- عربي - نصوص الآيات عثماني : وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا ٱسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍۢ وَمِن رِّبَاطِ ٱلْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِۦ عَدُوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَءَاخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ ٱللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَىْءٍۢ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ
- عربى - نصوص الآيات : وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم ۚ وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون
- عربى - التفسير الميسر : وأعدُّوا - يا معشر المسلمين - لمواجهة أعدائكم كل ما تقدرون عليه مِن عدد وعدة، لتُدْخلوا بذلك الرهبة في قلوب أعداء الله وأعدائكم المتربصين بكم، وتخيفوا آخرين لا تظهر لكم عداوتهم الآن، لكن الله يعلمهم ويعلم ما يضمرونه. وما تبذلوا من مال وغيره في سبيل الله قليلا أو كثيرًا يخلفه الله عليكم في الدنيا، ويدخر لكم ثوابه إلى يوم القيامة، وأنتم لا تُنْقصون من أجر ذلك شيئًا.
- السعدى : وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ
أي {وَأَعِدُّوا} لأعدائكم الكفار الساعين في هلاككم وإبطال دينكم. {مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} أي: كل ما تقدرون عليه من القوة العقلية والبدنية وأنواع الأسلحة ونحو ذلك مما يعين على قتالهم، فدخل في ذلك أنواع الصناعات التي تعمل فيها أصناف الأسلحة والآلات من المدافع والرشاشات، والبنادق، والطيارات الجوية، والمراكب البرية والبحرية، والحصون والقلاع والخنادق، وآلات الدفاع، والرأْي: والسياسة التي بها يتقدم المسلمون ويندفع عنهم به شر أعدائهم، وتَعَلُّم الرَّمْيِ، والشجاعة والتدبير. ولهذا قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (ألا إن القوة الرَّمْيُ) ومن ذلك: الاستعداد بالمراكب المحتاج إليها عند القتال،ولهذا قال تعالى: {وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} وهذه العلة موجودة فيها في ذلك الزمان، وهي إرهاب الأعداء، والحكم يدور مع علته. فإذا كان شيء موجود أكثر إرهابا منها، كالسيارات البرية والهوائية، المعدة للقتال التي تكون النكاية فيها أشد، كانت مأمورا بالاستعداد بها، والسعي لتحصيلها،حتى إنها إذا لم توجد إلا بتعلُّم الصناعة، وجب ذلك، لأن ما لا يتم الواجب إلا به، فهو واجب وقوله: {تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْْ} ممن تعلمون أنهم أعداؤكم. ْ{وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ} ممن سيقاتلونكم بعد هذا الوقت الذي يخاطبهم الله به ْ{اللَّهُ يَعْلَمُهُم}ْ فلذلك أمرهم بالاستعداد لهم،ومن أعظم ما يعين على قتالهم بذلك النفقات المالية في جهاد الكفار. ولهذا قال تعالى مرغبًا في ذلك: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّه}ِ قليلا كان أو كثيرًا {يُوَفَّ إِلَيْكُمْ} أجره يوم القيامة مضاعفًا أضعافًا كثيرة، حتى إن النفقة في سبيل اللّه، تضاعف إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة.{وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} أي: لا تنقصون من أجرها وثوابها شيئًا.
- الوسيط لطنطاوي : وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ
وقوله: وَأَعِدُّوا.. معطوف على ما قبله، وهو من الإعداد بمعنى تهيئة الشيء للمستقبل، والخطاب لكافة المؤمنين.
والرباط في الأصل مصدر ربط، أى شد، ويطلق، بمعنى المربوط مطلقا، وكثر استعماله في الخيل التي تربط في سبيل الله. فالإضافة إما باعتبار عموم المفهوم الأصلى، أو بملاحظة كون الرباط مشتركا بين معان أخر كملازمة الثغور، والمواظبة على الأمر، فإضافته لأحد معانيه للبيان.
قال صاحب الكشاف: والرباط: اسم للخيل التي تربط في سبيل الله، ويجوز أن يسمى بالرباط الذي هو بمعنى المرابطة، ويجوز أن يكون جمع ربيط كفصيل وفصال- يقال نعم الربيط هذا، لما يرتبط من الخيل.
والمعنى: عليكم- أيها المؤمنون- أن تعدوا لقتال أعدائكم ما تستطيعون إعداده من وسائل القوة على اختلاف صنوفها وألوانها وأسبابها.
وجاء- سبحانه- بلفظ قُوَّةٍ منكرا، ليشمل كل ما يتقوى به في الحرب كائنا ما كان.
قال الجمل: وقوله مِنْ قُوَّةٍ في محل نصب على الحال، وفي صاحبها وجهان: أحدهما أنه الموصول. والثاني: أنه العائد عليه، إذ التقدير ما استطعتموه حال كونه بعض القوة، ويجوز أن تكون مِنْ لبيان الجنس.
وقوله: وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ معطوف على ما قبله من عطف الخاص على العام.
أى: أعدوا لقتال أعدائكم، ما أمكنكم من كل ما يتقوى به عليهم في الحرب، من نحو:
حصون وقلاع وسلاح. ومن رباط الخيل للغزو والجهاد في سبيل الله.
وخص رباط الخيل بالذكر من بين ما يتقوى به، لمزيد فضلها وغنائها في الحرب، ولأن الخيل كانت الأداة الرئيسية في القتال في العهد النبوي، وقوله: تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ بيان للمقصود من الأمر بإعداد ما يمكنهم إعداده من قوة.
وقوله: تُرْهِبُونَ من الرهبة وهي مخافة مع تحرز واضطراب.
والضمير المجرور- وهو قوله بِهِ- يعود إلى الإعداد المأخوذ من قوله وَأَعِدُّوا.
أى: أعدوا ما استطعتم من قوة، حالة كونكم مرهبين بهذا الإعداد عدو الله وعدوكم، من كل كافر ومشرك ومنحرف عن طريق الحق، وعلى رأس هؤلاء جميعا. كفار مكة الذين أخرجوكم من دياركم بغير حق، ويهود المدينة الذين لم يتركوا وسيلة للإضرار بكم إلا فعلوها.
وقوله وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ معطوف على ما قبله.
أى: ترهبون بهذا الإعداد أعداء معروفين لكم- كمشركي مكة ويهود المدينة، وترهبون به أيضا أعداء آخرين غيرهم أنتم لا تعرفونهم لأنهم يخفون عداوتهم لكم، ولكن الله- تعالى- الذي لا يخفى عليه شيء يعلمهم، وسيحبط أعمالهم.
وقد اختلف المفسرون في المراد بهؤلاء الأعداء الذين عبر الله عنهم بقوله لا تعلمونهم الله يعلمهم، فمنهم من قال: المراد بهم بنو قريظة ومنهم من قال: المراد بهم أهل فارس والروم.
ورجح ابن جرير أن المراد بهم: كفار الجن.. لأن المؤمنين كانوا عالمين بمداراة بنى قريظة وفارس والروم لهم ... والمعنى ترهبون بذلك الإعداد عدو الله وعدوكم من بنى آدم الذين علمتم عداوتهم، وترهبون به جنسا آخر من غير بنى آدم لا تعلمون أماكنهم وأحوالهم، الله يعلمهم دونكم، لأن بنى آدم لا يرونهم».
ورجح الفخر الرازي أن المراد بهم المنافقون، قال: لأن المنافق من عادته أن يتربص ظهور الآفات، ويحتال في إلقاء الإفساد والتفريق بين المسلمين- بطرق قد لا تعرف، فإذا شاهد كون المسلمين في غاية القوة خافهم وترك الأفعال المذمومة».
ولعل ما رجحه الفخر الرازي هو الأقرب إلى الصواب، لأن عداوة المنافقين للمؤمنين كثيرا ما تكون خافية، ويشهد لهذا قوله- تعالى- في آية أخرى: وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ .
ثم ختم- سبحانه- الآية الكريمة بالدعوة إلى الإنفاق في سبيله، وبشر المنفقين بحسن الجزاء فقال: وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ.
أى: وَما تُنْفِقُوا- أيها المؤمنون- مِنْ شَيْءٍ قل أو كثر هذا المنفق فِي سَبِيلِ اللَّهِ أى في وجوه الخيرات التي من أجلّها الجهاد لإعلاء كلمة الدين يُوَفَّ إِلَيْكُمْ أى:
يصل إليكم عوضه في الدنيا وأجره في الآخرة وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ أى: لا تنقصون شيئا من العوض أو الأجر.
قالوا: والتعبير بالظلم- مع أن الأعمال غير موجبة للثواب حتى يكون ترك ترتيبه عليها ظلما- لبيان كمال نزاهته- سبحانه- عن ذلك بتصويره بصورة ما يستحيل صدوره عنه- تعالى- من القبائح، وإبراز الإثابة في معرض الأمور الواجبة عليه- تعالى-» .
هذا، ومن الأحكام التي أخذها العلماء من هذه الآية ما يأتى:
1- وجوب إعداد القوة الحربية للدفاع عن الدين وعن الوطن وعن كل ما يجب الدفاع عنه، لأن أعداء الإسلام إذا ما علموا أن أتباعه أقوياء هابوهم، وخافوا بأسهم، ولم يجرؤوا على مهاجمتهم.
قال القرطبي: وقوله- تعالى- وَأَعِدُّوا لَهُمْ. أمر الله المؤمنين بإعداد القوة للأعداء، بعد أن أكد تقدمة التقوى. فإن الله- تعالى- لو شاء لهزمهم بالكلام والتفل في وجوههم، وبحفنة من تراب، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن أراد أن يبتلى بعض الناس ببعض بعلمه السابق وقضائه النافذ ... ».
وقال بعض العلماء: دلت هذه الآية على وجوب إعداد القوة الحربية، اتقاء بأس العدو وهجومه، ولما عمل الأمراء بمقتضى هذه الآية أيام حضارة الإسلام، كان الإسلام عزيزا، عظيما، أبى الضيم، قوى القنا، جليل الجاه، وفير السنا، إذ نشر لواء سلطته على منبسط الأرض، فقبض على ناصية الأقطار والأمصار.
أما اليوم فقد ترك المسلمون العمل بهذه الآية الكريمة، ومالوا إلى النعيم والترف، فأهملوا فرضا من فروض الكفاية، فأصبحت جميع الأمة آثمة بترك هذا الفرض، ولذا تعانى اليوم من غصته ما تعانى.
وكيف لا يطمع العدو في بلاد الإسلام، وهو لا يرى فيها معامل للأسلحة، وذخائر الحرب، بل كلها مما يشترى من بلاد العدو؟
أما آن لها أن تتنبه من غفلتها، فتعد العدة التي أمر الله بها لأعدائها، وتتلافى ما فرطت قبل أن يداهم العدو ما بقي منها بخيله ورجله..؟
إن القوة التي طلب الله من المؤمنين إعدادها لإرهاب الأعداء، تتناول كل ما من شأنه أن يجعل المؤمنين أقوياء. كإعداد الجيوش المدربة، والأسلحة المتنوعة التي تختلف بحسب الأزمنة والأمكنة.
