- عربي - نصوص الآيات عثماني : إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَٰٓئِكَتَهُۥ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىِّ ۚ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا
- عربى - نصوص الآيات : إن الله وملائكته يصلون على النبي ۚ يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما
- عربى - التفسير الميسر : إن الله تعالى يثني على النبي صلى الله عليه وسلم عند الملائكة المقربين، وملائكته يثنون على النبي ويدعون له، يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، صلُّوا على رسول لله، وسلِّموا تسليمًا، تحية وتعظيمًا له. وصفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ثبتت في السنة على أنواع، منها: "اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد".
- السعدى : إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
وهذا فيه تنبيه على كمال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ورفعة درجته، وعلو منزلته عند اللّه وعند خلقه، ورفع ذكره. و { إِنَّ اللَّهَ } تعالى { وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ } عليه، أي: يثني اللّه عليه بين الملائكة، وفي الملأ الأعلى، لمحبته تعالى له، وتثني عليه الملائكة المقربون، ويدعون له ويتضرعون.
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } اقتداء باللّه وملائكته، وجزاء له على بعض حقوقه عليكم، وتكميلاً لإيمانكم، وتعظيمًا له صلى اللّه عليه وسلم، ومحبة وإكرامًا، وزيادة في حسناتكم، وتكفيرًا من سيئاتكم وأفضل هيئات الصلاة عليه عليه الصلاة والسلام، ما علم به أصحابه: "اللّهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد" وهذا الأمر بالصلاة والسلام عليه مشروع في جميع الأوقات، وأوجبه كثير من العلماء في الصلاة
- الوسيط لطنطاوي : إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
ثم أثنى الله - تعالى - على نبيه ثناء كبيرا وأمر المؤمنين بأن يعظموه ويوقروه فقال : ( إِنَّ الله وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النبي ياأيها الذين آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً ) .
قال القرطبى ما ملخصه : هذه الآية شرف الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم فى حياته وموته ، وذكر منزلته منه .
. والصلاة من الله رحمته ورضوانه ، ومن الملائكة الدعاء والاستغفار ، ومن الأمة الدعاء والتعظيم لأمره . .
والضمير فى ( يُصَلُّونَ ) لله - تعالى - ولملائكته . وهذا قول من الله شرف به ملائكته . .
أو فى الكلام حذف . والتقدير : إن الله يصلى وملائكته يصلون .
وقال ابن كثير : والمقصود من هذه الآية الكريمة ، أن الله - تعالى - أخبر عباده بمنزلة بعده ونبيه عنده فى الملأ الأعلى : بأنه يثنى عليه عند الملائكة المقربين وأن الملائكة تصلى عليه ، ثم أمر الله أهل العالم السفلى بالصلاة والتسليم عليه . ليجتمع الثناء عليه من أهل العالمين العلوى والسفلى جميعا .
والمعنى : إن الله - تعالى - يثنى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ويرضى عنه ، وإن الملائكة تثنى عليه صلى الله عليه وسلم وتدعو له بالظفر بأعلى الدرجات وأسماها .
( ياأيها الذين آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ ) أى : عظموه ووقروه وادعوا له بأرفع الدرجات ( وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً ) أى : وقولوا : السلام عليك أيها النبى . والسلام : مصدر بمعنى السلام .
أى : السلام من النقائص والآفات ملازمة لك .
والتعبير بالجملة الاسمية فى صدر الآية ، للإِشعار بوجوب المداومة والاستمرار على ذلك . وخص المؤمنين بالتسليم ، لأن الآية وردت بعد النهى عن إيذاء النبى صلى الله عليه وسلم ، والإِيذاء له صلى الله عليه وسلم إنما يكون من البشر .
وقد ساق المفسرون - وعلى رأسهم ابن كثير والقرطبى والآلوسى - أحاديث متعددة فى فضل الإِكثار من الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم ، وفى كيفية الصلاة عليه . .
ومنها ما رواه الإِمام أحمد وابن ماجة عن عامر بن ربيعة قال : سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول : " من صلى على صلاة لم تزل الملائكة تصلى عليه ما صلى على ، فليُقِلَّ عبد من ذلك أو ليكثر " .
ومنها ما رواه الشيخان وغيرهما عن كعب بن عُجْزَة قال : لما نزلت هذه الاية قلنا : يا رسول الله ، قد علمنا السلام ، فكيف الصلاة عليك ، قال : قالوا : اللهم صل على محمد ، وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد . اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد .
والآية الكريمة تدل على وجوب الصلاة والسلام على النبى صلى الله عليه وسلم والمؤمنون الصادقون هم الذين يكثرون من ذلك . قال صاحب الكشاف ما ملخصه : فإن قلت : الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم واجبة أم مندوب إليها؟ قلت : بل واجبة ، وقد اختلفوا فى حال وجوبها ، فمنهم من أوجبها كلما جرى ذكره صلى الله عليه وسلم ومنهم من قال تجب فى كل مجلس مرة ، وإن تكرر ذكره .
ومنهم من أوجبها فى العمرة مرة . . والذى يقتضيه الاحتياط : الصلاة عليه عند كل ذكر . . . لما ورد من الأخبار فى ذلك .
ومنها : " رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل على " .
- البغوى : إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
قوله - عز وجل - : ( إن الله وملائكته يصلون على النبي ) قال ابن عباس : أراد إن الله يرحم النبي ، والملائكة يدعون له . وعن ابن عباس أيضا : " يصلون " يتبركون .
وقيل : الصلاة من الله : الرحمة ، ومن الملائكة : الاستغفار .
( ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه ) أي : ادعوا له بالرحمة ( وسلموا تسليما ) أي : حيوه بتحية الإسلام .
وقال أبو العالية : صلاة الله : ثناؤه عليه عند الملائكة ، وصلاة الملائكة : الدعاء .
أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن العباس الحميدي ، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن سليمان الفقيه ببغداد ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن زهير بن حرب ، أخبرنا موسى بن إسماعيل ، أخبرنا أبو سلمة ، أخبرنا عبد الواحد بن زياد ، أخبرنا أبو فروة ، حدثني عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى سمع عبد الرحمن بن أبي ليلى يقول : لقيني كعب بن عجرة فقال : ألا أهدي لك هدية سمعتها من النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟ فقلت : بلى فاهدها لي ، فقال سألنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقلنا : يا رسول الله كيف الصلاة عليكم أهل البيت ؟ قال : " قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد " .
أخبرنا أبو الحسن السرخسي ، أخبرنا زاهر بن أحمد ، أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي ، أخبرنا مصعب ، عن مالك ، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن عمرو بن سليمان الزرقي أنه قال : أخبرني أبو حميد الساعدي أنهم قالوا : يا رسول الله كيف نصلي عليك ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " قولوا اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم ، وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد " .
أخبرنا أبو عمرو ومحمد بن عبد الرحمن النسوي ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري ، أخبرنا محمد بن يعقوب ، أخبرنا العباس بن محمد الدوري ، أخبرنا خالد بن مخلد القطواني ، أخبرنا موسى بن يعقوب ، أخبرنا العباس بن كيسان ، أخبرني عبد الله بن شداد ، عن ابن مسعود قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة " .
أخبرنا أبو عبد الله بن الفضل الخرقي ، أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله الطيسفوني ، أخبرنا عبد الله ابن عمر الجوهري ، أخبرنا أحمد بن علي الكشميهني ، أخبرنا علي بن حجر ، أخبرنا إسماعيل بن جعفر ، أخبرنا العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشرا " .
أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي توبة ، أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن الحارث ، أخبرنا أبو الحسن محمد بن يعقوب الكسائي ، أخبرنا عبد الله بن محمود ، أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الخلال أخبرنا عبد الله بن المبارك ، عن حماد بن سلمة ، عن ثابت البناني ، عن سليمان مولى الحسن بن علي ، عن عبد الله بن أبي طلحة ، عن أبيه ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه جاء ذات يوم والبشرى في وجهه ، فقال : " إنه جاءني جبريل فقال : إن ربك يقول أما يرضيك يا محمد أن لا يصل عليك أحد من أمتك إلا صليت عليه عشرا ولا يسلم عليك أحد من أمتك إلا سلمت عليه عشرا .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي شريح ، أخبرنا أبو القاسم البغوي ، أخبرنا علي بن الجعد ، أخبرنا شعبة ، عن عاصم هو ابن عبيد الله قال : سمعت عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : "
من صلى علي صلاة صلت عليه الملائكة ما صلى علي فليقل العبد من ذلك أو ليكثر " .حدثنا أبو القاسم يحيى بن علي الكشميهني ، أخبرنا جناح بن يزيد المحاربي بالكوفة ، أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم الشيباني ، أخبرنا ابن حازم ، أخبرنا عبد الله بن موسى وأبو نعيم ، عن سفيان ، عن عبيد الله بن السائب ، عن زاذان ، عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني من أمتي السلام "
. - ابن كثير : إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
قال البخاري : قال أبو العالية : صلاة الله : ثناؤه عليه عند الملائكة ، وصلاة الملائكة : الدعاء . وقال ابن عباس : يصلون : يبركون . هكذا علقه البخاري عنهما .
وقد رواه أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية كذلك . وروي مثله عن الربيع أيضا . وروى علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس كما قاله سواء ، رواهما ابن أبي حاتم .
وقال أبو عيسى الترمذي : وروي عن سفيان الثوري وغير واحد من أهل العلم قالوا : صلاة الرب : الرحمة ، وصلاة الملائكة : الاستغفار .
ثم قال ابن أبي حاتم : حدثنا عمرو الأودي ، حدثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، قال الأعمش عن عطاء بن أبي رباح ( إن الله وملائكته يصلون على النبي ) قال : صلاته تبارك وتعالى : سبوح قدوس ، سبقت رحمتي غضبي .
والمقصود من هذه الآية : أن الله سبحانه أخبر عباده بمنزلة عبده ونبيه عنده في الملأ الأعلى ، بأنه يثني عليه عند الملائكة المقربين ، وأن الملائكة تصلي عليه . ثم أمر تعالى أهل العالم السفلي بالصلاة والتسليم عليه ، ليجتمع الثناء عليه من أهل العالمين العلوي والسفلي جميعا .
وقد قال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن أشعث بن إسحاق ، عن جعفر - يعني : ابن المغيرة - عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : أن بني إسرائيل قالوا لموسى عليه السلام : هل يصلي ربك ؟ فناداه ربه : يا موسى ، سألوك : " هل يصلي ربك ؟ " فقل : نعم ، إنما أصلي أنا وملائكتي على أنبيائي ورسلي . فأنزل الله عز وجل ، على نبيه صلى الله عليه وسلم : ( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) .
