- عربي - نصوص الآيات عثماني : وَلَا تُفْسِدُواْ فِى ٱلْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَٰحِهَا وَٱدْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا ۚ إِنَّ رَحْمَتَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ ٱلْمُحْسِنِينَ
- عربى - نصوص الآيات : ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفا وطمعا ۚ إن رحمت الله قريب من المحسنين
- عربى - التفسير الميسر : ولا تُفْسدوا في الأرض بأيِّ نوع من أنواع الفساد، بعد إصلاح الله إياها ببعثة الرسل -عليهم السلام- وعُمْرانها بطاعة الله، وادعوه -سبحانه- مخلصين له الدعاء؛ خوفًا من عقابه ورجاء لثوابه. إن رحمة الله قريب من المحسنين.
- السعدى : وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا ۚ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ
{ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ } بعمل المعاصي { بَعْدَ إِصْلَاحِهَا } بالطاعات، فإن المعاصي تفسد الأخلاق والأعمال والأرزاق، كما قال تعالى: { ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ } كما أن الطاعات تصلح بها الأخلاق، والأعمال، والأرزاق، وأحوال الدنيا والآخرة. { وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا } أي: خوفا من عقابه، وطمعا في ثوابه، طمعا في قبولها، وخوفا من ردها، لا دعاء عبد مدل على ربه قد أعجبته نفسه، ونزل نفسه فوق منزلته، أو دعاء من هو غافل لاَهٍ. وحاصل ما ذكر اللّه من آداب الدعاء: الإخلاص فيه للّه وحده، لأن ذلك يتضمنه الخفية، وإخفاؤه وإسراره، وأن يكون القلب خائفا طامعا لا غافلا، ولا آمنا ولا غير مبال بالإجابة، وهذا من إحسان الدعاء، فإن الإحسان في كل عبادة بذل الجهد فيها، وأداؤها كاملة لا نقص فيها بوجه من الوجوه، ولهذا قال: { إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ } في عبادة اللّه، المحسنين إلى عباد اللّه، فكلما كان العبد أكثر إحسانا، كان أقرب إلى رحمة ربه، وكان ربه قريبا منه برحمته، وفي هذا من الحث على الإحسان ما لا يخفى.
- الوسيط لطنطاوي : وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا ۚ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ
ثم نهى الله عباده عن كل لون من ألوان المعاصي فقال: وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها أى: لا تفسدوا في الأرض بعد إصلاح الله إياها، بأن خلقها على أحسن نظام، فالجملة الكريمة نهى عن سائر أنواع الإفساد كإفساد النفوس والأموال والأنساب والعقول والأديان.
روى أبو الشيخ عن أبى بكر بن عياش أنه سئل عن قوله- تعالى-: وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها فقال: إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم إلى أهل الأرض وهم في فساد فأصلحهم الله به، فمن دعا إلى خلاف ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم فهو من المفسدين في الأرض» .
قال صاحب المنار: وقال- سبحانه-: وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها لأن الإفساد بعد الإصلاح أشد قبحا من الإفساد على الإفساد، فإن وجود الإصلاح أكبر حجة على المفسد إذا هو لم يحفظه ويجرى على سننه. فكيف إذا هو أفسده وأخرجه عن وضعه؟ ولذا خص بالذكر وإلا فالإفساد مذموم ومنهى عنه في كل حال» .
وقوله: وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً.
أصل الخوف: انزعاج في الباطن يحصل من توقع أمر مكروه يقع في المستقبل.
والمعنى: وادعوه خائفين من عقابه إياكم على مخالفتكم لأوامره، طامعين في رحمته وإحسانه وفي إجابته لدعائكم تفضلا منه وكرما.
قال الجمل: فإن قلت: قال في أول الآية: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً وقال هنا:
وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً وهذا عطف للشيء على نفسه فما فائدة ذلك؟ قلت: الفائدة أن المراد بقوله- تعالى-: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً بيان شرطين من شروط الدعاء وبقوله:
وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً بيان شرطين آخرين، والمعنى: كونوا جامعين في أنفسكم بين الخوف والرجاء في أعمالكم ولا تطمعوا أنكم وفيتم حق الله في العبادة والدعاء وإن اجتهدتم فيهما» .
وقوله: إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ أى: إن رحمته- تعالى- وإنعامه على عباده قريب من المتقين لأعمالهم، المخلصين فيها، لأن الجزاء من جنس العمل، فمن أحسن عبادته نال عليها الثواب الجزيل، ومن أحسن في أمور دنياه كان أهلا للنجاح في مسعاه، ومن أحسن في دعائه كان جديرا بالقبول والإجابة.
قال الشيخ القاسمى: وفي الآية الكريمة ترجيح للطمع على الخوف، لأن المؤمن بين الرجاء والخوف، ولكنه إذا رأى سعة رحمته- سبحانه- وسبقها، غلب الرجاء عليه. وفيها تنبيه على ما يتوسل به إلى الإجابة وهو الإحسان في القول والعمل.
قال مطر الوراق: استنجزوا موعود الله بطاعته، فإنه قضى أن رحمته قريب من المحسنين» .
هذا، وكلمة «قريب» وقعت خبرا للرحمة، ومن قواعد النحو أن يكون الخبر مطابقا للمبتدأ في التذكير والتأنيث، فكان مقتضى هذه القواعد أن يقال إن رحمة الله قريبة. وقد ذكر العلماء في تعليل ذلك بضعة عشر وجها، منها أن تذكير «قريب» صفة لمحذوف أى أمر قريب، أو لأن كلمة الرحمة مؤنثة تأنيثا مجازيا، فجاز في خبرها التذكير والتأنيث أو لأن الرحمة هنا بمعنى الثواب وهو مذكر فيكون تذكير قريب باعتبار ذلك وقيل غير ذلك مما لا مجال لذكره هنا.