وما روى من تفسير القوة- التي وردت في الآية- بالرمي، فإنما هو على سبيل المثال، ولأن الرمي كان في ذلك الوقت أقوى ما يتقوى به.
قال الفخر الرازي عند تفسيره للآية، والمراد بالقوة هنا ما يكون سببا لحصول القوة، وذكروا فيه وجوها:
الأول: المراد من القوة أنواع الأسلحة.
الثاني: روى أنه صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية على المنبر وقال: «ألا إن القوة الرمي» قالها ثلاثا.
الثالث: قال بعضهم: القوة هي الحصون.
الرابع: قال أصحاب المعاني: الأولى أن يقال: هذا عام في كل ما يتقوى به على حرب العدو، وكل ما هو آلة للغزو والجهاد فهو من جملة القوة، وقوله صلى الله عليه وسلم: «القوة هي الرمي» لا ينفى كون غير الرمي معتبرا. كما أن قوله صلى الله عليه وسلم «الحج عرفة» «والندم توبة» لا ينفى اعتبار غيره. بل يدل على أن هذا المذكور جزء شريف من المقصود فكذا هنا.
وهذه الآية تدل على أن الاستعداد للجهاد بالنبل، والسلاح، وتعليم الفروسية، والرمي فريضة إلا أنه من فروض الكفايات .
إن رباط الخيل للجهاد في سبيل الله فضله عظيم، وثوابه كبير، فقد كانت الخيل هي خير ما عرف العرب من وسائل الانتقال في الحرب وأسرعها، وما زالت الخيل لها قيمتها في بعض أنواع الحروب.
قال القرطبي، فإن قيل: إن قوله وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ كان يكفى، فلماذا خص الخيل بالذكر؟.
قيل له: إن الخيل لما كانت أصل الحرب وأوزارها التي عقد الخير في نواصيها، وهي أقوى القوة، وأشد العدة، وحصون الفرسان، وبها يجال في الميدان، لما كانت كذلك خصها بالذكر تشريفا، وأقسم بغبارها تكريما، فقال: «والعاديات ضبحا».
وقال الإمام ابن العربي: وأما رباط الخيل فهو فضل عظيم ومنزلة شريفة.
روى الأئمة عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الخيل ثلاثة، لرجل ستر، ولرجل أجر، وعلى رجل وزر. فأما الذي هي عليه وزر فرجل ربطها رياء وفخرا ونواء لأهل الإسلام- أى: مناوأة ومعاداة- فهي عليه وزر.
وأما الذي هي عليه ستر فرجل ربطها تغنيا وتعففا، ولم ينس حق الله في ظهورها فهي عليه ستر.
وأما الذي هي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله، فأطال لها في مرج أو روضة، فما أكلت من ذلك المرج أو الروضة من شيء إلا كتب الله له عدد ما أكلت حسنات..» .
وروى البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلوى ناصية فرس بإصبعيه وهو يقول: «الخير معقود في نواصي الخيل إلى يوم القيامة».
4- أن المقصود من إعداد العدة في الإسلام إنما هو إرهاب الأعداء حتى لا يفكروا في الاعتداء على المسلمين، وحتى يعيش أتباع هذا الدين آمنين مطمئنين في ديارهم، وحتى يستطيعوا أن يبلغوا رسالة الله إلى خلقه من الناس دون أن يخشوا أحدا سواه- عز وجل..
وليس المقصود بإعداد العدة إرهاب المسالمين، أو العدوان على الآمنين، أو القهر والإذلال للناس واستغلالهم فيما يغضب الله- تعالى-..
ولذلك وجدنا الآية صريحة في بيان المقصود من هذا الإعداد، وهو- كما عبرت عنه تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ....
وهناك آيات أخرى صريحة في بيان سبب مشروعية القتال في الإسلام ومن ذلك قوله- تعالى-: وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ .
وقوله- تعالى-: وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ، فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ والخلاصة: أن من تتبع آيات القرآن الواردة في القتال يجدها جميعها تقرر أن سبب القتال في الإسلام ينحصر في رد العدوان، وحماية الدعوة الإسلامية من التطاول عليها وتثبيت حرية العقيدة، وتطهير الأرض من الظلم والطغيان.
5- وجوب الإنفاق في سبيل الله، ومن أشرف وجوه الإنفاق في سبيل الله أن يبذل المسلم ما يستطيع بذله في الجهاد الذي هو ذروة سنام الإسلام، والذي ما تركه قوم إلا ذلوا ... وألقوا بأنفسهم في التهلكة.
ولقد بشرت الآية الكريمة المنفقين في سبيل الله، بأنه- سبحانه- سيجازيهم على إنفاقهم جزاء وافيا لا نقص معه ولا ظلم.
قال- تعالى- وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ وفي الحديث الشريف الذي رواه الترمذي عن أبى يحيى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أنفق نفقة في سبيل الله كتب له سبعمائة ضعف».
ثم أمر- تعالى- رسوله صلى الله عليه وسلم بقبول السلم والمصالحة، إذا ما رغب أعداؤه في ذلك، وكانت ظواهرهم وأفعالهم تدل على صدق نواياهم فقال- تعالى-:
- البغوى : وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ
قوله تعالى : ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ) الإعداد : اتخاذ الشيء لوقت الحاجة . ( من قوة ) أي : من الآلات التي تكون لكم قوة عليهم من الخيل والسلاح .
أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر أنبأنا عبد الغافر بن محمد ، أنا محمد بن عيسى الجلودي ، ثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، عن مسلم بن الحجاج ثنا هارون بن معروف ثنا ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث ، عن أبي علي ، ثمامة بن شفى أنه سمع عقبة بن عامر يقول : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ، وهو على المنبر : " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ألا إن القوة الرمي ، ألا إن القوة الرمي ، ألا إن القوة الرمي " .
وبهذا الإسناد قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول " ستفتح عليكم الروم ويكفيكم الله - عز وجل - فلا يعجز أحدكم أن يلهو بأسهمه " .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، ثنا محمد بن إسماعيل ، ثنا أبو نعيم ، ثنا عبد الرحمن بن الغسيل ، عن حمزة بن أبي أسيد عن أبيه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر حين صففنا لقريش وصفوا لنا : " إذا أكثبوكم فعليكم بالنبل " .
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنبأنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان ، ثنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار الرياني ، ثنا حميد بن زنجويه ، ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ، ثنا هشام الدستوائي عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة عن أبي نجيح السلمي قال : حاصرنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - الطائف فسمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : " من بلغ بسهم في سبيل الله فهو له درجة في الجنة " ، قال : فبلغت يومئذ ستة عشر سهما . وسمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " من رمى بسهم في سبيل الله فهو عدل محرر " .
أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أنا أبو الحسين علي بن محمد بن بشران ، أنا إسماعيل بن محمد الصفار ، ثنا أحمد بن منصور الرمادي ، ثنا عبد الرزاق ، أنا معمر ، عن يحيى بن كثير ، عن زيد بن سلام ، عن عبد الله بن زيد بن الأزرق عن عقبة بن عامر الجهني عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن الله يدخل بالسهم الواحد الجنة ثلاثة : صانعه ، والممد به ، والرامي به في سبيل الله " .
وروي عن خالد بن زيد عن عقبة بن عامر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر في الجنة : صانعه يحتسب في صنعته الخير ، والرامي به ومنبله ، وارموا واركبوا ، وإن ترموا أحب إلي من أن تركبوا ، كل شيء يلهو به الرجل باطل إلا رميه بقوسه وتأديبه فرسه وملاعبته امرأته فإنهن من الحق . ومن ترك الرمي بعدما علمه رغبة عنه فإنه نعمة تركها أو قال كفرها " .
قوله : ( ومن رباط الخيل ) يعني : ربطها واقتناؤها للغزو . وقال عكرمة : القوة الحصون ومن رباط الخيل الإناث . وروي عن خالد بن الوليد أنه كان لا يركب في القتال إلا الإناث لقلة صهيلها . وعن أبي محيريز قال : كان الصحابة رضي الله عنهم يستحبون ذكور الخيل عند الصفوف وإناث الخيل عند البيات والغارات .
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد بن يوسف ، ثنا محمد بن إسماعيل ، ثنا أبو نعيم ، ثنا زكريا عن عامر ، ثنا عروة البارقي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ، الأجر والمغنم " .
أخبرنا عبد الواحد المليحي أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، ثنا محمد بن إسماعيل ، ثنا علي بن حفص ، ثنا ابن المبارك ، ثنا طلحة بن أبي سعيد قال : سمعت سعيدا المقبري يحدث أنه سمع أبا هريرة يقول : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " من احتبس فرسا في سبيل الله إيمانا وتصديقا بوعده ، فإن شبعه ، وريه ، وروثه ، وبوله في ميزانه يوم القيامة " .
أخبرنا أبو الحسن السرخسي ، أنا زاهر بن أحمد ، أنبأنا أبو إسحاق الهاشمي ، أنبأنا أبو مصعب ، عن مالك ، عن زيد بن أسلم ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " الخيل ثلاثة : لرجل أجر ، ولرجل ستر ، وهي لرجل وزر ، فأما التي هي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله ، فأطال لها في مرج أو روضة فما أصابت في طيلها من ذلك المرج أو الروضة كان له حسنات ، ولو أنها قطعت طيلها ذلك فاستنت شرفا أو شرفين ، كانت آثارها وأرواثها حسنات له ، ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ، ولم يرد أن يسقيها كان ذلك له حسنات ، فهي لذلك الرجل أجر ، وأما التي هي له ستر : فرجل ربطها تغنيا وتعففا ، ثم لم ينس حق الله في ظهورها ولا رقابها ، فهي له ستر ، وأما التي هي له وزر : فرجل ربطها فخرا ورياء ، ونواء لأهل الإسلام ، فهي على ذلك وزر " وسئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الحمر فقال : " ما أنزل علي فيها شيء إلا هذه الآية الجامعة الفاذة : " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره " ( ترهبون به ) تخوفون ( عدو الله وعدوكم وآخرين ) أي : وترهبون آخرين ، ( من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم ) قال مجاهد ومقاتل وقتادة : هم بنو قريظة . وقال السدي : هم أهل فارس . وقال الحسن وابن زيد : هم المنافقون ، لا تعلمونهم ، لأنهم معكم يقولون : لا إله إلا الله . وقيل : هم كفار الجن .
( وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم ) يوفى لكم أجره ، ( وأنتم لا تظلمون ) لا تنقص أجوركم .
- ابن كثير : وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ
فقال : ( وأعدوا لهم ما استطعتم ) أي : مهما أمكنكم ، ( من قوة ومن رباط الخيل )
قال الإمام أحمد : حدثنا هارون بن معروف ، حدثنا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث ، عن أبي علي ثمامة بن شفي ، أنه سمع عقبة بن عامر يقول : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول وهو على المنبر : ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ) ألا إن القوة الرمي ، ألا إن القوة الرمي
رواه مسلم ، عن هارون بن معروف ، وأبو داود عن سعيد بن منصور ، وابن ماجه عن يونس بن عبد الأعلى ، ثلاثتهم عن عبد الله بن وهب ، به .