وقد أخبر أنه سبحانه وتعالى ، يصلي على عباده المؤمنين في قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما ) [ الأحزاب : 41 - 43 ] . وقال تعالى : ( وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ) [ البقرة : 155 - 157 ] . وفي الحديث : " إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف " . وفي الحديث الآخر : " اللهم ، صل على آل أبي أوفى " . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لامرأة جابر - وقد سألته أن يصلي عليها وعلى زوجها - " صلى الله عليك ، وعلى زوجك .
وقد جاءت الأحاديث المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمر بالصلاة عليه ، وكيفية الصلاة عليه ، ونحن نذكر منها إن شاء الله تعالى ما تيسر ، والله المستعان .
قال البخاري - عند تفسير هذه الآية - : حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد ، حدثنا أبي ، عن مسعر ، عن الحكم ، عن ابن أبي ليلى ، عن كعب بن عجرة قال : قيل : يا رسول الله ، أما السلام عليك فقد عرفناه ، فكيف الصلاة ؟ فقال : "
قولوا : اللهم ، صل على محمد ، وعلى آل محمد ، [ كما صليت على آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد . اللهم ، بارك على محمد وعلى آل محمد ] كما باركت على آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد " .وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن الحكم قال : سمعت ابن أبي ليلى قال : لقيني كعب بن عجرة فقال : ألا أهدي لك هدية ؟ خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا : يا رسول الله ، قد علمنا - أو : عرفنا - كيف السلام عليك ، فكيف الصلاة ؟ قال : "
قولوا : اللهم ، صل على محمد وعلى آل محمد ، كما صليت على [ آل ] إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد ، كما باركت على آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد " .وهذا الحديث قد أخرجه الجماعة في كتبهم ، من طرق متعددة ، عن الحكم - وهو ابن عتبة زاد البخاري : وعبد الله بن عيسى ، كلاهما عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، فذكره .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا الحسن بن عرفة ، حدثنا هشيم بن بشير ، عن يزيد بن أبي زياد ، حدثنا عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن كعب بن عجرة قال : لما نزلت : ( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) . قال : قلنا : يا رسول الله ، قد علمنا السلام فكيف الصلاة عليك ؟ قال : "
قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد . وبارك على محمد وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم . إنك حميد مجيد " . وكان عبد الرحمن بن أبي ليلى يقول : وعلينا معهم .ورواه الترمذي بهذه الزيادة .
ومعنى قولهم : "
أما السلام عليك فقد عرفناه " : هو الذي في التشهد الذي كان يعلمهم إياه ، كما كان يعلمهم السورة من القرآن ، وفيه : " السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته " .حديث آخر : قال البخاري : حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا الليث ، عن ابن الهاد ، عن عبد الله بن خباب ، عن أبي سعيد الخدري ، رضي الله عنه ، قال : قلنا : يا رسول الله ، هذا السلام فكيف نصلي عليك : قال : "
قولوا : اللهم صل على محمد عبدك ورسولك ، كما صليت على آل إبراهيم . وبارك على محمد وعلى آل محمد ، كما باركت على آل إبراهيم " . [ وفي رواية ] : قال أبو صالح ، عن الليث : " على محمد وعلى آل محمد ، كما باركت على آل إبراهيم " .حدثنا إبراهيم بن حمزة ، حدثنا ابن أبي حازم والدراوردي ، عن يزيد - يعني ابن الهاد - قال : "
كما صليت على إبراهيم ، وبارك على محمد وآل محمد ، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم " .وأخرجه النسائي وابن ماجه ، من حديث ابن الهاد ، به .
حديث آخر : قال الإمام أحمد : قرأت على عبد الرحمن : مالك ، عن عبد الله بن أبي بكر ، عن أبيه ، عن عمرو بن سليم أنه قال : أخبرني أبو حميد الساعدي أنهم قالوا : يا رسول الله ، كيف نصلي عليك ؟ قال : "
قولوا : اللهم " صل على محمد وأزواجه وذريته ، كما صليت على [ آل ] إبراهيم ، وبارك على محمد وأزواجه وذريته ، كما باركت على آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد " .وقد أخرجه بقية الجماعة ، سوى الترمذي ، من حديث مالك ، به .
حديث آخر : قال مسلم : حدثنا يحيى التميمي قال : قرأت على مالك ، عن نعيم بن عبد الله المجمر ، أخبرني محمد بن عبد الله بن زيد الأنصاري - قال : وعبد الله بن زيد هو الذي كان أري النداء بالصلاة - أخبره عن أبي مسعود الأنصاري - قال : أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في مجلس سعد بن عبادة ، فقال له بشير بن سعد : أمرنا الله أن نصلي عليك [ يا رسول الله ] ، فكيف نصلي عليك ؟ قال : فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تمنينا أنه لم يسأله ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قولوا : اللهم صل على محمد ، وعلى آل محمد ، كما صليت على آل إبراهيم ، وبارك على محمد وعلى آل محمد ، كما باركت على آل إبراهيم في العالمين ، إنك حميد مجيد ، والسلام كما قد علمتم " .
وقد رواه أبو داود ، والترمذي ، والنسائي من حديث مالك ، به . وقال الترمذي : حسن صحيح .
وروى الإمام أحمد ، وأبو داود ، والنسائي ، وابن خزيمة ، وابن حبان ، والحاكم في مستدركه ، من حديث محمد بن إسحاق ، عن محمد بن إبراهيم التيمي ، عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه ، عن أبي مسعود البدري أنهم قالوا : يا رسول الله ، أما السلام فقد عرفناه ، فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا في صلاتنا ؟ فقال : " قولوا : اللهم ، صل على محمد وعلى آل محمد . . . " وذكره .
ورواه الشافعي رحمه الله في مسنده ، عن أبي هريرة ، بمثله . ومن هاهنا ذهب الشافعي رحمه الله إلى أنه يجب على المصلي أن يصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير ، فإن تركه لم تصح صلاته . وقد شرع بعض المتأخرين من المالكية وغيرهم يشنع على الإمام الشافعي في اشتراطه ذلك في الصلاة ، ويزعم أنه قد تفرد بذلك ، وحكى الإجماع على خلافه أبو جعفر الطبري والطحاوي والخطابي وغيرهم ، فيما نقله القاضي عياض . وقد تعسف القائل في رده على الشافعي ، وتكلف في دعواه الإجماع في ذلك ، [ وقال ما لم يحط به علما ] ، فإنه قد روينا وجوب ذلك والأمر بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة كما هو ظاهر الآية ، ومفسر بهذا الحديث عن جماعة من الصحابة ، منهم : ابن مسعود ، وأبو مسعود البدري ، وجابر بن عبد الله ، ومن التابعين : الشعبي ، وأبو جعفر الباقر ، ومقاتل بن حيان . وإليه ذهب الشافعي ، لا خلاف عنه في ذلك ولا بين أصحابه أيضا ، وإليه ذهب [ الإمام ] أحمد أخيرا فيما حكاه عنه أبو زرعة الدمشقي ، به . وبه قال إسحاق ابن راهويه ، والفقيه الإمام محمد بن إبراهيم المعروف بابن المواز المالكي ، رحمهم الله ، حتى إن بعض أئمة الحنابلة أوجب أن يقال في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم كما علمهم أن يقولوا لما سألوه ، وحتى إن بعض أصحابنا أوجب الصلاة على الآل ممن حكاه البندنيجي ، وسليم الرازي ، وصاحبه نصر بن إبراهيم المقدسي ، ونقله إمام الحرمين وصاحبه الغزالي قولا عن الشافعي . والصحيح أنه وجه ، على أن الجمهور على خلافه ، وحكوا الإجماع على خلافه ، وللقول بوجوبه ظواهر الحديث ، والله أعلم .
والغرض أن الشافعي رحمه الله لقوله بوجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة - سلف وخلف كما تقدم ، لله الحمد والمنة ، فلا إجماع على خلافه في هذه المسألة لا قديما ولا حديثا ، والله أعلم .
ومما يؤيد ذلك : الحديث الآخر الذي رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي - وصححه - والنسائي وابن خزيمة ، وابن حبان في صحيحيهما ، من رواية حيوة بن شريح المصري ، عن أبي هانئ حميد بن هانئ ، عن عمرو بن مالك أبي علي الجنبي ، عن فضالة بن عبيد ، رضي الله عنه ، قال : سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يدعو في صلاته ، لم يمجد الله ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عجل هذا " . ثم دعاه فقال له ولغيره : " إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد الله ، عز وجل ، والثناء عليه ، ثم ليصل على النبي ثم ليدع [ بعد ] بما شاء " .
وكذا الحديث الذي رواه ابن ماجه ، من رواية عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد الساعدي ، عن أبيه ، عن جده ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا صلاة لمن لا وضوء له ، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه ، ولا صلاة لمن لم يصل على النبي ، ولا صلاة لمن لم يحب الأنصار .
ولكن عبد المهيمن هذا متروك . وقد رواه الطبراني من رواية أخيه " أبي بن عباس " ، ولكن في ذلك نظر . وإنما يعرف من رواية " عبد المهيمن " ، والله أعلم .
حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا إسماعيل ، عن أبي داود الأعمى ، عن بريدة قال : قلنا : يا رسول الله ، قد علمنا كيف نسلم عليك ، فكيف نصلي عليك ؟ قال : " قولوا : اللهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على محمد وعلى آل محمد ، كما جعلتها على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد " .
أبو داود الأعمى اسمه : نفيع بن الحارث ، متروك .
حديث آخر موقوف : رويناه من طريق سعيد بن منصور وزيد بن الحباب ويزيد بن هارون ، ثلاثتهم عن نوح بن قيس : حدثنا سلامة الكندي : أن عليا ، رضي الله عنه ، كان يعلم الناس هذا الدعاء : اللهم داحي المدحوات ، وبارئ المسموكات ، وجبار القلوب على فطرتها شقيها وسعيدها . اجعل شرائف صلواتك ، ونوامي بركاتك ، ورأفة تحننك ، على محمد عبدك ورسولك ، الخاتم لما سبق ، والفاتح لما أغلق ، والمعلن الحق بالحق ، والدامغ جيشات الأباطيل ، كما حمل فاضطلع بأمرك لطاعتك ، مستوفزا في مرضاتك ، غير نكل في قدم ، ولا وهن في عزم ، واعيا لوحيك ، حافظا لعهدك ، ماضيا على نفاذ أمرك ، حتى أورى قبسا لقابس ، آلاء الله تصل بأهله أسبابه ، به هديت القلوب بعد خوضات الفتن والإثم ، [ وأقام ] موضحات الأعلام ، ومنيرات الإسلام ونائرات الأحكام ، فهو أمينك المأمون ، وخازن علمك المخزون ، وشهيدك يوم الدين ، وبعيثك نعمة ، ورسولك بالحق رحمة . اللهم افسح له مفسحات في عدلك ، واجزه مضاعفات الخير من فضلك . مهنآت له غير مكدرات ، من فوز ثوابك المعلول ، وجزيل عطائك المجمول . اللهم أعل على بناء البانين بنيانه وأكرم مثواه لديك ونزله . وأتمم له نوره ، واجزه من ابتعاثك له مقبول الشهادة ، مرضي المقالة ، ذا منطق عدل ، وخطة فصل ، وحجة وبرهان عظيم .
