கூறினோம்; இப்லீஸைத் தவிர மற்ற மலக்குகள் யாவரும் அவருக்குத் தலைவணக்கம் செய்தார்கள்; அவன் மட்டும் தலைவணக்கம் செய்தவர்களில் ஒருவனாக இருக்கவில்லை
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : และแท้จริงเราได้บังเกิดพวกเจ้า แล้วเราได้ให้พวกเจ้าเป็นรูปร่าง แล้วเราได้กล่าวแก่มลาอิกะฮ์ว่า จงสุยูด แก่อาดัมเถิด แล้วพวกเขาก็สุยูดกัน นอกจากอิบลิส เท่านั้น มิปรากฏว่ามันอยู่ในหมู่ผู้สุยูด
- Uzbek - Мухаммад Содик : Ва батаҳқиқ Биз сизларни яратдик кейин сизларга суврат бердик Сўнгра эса фаришталарга Одамга сажда қилинг дедик Бас улар сажда қилдилар Магар Иблис сажда қилувчилардан бўлмади
- 中国语文 - Ma Jian : 我确已创造你们,然后使你们成形,然后对众天神说:你们向阿丹叩头。他们就向他叩头,唯独易卜劣厮没有叩头。
- Melayu - Basmeih : Dan sesungguhnya Kami telah menciptakan kamu lalu Kami membentuk rupa kamu kemudian Kami berfirman kepada malaikatmalaikat "Sujudlah kamu kepada Adam" lalu mereka sujud melainkan Iblis ia tidaklah termasuk dalam golongan yang sujud
- Somali - Abduh : Waan idin Abuurray Nabi Aadan waana idin Suuraynay markaasaan ku midhi Malaa'igta u Sujuuda Nabi Aadam Salaan wayna Sujuudeen Ibliise ma ahayn kuwa Sujuuda
- Hausa - Gumi : Kuma lalle ne haƙĩƙa Mun halittã ku sa'an nan kuma Mun sũrantã ku sa'an nan kumaMun ce wa malã'iku "Ku yi sujada ga Ãdam" Sai suka yi sujada fãce Iblĩs bai kasance daga mãsuyin sujadar ba
- Swahili - Al-Barwani : Na hakika tulikuumbeni kisha tukakutieni sura kisha tukawaambia Malaika Msujudieni Adam Basi wakasujudu isipo kuwa Iblisi hakuwa miongoni mwa walio sujudu
- Shqiptar - Efendi Nahi : Na ju krijuam baban tuaj Ademin e pastaj ua dhamë formën; e ju thamë engjëjve “Përuljuni Ademit” e të gjithë iu përulën përveç Iblisit A nuk ishte nga ata që përulet
- فارسى - آیتی : و شما را بيافريديم، و صورت بخشيديم، آنگاه به فرشتگان گفتيم: آدم را سجده كنيد. همه، جز ابليس، سجده كردند و ابليس در شمار سجدهكنندگان نبود.
- tajeki - Оятӣ : Ва шуморо биёфаридем ва сурат бахшидем, он гоҳ ба фариштагон гуфтем: «Одамро саҷда кунед», ҳама ҷуз Иблис саҷда карданд ва Иблис дар шумори саҷдакунандагон набуд.
- Uyghur - محمد صالح : شۈبھىسىزكى بىز سىلەرنى ياراتتۇق، ئاندىن سىلەرنى شەكىلگە كىرگۈزدۇق، ئاندىن پەرىشتىلەرگە: “سىلەر ئادەمگە (ھۆرمەت بىلدۈرۈش يۈزىسىدىن) سەجدە قىلىڭلار›› دېدۇق، ئىبلىستىن باشقىسى سەجدە قىلدى. ئۇ سەجدە قىلغۇچىلاردىن بولمىدى
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : തീര്ച്ചയായും നാം നിങ്ങളെ സൃഷ്ടിച്ചു. പിന്നെ നിങ്ങള്ക്ക് രൂപമേകി. തുടര്ന്ന് നാം മലക്കുകളോട് പറഞ്ഞു: "ആദമിനെ പ്രണമിക്കുക.” അവര് പ്രണമിച്ചു. ഇബ്ലീസൊഴികെ. അവന് പ്രണമിച്ചവരില് പെട്ടില്ല.