ولهذا الحديث طرق أخر ، عن عقبة بن عامر ، منها ما رواه الترمذي ، من حديث صالح بن كيسان ، عن رجل ، عنه .
وروى الإمام أحمد وأهل السنن ، عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ارموا واركبوا ، وأن ترموا خير من أن تركبوا
وقال الإمام مالك ، عن زيد بن أسلم ، عن أبي صالح السمان ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : الخيل لثلاثة : لرجل أجر ، ولرجل ستر ، وعلى رجل وزر ؛ فأما الذي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله ، فأطال لها في مرج - أو : روضة - فما أصابت في طيلها ذلك من المرج - أو : الروضة - كانت له حسنات ، ولو أنها قطعت طيلها فاستنت شرفا أو شرفين كانت آثارها وأرواثها حسنات له ، ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ، ولم يرد أن يسقي به ، كان ذلك حسنات له ؛ فهي لذلك الرجل أجر . ورجل ربطها تغنيا وتعففا ، ولم ينس حق الله في رقابها ولا ظهورها ، فهي له ستر ، ورجل ربطها فخرا ورياء ونواء فهي على ذلك وزر . وسئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الحمر فقال : ما أنزل الله علي فيها شيئا إلا هذه الآية الجامعة الفاذة : ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) [ الزلزلة : 7 ، 8 ] .
رواه البخاري - وهذا لفظه - ومسلم ، كلاهما من حديث مالك .
وقال الإمام أحمد : حدثنا حجاج ، أخبرنا شريك ، عن الركين بن الربيع عن القاسم بن حسان ؛ عن عبد الله بن مسعود ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : الخيل ثلاثة : ففرس للرحمن ، وفرس للشيطان ، وفرس للإنسان ، فأما فرس الرحمن فالذي يربط في سبيل الله ، فعلفه وروثه وبوله ، وذكر ما شاء الله . وأما فرس الشيطان فالذي يقامر أو يراهن عليه ، وأما فرس الإنسان فالفرس يرتبطها الإنسان يلتمس بطنها ، فهي ستر من فقر .
وقد ذهب أكثر العلماء إلى أن الرمي أفضل من ركوب الخيل ، وذهب الإمام مالك إلى أن الركوب أفضل من الرمي ، وقول الجمهور أقوى للحديث ، والله أعلم .
وقال الإمام أحمد : حدثنا حجاج وهشام قالا حدثنا ليث ، حدثني يزيد بن أبي حبيب ، عن ابن شماسة : أن معاوية بن حديج مر على أبي ذر ، وهو قائم عند فرس له ، فسأله ما تعالج من فرسك هذا ؟ فقال : إني أظن أن هذا الفرس قد استجيب له دعوته ! قال : وما دعاء بهيمة من البهائم ؟ قال : والذي نفسي بيده ما من فرس إلا وهو يدعو كل سحر فيقول : اللهم أنت خولتني عبدا من عبادك ، وجعلت رزقي بيده ، فاجعلني أحب إليه من أهله وماله وولده
قال : وحدثنا يحيى بن سعيد ، عن عبد الحميد بن جعفر ؛ حدثني يزيد بن أبي حبيب ، عن سويد بن قيس ؛ عن معاوية بن حديج ؛ عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إنه ليس من فرس عربي إلا يؤذن له مع كل فجر ، يدعو بدعوتين ، يقول : اللهم إنك خولتني من خولتني من بني آدم ، فاجعلني من أحب أهله وماله إليه - أو - أحب أهله وماله إليه .
رواه النسائي ، عن عمرو بن علي الفلاس ، عن يحيى القطان ، به .
وقال أبو القاسم الطبراني : حدثنا الحسين بن إسحاق التستري ، حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا يحيى بن حمزة ، حدثنا المطعم بن المقدام الصنعاني ، عن الحسن بن أبي الحسن أنه قال لابن الحنظلية - يعني : سهلا - : حدثنا حديثا سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فقال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ، وأهلها معانون عليها ، ومن ربط فرسا في سبيل الله كانت النفقة عليه ، كالماد يده بالصدقة لا يقبضها .
والأحاديث الواردة في فضل ارتباط الخيل كثيرة ، وفي صحيح البخاري ، عن عروة بن أبي الجعد البارقي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة : الأجر والمغنم .
وقوله : ترهبون أي : تخوفون ( به عدو الله وعدوكم ) أي من الكفار ( وآخرين من دونهم ) قال مجاهد : يعني قريظة ، وقال السدي : فارس ، وقال سفيان الثوري : قال ابن يمان : هم الشياطين التي في الدور . وقد ورد حديث بمثل ذلك ، قال ابن أبي حاتم :
حدثنا أبو عتبة أحمد بن الفرج الحمصي ، حدثنا أبو حيوة - يعني شريح بن يزيد المقرئ - حدثنا سعيد بن سنان ، عن ابن عريب - يعني يزيد بن عبد الله بن عريب - عن أبيه ، عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في قوله : ( وآخرين من دونهم لا تعلمونهم ) قال : هم الجن .
ورواه الطبراني ، عن إبراهيم بن دحيم ؛ عن أبيه ، عن محمد بن شعيب ؛ عن سعيد بن سنان عن يزيد بن عبد الله بن عريب ، به ، وزاد : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا يخبل بيت فيه عتيق من الخيل .
وهذا الحديث منكر ، لا يصح إسناده ولا متنه .
وقال مقاتل بن حيان ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم : هم المنافقون .
وهذا أشبه الأقوال ، ويشهد له قوله : ( وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم ) [ التوبة : 101 ] .
وقوله : ( وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون ) أي : مهما أنفقتم في الجهاد ، فإنه يوفى إليكم على التمام والكمال ، ولهذا جاء في حديث رواه أبو داود : أن الدرهم يضاعف ثوابه في سبيل الله إلى سبعمائة ضعف كما تقدم في قوله تعالى : ( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم ) [ البقرة : 261 ] .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن القاسم بن عطية ، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن الدشتكي ، حدثنا أبي ، عن أبيه ، حدثنا الأشعث بن إسحاق ، عن جعفر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يأمر ألا يتصدق إلا على أهل الإسلام ، حتى نزلت : ( وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم ) فأمر بالصدقة بعدها على كل من سألك من كل دين . وهذا أيضا غريب .
- القرطبى : وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ
قوله تعالى وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون فيه ست مسائل :
الأولى قوله تعالى وأعدوا لهم أمر الله سبحانه المؤمنين بإعداد القوة للأعداء بعد أن أكد تقدمة التقوى . فإن الله سبحانه لو شاء لهزمهم بالكلام والتفل في وجوههم وبحفنة من تراب ، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم . ولكنه أراد أن يبتلي بعض الناس ببعض بعلمه السابق وقضائه النافذ . وكل ما تعده لصديقك من خير أو لعدوك من شر فهو داخل في عدتك . قال ابن عباس : القوة هاهنا السلاح والقسي . وفي صحيح مسلم عن عقبة بن عامر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول : وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ألا إن القوة الرمي ألا إن القوة الرمي ألا إن القوة الرمي . وهذا نص رواه عن عقبة أبو علي ثمامة بن شفي الهمداني ، وليس له في الصحيح غيره . وحديث آخر في الرمي عن عقبة أيضا قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ستفتح عليكم أرضون ويكفيكم الله فلا يعجز أحدكم أن يلهو بأسهمه . وقال صلى الله عليه وسلم : كل شيء يلهو به الرجل باطل إلا رميه بقوسه وتأديبه فرسه وملاعبته أهله فإنه من الحق . ومعنى هذا والله أعلم : أن كل ما يتلهى به الرجل مما لا يفيده في العاجل ولا في الآجل فائدة فهو باطل ، والإعراض عنه أولى . وهذه الأمور الثلاثة فإنه وإن كان يفعلها على أنه يتلهى بها وينشط ، فإنها حق لاتصالها بما قد يفيد ، فإن الرمي بالقوس وتأديب الفرس جميعا من معاون القتال . وملاعبة الأهل قد تؤدي إلى ما يكون عنه ولد يوحد الله ويعبده ، فلهذا كانت هذه الثلاثة من الحق . وفي سنن أبي داود والترمذي والنسائي عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله يدخل ثلاثة نفر الجنة بسهم واحد : صانعه يحتسب في صنعته الخير والرامي ومنبله . وفضل الرمي عظيم ومنفعته عظيمة للمسلمين ، ونكايته شديدة على الكافرين . قال صلى الله عليه وسلم : يا بني إسماعيل ارموا فإن أباكم كان راميا . وتعلم الفروسية واستعمال الأسلحة فرض كفاية . وقد يتعين . الثانية : قوله تعالى ومن رباط الخيل وقرأ الحسن وعمرو بن دينار وأبو حيوة ( ومن ربط الخيل ) بضم الراء والباء ، جمع رباط ، ككتاب وكتب قال أبو حاتم عن ابن زيد : الرباط من الخيل الخمس فما فوقها ، وجماعته ربط . وهي التي ترتبط ، يقال منه : ربط يربط ربطا . وارتبط يرتبط ارتباطا . ومربط الخيل ومرابطها وهي ارتباطها بإزاء العدو . قال الشاعر :
أمر الإله بربطها لعدوه في الحرب إن الله خير موفق
وقال مكحول بن عبد الله :
تلوم على ربط الجياد وحبسها وأوصى بها الله النبي محمدا
ورباط الخيل فضل عظيم ومنزلة شريفة . وكان لعروة البارقي سبعون فرسا معدة للجهاد . والمستحب منها الإناث ، قال عكرمة وجماعة . وهو صحيح ، فإن الأنثى بطنها كنز وظهرها عز . وفرس جبريل كان أنثى . وروى الأئمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الخيل ثلاثة لرجل أجر ولرجل ستر ولرجل وزر الحديث . ولم يخص ذكرا من أنثى . وأجودها أعظمها أجرا وأكثرها نفعا . وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الرقاب أفضل ؟ فقال : أغلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها . وروى النسائي عن أبي وهب الجشمي - وكانت له صحبة - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تسموا بأسماء الأنبياء وأحب الأسماء إلى الله عز وجل عبد الله وعبد الرحمن وارتبطوا الخيل وامسحوا بنواصيها وأكفالها وقلدوها ولا تقلدوها الأوتار وعليكم بكل كميت أغر محجل أو أشقر أغر محجل أو أدهم أغر محجل . وروى الترمذي عن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : خير الخيل الأدهم الأقرح الأرثم ثم الأقرح المحجل طلق اليمين فإن لم يكن أدهم فكميت على هذه الشية . ورواه الدارمي عن أبي قتادة أيضا ، أن رجلا قال : يا رسول الله ، إني أريد أن أشتري فرسا ، فأيها أشتري ؟ قال : اشتر أدهم أرثم محجلا طلق اليد اليمنى أو من الكميت على هذه الشية تغنم وتسلم . وكان صلى الله عليه وسلم يكره الشكال من الخيل . والشكال : أن يكون الفرس في رجله اليمنى بياض وفي يده اليسرى ، أو في يده اليمنى ورجله اليسرى . خرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه . ويذكر أن الفرس الذي قتل عليه الحسين بن علي رضي الله عنهما كان أشكل .