هذا مشهور من كلام علي ، رضي الله عنه ، وقد تكلم عليه ابن قتيبة في مشكل الحديث ، وكذا أبو الحسين أحمد بن فارس اللغوي في جزء جمعه في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، إلا أن في إسناده نظرا .
قال شيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي : سلامة الكندي هذا ليس بمعروف ، ولم يدرك عليا . كذا قال . وقد روى الحافظ أبو القاسم الطبراني هذا الأثر عن محمد بن علي الصائغ ، عن سعيد بن منصور ، حدثنا نوح بن قيس ، عن سلامة الكندي قال : كان علي ، رضي الله عنه ، يعلمنا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيقول : " اللهم ، داحي المدحوات " وذكره .
حديث آخر موقوف : قال ابن ماجه : [ حدثنا الحسين بن بيان ] ، حدثنا زياد بن عبد الله ، حدثنا المسعودي ، عن عون بن عبد الله ، عن أبي فاختة ، عن الأسود بن يزيد ، عن عبد الله بن مسعود ، رضي الله عنه ، قال : إذا صليتم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحسنوا الصلاة عليه ; فإنكم لا تدرون لعل ذلك يعرض عليه . قال : فقالوا له : فعلمنا . قال : قولوا : اللهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين ، وإمام المتقين ، وخاتم النبيين ، محمد عبدك ورسولك ، إمام الخير وقائد الخير ، ورسول الرحمة . اللهم ابعثه مقاما محمودا يغبطه به الأولون والآخرون ، اللهم صل على محمد [ وعلى آل محمد ] ، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد .
وهذا موقوف ، وقد روى إسماعيل القاضي عن عبد الله بن عمرو - أو : عمر - على الشك من الراوي قريبا من هذا .
حديث آخر : قال قال ابن جرير : حدثنا أبو كريب ، حدثنا مالك بن إسماعيل ، حدثنا أبو إسرائيل ، عن يونس بن خباب قال : خطبنا بفارس فقال : ( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) ، فقال : أنبأني من سمع ابن عباس يقول : هكذا أنزل . فقلنا - أو : قالوا - يا رسول الله ، علمنا السلام عليك ، فكيف الصلاة عليك ؟ فقال : " اللهم ، صل على محمد وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، وارحم محمدا وآل محمد ، كما رحمت آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، [ وبارك على محمد وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم ، إنك حميد مجيد ] .
فيستدل بهذا الحديث من ذهب إلى جواز الترحم على النبي صلى الله عليه وسلم ، كما هو قول الجمهور : ويعضده حديث الأعرابي الذي قال : اللهم ، ارحمني ومحمدا ، ولا ترحم معنا أحدا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لقد حجرت واسعا " .
وحكى القاضي عياض عن جمهور المالكية منعه ، قال : وأجازه أبو محمد بن أبي زيد .
حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر ، أخبرنا شعبة ، عن عاصم بن عبيد الله قال : سمعت عبد الله بن عامر بن ربيعة يحدث عن أبيه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " من صلى علي صلاة لم تزل الملائكة تصلي عليه ما صلى علي ، فليقل عبد من ذلك أو ليكثر " .
ورواه ابن ماجه ، من حديث شعبة ، به .
حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا أبو سلمة منصور بن سلمة الخزاعي ، ويونس - هو ابن محمد - قالا حدثنا ليث ، عن يزيد بن الهاد ، عن عمرو بن أبي عمرو ، عن أبي الحويرث ، عن محمد بن جبير بن مطعم ، عن عبد الرحمن بن عوف قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتبعته حتى دخل نخلا فسجد فأطال السجود ، حتى خفت - أو : خشيت - أن يكون الله قد توفاه أو قبضه . قال : فجئت أنظر ، فرفع رأسه فقال : " ما لك يا عبد الرحمن ؟ " قال : فذكرت ذلك له فقال : " إن جبريل ، عليه السلام ، قال لي : ألا أبشرك ؟ إن الله ، عز وجل ، يقول : من صلى عليك صليت عليه ، ومن سلم عليك سلمت عليه " .
طريق أخرى : قال الإمام أحمد : حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ، حدثنا سليمان بن بلال ، حدثنا عمرو بن أبي عمرو ، عن عبد الواحد بن محمد بن عبد الرحمن بن عوف ، عن عبد الرحمن بن عوف قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوجه نحو صدقته ، فدخل فاستقبل القبلة ، فخر ساجدا ، فأطال السجود ، حتى ظننت أن الله قد قبض نفسه فيها ، فدنوت منه ثم جلست ، فرفع رأسه فقال : " من هذا ؟ " فقلت : عبد الرحمن . قال : " ما شأنك ؟ " قلت : يا رسول الله ، سجدت سجدة خشيت أن [ يكون ] الله ، عز وجل ، قبض نفسك فيها . فقال : " إن جبريل أتاني فبشرني أن الله ، عز وجل ، يقول لك : من صلى عليك صليت عليه ، ومن سلم عليك سلمت عليه - فسجدت لله عز وجل ، شكرا " .
حديث آخر : قال [ الحافظ ] أبو القاسم الطبراني : حدثنا محمد بن عبد الرحيم بن بحير بن عبد الله بن معاوية بن بحير بن ريسان ، [ حدثنا عمرو بن الربيع بن طارقة ] ، حدثنا يحيى بن أيوب ، حدثنا عبد الله بن عمر ، عن الحكم بن عتيبة ، عن إبراهيم النخعي ، عن الأسود بن يزيد ، عن عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجة فلم يجد أحدا يتبعه ، ففزع عمر ، فأتاه بمطهرة من خلفه ، فوجد النبي صلى الله عليه وسلم ساجدا في مشربة ، فتنحى عنه من خلفه حتى رفع النبي صلى الله عليه وسلم رأسه ، فقال : " أحسنت يا عمر حين وجدتني ساجدا فتنحيت عني ، إن جبريل أتاني فقال : من صلى عليك من أمتك واحدة ، صلى الله عليه عشر صلوات ، ورفعه عشر درجات " .
وقد اختار هذا الحديث الحافظ الضياء المقدسي في كتابه " المستخرج على الصحيحين " .
وقد رواه إسماعيل القاضي ، عن القعنبي ، عن سلمة بن وردان ، عن أنس ، عن عمر بنحوه .
ورواه أيضا عن يعقوب بن حميد ، عن أنس بن عياض ، عن سلمة بن وردان ، عن مالك بن أوس بن الحدثان ، عن عمر بن الخطاب ، بنحوه .
حديث آخر : قال أبو عيسى الترمذي : حدثنا بندار ، حدثنا محمد بن خالد بن عثمة ، حدثني موسى بن يعقوب الزمعي ، حدثني عبد الله بن كيسان ; أن عبد الله بن شداد أخبره ، عن عبد الله بن مسعود ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة " .
تفرد بروايته الترمذي رحمه الله ثم قال : هذا حديث حسن غريب .
حديث آخر : قال إسماعيل القاضي : حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا سفيان ، عن يعقوب بن زيد بن طلحة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أتاني آت من ربي فقال لي : ما من عبد يصلي عليك صلاة إلا صلى الله عليه بها عشرا " . فقام رجل فقال : يا رسول الله ، ألا أجعل نصف دعائي لك ؟ قال : " إن شئت " . قال : ألا أجعل ثلثي دعائي لك ؟ قال : " إن شئت " . قال : ألا أجعل دعائي لك كله ؟ قال : " إذن يكفيك الله هم الدينا وهم الآخرة " . فقال شيخ - كان بمكة ، يقال له : منيع - لسفيان : عمن أسنده ؟ قال : لا أدري .
حديث آخر : قال إسماعيل القاضي : حدثنا سعيد بن سلام العطار ، حدثنا سفيان - يعني الثوري - عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن الطفيل بن أبي بن كعب ، عن أبيه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج في جوف الليل فيقول : " جاءت الراجفة ، تتبعها الرادفة ، جاء الموت بما فيه " . قال أبي : يا رسول الله ، إني أصلي من الليل ، أفأجعل لك ثلث صلاتي ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الشطر " . قال : أفأجعل لك شطر صلاتي ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الثلثان " . قال أفأجعل لك صلاتي كلها ؟ قال : " إذن يغفر الله ذنبك كله " .
وقد رواه الترمذي بنحوه فقال : حدثنا هناد ، حدثنا قبيصة ، حدثنا سفيان ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن الطفيل بن أبي بن كعب ، عن أبيه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ثلثا الليل قام فقال : " يا أيها الناس ، اذكروا الله ، اذكروا الله ، جاءت الراجفة تتبعها الرادفة ، جاء الموت بما فيه ، جاء الموت بما فيه " . قال أبي : قلت : يا رسول الله ، إني أكثر الصلاة عليك ، فكم أجعل لك من صلاتي ؟ قال : " ما شئت " . قلت : الربع ؟ قال : " ما شئت ، فإن زدت فهو خير لك " . قلت : فالنصف ؟ قال : " ما شئت ، فإن زدت فهو خير لك " . قلت : فالثلثين ؟ قال : " ما شئت ، فإن زدت فهو خير لك " . قلت : أجعل لك صلاتي كلها ؟ قال : " إذن تكفى همك ، ويغفر لك ذنبك " .
ثم قال : هذا حديث حسن .
وقال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، حدثنا سفيان ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن الطفيل بن أبي ، عن أبيه قال : قال رجل : يا رسول الله ، أرأيت إن جعلت صلاتي كلها عليك ؟ قال : " إذن يكفيك الله ما أهمك من دنياك وآخرتك " .
حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا أبو كامل ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن سليمان مولى الحسن بن علي ، عن عبد الله بن أبي طلحة ، عن أبيه; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ذات يوم ، والسرور يرى في وجهه ، فقالوا : يا رسول الله ، إنا لنرى السرور في وجهك . فقال : " إنه أتاني الملك فقال : يا محمد ، أما يرضيك أن ربك ، عز وجل ، يقول : إنه لا يصلي عليك أحد من أمتك إلا صليت عليه عشرا ، ولا يسلم عليك أحد من أمتك إلا سلمت عليه عشرا ؟ قال : بلى " .