- عربى - التفسير الميسر : ولقد انعمنا عليكم بخلق اصلكم وهو ابوكم ادم من العدم ثم صورناه على هيئته المفضله على كثير من الخلق ثم امرنا ملائكتنا عليهم السلام بالسجود له اكراما واحتراما واظهارا لفضل ادم فسجدوا جميعا لكن ابليس الذي كان معهم لم يكن من الساجدين لادم حسدا له على هذا التكريم العظيم
*10). These verses should he read in conjunction with al-Baqarah 2: 30-9. The words in which the command to prostrate before Adam is mentioned may give rise to the misapprehension that it was Adam as such who is the object of prostration. This misapprehension should be removed by what has been said here. The text makes it very clear that prostration before Adam was in his capacity, as the representative of all mankind and not in his personal capacity.
The successive stages of man's creation mentioned in the present verse ('We initiated your creation, then We gave you each a shape'), means that God first planned the creation of man, made ready the necessary materials for it, and then gave those materials a human form. Then, when man had assumed the status of a living being, God asked the angels to prostrate before him. The Qur'an says: And recall when your Lord said to the angels: 'I am about to create man from clay. When I have fashioned him (in due proportion) and breathed into him of My spirit then fall You down in prostration before him' (Sad 38: 71-2).
Mention has been made in these verses, though in a difterent way, of the same three stages of creation: man's creation from clay; giving him a proportionate human shape; and bringing Adam into existence by breathing into him God's spirit. The following verses also have the same import:
And recall when your Lord said to the angels: 'I am about to create man, from sounding clay moulded into shape from black mud. When I have fashioned him (in due proportion) and breathed into him of My spirit, fall you all down in prostration before him'(al-Hijr 15: 28-9).
It is quite difficult for one to appreciate fully the details of the origin of man's creation. We cannot fully grasp how man was created out of the elements drawn from the earth; how he was given a form and a well-proportioned one at that and how God's Spirit was breathed into him. It is quite obvious, though, that the Qur'anic version of man's creation is sharply at odds with the theory, of creation propounded by Darwin and his followers in our time. Darwinism explains man's creation in terms of his evolution from a variety of non-human and sub-human stages culminating in homo sapiens. It draws no clear demarcation line that would mark the end of the non-human stage of evolution and the beginning of the species called 'man'. Opposed to this is the Qur'anic version of man's creation where man starts his career from the very beginning as an independent species, having in his entire history no essential relationship at all with any non-human species. Also, man is conceived as having been invested by God with full consciousness and enlightenment from the very start of his life.
These are two different doctrines regarding the past of the human species. Both these doctrines give rise to two variant conceptions about man. If one were to adopt the Darwinian doctrine, man is conceived as essentially a species of the animal genre. Acceptance of this doctrine leads man to derive the guiding principles of his life, including moral principles, from the laws governing animal life. Given the basic premises of such a doctrine, animal-like behaviour is to be considered quite natural for man. The only, difference between man and animal lies in the fact that animals act without the help of the tools and instruments used by humans, and their behaviour is devoid of culture.
Were one to accept the other doctrine, man would be conceived as a totally, distinct category. Man is no longer viewed simply as a talking or gregarious animal. He is rather seen as God's Vicegerent on earth. What distinguishes man from other animals, according to this doctrine, is not his capacity to speak or his gregariousness but the moral responsibility and trust with which he has been invested. Thus, one's whole perspective with regard to man and everything relating to him is changed. Rather than looking downwards to species of being lower than the human, man will turn his gaze upwards. It is claimed by some that however dignified the Qur'anic doctrine might be from a moral and psychological point of view, Darwinism should still be preferred on the basis of its being scientifically established. However, the very claim that Darwinism has been scientificaly established is itself questionable. Only those who have a very superficial acquaintance with modern science can entertain the misconception that the Darwinian theory of evolution has been scientifically, established. Those who know better are fully, aware that despite the vast paraphernalia of evidence in its support, it remains merely a hypothesis. The arguments marshalled in support of this theory at best succeed in establishing it as a possibility, but certainly not as an incontrovertible fact. Hence at the most what can he said is that the evolution of the species is as much a possibility as its direct creation.