الثالثة : فإن قيل : إن قوله وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة كان يكفي ، فلم خص الرمي والخيل بالذكر ؟ قيل له : إن الخيل لما كانت أصل الحروب وأوزارها التي عقد الخير في نواصيها ، وهي أقوى القوة وأشد العدة وحصون الفرسان ، وبها يجال في الميدان ، خصها بالذكر تشريفا ، وأقسم بغبارها تكريما . فقال : والعاديات ضبحا الآية . ولما كانت السهام من أنجع ما يتعاطى في الحروب والنكاية في العدو وأقربها تناولا للأرواح ، خصها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذكر لها والتنبيه عليها . ونظير هذا في التنزيل ، وجبريل وميكال ومثله كثير .
الرابعة : وقد استدل بعض علمائنا بهذه الآية على جواز وقف الخيل والسلاح ، واتخاذ الخزائن والخزان لها عدة للأعداء . وقد اختلف العلماء في جواز وقف الحيوان كالخيل والإبل على قولين : المنع ، وبه قال أبو حنيفة . والصحة ، وبه قال الشافعي رضي الله عنه . وهو أصح ، لهذه الآية ، ولحديث ابن عمر في الفرس الذي حمل عليه في سبيل الله وقوله عليه السلام في حق خالد : وأما خالد فإنكم تظلمون خالدا فإنه قد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله الحديث . وما روي أن امرأة جعلت بعيرا في سبيل الله ، فأراد زوجها الحج ، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ادفعيه إليه ليحج عليه فإن الحج من سبيل الله . ولأنه مال ينتفع به في وجه قربة ، فجاز أن يوقف كالرباع . وقد ذكر السهيلي في هذه الآية تسمية خيل النبي صلى الله عليه وسلم ، وآلة حربه . من أرادها وجدها في كتاب الأعلام .
الخامسة قوله تعالى ترهبون به عدو الله وعدوكم يعني تخيفون به عدو الله وعدوكم من اليهود وقريش وكفار العرب .
وآخرين من دونهم يعني فارس والروم ، قاله السدي . وقيل : الجن . وهو اختيار الطبري . وقيل : المراد بذلك كل من لا تعرف عداوته . قال السهيلي : قيل هم قريظة . وقيل : هم من الجن . وقيل غير ذلك . ولا ينبغي أن يقال فيهم شيء ، لأن الله سبحانه قال : وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم ، فكيف يدعي أحد علما بهم ، إلا أن يصح حديث جاء في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو قوله في هذه الآية : " هم الجن " . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الشيطان لا يخبل أحدا في دار فيها فرس عتيق وإنما سمي عتيقا لأنه قد تخلص من الهجانة . وهذا الحديث أسنده الحارث بن أبي أسامة عن ابن المليكي عن أبيه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وروي : أن الجن لا تقرب دارا فيها فرس ، وأنها تنفر من صهيل الخيل .
السادسة : قوله تعالى وما تنفقوا من شيء أي تتصدقوا . وقيل : تنفقوه على أنفسكم أو خيلكم .
في سبيل الله يوف إليكم في الآخرة ، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، إلى أضعاف كثيرة . وأنتم لا تظلمون
- الطبرى : وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ
القول في تأويل قوله : وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ (60)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (وأعدوا)، لهؤلاء الذين كفروا بربهم، الذين بينكم وبينهم عهد, إذا خفتم خيانتهم وغدرهم، أيها المؤمنون بالله ورسوله =(ما استطعتم من قوة)، يقول: ما أطقتم أن تعدّوه لهم من الآلات التي تكون قوة لكم عليهم، (35) من السلاح والخيل=(ترهبون به عدو الله وعدوكم)، يقول: تخيفون بإعدادكم ذلك عدوَّ الله وعدوكم من المشركين.
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
16224- حدثنا أبو كريب قال: حدثنا ابن إدريس قال: سمعت أسامة بن زيد, عن صالح بن كيسان, عن رجل من جهينة، يرفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة)، ألا إنَّ الرمي هو القوة, ألا إنّ الرمي هو القوة. (36)
16225- حدثنا أبو كريب قال: حدثنا سعيد بن شرحبيل قال: حدثنا ابن لهيعة, عن يزيد بن أبي حبيب, وعبد الكريم بن الحارث, عن أبي علي الهمداني: أنه سمع عقبة بن عامر على المنبر يقول: قال الله: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل)، ألا وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر: قال الله: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة)، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ثلاثا. (37)
16226- حدثنا أبو كريب قال: حدثنا محبوب، وجعفر بن عون، ووكيع، وأبو أسامة، وأبو نعيم=, عن أسامة بن زيد, عن صالح بن كيسان, عن رجل, عن عقبة بن عامر الجهني قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل)، فقال: " ألا إن القوة الرمي, ألا إن القوة، الرمي" ثلاث مرات. (38)
16227- حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا أبي, عن أسامة بن زيد, عن صالح بن كيسان, عن رجل, عن عقبة بن عامر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية على المنبر, فذكر نحوه. (39)
16228- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا أسامة بن زيد, عن صالح بن كيسان, عن عقبة بن عامر, عن النبي صلى الله عليه وسلم , نحوه. (40)
16229- حدثنا أحمد بن حميد قال: حدثنا يحيى بن واضح قال: حدثنا موسى بن عبيدة, عن أخيه، محمد بن عبيدة, عن أخيه عبد الله بن عبيدة, عن عقبة بن عامر, عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة)، " ألا إن القوة الرمي". (41)
16230- حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا أبي, عن سفيان, عن شعبة بن دينار, عن عكرمة في قوله: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة)، قال: الحصون =(ومن رباط الخيل)، قال: الإناث. (42)
16231- حدثنا علي بن سهل قال: حدثنا ضمرة بن ربيعة, عن رجاء بن أبي سلمة قال: لقي رجل مجاهدًا بمكة, ومع مجاهد جُوَالَق،, (43) قال: فقال مجاهد: هذا من القوة! =ومجاهد يتجهز للغزو.
16232- حدثني محمد بن الحسين قال: حدثنا أحمد بن المفضل قال: حدثنا أسباط, عن السدي: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة)، من سلاح.
* * *
وأما قوله: (ترهبون به عدو الله وعدوكم)=
= فقال ابن وكيع:
16233- حدثنا أبي، عن إسرائيل, عن عثمان بن المغيرة الثقفي, عن مجاهد, عن ابن عباس: (ترهبون به عدو الله وعدوكم)، قال: تخزون به عدو الله وعدوكم.
16234- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا إسرائيل, عن عثمان, عن مجاهد، عن ابن عباس, مثله.
16235- حدثني الحارث قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا إسرائيل, عن خصيف, عن عكرمة وسعيد بن جبير, عن ابن عباس: (ترهبون به عدو الله وعدوكم)، قال: تخزون به عدو الله وعدوكم. وكذا كان يقرؤها: (تُخْزُونَ). (44)
16237- حدثني الحارث قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا إسرائيل, عن عثمان بن المغيرة، وخصيف, عن مجاهد, عن ابن عباس: (ترهبون به)، تخزون به. (45)
16238- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا إسرائيل, عن خصيف, عن عكرمة, عن ابن عباس, مثله.
* * *
يقال منه: " أرهبت العدو، ورهَّبته, فأنا أرهبه وأرهِّبه، إرهابًا وترهيبًا, وهو الرَّهَب والرُّهْب ", ومنه قول طفيل الغنوي:
وَيْـلُ أُمِّ حَـيٍّ دَفَعْتُـمْ فِـي نُحُـورِهِمُ
بَنِـي كِـلابٍ غَـدَاة الـرُّعْبِ والرَّهَبِ (46)
* * *
القول في تأويل قوله : وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في هؤلاء " الآخرين "، من هم، وما هم؟
فقال بعضهم: هم بنو قريظة.
*ذكر من قال ذلك:
16239- حدثت عن عمار بن الحسن قال: حدثنا ابن أبي جعفر, عن ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (وآخرين من دونهم)، يعني: من بني قريظة.
16240- حدثني محمد بن عمرو قال: حدثنا أبو عاصم قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (وآخرين من دونهم)، قال: قريظة.
* * *
وقال آخرون: من فارس.
* ذكر من قال ذلك:
16241- حدثني محمد بن الحسين قال: حدثنا أحمد بن المفضل قال: حدثنا أسباط، عن السدي: (وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم)، هؤلاء أهل فارس.
* * *
وقال آخرون: هم كل عدو للمسلمين، غير الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يشرِّد بهم من خلفهم. قالوا: وهم المنافقون.
* ذكر من قال ذلك:
16242- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قول الله: فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ ، قال: أخفهم بهم، لما تصنع بهؤلاء. وقرأ: (وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم). (47)
16243- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد, في قوله: (وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم)، قال: هؤلاء المنافقون، لا تعلمونهم لأنهم معكم، يقولون: لا إله إلا الله، ويغزون معكم.
* * *
وقال آخرون: هم قوم من الجنّ.
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله أمر المؤمنين بإعداد الجهاد وآلة الحرب وما يتقوّون به على جهاد عدوه وعدوهم من المشركين، من السلاح والرمي وغير ذلك، ورباط الخيل =ولا وجه لأن يقال: عني بـ " القوة "، معنى دون معنى من معاني " القوة ", وقد عمَّ الله الأمر بها.