ورواه النسائي من حديث حماد بن سلمة ، به . وقد رواه إسماعيل القاضي ، عن إسماعيل بن أبي أويس ، عن أخيه ، عن سليمان بن بلال ، عن عبيد الله بن عمر ، عن ثابت ، عن أبي طلحة ، بنحوه .
طريق أخرى : قال [ الإمام ] أحمد : حدثنا سريج ، حدثنا أبو معشر ، عن إسحاق بن كعب بن عجرة ، عن أبي طلحة الأنصاري قال : أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما طيب النفس ، يرى في وجهه البشر ، قالوا : يا رسول الله ، أصبحت اليوم طيب النفس ، يرى في وجهك البشر ؟ قال : " أجل ، أتاني آت من ربي ، عز وجل ، فقال : من صلى عليك من أمتك صلاة ، كتب الله له بها عشر حسنات ، ومحا عنه عشر سيئات ، ورفع له عشر درجات ، ورد عليه مثلها " .
وهذا أيضا إسناد جيد ، ولم يخرجوه .
حديث آخر : روى مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، من حديث إسماعيل بن جعفر ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه; عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من صلى علي واحدة ، صلى الله عليه بها عشرا " .
قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح ، وفي الباب عن عبد الرحمن بن عوف ، وعامر بن ربيعة ، وعمار ، وأبي طلحة ، وأنس ، وأبي بن كعب .
وقال الإمام أحمد : حدثنا حسين بن محمد ، حدثنا شريك ، عن ليث ، عن كعب ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " صلوا علي; فإنها زكاة لكم . وسلوا الله لي الوسيلة; فإنها درجة في أعلى الجنة ، لا ينالها إلا رجل ، وأرجو أن أكون أنا هو " . تفرد به أحمد ، وقد رواه البزار من طريق مجاهد ، عن أبي هريرة ، بنحوه فقال : حدثنا محمد بن إسحاق البكالي ، حدثنا عثمان بن سعيد ، حدثنا داود بن علية ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صلوا علي; فإنها زكاة لكم ، وسلوا الله لي الدرجة الوسيلة من الجنة " فسألناه - أو : أخبرنا - فقال : " هي درجة في أعلى الجنة ، وهي لرجل ، وأنا أرجو أن أكون ذلك الرجل " .
في إسناده بعض من تكلم فيه .
حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن إسحاق ، حدثنا ابن لهيعة ، [ عن عبد الله بن هبيرة ] ، عن عبد الرحمن بن مريج الخولاني ، سمعت أبا قيس - مولى عمرو بن العاص - سمعت عبد الله بن عمرو يقول : من صلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة ، صلى الله عليه وملائكته بها سبعين صلاة ، فليقل عبد من ذلك أو ليكثر . وسمعت عبد الله بن عمرو يقول : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما كالمودع فقال : " أنا محمد النبي الأمي - قاله ثلاث مرات - ولا نبي بعدي ، أوتيت فواتح الكلام وخواتمه وجوامعه ، وعلمت كم خزنة النار وحملة العرش ، وتجوز بي ، عوفيت وعوفيت أمتي ، فاسمعوا وأطيعوا ما دمت فيكم ، فإذا ذهب بي فعليكم بكتاب الله ، أحلوا حلاله ، وحرموا حرامه " .
حديث آخر : قال أبو داود الطيالسي : حدثنا أبو سلمة الخراساني ، حدثنا أبو إسحاق ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من ذكرت عنده فليصل علي ، ومن صلى علي مرة واحدة صلى الله عليه عشرا " .
ورواه النسائي في " اليوم والليلة " ، من حديث أبي داود الطيالسي ، عن أبي سلمة - وهو المغيرة بن مسلم الخراساني - عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي ، عن أنس ، به .
وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن فضيل ، حدثنا يونس بن عمرو - يعني يونس بن أبي إسحاق - عن بريد بن أبي مريم ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من صلى علي صلاة واحدة ، صلى الله عليه عشر صلوات ، وحط عنه عشر خطيئات " .
حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الملك بن عمرو وأبو سعيد [ قالا ] : حدثنا سليمان بن بلال ، عن عمارة بن غزية ، عن عبد الله بن الحسين ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " البخيل من ذكرت عنده ، ثم لم يصل علي " . وقال أبو سعيد : " فلم يصل علي " .
ورواه الترمذي من حديث سليمان بن بلال ، ثم قال : هذا حديث حسن غريب صحيح .
ومن الرواة من جعله من مسند " الحسين بن علي " ، ومنهم من جعله من مسند " علي " نفسه . حديث آخر : قال إسماعيل القاضي : حدثنا حجاج بن منهال ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن معبد بن هلال العنزي ، حدثنا رجل من أهل دمشق ، عن عوف بن مالك ، عن أبي ذر ، رضي الله عنه; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن أبخل الناس من ذكرت عنده فلم يصل علي " .
حديث آخر مرسل : قال إسماعيل : وحدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا جرير بن حازم ، سمعت الحسن يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بحسب امرئ من البخل أن أذكر عنده فلا يصلي علي " ، صلوات الله عليه .
حديث آخر : قال الترمذي : حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي ، حدثنا ربعي بن إبراهيم ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي . [ ورغم أنف رجل دخل عليه شهر رمضان ، ثم انسلخ قبل أن يغفر له ] ، ورغم أنف رجل أدرك عنده أبواه الكبر فلم يدخلاه الجنة " . ثم قال : حسن غريب .
قلت : وقد رواه البخاري في الأدب ، عن محمد بن عبيد الله ، حدثنا ابن أبي حازم ، عن كثير بن زيد ، عن الوليد بن رباح ، عن أبي هريرة مرفوعا ، بنحوه . ورويناه من حديث محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، به . قال الترمذي : وفي الباب عن جابر وأنس .
قلت : وابن عباس ، وكعب بن عجرة ، وقد ذكرت طرق هذا الحديث في أول كتاب الصيام وعند قوله تعالى : ( إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما ) [ الإسراء : 23 ] .
وهذا الحديث والذي قبله دليل على وجوب الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم كلما ذكر ، وهو مذهب طائفة من العلماء [ منهم الطحاوي والحليمي ] ، ويتقوى بالحديث الآخر الذي رواه ابن ماجه :
حدثنا جبارة بن المغلس ، حدثنا حماد بن زيد ، حدثنا عمرو بن دينار ، عن جابر بن زيد ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من نسي الصلاة علي خطئ طريق الجنة " .
جبارة ضعيف . ولكن رواه إسماعيل القاضي من غير وجه ، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من نسي الصلاة علي خطئ طريق الجنة " . وهذا مرسل يتقوى بالذي قبله [ والله أعلم ] .
وذهب آخرون إلى أنه تجب الصلاة في المجلس مرة واحدة ، ثم لا تجب في بقية ذلك المجلس ، بل تستحب . نقله الترمذي عن بعضهم ، ويتأيد بالحديث الذي رواه الترمذي :
حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، عن صالح - مولى التوأمة - عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله فيه ، ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم ترة ، فإن شاء عذبهم ، وإن شاء غفر لهم " .
تفرد به الترمذي من هذا الوجه . ورواه الإمام أحمد عن حجاج ويزيد بن هارون ، كلاهما عن ابن أبي ذئب ، عن صالح - مولى التوأمة - عن أبي هريرة ، مرفوعا مثله . ثم قال الترمذي : هذا حديث حسن .
وقد روي عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، من غير وجه ، وقد رواه إسماعيل القاضي من حديث شعبة ، عن سليمان ، عن ذكوان ، عن أبي سعيد قال : " ما من قوم يقعدون ثم يقومون ولا يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم ، إلا كان عليهم حسرة ، وإن دخلوا الجنة لما يرون [ من ] الثواب " .
وحكي عن بعضهم أنه إنما تجب الصلاة عليه ، عليه السلام ، في العمر مرة واحدة ، امتثالا لأمر الآية ، ثم هي مستحبة في كل حال ، وهذا هو الذي نصره القاضي عياض بعدما حكى الإجماع على وجوب الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في الجملة . قال : وقد حكى الطبراني أن محمل الآية على الندب ، وادعى فيه الإجماع . قال : ولعله فيما زاد على المرة ، والواجب منه مرة كالشهادة له بالنبوة ، وما زاد على ذلك فمندوب مرغب فيه من سنن الإسلام ، وشعار أهله .
قلت : وهذا قول غريب ، فإنه قد ورد الأمر بالصلاة عليه في أوقات كثيرة ، فمنها واجب ، ومنها مستحب على ما نبينه .
فمنه : بعد النداء للصلاة ; للحديث الذي رواه الإمام أحمد :
حدثنا أبو عبد الرحمن ، حدثنا حيوة ، حدثنا كعب بن علقمة ، أنه سمع عبد الرحمن بن جبير يقول : إنه سمع عبد الله بن عمرو بن العاص يقول : إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إذا سمعتم مؤذنا فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي; فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا ، ثم سلوا لي الوسيلة ، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله ، وأرجو أن أكون أنا هو ، فمن سأل لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة " .
وأخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، من حديث كعب بن علقمة
طريق أخرى : قال إسماعيل القاضي : حدثنا محمد بن أبي بكر ، حدثنا عمرو بن علي ، عن أبي بكر الجشمي ، عن صفوان بن سليم ، عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من سأل الله لي الوسيلة ، حقت عليه شفاعتي يوم القيامة " .
حديث آخر : قال إسماعيل القاضي : حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا سعيد بن زيد ، عن ليث ، عن كعب - هو كعب الأحبار - عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صلوا علي ، فإن صلاتكم علي زكاة لكم ، وسلوا الله لي الوسيلة " . قال : فإما حدثنا وإما سألناه ، فقال : " الوسيلة أعلى درجة في الجنة ، لا ينالها إلا رجل ، وأرجو أن أكون ذلك الرجل " .
ثم رواه عن محمد بن أبي بكر ، عن معتمر ، عن ليث - وهو ابن أبي سليم - به . وكذا الحديث الآخر :
قال الإمام أحمد : حدثنا حسن بن موسى ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا بكر بن سوادة ، عن زياد بن نعيم ، عن وفاء الحضرمي ، عن رويفع بن ثابت الأنصاري ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من صلى على محمد وقال : اللهم ، أنزله المقعد المقرب عندك يوم القيامة ، وجبت له شفاعتي " .
وهذا إسناد لا بأس به ، ولم يخرجوه .
أثر آخر قال إسماعيل القاضي : حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا سفيان ، حدثني معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، سمعت ابن عباس يقول : اللهم تقبل شفاعة محمد الكبرى ، وارفع درجته العليا ، وأعطه سؤله في الآخرة والأولى ، كما آتيت إبراهيم وموسى ، عليهما السلام . إسناد جيد قوي صحيح .