وبعد أن بيّن- سبحانه- أنه هو الخالق للسموات والأرض، وأنه هو المتصرف الحاكم المدبر المسخر، وأن رحمته قريبة من المحسنين الذين يكثرون من التضرع إليه بخشوع وإخلاص.
بعد كل ذلك تحدث- سبحانه- عن بعض مظاهر رحمته التي تتجلى في إرسال الرياح، وإنزال المطر، وعن بعض مظاهر قدرته التي تتجلى في بعث الموتى للحساب، وفي هداية من يريد هدايته وإضلال من يريد ضلالته فقال- تعالى-:
- البغوى : وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا ۚ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ
( ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ) أي لا تفسدوا فيها بالمعاصي والدعاء إلى غير طاعة الله بعد إصلاح الله إياها ببعث الرسل وبيان الشريعة ، والدعاء إلى طاعة الله ، وهذا معنى قول الحسن والسدي والضحاك والكلبي .
وقال عطية : لا تعصوا في الأرض فيمسك الله المطر ويهلك الحرث بمعاصيكم . فعلى هذا معنى قوله : " بعد إصلاحها " أي : بعد إصلاح الله إياها بالمطر والخصب .
( وادعوه خوفا وطمعا ) أي : خوفا منه ومن عذابه ، وطمعا فيما عنده من مغفرته وثوابه . وقال ابن جريج : خوف العدل وطمع الفضل . ( إن رحمة الله قريب من المحسنين ) ولم يقل قريبة ، قال سعيد بن جبير : الرحمة هاهنا الثواب فرجع النعت إلى المعنى دون اللفظ كقوله : ( وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه ) النساء - 8 ولم يقل منها لأنه أراد الميراث والمال .
وقال الخليل بن أحمد : القريب والبعيد يستوي فيهما في اللغة : المذكر والمؤنث والواحد والجمع . قال أبو عمرو بن العلاء : القريب في اللغة يكون بمعنى القرب وبمعنى المسافة ، تقول العرب : هذه امرأة قريبة منك إذا كانت بمعنى القرابة ، وقريب منك إذا كانت بمعنى المسافة .
- ابن كثير : وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا ۚ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ
وقوله تعالى : ( ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ) ينهى تعالى عن الإفساد في الأرض ، وما أضره بعد الإصلاح ! فإنه إذا كانت الأمور ماشية على السداد ، ثم وقع الإفساد بعد ذلك ، كان أضر ما يكون على العباد . فنهى الله تعالى عن ذلك ، وأمر بعبادته ودعائه والتضرع إليه والتذلل لديه ، فقال : ( وادعوه خوفا وطمعا ) أي : خوفا مما عنده من وبيل العقاب ، وطمعا فيما عنده من جزيل الثواب .
ثم قال : ( إن رحمة الله قريب من المحسنين ) أي : إن رحمته مرصدة للمحسنين ، الذين يتبعون أوامره ويتركون زواجره ، كما قال تعالى : ( ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون الذين يتبعون الرسول النبي الأمي ) [ الأعراف : 156 ، 157 ] .
وقال : ( قريب ) ولم يقل : " قريبة " ; لأنه ضمن الرحمة معنى الثواب ، أو لأنها مضافة إلى الله ، فلهذا قال : قريب من المحسنين .
وقال مطر الوراق : تنجزوا موعود الله بطاعته ، فإنه قضى أن رحمته قريب من المحسنين ، رواه ابن أبي حاتم .
- القرطبى : وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا ۚ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ
قوله تعالى ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفا وطمعا إن رحمة الله قريب من المحسنين
قوله تعالى : ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها فيه مسألة واحدة ، وهو أنه سبحانه نهى عن كل فساد قل أو كثر بعد صلاح قل أو كثر . فهو على العموم على الصحيح من الأقوال . وقال الضحاك : معناه لا تغوروا الماء المعين ، ولا تقطعوا الشجر المثمر ضرارا . وقد ورد : قطع الدنانير من الفساد في الأرض . وقد قيل : تجارة الحكام من الفساد في الأرض . وقال القشيري : المراد ولا تشركوا ; فهو نهي عن الشرك وسفك الدماء والهرج في الأرض ، وأمر بلزوم الشرائع بعد إصلاحها بعد أن أصلحها الله ببعثه الرسل وتقرير الشرائع ووضوح ملة محمد صلى الله عليه وسلم . قال ابن عطية : وقائل هذه المقالة قصد إلى أكبر فساد بعد أعظم صلاح فخصه بالذكر . قلت : وأما ما ذكره الضحاك فليس على عمومه ، وإنما ذلك إذا كان فيه ضرر على المؤمن ، وأما ما يعود ضرره على المشركين فذلك جائز ; فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد عور ماء قليب بدر وقطع شجر الكافرين . وسيأتي الكلام في قطع الدنانير في " هود " إن شاء الله تعالى .
وادعوه خوفا وطمعا أمر بأن يكون الإنسان في حالة ترقب وتخوف وتأميل لله عز وجل ، حتى يكون الرجاء والخوف للإنسان كالجناحين للطائر يحملانه في طريق استقامته ، وإن انفرد أحدهما هلك الإنسان ، قال الله تعالى : نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم فرجى وخوف . فيدعو الإنسان خوفا من عقابه وطمعا في ثوابه ; قال الله تعالى : ويدعوننا رغبا ورهبا . وسيأتي القول فيه . والخوف : الانزعاج لما لا يؤمن من المضار . والطمع : توقع المحبوب ; قال القشيري . وقال بعض أهل العلم : ينبغي أن يغلب الخوف الرجاء طول الحياة ، فإذا جاء الموت غلب الرجاء . قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله . صحيح أخرجه مسلم .