فإن قال قائل: فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بيَّن أن ذلك مرادٌ به الخصوص بقوله: " ألا إن القوة الرمي"؟ (48)
قيل له: إن الخبر، وإن كان قد جاء بذلك، فليس في الخبر ما يدلّ على أنه مرادٌ بها الرمي خاصة، دون سائر معاني القوة عليهم, فإن الرمي أحد معاني القوة, لأنه إنما قيل في الخبر: " ألا إن القوة الرمي"، ولم يقل: " دون غيرها "، ومن " القوة " أيضًا السيف والرمح والحربة, وكل ما كان معونة على قتال المشركين, كمعونة الرمي أو أبلغ من الرمي فيهم وفي النكاية منهم. هذا مع وهاء سند الخبر بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . (49)
* * *
وأما قوله: (وآخرين من دونهم لا تعلمونهم)، فإن قول من قال: عنى به الجن, أقربُ وأشبهُ بالصواب، لأنه جل ثناؤه قد أدخل بقوله: وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ، الأمرَ بارتباط الخيل لإرهاب كل عدوٍّ لله وللمؤمنين يعلمونهم, ولا شك أن المؤمنين كانوا عالمين بعداوة قريظة وفارس لهم, لعلمهم بأنهم مشركون، وأنهم لهم حرب. ولا معنى لأن يقال: وهم يعلمونهم لهم أعداءً: (وآخرين من دونهم لا تعلمونهم)، ولكن معنى ذلك إن شاء الله: ترهبون بارتباطكم، أيها المؤمنون، الخيلَ عدوَّ الله وأعداءكم من بني آدم الذين قد علمتم عداوتهم لكم، لكفرهم بالله ورسوله, وترهبون بذلك جنسًا آخر من غير بني آدم، لا تعلمون أماكنهم وأحوالهم، الله يعلمهم دونكم, لأن بني آدم لا يرونهم. وقيل: إن صهيل الخيل يرهب الجن, وأن الجن لا تقرب دارًا فيها فرس. (50)
* * *
فإن قال قائل: فإن المؤمنين كانوا لا يعلمون ما عليه المنافقون, فما تنكر أن يكون عُنِي بذلك المنافقون؟
قيل: فإن المنافقين لم يكن تروعهم خيل المسلمين ولا سلاحهم, وإنما كان يَرُوعهم أن يظهر المسلمون على سرائرهم التي كانوا يستسرُّون من الكفر, وإنما أمر المؤمنون بإعداد القوة لإرهاب العدو, فأما من لم يرهبه ذلك، فغير داخل في معنى من أمر بإعداد ذلك له المؤمنون. وقيل: " لا تعلمونهم ", فاكتفي لـ " العلم "، بمنصوب واحد في هذا الموضع, لأنه أريد: لا تعرفونهم, كما قال الشاعر: (51)
فَـــإِنَّ اللــهَ يَعْلَمُنِــي وَوَهْبًــا
وَأَنَّـــا سَــوْفَ يَلْقَــاهُ كِلانــا (52)
* * *
القول في تأويل قوله : وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (60)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وما أنفقتم، أيها المؤمنون، من نفقة في شراء آلة حرب من سلاح أو حراب أو كُرَاع أو غير ذلك من النفقات، (53) في جهاد أعداء الله من المشركين يخلفه الله عليكم في الدنيا, ويدَّخر لكم أجوركم على ذلك عنده, حتى يوفِّيكموها يوم القيامة (54) (وأنتم لا تظلمون)، يقول: يفعل ذلك بكم ربكم، فلا يضيع أجوركم عليه.
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
16244- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق، (وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون)، أي لا يضيع لكم عند الله أجرُه في الآخرة، وعاجل خَلَفه في الدنيا. (55)
-----------------
الهوامش :
(35) انظر تفسير " الاستطاعة " ، فيما سلف 4 : 315 9 : 284 .
(36) الأثر : 16224 - " ابن إدريس " ، وهو " عبد الله بن إدريس الأودي " الإمام ، مضى مرارًا . وكان في المطبوعة والمخطوطة : " أبو إدريس " وهو خطأ صرف .
و " أسامة بن زيد الليثي " ، ثقة ، مضى برقم : 2867 ، 3354 .
و " صالح بن كيسان المدني " ، روى له الجماعة ، مضى برقم : 1020 ، 5321 .
وسيأتي هذا الخبر من طرق أخرى رقم : 16226 - 16228 ، وسأذكرها عند كل واحد منها ، وانظر تخريج الخبر التالي .
(37) الأثر : 16225 - " سعيد بن شرحبيل الكندي " ، روى عنه البخاري ، وروى له النسائي وابن ماجه بالواسطة . ثقة . مترجم في التهذيب ، والكبير 2 1 442 ، وابن أبي حاتم 2 1 33 .
و " ابن لهيعة " ، مضى مرارًا ، ومضى الكلام في أمر توثيقه .
و " يزيد بن أبي حبيب الأزدي المصري " ، ثقة ، روى له الجماعة ، مضى مرارًا آخرها : 11871 .
و " عبد الكريم بن الحارث بن يزيد الحضرمي المصري " ، ثقة ، مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 3 1 60 .
و " أبو علي الهمداني " ، هو " ثمامة بن شفي الهمداني " المصري ، ثقة ، مترجم في التهذيب ، والكبير 1 2 177 ، وابن أبي حاتم 1 1 466 .
وهذا إسناد فيه ضعف لمن ضعف ابن لهيعة ، والطبري نفسه سيقول في ص : 37 ، تعليق : 2 ، أنه سند فيه وهاء " .
بيد أن هذا الخبر روي من طرق صحيحة جدا :
رواه مسلم في صحيحه 13 : 64 ، من طريق هارون بن معروف ، عن ابن وهب ، عن عمرو بن الحارث ، عن أبي علي ثمامة بن شفي ، بمثله .
ورواه أبو داود في سننه 3 : 20 ، رقم : 2514 ، من طريق سعيد بن منصور ، عن ابن وهب ، بمثله .
ورواه ابن ماجه في سننه : 940 رقم : 2813 ، من طريق يونس بن عبد الأعلى ، عن ابن وهب بمثله .
ورواه الحاكم في المستدرك 2 : 328 ، من طريق سعيد بن ابي أيوب ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي الخير ، عن عقبة ، وقال : "
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين . ولك يخرجه البخاري ، لأن صالح بن كيسان أوقفه " ووافقه الذهبي .(38) الأثر : 16226 - "
محبوب " ، هو " محبوب بن محرز القواريري " ، وثقه ابن حبان ، وضعفه الدارقطني . مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 4 1 388 .و "
جعفر بن عون المخزومي " ، ثقة ، أخرج له الجماعة ، مضى برقم : 9506 .وهذا الخبر رواه الترمذي من طريق وكيع عن أسامة بن زيد ، ثم قال : "
وقد روى بعضهم هذا الحديث عن أسامة بن زيد ، عن صالح بن كيسان ، عن عقبة بن عامر ، وحديث وكيع أصح ، وصالح بن كيسان لم يدرك عقبة بن عامر ، وأدرك ابن عمر " . وانظر الخبر رقم : 16228 .(39) الأثر: 16227 - هو مكرر الأثر السالف ، وانظر تخريجه ، رواه من هذه الطريق ، الترمذي في سننه ، كما سلف.
(40) الأثر : 16228 - هذا هو الحديث الذي أشار إليه الترمذي ، وقال فيه : "
صالح بن كيسان ، لم يدرك عقبة بن عامر " . انظر ما سلف : 16226 .(41) الأثر : 16229 - "
موسى بن عبيدة بن نشيط الربذي " ، ضعيف بمرة ، لا تحل الرواية عنه . سلف مرارًا ، آخرها رقم : 11811 ، 14045 ، روى عن أخويه " عبد الله " و " محمد " وأخوه " محمد بن عبيدة بن نشيط الربذي " ، لم أجد له ترجمة ، وهو مذكور في ترجمة أخيه " موسى " ، وترجمة أخيه " عبد الله " ، وأنه روى عنه . وكان أكبر من أخيه موسى بثمانين سنة . وأخوه " عبد الله بن عبيدة بن نشيط الربذي " ، روى عن جماعة من الصحابة ، وثقه بعضهم ، وضعفه آخرون ، وقال أحمد : " موسى بن عبيدة وأخوه ، لا يشتغل بهما " . مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 2 2 101 .(42) الأثر : 16230 - "
شعبة بن دينار الكوفي " ، روى عن مكرمة ، وأبي بردة بن أبي موسى الأشعري ، ثقة . مترجم في التهذيب ، والكبير 2 2 245 ، وابن أبي حاتم 2 1 368 .(43) "
الجوالق " ( بضم الجيم ، وفتح اللام أو كسرها ) ، وعاء من الأوعية ، هو الذي نسميه اليوم في مصر محرفا " الشوال " .(44) في المطبوعة والمخطوطة : "
وكذا كان يقرؤها : ترهبون " ، والصواب الذي لا شك فيه هنا ، هو " تخزون " ، كما أثبتها ، وقد ذكر قراءة ابن عباس هذه ، ابن خالويه في القراءات الشاذة : 50 ( وفي المطبوعة خطأ ، كتب : يجرون به عدو الله ، والصواب ما أثبت ) ، وقال أبو حيان في تفسيره 4 : 512 : " وقرأ ابن عباس ، وعكرمة ، ومجاهد : " تخزون به " ، مكان : ترهبون به = وذكرها الطبري على وجه التفسير لا على وجه القراءة ، وهو الذي ينبغي ، لأنه مخالف لسواد المصحف " .قلت : وقد رأيت بعد أن الطبري ذكرها أيضًا على جهة القراءة ، ولا يستقيم نصه إلا بما أثبت .
(45) سقط من الترقيم : 16236 ، سهوًا .
(46) ديوانه : 56 ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 249 يمدح بها بني جعفر بن كلاب ، من أبيات ثلاثة ، مفردة .
(47) الأثر : 16242 - هذا مكرر الأثر السالف رقم 16220 ، ولا أدري فيم جاء به هنا مفردًا ، وأما الأثر الذي عناه ، فهو الذي يليه ، والظاهر أنه خطأ من الطبري نفسه في النقل . ولفظ هذا الخبر ، يخالف لفظ الخبر السالف قليلا .
(48) انظر الآثار السالفة رقم : 16224 - 16229 .
(49) هذه مرة أخرى تختلف فيها كتابة المخطوطة ، فههنا : "
وهاء " ، كما أثبتها ، وكان في المطبوعة : " وهي " ، وانظر ما كتبته ما سلف 9 : 531 ، تعليق : 2 .ثم انظر ما قلته في تخريج الخبر السالف رقم : 16225 ، وما ذكرته من الطريق الصحيحة في رواية هذا الخبر .
(50) ذكر ابن كثير في تفسيره خبرين ، أحدهما رواه ابن أبي حاتم ، عن زيد بن عبد الله بن عريب ، عن أبيه عن جده : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هم الجن، في هذه الآية ثم قال رواه الطبراني ، وزاد : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
لا يخبل بيت فيه عتيق الخيل " ، ( انظر الإصابة : ترجمة عريب ) ، ثم قال ابن كثير : " هذا الحديث منكر ، لا يصح إسناده ولا متنه " . وانظر القرطبي 8 : 38 .وهذا الذي قاله الطبري ، رده العلماء من قوله ، وحق لهم . وقد رجح ابن كثير وأبو حبان ( 4 : 513 ) ، أن المعنى بذلك هم المنافقون ، وهو القول الذي رده أبو جعفر فيما يلي ، ورد أبي جعفر رد محكم .
فإن كان لنا أن نختار ، فإني أختار أن يكون عني بذلك ، من خفي على المؤمنين أمره من أهل الشرك ، كنصارى الشأم وغيرهم ، ممن لم ينظر المؤمنون عدواتهم بعد ، وهي آتية سوف يرونها عيانًا بعد قليل . وفي الكلام فضل بحث ليس هذا مكانه ، والآية عامة لا أدري كيف يخصصها أبو جعفر ، بخبر لا حجة فيه .