ومن ذلك : عند دخول المسجد والخروج منه : للحديث الذي رواه الإمام أحمد :
حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، حدثنا ليث بن أبي سليم ، عن عبد الله بن الحسن ، عن أمه فاطمة بنت الحسين ، عن جدته [ فاطمة ] بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد صلى على محمد وسلم وقال : " اللهم اغفر لي ذنوبي ، وافتح لي أبواب رحمتك " . وإذا خرج صلى على محمد وسلم ، ثم قال : " اللهم اغفر لي ذنوبي ، وافتح لي أبواب فضلك " .
وقال إسماعيل القاضي : حدثنا يحيى بن عبد الحميد ، حدثنا سفيان بن عمر التميمي ، عن سليمان الضبي ، عن علي بن الحسين قال : قال علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه : إذا مررتم بالمساجد فصلوا على النبي صلى الله عليه وسلم . وأما الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في الصلاة ، فقد قدمنا الكلام عليها في التشهد الأخير ، ومن ذهب إلى ذلك من العلماء مع الشافعي ، رحمه الله . وأما التشهد الأول فلا تجب فيه قولا واحدا ، وهل تستحب ؟ على قولين للشافعي .
ومن ذلك الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في صلاة الجنازة : فإن السنة أن يقرأ في التكبيرة الأولى فاتحة الكتاب ، وفي الثانية أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي الثالثة يدعو للميت ، وفي الرابعة يقول : اللهم لا تحرمنا أجره ، ولا تفتنا بعده .
قال الشافعي ، رحمه الله : حدثنا مطرف بن مازن ، عن معمر ، عن الزهري : أخبرني أبو أمامة بن سهل بن حنيف أنه أخبره رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : أن السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر الإمام ، ثم يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى سرا في نفسه ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ، ويخلص الدعاء للجنازة ، وفي التكبيرات لا يقرأ في شيء منها ، ثم يسلم سرا في نفسه
ورواه النسائي ، عن أبي أمامة نفسه أنه قال : من السنة ، فذكره .
وهذا من الصحابي في حكم المرفوع على الصحيح .
ورواه إسماعيل القاضي ، عن محمد بن المثنى ، عن عبد الأعلى ، عن معمر ، عن الزهري ، عن أبي أمامة بن سهل ، عن سعيد بن المسيب أنه قال : السنة في الصلاة على الجنازة . . . فذكره .
وهكذا روي عن أبي هريرة ، وابن عمر ، والشعبي .
ومن ذلك : في صلاة العيد : قال إسماعيل القاضي : حدثنا مسلم بن إبراهيم ، حدثنا هشام الدستوائي ، حدثنا حماد بن أبي سليمان ، عن إبراهيم ، عن علقمة : أن ابن مسعود وأبا موسى وحذيفة خرج عليهم الوليد بن عقبة يوما قبل العيد ، فقال لهم : إن هذا العيد قد دنا ، فكيف التكبير فيه ؟ قال عبد الله : تبدأ فتكبر تكبيرة تفتتح بها الصلاة ، وتحمد ربك وتصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم تدعو ، وتكبر وتفعل مثل ذلك ، ثم تكبر وتفعل مثل ذلك ، ثم تكبر وتفعل مثل ذلك ، ثم تقرأ ، ثم تكبر وتركع ، ثم تقوم فتقرأ وتحمد ربك وتصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم تدعو وتكبر ، وتفعل مثل ذلك ، ثم تركع . فقال حذيفة وأبو موسى : صدق أبو عبد الرحمن . إسناد صحيح
ومن ذلك : أنه يستحب ختم الدعاء بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم قال الترمذي :
حدثنا أبو داود ، أخبرنا النضر بن شميل ، عن أبي قرة الأسدي ، عن سعيد بن المسيب ، عن عمر بن الخطاب قال : الدعاء موقوف بين السماء والأرض ، لا يصعد حتى تصلي على نبيك .
وهكذا رواه أيوب بن موسى ، عن سعيد بن المسيب ، عن عمر بن الخطاب ، قوله . ورواه معاذ بن الحارث ، عن أبي قرة ، عن سعيد بن المسيب ، عن عمر مرفوعا . وكذا رواه رزين بن معاوية في كتابه مرفوعا ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الدعاء موقوف بين السماء والأرض ، لا يصعد حتى يصلى علي ، فلا تجعلوني كغمر الراكب ، صلوا علي أول الدعاء وأوسطه وآخره " .
وهذه الزيادة إنما تروى من رواية جابر بن عبد الله في مسند الإمام عبد بن حميد الكشي [ حيث ] قال : حدثنا جعفر بن عون ، أخبرنا موسى بن عبيدة ، عن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم ، عن أبيه قال : قال جابر : قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تجعلوني كقدح الراكب ، إذا علق تعاليقه أخذ قدحه فملأه من الماء ، فإن كان له حاجة في الوضوء توضأ ، وإن كان له حاجة في الشرب شرب وإلا أهراق ما فيه ، اجعلوني في أول الدعاء ، وفي ، وسط الدعاء ، وفي آخر الدعاء " . فهذا حديث غريب ، وموسى بن عبيدة ضعيف الحديث .
ومن [ آكد ] ذلك : دعاء القنوت : لما رواه الإمام أحمد وأهل السنن ، وابن خزيمة ، وابن حبان ، والحاكم ، من حديث أبي الحوراء ، عن الحسن بن علي ، رضي الله عنهما ، قال : علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر : " اللهم اهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، فإنك تقضي ولا يقضى عليك ، وإنه لا يذل من واليت تباركت [ ربنا ] وتعاليت " .
وزاد النسائي في سننه بعد هذا : وصلى الله على النبي محمد .
ومن ذلك : أنه يستحب الإكثار من الصلاة عليه [ في ] يوم الجمعة وليلة الجمعة : قال الإمام أحمد : حدثنا حسين بن علي الجعفي ، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، عن أبي الأشعث الصنعاني ، عن أوس بن أوس الثقفي ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أفضل أيامكم يوم الجمعة ، فيه خلق آدم ، وفيه قبض ، وفيه النفخة ، وفيه الصعقة ، فأكثروا علي من الصلاة فيه ، فإن صلاتكم معروضة علي " . قالوا : يا رسول الله ، وكيف تعرض عليك صلاتنا وقد أرمت ؟ - يعني : وقد بليت - قال : " إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء " .
ورواه أبو داود والنسائي وابن ماجه ، من حديث حسين بن علي الجعفي . وقد صحح هذا الحديث ابن خزيمة وابن حبان والدارقطني ، والنووي في الأذكار .
حديث آخر : قال أبو عبد الله بن ماجه : حدثنا عمرو بن سواد المصري ، حدثنا عبد الله بن وهب ، عن عمرو بن الحارث ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن زيد بن أيمن ، عن عبادة بن نسي ، عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أكثروا الصلاة علي يوم الجمعة; فإنه مشهود تشهده الملائكة . وإن أحدا لا يصلي علي إلا عرضت علي صلاته حتى يفرغ منها " . قال : قلت : وبعد الموت ؟ قال : " [ وبعد الموت ] ، إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء " [ فنبي الله حي يرزق ] .
هذا حديث غريب من هذا الوجه ، وفيه انقطاع بين عبادة بن نسي وأبي الدرداء ، فإنه لم يدركه ، والله أعلم .
وقد روى البيهقي من حديث أبي أمامة وأبي مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأمر بالإكثار من الصلاة عليه ليلة الجمعة ويوم الجمعة ، ولكن في إسنادهما ضعف ، والله أعلم . وروي مرسلا عن الحسن البصري ، فقال إسماعيل القاضي :
حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا جرير بن حازم ، سمعت الحسن - هو البصري - يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تأكل الأرض جسد من كلمه روح القدس " . مرسل حسن .
وقال الشافعي : أخبرنا إبراهيم بن محمد ، أخبرنا صفوان بن سليم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا كان يوم الجمعة وليلة الجمعة ، فأكثروا الصلاة علي " . هذا مرسل .
وهكذا يجب على الخطيب أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة على المنبر في الخطبتين ، ولا تصح الخطبتان إلا بذلك; لأنها عبادة ، وذكر الله فيها شرط ، فوجب ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم فيها كالأذان والصلاة . هذا مذهب الشافعي وأحمد رحمهما الله .
ومن ذلك : أنه يستحب الصلاة والسلام عليه عند زيارة قبره ، صلوات الله وسلامه عليه : قال أبو داود :
حدثنا ابن عوف - هو محمد - حدثنا المقري ، حدثنا حيوة ، عن أبي صخر حميد بن زياد ، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط ، عن أبي هريرة; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي ، حتى أرد عليه السلام " .
تفرد به أبو داود ، وصححه النووي في الأذكار . ثم قال أبو داود :
حدثنا أحمد بن صالح قال : قرأت على عبد الله بن نافع ، أخبرني ابن أبي ذئب ، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تجعلوا بيوتكم قبورا ، ولا تجعلوا قبري عيدا ، وصلوا علي ، فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم " .
تفرد به أبو داود أيضا . وقد رواه الإمام أحمد عن سريج ، عن عبد الله بن نافع - وهو الصائغ - به . وصححه النووي أيضا . وقد روي من وجه آخر عن علي ، رضي الله عنه . قال القاضي إسماعيل بن إسحاق في كتابه " فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم " :
حدثنا إسماعيل بن أبي أويس ، حدثنا جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب [ عمن أخبره ] من أهل بيته ، عن علي بن الحسين بن علي : أن رجلا كان يأتي كل غداة فيزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم ويصلي عليه ، ويصنع من ذلك ما اشتهر عليه علي بن الحسين ، فقال له علي بن الحسين : ما يحملك على هذا ؟ قال : أحب السلام على النبي صلى الله عليه وسلم . فقال له علي بن الحسين : هل لك أن أحدثك حديثا عن أبي ؟ قال : نعم . فقال له علي بن الحسين : أخبرني أبي ، عن جدي أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تجعلوا قبري عيدا ، ولا تجعلوا بيوتكم قبورا ، وصلوا علي وسلموا حيثما كنتم فتبلغني صلاتكم وسلامكم " .
في إسناده رجل مبهم لم يسم وقد روي من وجه آخر مرسلا قال عبد الرزاق في مصنفه ، عن الثوري ، عن ابن عجلان ، عن رجل - يقال له : سهيل - عن الحسن بن الحسن بن علي ; أنه رأى قوما عند القبر فنهاهم ، وقال : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تتخذوا قبري عيدا ، ولا تتخذوا بيوتكم قبورا ، وصلوا علي حيثما كنتم; فإن صلاتكم تبلغني " . فلعله رآهم يسيئون الأدب برفع أصواتهم [ فوق الحاجة ] ، فنهاهم .