قوله تعالى إن رحمة الله قريب من المحسنين ولم يقل قريبة . ففيه سبعة أوجه : أولها أن الرحمة والرحم واحد ، وهي بمعنى العفو والغفران ; قاله الزجاج واختاره النحاس . وقال النضر بن شميل : الرحمة مصدر ، وحق المصدر التذكير ; كقوله : فمن جاءه موعظة وهذا قريب من قول الزجاج ; لأن الموعظة بمعنى الوعظ . وقيل : أراد بالرحمة الإحسان ; ولأن ما لا يكون تأنيثه حقيقيا جاز تذكيره ; ذكره الجوهري . وقيل : أراد بالرحمة هنا المطر ; قاله الأخفش . قال : ويجوز أن يذكر كما يذكر بعض المؤنث . وأنشد :
فلا مزنة ودقت ودقها ولا أرض أبقل إبقالها
وقال أبو عبيدة : ذكر قريب على تذكير المكان ، أي مكانا قريبا . قال علي بن سليمان : وهذا خطأ ، ولو كان كما قال لكان قريب منصوبا في القرآن ; كما تقول : إن زيدا قريبا منك . وقيل : ذكر على النسب ; كأنه قال : إن رحمة الله ذات قرب ; كما تقول : امرأة طالق وحائض . وقال الفراء : إذا كان القريب في معنى المسافة يذكر ويؤنث ، وإن كان في معنى النسب يؤنث بلا اختلاف بينهم . تقول : هذه المرأة قريبتي ، أي ذات قرابتي ; ذكره الجوهري . وذكره غيره عن الفراء : يقال في النسب قريبة فلان ، وفي غير النسب يجوز التذكير والتأنيث ; يقال : دارك منا قريب ، وفلانة منا قريب ; قال الله تعالى : وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا . وقال من احتج له : كذا كلام العرب ; كما قال امرؤ القيس :
له الويل إن أمسى ولا أم هاشم قريب ولا البسباسة ابنة يشكرا
قال الزجاج : وهذا خطأ ; لأن سبيل المذكر والمؤنث أن يجريا على أفعالهما .
- الطبرى : وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا ۚ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ
القول في تأويل قوله : وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (56)
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها " ، لا تشركوا بالله في الأرض ولا تعصوه فيها، وذلك هو الفساد فيها.
* * *
وقد ذكرنا الرواية في ذلك فيما مضى، وبينا معناه بشواهده. (27)
* * *
=" بعد إصلاحها " يقول: بعد إصلاح الله إياها لأهل طاعته، بابتعاثه فيهم الرسل دعاة إلى الحق، وإيضاحه حججه لهم (28) =" وادعوه خوفًا وطمعًا " ، يقول: وأخلصوا له الدعاء والعمل، ولا تشركوا في عملكم له شيئًا غيره من الآلهة والأصنام وغير ذلك، وليكن ما يكون منكم في ذلك خوفًا من عقابه، وطمعًا في ثوابه. وإنّ مَن كان دعاؤه إياه على غير ذلك، فهو بالآخرة من المكذبين، لأنّ من لم يخف عقابَ الله ولم يرجُ ثوابه، لم يبال ما ركب من أمر يسخَطه الله ولا يرضاه =" إن رحمة الله قريب من المحسنين " ، يقول تعالى ذكره: إن ثواب الله الذي وعد المحسنين على إحسانهم في الدنيا، قريب منهم، وذلك هو رحمته، (29) لأنه ليس بينهم وبين أن يصيروا إلى ذلك من رحمته وما أعدّ لهم من كرامته إلا أن تفارق أرواحهم أجسادهم.
* * *
ولذلك من المعنى ذُكِّر قوله: "
قريب " ، وهو من خبر " الرحمة " ، و " الرحمة " مؤنثة، لأنه أريد به القرب في الوقت لا في النَّسب، والأوقات بذلك المعنى إذا وقعت أخبارًا للأسماء، (30) أجرتها العرب مجرى الحال، فوحّدتها مع الواحد والاثنين والجميع، وذكَّرتها مع المؤنث، فقالوا: " كرامة الله بعيد من فلان "، و " هي قريب من فلان "، كما يقولون: " هند قريب منا "، و " الهندان منا قريب "، و " الهندات منا قريب "، لأن معنى ذلك: هي في مكان قريب منا. فإذا حذفوا المكان وجعلوا " القريب " خلفًا منه، ذكَّروه ووحَّدوه في الجمع، كما كان المكان مذكرًا وموحدًا في الجمع. وأما إذا أنثوه، أخرجوه مثنى مع الاثنين، ومجموعًا مع الجميع، فقالوا: " هي قريبة منا "، و " هما منّا قريبتان "، كما قال عروة [بن الورد] : (31)عَشِــيَّةَ لا عَفْــرَاءُ مِنْـكَ قَرِيبَـةٌ
فَتَدْنُــو, وَلا عَفْــرَاءُ مِنْـكَ بَعِيـدُ (32)
فأنث "
قريبة "، وذكّر " بعيدًا "، على ما وصفت. ولو كان " القريب "، من " القرابة " في النسب، لم يكن مع المؤنث إلا مؤنثًا، ومع الجميع إلا مجموعًا. (33)وكان بعض نحويي البصرة يقول: ذكَّر "
قريب " وهو صفة لـ" الرحمة "، وذلك كقول العرب: " ريح خريق "، (34) و " ملحفَة جديد "، (35) و " شاة سديس ". (36) قال: وإن شئت قلت: تفسير " الرحمة " هاهنا، المطر ونحوه، فلذلك ذكَّر، كما قال: وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا ، [ سورة الأعراف : 87 ]، فذكَّر، لأنه أراد الناس. وإن شئت جعلته كبعض ما يذكرون من المؤنث، كقول الشاعر: (37)وَلا أَرْضَ أَبْقَلَ إِبْقَالَهَا (38)