(51) هو النمر بن تولب العكلي .
(52) الاقتضاب : 303 ، المفصل الزمخشري : 88 . وكان النمر بن تولب ، نازع رجلا يقال له "
وهب " ، من قومه ، في بئر تدعى " الدحول " ( بالحاء المهملة ) ، في أرض عكل ، نميرة الماء ، يقول فيها من هذه الأبيات :ولكـــنَّ الدَّحُـــولَ إذَا أتَاهَـــا
عِجَــافُ المَــالِ تتْرُكُــهُ سِـمَانَا
وكان النمر سقاه منها ، فلم يشكر له ، وخان الأمانة ونازعه فيها فقال :
يُريــدُ خِيَــانَتِي وَهْـبٌ , وأَرْجُـو
مِــنَ اللــهِ الــبراءَةَ وَالأمَانَــا
فَـــإِنَّ اللــهَ يَعْلَمُنِـي وَوَهْبًــا
وَيَعْلَـــمُ أَنْ سَـــيَلقَاهُ كِلانَـــا
وَإنَّ بَنِــي رَبِيعَــةَ بَعْــدَ وَهْـبٍ
كَــرَاعِي البَيْــتِ يَحْفَظُـهُ فخانَـا
وكان البيت في المطبوعة والمخطوطة :
فــــإن اللــــهَ يعلمنــــي
وأَنـــا ســوف يلقــاهُ كلانــا
(53) انظر تفسير "
النفقة " فيما سلف من فهارس اللغة ( نفق ) .(54) انظر تفسير "
وفي " فيما سلف 12 : 224 ، تعليق : 3 ، والمراجع هناك .(55) الأثر : 16244 - سيرة ابن هشام 2 : 329 ، 330 ، وهو تابع الأثر السالف رقم : 16218 .
- ابن عاشور : وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ
عطف جملة : { وأعدوا } على جملة : { فإما تثقفنهم في الحرب } [ الأنفال : 57 ] أو على جملة : { ولا تحسبن الذين كفروا سبقوا } [ الأنفال : 59 ] ، فتفيد مفاد الاحتراس عن مُفادها ، لأنّ قوله : { ولا تحسبن الذين كفروا سبقوا } يُفيد توهيناً لشأن المشركين ، فتعقيبه بالأمر بالاستعداد لهم : لئلا يحسب المسلمون أنّ المشركين قد صاروا في مكنتهم ، ويلزم من ذلك الاحتِراسسِ أنّ الاستعداد لهم هو سبب جعْل اللَّهِ إيّاهم لا يُعجزون اللَّهَ ورسوله ، لأنّ الله هيّأ أسباب استئصالهم ظاهرها وباطنها .
والإعداد التهيئة والإحضار ، ودخل في { ما استطعتم } كلّ ما يدخل تحت قدرة الناس اتّخاذه من العُدّة .
والخطاب لجماعة المسلمين ووُلاَة الأمر منهم ، لأنّ ما يراد من الجماعة إنّما يقوم بتنفيذه وُلاَة الأمور الذين هم وكلاء الأمّة على مصالحها .
والقوة كمال صلاحية الأعضاء لعملها وقد تقدّمت آنفاً عند قوله : { إن الله قوي شديد العقاب } [ الأنفال : 52 ] وعند قوله تعالى : { فخذها بقوة } وتطلق القوة مجازاً على شدّة تأثير شيء ذي أثر ، وتطلق أيضاً على سبب شدّة التأثير ، فقوة الجيش شدة وقعه على العدوّ ، وقوته أيضاً سلاحه وعتاده ، وهو المراد هنا ، فهو مجاز مرسل بواسطتين ، فاتّخاذ السيوف والرماح والأقواس والنبال من القوة في جيوش العصور الماضية ، واتّخاذ الدبابات والمدافع والطيارات والصواريخ من القوّة في جيوش عصرنا . وبهذا الاعتبار يُفسر ما روى مسلم والترمذي عن عقبة بن عامر أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية على المنبر ثم قال « ألاَ إنّ القوة الرمي » قالها ثلاثاً ، أي أكمل أفراد القوة آلةُ الرمي ، أي في ذلك العصر . وليس المراد حصر القوة في آلة الرمي .
وعطف { رباط الخيل } على { القوة } من عطف الخاصّ على العام ، للاهتمام بذلك الخاصّ .
و { الرباط } صيغة مفاعلة أُتِيَ بها هنا للمبالغة لتدلّ على قصد الكثرة من ربط الخيل للغزو ، أي احتباسها وربطها انتظاراً للغزو عليها ، كقول النبي صلى الله عليه وسلم « من ارتبط فرساً في سبيل الله كان روثُها وبولها حسنات له » الحديث . يقال : ربط الفرس إذا شدّه في مكان حفظه ، وقد سَمَّوا المكان الذي ترتبط فيه الخيل رباطاً ، لأنّهم كانوا يحرسون الثغور المخوفة راكبين على أفراسهم ، كما وصف ذلك لبيد في قوله
: ... ولقد حمَيت الحَي تحملُ شِكَّتي
فُرُطٌ وِشَاحِي إنْ ركبتُ زمامُها ... إلى أن قال
: ... حتّى إذا ألْقَتْ يداً في كافر
وأجَنَّ عوراتتِ الثغور ظَلامها ... أسْهلتُ وانتصبت كجِذْع مُنيفة
جرداءَ يَحْصَر دونها جُرَّامها ... ثم أُطلق الرباط على مَحرس الثغر البحري ، وبه سَمَّوا رِباط ( دمياط ) بمصر ، ورباط ( المُنستير ) بتونس ، ورباط ( سَلا ) بالمغرب الأقصى .
وقد تقدّم شيء من هذا عند قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا } في سورة [ آل عمران : 200 ].
وجملة : ترهبون به عدو الله وعدوكم } إمّا مستأنفة استئنافاً بيانياً ، ناشئاً عن تخصيص الرباط بالذكر بعد ذكر ما يعمّه ، وهو القوة ، وإمّا في موضع الحال من ضمير { وأعدّوا }.
وعدو الله وعدوهم : هم المشركون فكان تعريفهم بالإضافة ، لأنّها أخصر طريق لِتعريفهم ، ولما تتضمنه من وجه قتالهم وإرهابهم ، ومن ذمّهم ، أن كانوا أعداء ربّهم ، ومن تحريض المسلمين على قتالهم إذ عُدُّوا أعداءً لهم ، فهم أعداء الله؛ لأنّهم أعداء توحيده وهم أعداء رسوله صلى الله عليه وسلم لأنّهم صارحوه بالعداوة ، وهم أعداء المسلمين ، لأن المسلمين أولياء دين الله والقائمون به وأنصاره ، فعطف { وعَدوَّكم } على { عدوَّ الله } من عطف صفة موصوف واحد مثل قول الشاعر ، وهو من شواهد أهل العربية
: ... إلى الملك القرم وابن الهما
م ولَيْثثِ الكتيبة في المزدحم ... والإرهاب جعل الغير راهباً ، أي خائفاً ، فإنّ العدوّ إذَا علم استعداد عدوّه لقتاله خافه ، ولم يجرأ عليه ، فكان ذلك هناء للمسلمين وأمناً من أن يغزوهم أعداؤهم ، فيكون الغزو بأيديهم : يَغزون الأعداء متى أرادوا ، وكانَ الحال أوفق لهم ، وأيضاً ذا رهبوهم تجنّبوا إعانة الأعداء عليهم .
والمراد ب { الآخرين من دونهم } أعداء لا يعرفهم المسلمون بالتعيين ولا بالإجمال ، وهم من كان يضمر للمسلمين عداوة وكيداً ، ويتربّص بهم الدوائر ، مثل بعض القبائل . فقوله : { لا تعلمونهم } أي لم تكونوا تعلمونهم قبل هذا الإعلام ، وقد علمتموهم الآن إجمالاً ، أو أريد : لا تعلمونهم بالتفصيل ، ولكنّكم تعلمُون وجودهم إجمالاً مثل المنافقين ، فالعلم بمعنى المعرفة ، ولهذا نصب مفعولاً واحداً .
وقوله : { من دونهم } مؤذن بأنّهم قبائل من العرب كانوا ينتظرون ما تنكشف عنه عاقبة المشركين من أهل مكة من حربهم مع المسلمين ، فقد كان ذلك دأب كثير من القبائل كما ورد في السيرة ، ولذلك ذكر { من دونهم } بمعنى : من جهات أخرى ، لأنّ أصل ( دون ) أنّها للمكان المخالف ، وهذا أولى من حمله على مطلق المغايرة التي هي من إطلاقات كلمة ( دون ) لأنّ ذلك المعنى قد أغنى عنه وصفهم ب { آخرين }.
وجملة { اللَّه يعلمهم } تعريض بالتهديد لهؤلاء الآخرَين ، فالخبر مستعمل في معناه الكنائي ، وهو تعقُّبهم والإغراءُ بهم ، وتعريض بالامتنان على المسلمين بأنّهم بمحل عناية الله فهو يُحصي أعداءهم وينبّههم إليهم .
وتقديم المسند إليه على الخبر الفعلي : للتقوّي ، أي تحقيق الخبر وتأكيده ، والمقصود تأكيد لازم معناه ، أمّا أصل المعنى فلا يحتاج إلى التأكيد إذ لا ينكره أحد ، وأمّا حمل التقديم هنا على إرادة الاختصاص فلا يحسن للاستغناء عن طريق القصر بجملة النفي في قوله : { لا تعلمونهم } فلو قيل : ويعلّمهم الله لحصل معنى القصر من مجموع الجملتين .
وإذ قد كان إعداد القوَّةِ يستدعي إنفاقاً ، وكانت النفوس شحيحة بالمال ، تكفّل الله للمنفقين في سبيله بإخلاف ما أنفقوه والإثابة عليه ، فقال : { وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم } فسبيل الله هو الجهاد لإعلاء كلمته .
والتوفية : أداء الحقّ كاملاً ، جعل الله ذلك الإنفاق كالقرض لله ، وجعل على الإنفاق جزاء ، فسمّى جزاءَه توفية على طريقة الاستعارة المكنية ، وتدلّ التوفية على أنّه يشمل الأجرَ في الدنيا مع أجر الآخرة ، ونقل ذلك عن ابن عباس .
وتعدية التوفية إلى الإنفاق بطريق بناء للفعل للنائب ، وإنّما الذي يوفّى هو الجزاء على الإنفاق في سبيل الله ، للإشارة إلى أنّ الموفَّى هو الثواب . والتوفية تكون على قدر الإنفاق وأنّها مثله ، كما يقال : وفَّاه دينه ، وإنّما وفّاه مماثلاً لديْنه . وقريب منه قولهم : قَضى صلاة الظهر ، وإنّما قضى صلاة بمقدارها فالإسناد : إمّا مجاز عقلي ، أو هو مجاز بالحذف .