وقد روي أنه رأى رجلا ينتاب القبر فقال : يا هذا ، ما أنت ورجل بالأندلس منه إلا سواء ، أي : الجميع يبلغه ، صلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم الدين .
وقال الطبراني في معجمه الكبير : حدثنا أحمد بن رشدين المصري ، حدثنا سعيد بن أبي مريم ، حدثنا محمد بن جعفر ، أخبرني حميد بن أبي زينب ، عن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنهم ، عن أبيه; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " صلوا علي حيثما كنتم ، فإن صلاتكم تبلغني " .
ثم قال الطبراني : حدثنا العباس بن حمدان الأصبهاني ، حدثنا شعيب بن عبد الحميد الطحان ، أخبرنا يزيد بن هارون عن شيبان ، عن الحكم بن عبد الله بن خطاف ، عن أم أنيس بنت الحسن بن علي ، عن أبيها قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أرأيت قول الله ، عز وجل : ( إن الله وملائكته يصلون على النبي ) ؟ " فقال : " إن هذا هو المكتوم ، ولولا أنكم سألتموني عنه لما أخبرتكم ، إن الله وكل بي ملكين لا أذكر عند عبد مسلم فيصلي علي إلا قال ذانك الملكان : " غفر الله لك " . وقال الله وملائكته جوابا لذينك الملكين : " آمين " . ولا يصلي أحد إلا قال ذانك الملكان : " غفر الله لك " . ويقول الله وملائكته جوابا لذينك الملكين : " آمين " .
غريب جدا ، وإسناده فيه ضعف شديد
وقد قال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن عبد الله بن السائب ، عن زاذان ، عن عبد الله بن مسعود ، رضي الله عنه; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن لله ملائكة سياحين في الأرض ، يبلغوني من أمتي السلام " .
وهكذا رواه النسائي من حديث سفيان الثوري وسليمان بن مهران الأعمش ، كلاهما عن عبد الله بن السائب ، به
فأما الحديث الآخر : " من صلى علي عند قبري سمعته ، ومن صلى علي من بعيد بلغته " - ففي إسناده نظر ، تفرد به محمد بن مروان السدي الصغير ، وهو متروك ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة مرفوعا .
قال أصحابنا : ويستحب للمحرم إذا لبى وفرغ من تلبيته أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم : لما روي عن الشافعي والدارقطني من رواية صالح بن محمد بن زائدة ، عن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق قال : كان يؤمر الرجل إذا فرغ من تلبيته أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم على كل حال .
وقال إسماعيل القاضي : حدثنا عارم بن الفضل ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، حدثنا زكريا ، عن الشعبي ، عن وهب بن الأجدع قال : سمعت عمر بن الخطاب يقول : إذا قدمتم فطوفوا بالبيت سبعا ، وصلوا عند المقام ركعتين ، ثم ائتوا الصفا فقوموا عليه من حيث ترون البيت ، فكبروا سبع تكبيرات ، تكبيرا بين حمد لله وثناء عليه ، وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، ومسألة لنفسك ، وعلى المروة مثل ذلك .
إسناد جيد حسن قوي .
وقالوا : ويستحب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مع ذكر الله عند الذبح : واستأنسوا بقوله تعالى : ( ورفعنا لك ذكرك ) [ الشرح : 4 ] ، قال بعض المفسرين : يقول الله تعالى : " لا أذكر إلا ذكرت معي " . وخالفهم في ذلك الجمهور ، وقالوا : هذا موطن يفرد فيه ذكر الرب تعالى ، كما عند الأكل ، والدخول ، والوقاع وغير ذلك ، مما لم ترد فيه السنة بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم .
حديث آخر : قال إسماعيل القاضي : حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ، حدثنا عمر بن هارون ، عن موسى بن عبيدة ، عن محمد بن ثابت ، عن أبي هريرة ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " صلوا على أنبياء الله ورسله; فإن الله بعثهم كما بعثني " .
في إسناده ضعيفان ، وهما عمر بن هارون وشيخه ، والله أعلم . وقد رواه عبد الرزاق ، عن الثوري ، عن موسى بن عبيدة الربذي به .
ومن ذلك : أنه يستحب الصلاة عليه عند طنين الأذن ، إن صح الخبر في ذلك ، على أن الإمام أبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة قد رواه في صحيحه فقال : حدثنا زياد بن يحيى ، حدثنا معمر بن محمد بن عبيد الله ، عن أبيه محمد ، عن أبيه أبي رافع قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا طنت أذن أحدكم فليذكرني وليصل علي ، وليقل : ذكر الله من ذكرني بخير " . إسناده غريب ، وفي ثبوته نظر والله أعلم .
[ وهاهنا مسألة ] :
وقد استحب أهل الكتابة أن يكرر الكاتب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كلما كتبه ، وقد ورد في الحديث من طريق كادح بن رحمة ، عن نهشل ، عن الضحاك ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من صلى علي في كتاب ، لم تزل الصلاة جارية له ما دام اسمي في ذلك الكتاب " .
وليس هذا الحديث بصحيح من وجوه كثيرة ، وقد روي من حديث أبي هريرة ، ولا يصح أيضا ، قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي شيخنا : أحسبه موضوعا . وقد روي نحوه عن أبي بكر ، وابن عباس . ولا يصح من ذلك شيء ، والله أعلم . وقد ذكر الخطيب البغدادي في كتابه : " الجامع لآداب الراوي والسامع ، قال : رأيت بخط الإمام أحمد بن حنبل ، رحمه الله : كثيرا ما يكتب اسم النبي صلى الله عليه وسلم من غير ذكر الصلاة عليه كتابة ، قال : وبلغني أنه كان يصلي عليه لفظا .
فصل
وأما الصلاة على غير ال
- القرطبى : إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
قوله تعالى : إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما .
هذه الآية شرف الله بها رسوله عليه السلام حياته وموته ، وذكر منزلته منه ، وطهر بها سوء فعل من استصحب في جهته فكرة سوء ، أو في أمر زوجاته ونحو ذلك . والصلاة من الله رحمته ورضوانه ، ومن الملائكة الدعاء والاستغفار ، ومن الأمة الدعاء والتعظيم لأمره .
مسألة : واختلف العلماء في الضمير في قوله : يصلون فقالت فرقة : الضمير فيه لله والملائكة ، وهذا قول من الله تعالى شرف به ملائكته ، فلا يصحبه الاعتراض الذي جاء في قول الخطيب : من يطع الله ورسوله فقد رشد ، ومن يعصهما فقد غوى . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : بئس الخطيب أنت ، قل ومن يعص الله ورسوله أخرجه الصحيح . قالوا : لأنه ليس لأحد أن يجمع ذكر الله تعالى مع غيره في ضمير ، ولله أن يفعل في ذلك ما يشاء . وقالت فرقة : في الكلام حذف ، تقديره إن الله يصلي وملائكته يصلون ، وليس في الآية اجتماع في ضمير ، وذلك جائز للبشر فعله . ولم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم بئس الخطيب أنت لهذا المعنى ، وإنما قاله لأن الخطيب وقف على ومن يعصهما ، وسكت سكتة . واستدلوا بما رواه أبو داود عن عدي بن حاتم أن خطيبا خطب عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : من يطع الله ورسوله ومن يعصهما . فقال : قم - أو اذهب - بئس الخطيب أنت . إلا أنه يحتمل أن يكون لما خطأه في وقفه وقال له : بئس الخطيب ، أصلح له بعد ذلك جميع كلامه ، فقال : قل ومن يعص الله ورسوله كما في كتاب مسلم . وهو يؤيد القول الأول بأنه لم يقف على ( ومن يعصهما ) . وقرأ ابن عباس : ( وملائكته ) بالرفع على موضع اسم الله قبل دخول ( إن ) . والجمهور بالنصب عطفا على المكتوبة .
قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما فيه خمسة مسائل :
الأولى : قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما أمر الله تعالى عباده بالصلاة على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم دون أنبيائه تشريفا له ، ولا خلاف في أن الصلاة عليه فرض في العمر مرة ، وفي كل حين من الواجبات وجوب السنن المؤكدة التي لا يسع تركها ولا يغفلها إلا من لا خير فيه . الزمخشري : فإن قلت الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم واجبة أم مندوب إليها ؟ قلت : بل واجبة . وقد اختلفوا في حال وجوبها ، فمنهم من أوجبها كلما جرى ذكره . وفي الحديث : ( من ذكرت عنده فلم يصل علي فدخل النار فأبعده الله ) . ويروى أنه قيل له : يا رسول الله ، أرأيت قول الله عز وجل : إن الله وملائكته يصلون على النبي فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( هذا من العلم المكنون ولولا أنكم سألتموني عنه ما أخبرتكم به ، إن الله تعالى وكل بي ملكين فلا أذكر عند مسلم فيصلي علي إلا قال ذلك الملكان غفر الله لك وقال الله تعالى وملائكته جوابا لذينك الملكين آمين . ولا أذكر عند عبد مسلم فلا يصلي علي إلا قال ذلك الملكان لا غفر الله لك وقال الله تعالى وملائكته لذينك الملكين آمين ) .
ومنهم من قال : تجب في كل مجلس مرة وإن تكرر ذكره ، كما قال في آية السجدة وتشميت العاطس . وكذلك في كل دعاء في أوله وآخره ، ومنهم من أوجبها في العمر . وكذلك قال في إظهار الشهادتين . والذي يقتضيه الاحتياط : الصلاة عند كل ذكر ، لما ورد من الأخبار في ذلك .
الثانية : واختلفت الآثار في صفة الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم فروى مالك عن أبي مسعود الأنصاري قال : أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في مجلس سعد بن عبادة ، فقال له بشير بن سعد : أمرنا الله أن نصلي عليك يا رسول الله ، فكيف نصلي عليك ؟ قال : فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تمنينا أنه لم يسأله ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد ، والسلام كما قد علمتم . ورواه النسائي عن طلحة مثله ، بإسقاط قوله : ( في العالمين ) وقوله : ( والسلام كما قد علمتم ) . وفي الباب عن كعب بن عجرة وأبي حميد الساعدي وأبي سعيد الخدري وعلي بن أبي طالب وأبي هريرة وبريدة الخزاعي وزيد بن خارجة ، ويقال ابن حارثة أخرجها أئمة أهل الحديث في كتبهم . وصحح الترمذي حديث كعب بن عجرة . خرجه مسلم في صحيحه مع حديث أبي حميد الساعدي . قال أبو عمر : روى شعبة والثوري عن الحكم بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة قال : لما نزل قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، هذا السلام عليك قد عرفناه فكيف الصلاة ؟ فقال : قل اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وهذا لفظ حديث الثوري لا حديث شعبة وهو يدخل في التفسير المسند إليه لقول الله تعالى : إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما فبين كيف الصلاة عليه وعلمهم في التحيات كيف السلام عليه ، وهو قوله : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته .
وروى المسعودي عن عون بن عبد الله عن أبي فاختة عن الأسود عن عبد الله أنه قال : إذا صليتم على النبي صلى الله عليه وسلم فأحسنوا الصلاة عليه ، فإنكم لا تدرون لعل ذلك يعرض عليه . قالوا فعلمنا ، قال : قولوا اللهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين وإمام المتقين وخاتم النبيين محمد عبدك ونبيك ورسولك إمام الخير وقائد الخير ورسول الرحمة . اللهم ابعثه مقاما محمودا يغبطه به الأولون والآخرون . اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد . وروينا بالإسناد المتصل في كتاب ( الشفا ) للقاضي عياض عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : عدهن في يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : عدهن في يدي جبريل وقال هكذا أنزلت من عند رب العزة اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم وترحم على محمد وعلى آل محمد كما ترحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم وتحنن على محمد وعلى آل محمد كما تحننت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد . قال ابن العربي : من هذه الروايات صحيح ومنها سقيم ، وأصحها ما رواه مالك فاعتمدوه . ورواية غير مالك من زيادة الرحمة مع الصلاة وغيرها لا يقوى ، وإنما على الناس أن ينظروا في أديانهم نظرهم في أموالهم ، وهم لا يأخذون في البيع دينارا معيبا ، وإنما يختارون السالم الطيب ، كذلك لا يؤخذ من الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم سنده ، لئلا يدخل في حيز الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينما هو يطلب الفضل إذا به قد أصاب النقص ، بل ربما أصاب الخسران المبين .
الثالثة : في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا . وقال سهل بن عبد الله : الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم أفضل العبادات ؛ لأن الله تعالى تولاها هو وملائكته ، ثم أمر بها المؤمنين ، وسائر العبادات ليس كذلك . قال أبو سليمان الداراني : من أراد أن يسأل الله حاجة فليبدأ بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم يسأل الله حاجته ، ثم يختم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فإن الله تعالى يقبل الصلاتين وهو أكرم من أن يرد ما بينهما . وروى سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : الدعاء يحجب دون السماء حتى يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذا جاءت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم رفع الدعاء . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : من صلى علي وسلم علي في كتاب لم تزل الملائكة يصلون عليه ما دام اسمي في ذلك الكتاب .
الرابعة : واختلف العلماء في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة ، فالذي عليه الجم الغفير والجمهور الكثير : أن ذلك من سنن الصلاة ومستحباتها . قال ابن المنذر : يستحب ألا يصلي أحد صلاة إلا صلى فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن ترك ذلك تارك فصلاته مجزية في مذهب مالك وأهل المدينة وسفيان الثوري وأهل الكوفة من أصحاب الرأي وغيرهم . وهو قول جل أهل العلم . وحكي عن مالك وسفيان أنها في التشهد الأخير مستحبة ، وأن تاركها في التشهد مسيء . وشذ الشافعي فأوجب على تاركها في الصلاة الإعادة . وأوجب إسحاق الإعادة مع تعمد تركها دون النسيان . وقال أبو عمر : قال الشافعي إذا لم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير بعد التشهد وقبل التسليم أعاد الصلاة . قال : وإن صلى عليه قبل ذلك لم تجزه . وهذا قول حكاه عنه حرملة بن يحيى ، لا يكاد يوجد هكذا عن الشافعي إلا من رواية حرملة عنه ، وهو من كبار أصحابه الذين كتبوا كتبه . وقد تقلده أصحاب الشافعي ومالوا إليه وناظروا عليه ، وهو عندهم تحصيل مذهبه . وزعم الطحاوي أنه لم يقل به أحد من أهل العلم غيره . وقال الخطابي وهو من أصحاب الشافعي : وليست بواجبة في الصلاة ، وهو قول جماعة الفقهاء إلا الشافعي ، ولا أعلم له فيها قدوة . والدليل على أنها ليست من فروض الصلاة عمل السلف الصالح قبل الشافعي وإجماعهم عليه ، وقد شنع عليه في هذه المسألة جدا . وهذا تشهد ابن مسعود الذي اختاره الشافعي وهو الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم ليس فيه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك كل من روى التشهد عنه صلى الله عليه وسلم . وقال ابن عمر : كان أبو بكر يعلمنا التشهد على المنبر كما تعلمون الصبيان في الكتاب . وعلمه أيضا على المنبر عمر ، وليس فيه ذكر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم .
قلت : قد قال بوجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة محمد بن المواز من أصحابنا فيما ذكر ابن القصار وعبد الوهاب ، واختاره ابن العربي للحديث الصحيح : إن الله أمرنا أن نصلي عليك فكيف نصلي عليك ؟ فعلم الصلاة ووقتها فتعينت كيفية ووقتا . وذكر الدارقطني عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين أنه قال : لو صليت صلاة لم أصل فيها على النبي صلى الله عليه وسلم ولا على أهل بيته لرأيت أنها لا تتم . وروي مرفوعا عنه عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم . والصواب أنه قول أبي جعفر ، قاله الدارقطني .
الخامسة : قوله تعالى : عليه وسلموا ، قال القاضي أبو بكر بن بكير : نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه وسلم فأمر الله أصحابه أن يسلموا عليه . وكذلك من بعدهم أمروا أن يسلموا عليه عند حضورهم قبره وعند ذكره . وروى النسائي عن عبد الله بن أبي طلحة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ذات يوم والبشر يرى في وجهه ، فقلت : إنا لنرى البشرى في وجهك ! فقال : إنه أتاني الملك فقال يا محمد إن ربك يقول أما يرضيك أنه لا يصلي عليك أحد إلا صليت عليه عشرا ولا يسلم عليك أحد إلا سلمت عليه عشرا . وعن محمد بن عبد الرحمن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما منكم من أحد يسلم علي إذا مت إلا جاءني سلامه مع جبريل يقول يا محمد هذا فلان بن فلان يقرأ عليك السلام فأقول وعليه السلام ورحمة الله وبركاته وروى النسائي عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني من أمتي السلام . قال القشيري والتسليم قولك : سلام عليك .
- الطبرى : إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)
يقول تعالى ذكره: إن الله وملائكته يبرّكون على النبي محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.
كما حدثني علي، قال: ثنا أَبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ ) يقول: يباركون على النبي. وقد يحتمل أن يقال: إن معنى ذلك: أن الله يرحم النبي، وتدعو له ملائكته ويستغفرون، وذلك أن الصلاة في كلام العرب من غير الله إنما هو دعاء . وقد بينا ذلك فيما مضى من كتابنا هذا بشواهده، فأغنى ذلك عن إعادته.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ) يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين آمنوا ادعوا لنبي الله محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم (وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) يقول: وحيوه تحية الإسلام .
وبنحو الذي قلنا في ذلك جاءت الآثار عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا هارون، عن عنبسة، عن عثمان بن موهب، عن موسى بن طلحة، عن أبيه، قال: أتى رجل النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ، فقال: سمعت الله يقول (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ...) الآية، فكيف الصلاة عليك؟ فقال: " قلِ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَعَلى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيتَ عَلَى إبْرَاهيمَ إنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ، وَبَارك عَلَى مُحَمَّد وَعَلى آلِ مُحَمد، كَمَا بَارَكتَ عَلَى إبْرَاهيمَ إنكَ حَمِيد مَجِيدٌ".
حدثني جعفر بن محمد الكوفي، قال: ثنا يعلى بن الأجلح، عن &; 20-321 &; الحكم بن عتيبة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة، قال: لما نـزلت ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) قمت إليه، فقلت: السلام عليك قد عرفناه، فكيف الصلاة عليك يا رسول الله؟ قال: " قل اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد ".
حدثنا أَبو كريب، قال: ثنا مالك بن إسماعيل، قال: ثنا أَبو إسرائيل، عن يونس بن خباب، قال: خطبنا بفارس فقال: (إِنَّ الَّلهَ وَمَلائِكَتَه ...) الآية، فقال: أنبأني من سمع ابن عباس يقول: هكذا أنـزل، فقلنا: أو قالوا: يا رسول الله قد علمنا السلام عليك، فكيف الصلاة عليك؟ فقال: " اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد ".
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن مغيرة، عن زياد، عن إبراهيم في قوله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ ...) الآية، قالوا: يا رسول الله هذا السلام قد عرفناه، فكيف الصلاة عليك؟ فقال: قولوا " اللهم صلِّ على محمد عبدك ورسولك وأهل بيته كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد ".
حدثني يعقوب الدورقي، قال: ثنا ابن علية، قال: ثنا أيوب، عن محمد بن سيرين، عن عبد الرحمن بن بشر بن مسعود الأنصاري، قال: لما نـزلت ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) قالوا: يا رسول الله هذا السلام قد عرفناه، فكيف الصلاة وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: " قولوا: اللهم صلِّ على محمد كما صليت على آل إبراهيم، اللهم بارك على محمد كما باركت على آل إبراهيم ".
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( إِنَّ &; 20-322 &; اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) قال: لما نـزلت هذه الآية قالوا: يا رسول الله، قد علمنا السلام عليك، فكيف الصلاة عليك؟ قال: " قولوا: اللهم صلِّ على محمد كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد كما باركت على إبراهيم ". وقال الحسن: اللهم اجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد، كما جعلتها على إبراهيم، إنك حميد مجيد ".
- ابن عاشور : إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)
أعقبت أحكام معاملة أزواج النبي عليه الصلاة والسلام بالثناء عليه وتشريف مقامه إيماء إلى أن تلك الأحكام جارية على مناسبة عظمة مقام النبي عليه الصلاة والسلام عند الله تعالى ، وإلى أن لأزواجه من ذلك التشريف حظًّا عظيماً . ولذلك كانت صيغة الصلاة عليه التي علَّمها للمسلمين مشتملة على ذكر أزواجه كما سيأتي قريباً ، وليُجعل ذلك تمهيداً لأمر المؤمنين بتكرير ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بالثناء والدعاء والتعظيم ، وذُكرَ صلاة الملائكة مع صلاة الله ليكون مثالاً من صلاة أشرف المخلوقات على الرسول لتقريب درجة صلاة المؤمنين التي يؤمرون بها عقب ذلك ، والتأكيد للاهتمام . ومجيء الجملة الإسمية لتقوية الخبر ، وافتتاحها باسم الجلالة لإِدخال المهابة والتعظيم في هذا الحكم ، والصلاة من الله والملائكة تقدم الكلام عليها عند قوله تعالى : { هو الذي يصلي عليكم وملائكته } في هذه السورة ( 43 ) . وهذه صلاة خاصة هي أرفع صلاة مما شمله قوله هو الذي يصلي عليكم وملائكته } لأن عظمة مقام النبي يقتضي عظمة الصلاة عليه .