* * *
وقد أنكر ذلك من قِيله بعضُ أهل العربية، ورأى أنه يلزمه إن جاز أن يذكِّر "
قريبًا "، توجيهًا منه للرحمة إلى معنى المطر، أن يقول: " هند قام "، توجيهًا منه لـ" هند " وهي امرأة، إلى معنى: " إنسان "، ورأى أن ما شبَّه به قوله: " إن رحمة الله قريب من المحسنين " ، بقوله: وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا ، غير مُشْبِهِه. وذلك أن " الطائفة " فيما زعم مصدر، بمعنى " الطيف "، كما " الصيحة " و " الصياح "، بمعنًى، ولذلك قيل: وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ ، [ سورة هود: 67 ].------------------
الهوامش :
(27) انظر تفسير"
الفساد في الأرض" فيما سلف 1: 287 ، 416 ، ومواضع أخرى آخرها 10: 461 ، تعليق: 1 ، والمراجع هناك.(28) انظر تفسير"
الإصلاح" فيما سلف من فهارس اللغة (صلح).(29) انظر تفسير"
الرحمة" فيما سلف من فهارس اللغة (رحم).= وتفسير"
الإحسان" فيما سلف من فهارس اللغة (حسن).(30) في المطبوعة: "
إذا رفعت أخبارًا" ، لم يحسن قراءة المخطوطة.(31) هكذا جاء في المخطوطة والمطبوعة ، والصواب أنه"
عروة بن حزام" ، كما سترى في التخريج ، وكأنه سهو من الناسخ وزيادة منه ، فإن هذا كله تابع فيه أبو جعفر ، الفراء في معاني القرآن ، والفراء لم يذكر سوى"عروة" ، فزاد الناسخ سهوًا"بن الورد".(32) معاني القرآن للفراء 1: 381 ، على ما ذكره أبو جعفر ، وهو نقله عنه. والبيت في ديوان عروة بن حزام ، وفي تزيين الأسواق 1: 84 ، والبكري في شرح الأمالي: 401 ، من شعر له صواب إنشاده على الباء :
عَشِــيَّة لا عَفْــرَاءُ مِنْــكَ بَعِيـدَةٌ
فَتَسْــلُو ، وَلا عَفْـرَاءُ مِنْـكَ قَـرِيبُ
وَإنِّــي لَتَغْشَــانِي لِذِكْـرَاكِ فَــتْرَةٌ
لَهَــا بَيْـنَ جِـلْدِي وَالْعِظَـامِ دَبيـبُ
(33) انظر معاني القرآن للفراء 1: 381 ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 216 ، 217..
(34) "
ريح خريق": شديدة ، وقيل: لينة سهلة. ضد.(35) في المطبوعة: "
وساحفة حديد" ، وفي المخطوطة: "وماحقه جديد" ، غير منقوطة والصواب ما أثبت ، وهو المثل الذي ضرب في هذا الباب. قال ابن سيده: "ملحفة جديد ، وجديدة" ، وقال سيبويه: وقد قالوا ملحفة جديدة ، وهو قليلة.(36) "
شاة سديس": أتت عليها السنة السادسة.(37) عامر بن جوين الطائي.
(38) مضى البيت وتخريجه فيما سلف 1: 432 ، ونسيت أن أذكر هناك أنه سيأتي في هذا الموضع من التفسير ، ثم في 18: 118 (بولاق) ، وصدر البيت:
فَـــلا مُزْنَــةٌ وَدَقَــتْ وَدْقَهَــا
- ابن عاشور : وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا ۚ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ
عُطف النّهي عن الفساد في الأرض على جملة { إنه لا يحب المعتدين } [ الأعراف : 55 ] عَطْفاً على طريقة الاعتراض ، فإنّ الكلام لمّا أنبأ عن عناية الله بالمسلمين وتقريبه إياهم إذ أمرهم بأن يدعوه وشرّفهم بذلك العنوان العظيم في قوله : { ربكم } [ الأعراف : 55 ] ، وعرّض لهم بمحبّته إياهم دون أعدائهم المعتدين ، أعقبه بما يحول بينهم وبين الإدلال على الله بالاسترسال فيما تُمليه عليهم شهواتهم من ثوران القوتين الشّهوية والغَضبيّة ، فإنّهما تجنيان فساداً في الغالب ، فذكَّرهم بترك الإفساد ليكون صلاحهم منزّهاً عن أن يخالطه فساد ، فإنّهم إن أفسدوا في الأرض أفسدوا مخلوقات كثيرة وأفسدوا أنفسهم في ضمن ذلك الإفساد ، فأشبه موقعَ الاحتراس ، وكذلك دأب القرآن أن يعقِّب التّرغيب بالتّرهيب ، وبالعكس ، لئلاّ يقع النّاس في اليأس أو الأمْن .
والاهتمامُ بدرء الفساد كان مَقَاماً هنا مقتضياً التّعجيل بهذا النّهي مُعترضاً بين جملتي الأمر بالدّعاء .
وفي إيقاع هذا النّهي عقب قوله { إنه لا يحب المعتدين } [ الأعراف : 55 ] تعريض بأنّ المعتدين وهم المشركون مفسدون في الأرض ، وإرْباءُ للمسلمين عن مشابهتهم ، أي لا يليق بكم وأنتم المقرّبون من ربّكم ، المأذونُ لكم بدعائه ، أن تكونوا مثل المبعدين منه المبغضين .
والإفساد في الأرض والإصلاح تقدّم الكلام عليهما عند قوله تعالى : { وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون } في سورة البقرة ( 11 ) ، وبيّنّا هنالك أصول الفساد وحقائق الإصلاح ، ومر هنالك القول في حذف مفعول تفسدوا } ممّا هو نظير ما هنا .