والظلم : هنا مستعمل في النقص من الحقّ ، لأنّ نقص الحقّ ظلم ، وتسمية النقص من الحقّ ظلماً حقيقة . وليس هو كالذي في قوله تعالى : { كلتا الجنتين آتت أكلها ولم تظلم منه شيئاً } [ لكهف : 33 ].
- إعراب القرآن : وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ
«وَأَعِدُّوا» فعل أمر مبني على حذف النون ، والواو فاعل. «لَهُمْ» متعلقان بالفعل والجملة مستأنفة. «مَا» اسم موصول في محل نصب مفعول به. «اسْتَطَعْتُمْ» فعل ماض والتاء فاعل والجملة صلة الموصول.
«مِنْ قُوَّةٍ» متعلقان بمحذوف حال. «وَمِنْ رِباطِ» معطوف. «الْخَيْلِ» مضاف إليه. «تُرْهِبُونَ» مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعله. «بِهِ» جار ومجرور متعلقان بالفعل. «عَدُوَّ» مفعول به. «اللَّهِ» لفظ الجلالة مضاف إليه. «وَعَدُوَّكُمْ» عطف. «وَآخَرِينَ» اسم معطوف منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم. «مِنْ دُونِهِمْ» جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة لآخرين. والجملة الفعلية في محل نصب حال. «لا تَعْلَمُونَهُمُ» فعل مضارع والواو فاعله ، والهاء مفعوله ، ولا نافية والجملة في محل نصب صفة لآخرين. «اللَّهِ» لفظ الجلالة مبتدأ وجملة «يَعْلَمُهُمْ» خبر والجملة الاسمية اللّه يعلمهم مستأنفة. «وَما» ما اسم شرط جازم ، مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم والواو استئنافية.
«تُنْفِقُوا» مضارع مجزوم وعلامة جزمه حذف النون والواو فاعله وهو فعل الشرط. «مِنْ شَيْ ءٍ» متعلقان بمحذوف حال. «فِي سَبِيلِ» متعلقان بتنفقوا. «اللَّهِ» لفظ الجلالة مضاف إليه ، والجملة
مستأنفة. «يُوَفَّ» مضارع مجزوم وعلامة جزمه حذف حرف العلة جواب الشرط. «إِلَيْكُمْ» متعلقان بالفعل. والجملة لا محل لها جواب شرط جازم لم يقترن بالفاء. وجملة «وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ» حالية.
- English - Sahih International : And prepare against them whatever you are able of power and of steeds of war by which you may terrify the enemy of Allah and your enemy and others besides them whom you do not know [but] whom Allah knows And whatever you spend in the cause of Allah will be fully repaid to you and you will not be wronged
- English - Tafheem -Maududi : وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ(8:60) Make ready for an encounter against them all the forces and well-readied horses you can muster *44 that you may overawe the enemies of Allah and your own enemies and others besides them of whom you are unaware but of whom Allah is aware. Whatever you may spend in the cause of Allah shall be fully repaid to you, and you shall not be wronged.
- Français - Hamidullah : Et préparez [pour lutter] contre eux tout ce que vous pouvez comme force et comme cavalerie équipée afin d'effrayer l'ennemi d'Allah et le vôtre et d'autres encore que vous ne connaissez pas en dehors de ceux-ci mais qu'Allah connaît Et tout ce que vous dépensez dans le sentier d'Allah vous sera remboursé pleinement et vous ne serez point lésés
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Und haltet für sie bereit was ihr an Kraft und an kampfbereiten Pferden haben könnt um damit den Feinden Allahs und euren Feinden Angst zu machen sowie anderen außer ihnen die ihr nicht kennt; Allah aber kennt sie Und was immer ihr auf Allahs Weg ausgebt wird euch in vollem Maß zukommen und es wird euch kein Unrecht zugefügt
- Spanish - Cortes : ¡Preparad contra ellos toda la fuerza toda la caballería que podáis para amedrentar al enemigo de Alá y vuestro y a otros fuera de ellos que no conocéis pero que Alá conoce Cualquier cosa que gastéis por la causa de Alá os será devuelta sin que seáis tratados injustamente
- Português - El Hayek : Mobilizai tudo quando dispuserdes em armas e cavalaria para intimidar com isso o inimigo de Deus e vosso e seintimidarem ainda outros que não conheceis mas que Deus bem conhece Tudo quanto investirdes na causa de Deus servosá retribuído e não sereis defraudados
- Россию - Кулиев : Приготовьте против них сколько можете силы и боевых коней чтобы устрашить врага Аллаха и вашего врага а также тех которых вы не знаете но которых знает Аллах Что бы вы ни израсходовали на пути Аллаха вам будет возвращено сполна и с вами не поступят несправедливо
- Кулиев -ас-Саади : وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ
Приготовьте против них, сколько можете, силы и боевых коней, чтобы устрашить врага Аллаха и вашего врага, а также тех, которых вы не знаете, но которых знает Аллах. Что бы вы ни израсходовали на пути Аллаха, вам будет возвращено сполна, и с вами не поступят несправедливо.Готовьтесь к противостоянию с вашими неверующими врагами, которые делают все возможное, чтобы уничтожить вас и сокрушить вашу религию. Приумножайте свои знания и свою силу, приобретайте всевозможное оружие и делайте любые другие приготовления, которые помогут вам сразиться с неверующими. Это предписание подразумевает развитие различных отраслей военной промышленности, занимающихся изготовлением пушек, пулеметов и винтовок, строительством военных самолетов, наземной и морской военной техники, строительством оборонительных укреплений и других инженерных сооружений. Этот аят призывает к развитию общественной мысли и политической деятельности, направленной на развитие мусульман и защиту их интересов от нападок врагов. Он призывает мусульман обучаться стрельбе, изучать административную деятельность и быть смелыми и отважными. Вот почему Пророк Мухаммад, да благословит его Аллах и приветствует, сказал: «Знайте, что сила заключается в умении стрелять». Это предписание также подразумевает приобретение военной техники, необходимой для ведения боевых действий. Аллах велел готовить боевых коней и устрашать Его врагов и врагов верующих. Мудрость этого веления заключается в устрашении противника, и этот вопрос остается актуальным по сегодняшний день. Как известно, религиозное предписание остается в силе до тех пор, пока существует причина, по которой оно было ниспослано. И если есть наземная или воздушная боевая техника, которая способна устрашить врага и благодаря которой легче одержать победу, мусульмане обязаны приобретать ее и проводить соответствующие разработки. Если подобные разработки невозможны без развития некоторых областей науки, то мусульмане обязаны развивать их, поскольку каждый поступок, необходимый для осуществления обязательного предписания, также является обязательным. Поступая так, они смогут устрашить врагов, которые им известны, а также врагов, о которых они не осведомлены и сразиться с которыми им придется впоследствии. Аллаху известно об этих врагах, и поэтому Он приказал мусульманам готовиться к грядущим сражениям. А поскольку одним из важнейших факторов, помогающих ведению джихада, являются материальные пожертвования в пользу мусульманской армии, сражающейся против неверующих, Всевышний Аллах призвал правоверных расходовать имущество на Его пути. Когда же наступит День воскресения, мусульмане получат вознаграждение за каждое большое или малое пожертвование в многократном размере, поскольку награда за пожертвование на пути Аллаха приумножается в семьсот раз или даже более того. С праведниками не поступят несправедливо, и их вознаграждение ничуть не уменьшится.
- Turkish - Diyanet Isleri : Ey inananlar Onlara karşı gücünüzün yettiği kadar Allah'ın düşmanı ve sizin düşmanlarınızı ve bunların dışında Allah'ın bilip sizin bilmediklerinizi yıldırmak üzere kuvvet ve savaş atları hazırlayın Allah yolunda sarfettiğiniz her şey size haksızlık yapılmadan tamamen ödenecektir
- Italiano - Piccardo : Preparate contro di loro tutte le forze che potrete [raccogliere] e i cavalli addestrati per terrorizzare il nemico di Allah e il vostro e altri ancora che voi non conoscete ma che Allah conosce Tutto quello che spenderete per la causa di Allah vi sarà restituito e non sarete danneggiati
- كوردى - برهان محمد أمين : خوا فهرمان دهدات بهکار بهدهستانی دهوڵهتی ئیسلام ههرچی له تواناتاندا ههیه بۆ بههێزکردنی سوپای ئیسلام بیخهنه گهڕو ئامادهیی بکهن هێزی ئاسمانی و دهریایی و وشکانی هتد و له ئامادهکردنی ههموو جۆره ئهسپ و هۆکانی تری گواستنهوه کهمتهرخهمی مهکهن تا دوژمنانی خواو دوژمنانی خۆتانی پێ چاوترسێن بکهن با کهسانی تریش جگه لهم دوژمنانهی ئێستا پێی چاوترسێن ببن که ئێسته ئێوه نازانن کێن و نایانناسن بهڵکو ههر خوا خۆی دهیانناسێت و ههر شتێک ببهخشن له پێناوی خوادا بۆ بههێز کردنی سوپای ئیسلام ئهوه بهزایه ناچێت و دهستان دهکهوێتهوهو ئێوه ستهمتان لێناکرێت
- اردو - جالندربرى : اور جہاں تک ہوسکے فوج کی جمعیت کے زور سے اور گھوڑوں کے تیار رکھنے سے ان کے مقابلے کے لیے مستعد رہو کہ اس سے خدا کے دشمنوں اور تمہارے دشمنوں اور ان کے سوا اور لوگوں پر جن کو تم نہیں جانتے اور خدا جانتا ہے ہیبت بیٹھی رہے گی۔ اور تم جو کچھ راہ خدا میں خرچ کرو گے اس کا ثواب تم کو پورا پورا دیا جائے گا اور تمہارا ذرا نقصان نہیں کیا جائے گا
- Bosanski - Korkut : I protiv njih pripremite koliko god možete snage i konja za boj da biste time zaplašili Allahove i vaše neprijatelje i druge osim njih – vi ih ne poznajete Allah ih zna Sve što na Allahovom putu potrošite nadoknađeno će vam biti neće vam se nepravda učiniti
- Swedish - Bernström : Och vidtag alla rustningar ni förmår och håll stridshästarna i beredskap så att ni injagar skräck i Guds och era fiender och i andra vars existens ni är okunniga om men som Gud känner Och vad ni än ger [i kampen] för Guds sak skall gottgöras er fullt ut och ingen skall tillfogas orätt
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Dan siapkanlah untuk menghadapi mereka kekuatan apa saja yang kamu sanggupi dan dari kudakuda yang ditambat untuk berperang yang dengan persiapan itu kamu menggentarkan musuh Allah dan musuhmu dan orang orang selain mereka yang kamu tidak mengetahuinya; sedang Allah mengetahuinya Apa saja yang kamu nafkahkan pada jalan Allah niscaya akan dibalasi dengan cukup kepadamu dan kamu tidak akan dianiaya dirugikan
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ
(Dan siapkanlah untuk menghadapi mereka) untuk memerangi mereka (kekuatan apa saja yang kalian sanggupi) Rasulullah saw. menjelaskan, bahwa yang dimaksud dengan kekuatan adalah ar-ramyu atau pasukan pemanah. Demikianlah menurut hadis yang diriwayatkan oleh Imam Muslim (dan dari kuda-kuda yang ditambat) lafal ribath berbentuk mashdar, artinya kuda-kuda yang sengaja disediakan untuk berperang di jalan Allah (untuk membuat takut) kalian membuat gentar (dengan adanya persiapan itu musuh Allah dan musuh kalian) artinya orang-orang kafir Mekah (dan orang-orang yang selain mereka) terdiri dari orang-orang munafik atau orang-orang Yahudi (yang kalian tidak mengetahuinya sedangkan Allah mengetahuinya. Apa saja yang kalian nafkahkan pada jalan Allah niscaya akan dibalaskan kepada kalian dengan balasan yang cukup) yakni pahalanya (dan kalian tidak akan dianiaya) tidak akan dikurangi sedikit pun dari pahala kalian.