و { الأرض } هنا هي الجسم الكُروي المعبّر عنه بالدّنيا .
والإفساد في كلّ جزء من الأرض هو إفساد لمجموع الأرض ، وقد يكون بعض الإفساد مؤدّياً إلى صلاح أعظم ممّا جرّه الإفساد من المضرّة ، فيترجّح الإفساد إذا لم يمكن تحصيل صلاح ضروري إلاّ به ، فقد قطع رسول الله صلى الله عليه وسلم نخل بني النضير ، ونهى أبو بكر رضي الله عنه عن قطع شجر العدوّ ، لاختلاف الأحوال .
والبعدية في قوله : { بعد إصلاحها } بعديةٌ حقيقيةٌ ، لأنّ الأرض خلقت من أوّل أمرها على صلاح قال الله تعالى : { وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدّر فيها أقواتها } [ فصلت : 10 ] على نظام صالح بما تحتوي عليه ، وبخاصة الإنسان الذي هو أشرف المخلوقات التي جعلها الله على الأرض ، وخلق له ما في الأرض ، وعزّز ذلك النّظام بقوانين وضعها الله على ألْسِنَةِ المرسلين والصّالحين والحكماء من عباده ، الذين أيّدهم بالوحي والخطاب الإلهي ، أو بالإلهام والتّوفيق والحكمة ، فعلموا النّاس كيف يستعملون ما في الأرض على نظام يحصل به الانتفاع بنفع النّافع وإزالة ما في بعض النّافع من الضرّ وتجنّب ضرّ الضار ، فذلك النّظامُ الأصلي ، والقانُونُ المعزّزُ له ، كلاهما إصلاح في الأرض ، لأنّ الأوّل إيجاد الشّيء صالحاً ، والثّاني جعل الضّار صالحاً بالتّهذيب أو بالإزالة ، وقد مضَى في قوله تعالى :
{ وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون } في سورة البقرة ( 11 ) ، أنّ الإصلاح موضوع للقدر المشترك بين إيجاد الشّيء صالحاً وبين جعل الفاسد صالحاً . فالإصلاح هنا مصدر في معنى الاسم الجامد ، وليس في معنى الفعل ، لأنّه أريد به إصلاح حاصل ثابت في الأرض لا إصلاح هو بصدد الحصول ، فإذا غُيّر ذلك النّظام فأفْسِد الصّالحُ ، واستُعمل الضّار على ضرّه ، أو استبقى مع إمكان إزالته ، كان إفساداً بعد إصلاح ، كما أشار إليه قوله تعالى : { والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير } [ الأنفال : 73 ].
والتّصريح بالبعدية هنا تسجيل لفظاعة الإفساد بأنّه إفساد لما هو حسن ونافع ، فلا معذرة لفاعله ولا مساغ لفعله عند أهل الأرض .
عود إلى أمر الدّعاء لأنّ ما قبله من النّهي عن الإفساد أشبه الاحتراس المعترض بين أجزاء الكلام ، وأعيد الأمر بالدّعاء ليبنى عليه قوله : { خوفاً وطمعاً } قصداً لتعليم الباعث على الدّعاء بعد أن عُلّموا كيفيته ، وهذا الباعث تنطوي تحته أغراض الدّعاء وأنواعه ، فلا إشكال في عطف الأمر بالدّعاء على مِثله لأنّهما مختلفان باختلاف متعلّقاتهما .
والخوف تقدّم عند قوله تعالى : { إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله } [ البقرة : 229 ].
والطّمع تقدّم في قوله : { أفتطمعون أن يؤمنوا لكم } في سورة البقرة ( 75 ).
وانتصاب خوفاً وطمعاً } هنا على المفعول لأجله ، أي أنّ الدّعاء يكون لأجل خوف منه وطمع فيه ، فحذف متعلِّق الخوف والطّمع لدلالة الضّمير المنصوب في { ادعوه }.
والواو للتّقسيم للدّعاء بأنّه يكون على نوعين :
فالخوف من غضبه وعقابه ، والطّمع في رضاه وثوابه ، والدّعاء لأجل الخوف نحو الدّعاء بالمغفرة ، والدّعاء لأجل الطّمع نحو الدّعاء بالتّوفيق وبالرّحمة . وليس المراد أنّ الدّعاء يشتمل على خوف وطمع في ذاته كما فسرّ به الفخر في السّؤال الثّالث لأنّ ذلك وإن صحّ في الطّمع لا يصحّ في الخوف إلاّ بسماجة . وفي الأمر بالدّعاء خوفاً وطمعاً دليل على أنّ من حظوظ المكلّفين في أعمالهم مراعاة جانب الخوف من عقاب اللَّه والطّمععِ في ثوابه ، وهذا ممّا طفحت به أدلّة الكتاب والسنّة ، وقد أتى الفخر في السّؤال الثّاني في تفسير الآية بكلام غيْر مُلاق للمعروف عند علماء الأمّة ، ونزع به نزعة المتصوّفة الغلاة . وتعقبّه يطول ، فدونك فانظره إن شئت .
وقد شمل الخوف والطّمع جميع ما تتعلّق به أغراض المسلمين نحوّ ربّهم في عاجلهم وآجلهم ، ليدعُوا الله بأن ييسِر لهم أسباب حصول ما يطمعون ، وأن يجنبهم أسباب حصول ما يخافون . وهذا يقتضي توجّه همّتهم إلى اجتناب المنهيات لأجل خوفهم من العقاب ، وإلى امتثال المأمورات لأجل الطّمع في الثّواب ، فلا جرم أنّه اقتضى الأمرَ بالإحسان ، وهو أن يعبدُوا الله عبادة من هو حاضر بين يديه فيستحيي من أن يعصيه ، فالتّقدير : وادعوه خوفاً وطمعاً وأحسنوا بقرينة تعقيبه بقوله : { إن رحمة الله قريب من المحسنين }.
وهذا إيجاز .
وجملة : { إن رحمة الله قريب من المحسنين } واقعة موقع التّفريع على جملة { وادعوه } ، فلذلك قرنت ب { إن } الدّالة على التّوكيد ، وهو لمجرّد الاهتمام بالخبر ، إذ ليس المخاطبون بمتردّدين في مضمون الخبر ، ومن شأن ( إن ) إذا جاءت على هذا الوجه أن تفيد التّعليل وربط مضمون جملتها بمضمون الجملة التي قبلها ، فتغني عن فاء التّفريع ، ولذلك فُصلت الجملة عن التي قبلها فلم تعطف لإغناء ( إنّ ) عن العاطف .
و { رحمة الله } : إحسانه وإيتاؤه الخبر .
والقرب حقيقته دُنُّو المكان وتجاوره ، ويطلق على الرّجاء مجازاً يقال : هذا قريب ، أي ممكن مرجو ، ومنه قوله : { إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً } [ المعارج : 6 ، 7 ] فإنّهم كانوا ينكرون الحشر وهو عند الله واقع لا محالة ، فالقريب هنا بمعنى المرجو الحصول وليس بقرب مكان . ودلّ قوله { قريب من المحسنين } على مقدّر في الكلام ، أي وأحسنوا لأنّهم إذا دَعوا خوفاً وطعماً فقد تهيَّأوا لنبذ ما يوجب الخوف ، واكتساب ما يوجب الطّمع ، لئلا يكون الخوف والطّمع كاذبين ، لأنّ من خاف لا يُقدم على المخوف ، ومن طمع لا يَترك طلب المطموع ، ويتحقّق ذلك بالإحسان في العمل ويلزم من الإحسان ترك السَيِّئات ، فلا جرم تكون رحمة الله قريباً منهم ، وسكت عن ضد المحسنين رفقاً بالمؤمنين وتعريضاً بأنّهم لا يظن بهم أن يسيئوا فتبعد الرّحمة عنهم .
وعدم لحاق علامة التّأنيث لوصففِ { قريب } مع أنّ موصوفه مؤنّث اللّفظ ، وجَّهه علماء العربيّة بوجوه كثيرة ، وأشار إليها في «الكشاف» .
وجلّها يحوم حول تأويل الاسم المؤنّث بما يرادفه من اسممٍ مذكّر ، أو الاعتذارِ بأنّ بعض الموصوف به غيرُ حقيقي التّأنيث كما هنا ، وأحسنها عندي قول الفراء وأبي عبيدة : أنّ قريباً أو بعيداً إذا أطلق على قرابة النّسب أو بُعد النّسب فهو مع المؤنّث بتاء ولا بُدّ ، وإذا أطلق على قُرب المسافة أو بُعدها جاز فيه مطابقة موصوفه وجاز فيه التّذكير على التّأويل بالمكان ، وهو الأكثر ، قال الله تعالى : { وما هي من الظالمين ببعيد } [ هود : 83 ] وقال : { وما يدريك لعل الساعة تكون قريباً } [ الأحزاب : 63 ]. ولمّا كان إطلاقه في هذه الآية على وجه الاستعارة من قرب المسافة جرى على الشّائع في استعماله في المعنى الحقيقي ، وهذا من لطيف الفروق العربيّة في استعمال المشترك إزالة للإبهام بقدر الإمكان .
- إعراب القرآن : وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا ۚ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ
«وَلا تُفْسِدُوا» فعل مضارع مجزوم بحذف النون لسبقه بلا الناهية الجازمة والواو فاعله والجملة معطوفة.
«فِي الْأَرْضِ» متعلقان بالفعل قبلهما وكذلك الظرف «بَعْدَ» متعلق بالفعل. «إِصْلاحِها» مضاف إليه.
«وَادْعُوهُ» فعل أمر مبني على حذف النون وفاعله ومفعوله والجملة معطوفة «خَوْفاً وَطَمَعاً» حالان ، «إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ» إن واسمها وخبرها ولفظ الجلالة مضاف إليه ، «مِنَ الْمُحْسِنِينَ» متعلقان بقريب. وجملة «إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ» تعليلية لا محل لها.
- English - Sahih International : And cause not corruption upon the earth after its reformation And invoke Him in fear and aspiration Indeed the mercy of Allah is near to the doers of good
- English - Tafheem -Maududi : وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا ۚ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ(7:56) Anddo not make mischief in the earth after it has been set in order, *44 and call upon Him with fear and longing. *45 Surely Allah's mercy is close to those who do good.