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : আর প্রস্তুত কর তাদের সাথে যুদ্ধের জন্য যাই কিছু সংগ্রহ করতে পার নিজের শক্তি সামর্থ্যের মধ্যে থেকে এবং পালিত ঘোড়া থেকে যেন প্রভাব পড়ে আল্লাহর শুত্রুদের উপর এবং তোমাদের শত্রুদের উপর আর তাদেরকে ছাড়া অন্যান্যদের উপর ও যাদেরকে তোমরা জান না; আল্লাহ তাদেরকে চেনেন। বস্তুতঃ যা কিছু তোমরা ব্যয় করবে আল্লাহর রাহে তা তোমরা পরিপূর্ণভাবে ফিরে পাবে এবং তোমাদের কোন হক অপূর্ণ থাকবে না।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : அவர் நிராகரிப்பவர்களை எதிர்ப்பதற்காக உங்களால் இயன்ற அளவு பலத்தையும் திறமையான போர்க் குதிரைகளையும் ஆயத்தப்படுத்திக் கொள்ளுங்கள்; இதனால் நீங்கள் அல்லாஹ்வின் எதிரியையும் உங்களுடைய எதிரியையும் அச்சமடையச் செய்யலாம்; அவர்கள் அல்லாத வேறு சிலரையும் நீங்கள் அச்சமடையச் செய்யலாம்; அவர்களை நீங்கள் அறிய மாட்டீர்கள் அல்லாஹ் அவர்களை அறிவான்; அல்லாஹ்வுடைய வழியில் நீங்கள் எதைச் செலவு செய்தாலும் அதற்கான நற்கூலி உங்களுக்கு பூரணமாகவே வழங்கப்படும்; அதில் உங்களுக்கு ஒரு சிறிதும் அநீதம் செய்யப்பட மாட்டாது
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : “และพวกเจ้าจงเตรียมไว้สำหรับป้องกันพวกเขา สิ่งที่พวกเจ้าสามารถ อันได้แก่กำลังอย่างหนึ่งอย่างใด และการผูกม้าไว้ โดยที่พวกเจ้าจะทำให้ศัตรูของอัลลอฮฺ และศัตรูของพวกเจ้าหวั่นแกรงด้วยสิ่ง นั้น และพวกอื่น ๆ อีก อื่นจากพวกเขา ซึ่งพวกเจ่ายังไม่รู้จักพวกเขา อัลลอฮฺทรงรู้จักพวกเขาดี และสิ่งที่พวกเข่าบริจาคในทางของอัลลอฮฺนั้นไม่ว่าจะเป็นสิ่งใดก็ตาม สิ่งนั้นจะถูกตอบแทนแก่พวกเจ้าโดยครบถ้วนโดยที่พวกเจ้าจะไม่ถูกอธรรม”
- Uzbek - Мухаммад Содик : Улар учун қўлингиздан келганича кучқувват ва эгарланган отларни тайёр қўйингиз бу билан Аллоҳнинг душманини ўз душманингизни ва улардан бошқа ўзингиз билмайдиганларни қўрқитасиз Уларни Аллоҳ биладир Аллоҳ йўлида нимани сарф қилсангиз сизга тўлиқ қайтарилур Сизга зулм қилинмас Ушбу оят мусулмон жамиятининг қуролли кучлари доимо шай туриши лозимлигига далилдир Ҳар бир мусулмон жамият қўлидан келганича ҳарбий тайёргарликни кўриб қўйиш билан Аллоҳнинг амрини бажарган бўлади
- 中国语文 - Ma Jian : 你们应当为他们而准备你们所能准备的武力和战马,你们借此威胁真主的敌人和你们的敌人,以及他们以外的别的敌人,你们不认识那些敌人,真主却认识他们。凡你们为主道而花费的,无论是什么,都将得到完全的报酬,你们不会吃亏。
- Melayu - Basmeih : Dan sediakanlah untuk menentang mereka musuh yang menceroboh segala jenis kekuatan yang dapat kamu sediakan dan dari pasukanpasukan berkuda yang lengkap sedia untuk menggerunkan dengan persediaan itu musuh Allah dan musuh kamu serta musuhmusuh yang lain dari mereka yang kamu tidak mengetahuinya; sedang Allah mengetahuinya Dan apa sahaja yang kamu belanjakan pada jalan Allah akan disempurnakan balasannya kepada kamu dan kamu tidak akan dianiaya
- Somali - Abduh : Ugu Darbada waxaad kartaan oo Xooga iyo Darbidda Fardaha inaad ku Cabsi galisaan Colka Eebe iyo Colkiina Galaada iyo kuwa kale oo ka soo hadhay Munafiqiinta ma ogidin Eebaase Og waxaad ku Bixisaan Jidka Eebana waa laydiin oofin Dhammayn idinkoon laydin Dulmiyeyn
- Hausa - Gumi : Kuma ku yi tattali dõminsu abin da kuka sãmi ĩkon yi na wani ƙarfi kuma da ajiye dawaki kunã tsoratarwa game da shi ga maƙiyin Allah kuma maƙiyinku da wasu baicin su ba ku san su ba Allah ne Yake sanin su kuma abin da kuka ciyar daga wani abu a cikin hanyar Allah zã a cika muku sakamakonsa kuma kũ ba a zãluntar ku
- Swahili - Al-Barwani : Basi waandalieni nguvu kama muwezavyo na kwa farasi walio fungwa tayaritayari ili kuwatishia maadui wa Mwenyezi Mungu na maadui zenu na wengineo ambao hamwajui lakini Mwenyezi Mungu anawajua Na mkitoa chochote katika Njia ya Mwenyezi Mungu mtarudishiwa na wala nyinyi hamtadhulumiwa
- Shqiptar - Efendi Nahi : Kundër tyre përgatitni kuaj dhe forcë për luftë sa të mundeni me të cilën do t’i shtini frikën armikut të Perëndisë dhe armikut tuaj dhe të tjerëve përveç tyre Ju nuk i njihni ata Perëndia i njeh ata Çkado që të shpenzoni në rrugën e Perëndisë do t’ju kompensohet dhe nuk do t’ju bëhet padrejtësi
- فارسى - آیتی : و در برابر آنها تا مىتوانيد نيرو و اسبان سوارى آماده كنيد تا دشمنان خدا و دشمنان خود -و جز آنها كه شما نمىشناسيد و خدا مىشناسد- را بترسانيد. و آنچه را كه در راه خدا هزينه مىكنيد بهتمامى به شما بازگردانده شود و به شما ستم نشود.
- tajeki - Оятӣ : Ва дар баробари онҳо то метавонед нерӯ ва аспони саворӣ омода кунед, то душманони Худо ва душманони худ ва ғайри онҳоро, ки шумо намешиносед ва Худо мешиносад битарсонед. Ва он чиро, ки дар роҳи Худо харҷ мекунед, ба тамомӣ ба шумо бозгардонда шавад ва ба шумо ситам нашавад.
- Uyghur - محمد صالح : دۈشمەنلىرىڭلار (بىلەن ئۇرۇش قىلىش) ئۈچۈن، قولۇڭلاردىن كېلىشىچە قورال كۈچى، جەڭ ئېتى تەييارلاڭلار، بۇنىڭ بىلەن، اﷲ نىڭ دۈشمىنىنى، ئۆزۈڭلارنىڭ دۈشمىنىڭلارنى ۋە ئۇلاردىن باشقا دۈشمەنلەرنى قورقۇتىسىلەر، ئۇلارنى سىلەر تونۇمايسىلەر، اﷲ تونۇيدۇ، سىلەرنىڭ اﷲ يولىدا سەرپ قىلغىنىڭلار مەيلى نېمە بولسا بولسۇن، سىلەرگە ئۇنىڭ ساۋابى تولۇق بېرىلىدۇ، سىلەرگە زۇلۇم قىلىنمايدۇ (يەنى بۇ ساۋابتىن ھېچ نەرسە كېمەيتىلمەيدۇ)
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : അവരെ നേരിടാന് നിങ്ങള്ക്കാലവുന്നത്ര ശക്തി സംഭരിക്കുക. കുതിരപ്പടയെ തയ്യാറാക്കി നിര്ത്തു ക. അതിലൂടെ അല്ലാഹുവിന്റെയും നിങ്ങളുടെയും ശത്രുക്കളെ നിങ്ങള്ക്ക് ഭയപ്പെടുത്താം. അവര്ക്കു പുറമെ നിങ്ങള്ക്ക് അറിയാത്തവരും എന്നാല് അല്ലാഹുവിന് അറിയുന്നവരുമായ മറ്റു ചിലരെയും. അല്ലാഹുവിന്റെ മാര്ഗ്ത്തില് നിങ്ങള് ചെലവഴിക്കുന്നതെന്തായാലും നിങ്ങള്ക്ക് അതിന്റെ പ്രതിഫലം പൂര്ണ്മായി ലഭിക്കും. നിങ്ങളോടവന് ഒട്ടും അനീതി കാണിക്കുകയില്ല.
- عربى - التفسير الميسر : واعدوا يا معشر المسلمين لمواجهه اعدائكم كل ما تقدرون عليه من عدد وعده لتدخلوا بذلك الرهبه في قلوب اعداء الله واعدائكم المتربصين بكم وتخيفوا اخرين لا تظهر لكم عداوتهم الان لكن الله يعلمهم ويعلم ما يضمرونه وما تبذلوا من مال وغيره في سبيل الله قليلا او كثيرا يخلفه الله عليكم في الدنيا ويدخر لكم ثوابه الى يوم القيامه وانتم لا تنقصون من اجر ذلك شيئا
*44). Muslims should he equipped with military resources and should have a standing army in a state of preparedness, in order that it may be used when needed. Never should it happen that the Muslims are caught unawares and have to hurriedly look around right and left to build up their defences and collect arms and supplies in order to meet the challenge of the enemy. For then it might be too late and the enemy might have accomplished its purpose.