- Français - Hamidullah : Et ne semez pas la corruption sur la terre après qu'elle ait été réformée Et invoquez-Le avec crainte et espoir car la miséricorde d'Allah est proche des bienfaisants
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Und stiftet auf der Erde nicht Unheil nachdem sie in Ordnung gebracht worden ist Und ruft Ihn in Furcht und Begehren an Gewiß die Barmherzigkeit Allahs ist den Gutes Tuenden nahe
- Spanish - Cortes : ¡No corrompáis en la tierra después de reformada ¡Invocadle con temor y anhelo La misericordia de Alá está cerca de quienes hacen el bien
- Português - El Hayek : E não causeis corrupção na terra depois de haver sido pacificada Outrossim incovaiO com temor e esperança porqueSua misericórdia está próxima dos benfeitores
- Россию - Кулиев : Не распространяйте нечестия на земле после того как она приведена в порядок Взывайте к Нему со страхом и надеждой Воистину милость Аллаха близка к творящим добро
- Кулиев -ас-Саади : وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا ۚ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ
Не распространяйте нечестия на земле после того, как она приведена в порядок. Взывайте к Нему со страхом и надеждой. Воистину, милость Аллаха близка к творящим добро.Не распространяйте на земле нечестия, совершая грехи, после того, как она приведена в порядок благодаря богоугодным деяниям. Грехи и неповиновение лишают нравственности, разрушают благодеяния и губят богатство. Всевышний сказал: «Зло появляется на суше и на море по причине того, что совершают людские руки, чтобы они вкусили часть того, что они натворили, и чтобы они вернулись на прямой путь» (30:41). В то же время повиновение Аллаху облагораживает нрав, исправляет поступки и способствует приумножению богатства как при жизни на земле, так и после смерти. После упоминания об этом Аллах повелел взывать к Нему со страхом и надеждой, ибо правоверный должен бояться Его наказания и надеяться на Его вознаграждение. Он должен надеяться на то, что его молитвы будут приняты, и бояться того, что они будут отвергнуты. Он не должен указывать своему Господу, что надо делать, обольщаясь собой и пытаясь прыгнуть выше головы, и не должен взывать к Нему беспечно и пренебрежительно. Одним словом, при обращении с мольбой к Аллаху надлежит молиться в тайне, дабы молитва была искренне посвящена Ему одному, причем сердце молящегося должно быть преисполнено страха и надежды. Он не должен вести себя небрежно, словно чувствует себя в безопасности и не нуждается в ответе своего Господа. Только такая молитва может считаться правильной: чтобы надлежащим образом выполнить любой обряд, следует приложить усилия, совершить все необходимое и избежать любых недостатков и упущений. И если человек должным образом поклоняется Аллаху и делает добро Его рабам, то Его милость действительно близка к нему. Чем больше он совершает добра, тем больше он приближается к ней и тем больше Господь приближается к нему посредством Своей милости. Поведав об этом, Аллах открыто призвал Своих рабов быть праведными и добродетельными.
- Turkish - Diyanet Isleri : Düzeltilmişken yeryüzünde bozgunculuk yapmayın Allah'a korkarak ve umutla yalvarın Doğrusu Allah'ın rahmeti iyi davrananlara yakındır
- Italiano - Piccardo : Non spargete la corruzione sulla terra dopo che è stata resa prospera InvocateLo con timore e desiderio La misericordia di Allah è vicina a quelli che fanno il bene
- كوردى - برهان محمد أمين : خهڵکینه فهساد و گوناه و تاوان ئهنجام مهدهن له زهویدا دوای ئهوهی چاکهکاریی ڕهنگی گرتووهو خهڵکی خهریکن خووی پێوه دهگرن بهردهوام هاناو هاوار بۆ خوا بهرن له ترسی سزای دۆزهخ و بهئومێدی بهدهستهێنانی بهههشت بهڕاستی ڕهحمهتی خوا نزیکه له چاکهکاران و چاکهخوازانهوه
- اردو - جالندربرى : اور ملک میں اصلاح کے بعد خرابی نہ کرنا اور خدا سے خوف کرتے ہوئے اور امید رکھ کر دعائیں مانگتے رہنا۔ کچھ شک نہیں کہ خدا کی رحمت نیکی کرنے والوں سے قریب ہے
- Bosanski - Korkut : I ne pravite nered na Zemlji kad je na njoj red uspostavljen a Njemu se molite sa strahom i nadom; milost Allahova je doista blizu onih koji dobra djela čine
- Swedish - Bernström : Och stör inte ordningen och sprid inte sedefördärv på jorden sedan allt där har ställts till rätta Åkalla Honom med bävan och hopp Guds nåd är nära dem som gör det goda och det rätta
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Dan janganlah kamu membuat kerusakan di muka bumi sesudah Allah memperbaikinya dan berdoalah kepadaNya dengan rasa takut tidak akan diterima dan harapan akan dikabulkan Sesungguhnya rahmat Allah amat dekat kepada orangorang yang berbuat baik
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا ۚ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ
(Dan janganlah kamu membuat kerusakan di muka bumi) dengan melakukan kemusyrikan dan perbuatan-perbuatan maksiat (sesudah Allah memperbaikinya) dengan cara mengutus rasul-rasul (dan berdoalah kepada-Nya dengan rasa takut) terhadap siksaan-Nya (dan dengan penuh harap) terhadap rahmat-Nya. (Sesungguhnya rahmat Allah amat dekat kepada orang-orang yang berbuat baik) yakni orang-orang yang taat. Lafal qariib berbentuk mudzakkar padahal menjadi khabar lafal rahmah yang muannats, hal ini karena lafal rahmah dimudhafkan kepada lafal Allah.
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : পৃথিবীকে কুসংস্কারমুক্ত ও ঠিক করার পর তাতে অনর্থ সৃষ্টি করো না। তাঁকে আহবান কর ভয় ও আশা সহকারে। নিশ্চয় আল্লাহর করুণা সৎকর্মশীলদের নিকটবর্তী।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : மேலும் பூமியில் அமைதி உண்டாகி சீர்திருத்தம் ஏற்பட்ட பின்னர் அதில் குழப்பம் உண்டாக்காதீர்கள்; அச்சத்தோடும் ஆசையோடும் அவனை பிரார்த்தியுங்கள் நிச்சயமாக அல்லாஹ்வின் அருள் நன்மை செய்வோருக்கு மிக சமீபத்தில் இருக்கிறது
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : และพวกเจ้าอย่าก่อความเสียหายไว้ในแผ่นดิน หลังจากได้มีการปรับปรุงแกไขมันแล้ว และจงวิงวอนขอต่อพระองค์ด้วยความยำเกรง และความปรารถนาอันแรงกล้า แท้จริงความเอ็นดูเมตตาของอัลลอฮ์นั้นใกล้แก่ผู้กระทำดีทั้งหลาย
- Uzbek - Мухаммад Содик : Ва ислоҳ қилингандан кейин ер юзида фасод қилманг ва Ундан қўрқиб тамаъ ила дуо қилинг Албатта Аллоҳнинг раҳмати яхшилик қилувчиларга яқиндир
- 中国语文 - Ma Jian : 在改善地方之后,你们不要在地方上作恶,你们要怀著恐惧和希望的心情祈祷他。真主的慈恩确是临近行善者的。
- Melayu - Basmeih : Dan janganlah kamu berbuat kerosakan di bumi sesudah Allah menyediakan segala yang membawa kebaikan padanya dan berdoalah kepadaNya dengan perasaan bimbang kalaukalau tidak diterima dan juga dengan perasaan terlalu mengharapkan supaya makbul Sesungguhnya rahmat Allah itu dekat kepada orangorang yang memperbaiki amalannya
- Somali - Abduh : Hana fasaadinina Dhulka inta la Wanaajiyey ka dib Baryana Eebe Cabsi iyo Doonidba Naxariista Eebana waxay u Dhawdahay kuwa Samaha Fala
- Hausa - Gumi : Kuma kada ku yi ɓarna a cikin ƙasa a bãyan gyaranta Kuma ku kirãye shi sabõda tsõro da tsammãni; lalle ne rahamar Allah makusanciya ce daga mãsu kyautatãwa
- Swahili - Al-Barwani : Wala msifanye uharibifu katika nchi baada ya kuwa imekwisha tengenezwa Na muombeni kwa kuogopa na kwa kutumai Hakika rehema ya Mwenyzi Mungu iko karibu na wanao fanya mema
- Shqiptar - Efendi Nahi : Dhe mos bëni çrregullime në tokë kur në të është vënë rregulli e Atij lutjuni duke iu friguar dhe shpresuar; se me të vërtetë mëshira e Perëndisë është afër bamirësve
- فارسى - آیتی : در زمين آنگاه كه به صلاح آمده است فساد مكنيد. و خدا را از روى بيم و اميد بخوانيد. و رحمت خدا به نيكوكاران نزديك است.
- tajeki - Оятӣ : Дар замин он гоҳ, ки ба салоҳ омадааст, фасод макунед! Ва Худоро аз рӯи тарсу умед бихонед! Ва раҳмати Худо ба некӯкорон наздик аст.
- Uyghur - محمد صالح : اﷲ (پەيغەمبەرلەرنى ئەۋەتىپ) يەر يۈزىنى تۈزىگەندىن كېيىن، يەر يۈزىدە بۇزۇقچىلىق قىلماڭلار (اﷲ نىڭ ئازابىدىن) قورققان ۋە (رەھمىتىنى) ئۇمىد قىلغان ھالدا دۇئا قىلىڭلار، شۈبھىسىزكى اﷲ نىڭ رەھمىتى ياخشىلىق قىلغۇچىلارغا يېقىندۇر
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : ഭൂമിയില് നന്മ വരുത്തിയശേഷം നിങ്ങളതില് നാശമുണ്ടാക്കരുത്. നിങ്ങള് പേടിയോടെയും പ്രതീക്ഷയോടെയും പടച്ചവനോടു മാത്രം പ്രാര്ഥിക്കുക. അല്ലാഹുവിന്റെ അനുഗ്രഹം നന്മ ചെയ്യുന്നവരോടു ചേര്ന്നാണ്.
- عربى - التفسير الميسر : ولا تفسدوا في الارض باي نوع من انواع الفساد بعد اصلاح الله اياها ببعثه الرسل عليهم السلام وعمرانها بطاعه الله وادعوه سبحانه مخلصين له الدعاء خوفا من عقابه ورجاء لثوابه ان رحمه الله قريب من المحسنين
*44). The command not to make mischief in the earth means not to vitiate the right order of life. What basically, constitutes 'mischief-making' is to surrender oneself to one's lusts, to commit acts in subservience to other human beings and to subscribe to base morals, social orders, civilizations, principles and laws derived from sources other than God's Guidance. This is the essential mischief from which innumerable evils issue and which the Qur'an seeks to eradicate. The Qur'an also emphasizes that sound order is the original condition, and disorder and mischief occurred later as accidents resulting from man's ignorance and transgression. In other words, man's life on earth did not start with ignorance, savagery, polytheistic beliefs, rebellion against God and moral disorder whereafter reforms were gradually introduced. On the contrary, man's life began with good order and was later corrupted because of man's perversity and folly. God sent Prophets from time to time in order to eradicate the disorder that had set in and to restore the original, good order. These Prophets constantly ehorted people to refrain from disrupting the original order and creating mischief.
Thus the Qur'anic view on this question is altogether different from that of the proponents of the false doctrine of evolution, who postulate that man has gradually come out of darkness into light; that life has advanced in a unilinear fashion, towards increasinly better conditions. The Qur'an rather postulates that human life began in the full light of Divine Guidance, that the original state of affairs was in accord with the Right Way prescribed by God. The blame for corruption goes to man who, failing victim to Satan's allurements, veered towards darkness and corrupted the right order of human life again and again. As for God, He continually sent Prophets in order to summon men from darkness to light, and to ask them to eschew evil and wickedness. (See Towards Understanding the Qur'an, al-Baqarah 2, n. 230, pp. 165-6 - Ed.)
*45). This clearly shows what the expression 'mischief-making' in the verse signifies. It consists of man's turning to others than God as his guardian, patron and helper, and calling them to his aid and support. To bring about reform, therefore, consists of man's turning exclusively to God as his guardian and helper.
'Calling upon Allah with fear and longing' conveys the idea that man should fear God alone, and to Him alone he should look for the fulfilment of his wishes. While calling upon God man should realize that he is totally dependent on God's favour and that he can attain success only if God helps and guides him to it. Similarly, man should also bear in mind that once he is deprived of God's support, he is doomed to utter failure and undoing.