وجملة { يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه } هي المقصودة وما قبلها توطئة لها وتمهيد لأن الله لما حَذّر المؤمنين من كل ما يؤذي الرسول عليه الصلاة والسلام أعقبه بأن ذلك ليس هو أقصى حظهم من معاملة رسولهم أن يتركوا أذاه بل حظُّهم أكبر من ذلك وهو أن يُصَلُّوا عليه ويُسَلِّمُوا ، وذلك هو إكرامهم الرسول عليه الصلاة والسلام فيما بينهم وبين ربهم فهو يدل على وجوب إكرامه في أقوالهم وأفعالهم بحضرته بدلالة الفحوى ، فجملة { يا أيها الذين آمنوا } بمنزلة النتيجة الواقعة بعد التمهيد . وجيء في صلاة الله وملائكته بالمضارع الدال على التجديد والتكرير ليكون أمر المؤمنين بالصلاة عليه والتسليم عقب ذلك مشيراً إلى تكرير ذلك منهم إسوة بصلاة الله وملائكته .
والأمر بالصلاة عليه معناه : إيجاد الصلاة ، وهي الدعاء ، فالأمر يؤول إلى إيجاد أقوال فيها دعاء وهو مجمل في الكيفية .
والصلاة : ذِكر بخير ، وأقوال تجلب الخير ، فلا جرم كان الدعاء هو أشهر مسميات الصلاة ، فصلاة الله : كلامه الذي يُقدِّر به خيراً لرسوله صلى الله عليه وسلم لأن حقيقة الدعاء في جانب الله معطّل ، لأن الله هو الذي يدعوه الناس ، وصلاة الملائكة والناسِ : استغفار ودعاء بالرحمات .
وظاهر الأمر أن الواجب كلُّ كلام فيه دعاء للنبيء صلى الله عليه وسلم ولكن الصحابة لما نزلت هذه الآية سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن كيفية هذه الصلاة قالوا : «يا رسول الله هذا السلام عليك قد علمناه فكيف نصلي عليك؟» يعنون أنهم علِموا السلام عليه من صيغة بثّ السلام بين المسلمين وفي التشهد فالسلام بين المسلمين صيغته : السلام عليكم . والسلام في التشهد هو «السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته» أو «السلام على النبي ورحمة الله وبركاته» .
فقال رسول الله : قولوا : " اللهم صلّ على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم ، وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد " . هذه رواية مالك في «الموطأ» عن أبي حُميد الساعدي .
وروي أيضاً عن أبي مسعود الأنصاري بلفظ «وعلى آل محمد» ( عن أزواجه وذريته في الموضعين ) وبزيادة «في العالمين» ، قبل : «إنك حميد مجيد . والسلامُ كما قد علمتم» . وهما أصح ما روي كما قال أبو بكر بن العربي . وهناك روايات خمس أخرى متقاربة المعنى وفي بعضها زيادة وقد استقصاها ابن العربي في «أحكام القرآن» . ومرجع صيغها إلى توجه إلى الله بأن يفيض خيرات على رسوله صلى الله عليه وسلم لأن معنى الصلاة الدعاء ، والدعاء من حسن الأقوال ، ودعاء المؤمنين لا يتوجه إلاّ إلى الله .
وظاهر صيغة الأمر مع قرينة السياق يقتضي وجوب أن يصلي المؤمن على النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنه كان مجملاً في العدد فَمَحْمَله مَحْمل الأمر المُجمل أن يفيد المرة لأنها ضرورية لإِيقاع الفعل ولمقتضَى الأمر . ولذلك اتفق فقهاء الأمة على أن واجباً على كل مؤمن أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم مرة في العمر ، فجعلوا وقتها العمرَ كالحج . وقد اختلفوا فيما زاد على ذلك في حكمه ومقداره ، ولا خلاف في استحباب الإِكثار من الصلاة عليه وخاصة عند وجود أسبابها . قال الشافعي وإسحاق ومحمد بن الموازِ من المالكية واختاره أبو بكر بن العربي من المالكية : إن الصلاة عليه فرض في الصلاة فمن تركها بطلت صلاته . قال إسحاق : ولو كان ناسياً .
وظاهر حكايتهم عن الشافعي أن تركها إنما يبطل الصلاة إذا كان عمداً وكأنهم جعلوا ذلك بياناً للإِجمال الذي في الأمر من جهة الوقت والعدد ، فجعلوا الوقت هو إيقاع الصلاة للمقارنة بين الصلاة والتسليم ، والتسليمُ وارد في التشهد ، فتكون الصلاة معه على نحو ما استدل أبو بكر الصديق رضي الله عنه من قوله : لأقاتلنّ من فَرق بين الصلاة والزكاة ، فإذا كان هذا مأخذهم فهو ضعيف لأن الآية لم ترد في مقام أحكام الصلاة ، وإلا فليس له أن يبين مجملاً بلا دليل .
وقال جمهور العلماء : هي في الصلاة مستحبة وهي في التشهد الأخير وهو الذي جرى عليه الشافعية أيضاً . قال الخطابي : ولا أعلم للشافعي فيها قُدوة وهو مخالف لعمل السلف قبله ، وقد شنع عليه في هذه المسألة جداً . وهذا تشهد ابن مسعود الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم والذي اختاره الشافعي ليس فيه الصلاة على النبي ، كذلك كل من روَى التشهد عن رسول الله . قال ابن عمر : كان أبو بكر يعلمنا التشهد على المنبر كما تعلمون الصبيان في الكتَّاب ، وعلمه أيضاً على المنبر عمر ، وليس في شيء من ذلك ذكر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم قلت : فمن قال إنها سنة في الصلاة فإنما أراد المستحب .
وأما حديث " لا صلاة لمن لم يصل عليَّ " فقد ضعفه أهل الحديث كلهم .
ومن أسباب الصلاة عليه أن يصلي عليه من جرى ذكره عنده ، وكذلك في افتتاح الكتب والرسائِل ، وعند الدعاء ، وعند سماع الأذان ، وعند انتهاء المؤذن ، وعند دخول المسجد ، وفي التشهد الأخير .
وفي التوطئة للأمر بالصلاة على النبي بذكر الفعل المضارع في { يصلون } إشارة إلى الترغيب في الإِكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تأسيَّاً بصلاة الله وملائكته .
واعلم أنا لم نقف على أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يصلون على النبي كلما جرى ذكر اسمه ولا أن يكتبوا الصلاة عليه إذا كتبوا اسمه ولم نقف على تعيين مبدأ كتابة ذلك بين المسلمين .
والذي يبدو أنهم كانوا يصلون على النبي إذا تذكروا بعض شؤونه كما كانوا يترحمون على الميِّت إذا ذكروا بعض محاسنه . وفي «السيرة الحلبية» : «لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم واعترى عمر من الدهش ما هو معلوم وتكلم أبو بكر بما هو معلوم قال عمر : إنا لله وإنا إليه راجعون صلواتُ الله على رسوله وعند الله نحتسب رسوله» وروى البخاري في باب : متى يحلّ المعتمر : عن أسماء بنت أبي بكر أنها كانت تقول كلما مرت بالحَجون «صلى الله على رسوله محمد وسلم لقد نزلنا معه ههنا ونحن يومئذٍ خِفاف» إلى آخره .
وفي باب ما يقول عند دخول المسجد من «جامع الترمذي» حديث فاطمة بنت الحسين عن جدتها فاطمة الكبرى قالت : كان رسول الله إذا دخل المسجد صلى على محمد وسلم وقال : رب اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك ، وإذا خرج صلى على محمد وسلم وقال : رب اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك ، قال الترمذي : حديث حسن وليس إسناده بمتصل .
ومن هذا القبيل ما ذكره ابن الأثير في «التاريخ الكامل» في حوادث سنة خمس وأربعين ومائة : أن عبد الله بن مصعب بن ثابت رثى محمداً النفس الزكية بأبيات منها :
والله لوْ شهد النبي محمد ... صلى الإله على النبي وسَلَّماً
ثم أحدثت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في أوائل الكتب في زمن هارون الرشيد ، ذكر ذلك ابن الأثير في «الكامل» في سنة إحدى وثمانين ومائة ، وذكره عياض في «الشفاء» ، ولم يذكرا صيغة التصلية . وفي «المخصص» لابن سيده في ذكر الخُف والنعل : إن أبا مُحَلِّم بعث إلى حذَّاء بنعل ليحذوها وقال له : «ثم سُنَّ شَفْرَتك وسُنّ رأس الإِزميل ثم سَمِّ باسم الله وصلّ على محمد ثم انحها» إلى آخره .
ولا شك أن إتباع اسم النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة عليه في كتب الحديث والتفسير وغيرها كان موجوداً في القرن الرابع ، وقد وقفت على قطعة عتيقة من تفسير يحيى بن سلام البصري مؤرخ نسخها سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة فإذا فيها الصلاة على النبي عقب ذكره اسمه .
وأحسب أن الذين سنُّوا ذلك هم أهل الحديث . قال النووي في مقدمة شرحه على «صحيح مسلم» «يستحب لكاتب الحديث إذا مر بذكر الله أن يكتب عز وجل ، أو تعالى ، أو سبحانه وتعالى ، أو تبارك وتعالى ، أو جل ذكره ، أو تبارك اسمه ، أو جلت عظمته ، أو ما أشبه ذلك ، وكذلك يكتب عند ذكر النبي « صلى الله عليه وسلم بكمالها لا رامزاً إليها ولا مقتصراً على بعضها ، ويكتب ذلك وإن لم يكن مكتوباً في الأصل الذي ينقل منه فإن هذا ليس رواية وإنما هو دعاء . وينبغي للقارىء أن يقرأ كل ما ذكرناه وإن لم يكن مذكوراً في الأصل الذي يقرأ منه ولا يَسأم من تكرر ذلك ، ومن أغفل ذلك حُرم خيراً عظيماً» ا ه .
وقوله : { وسلموا تسليماً } القول فيه كالقول في { صلوا عليه } حكماً ومكاناً وصفة فإن صفته حددت بقول النبي صلى الله عليه وسلم «والسلام كما قد علمتم» فإن المعلوم هو صيغته التي في التشهد «السلام عليك أيها النبي ورحمة اللَّه وبركاته» . وكان ابن عمر يقول فيه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم «السلام على النبي ورحمة الله وبركاته» . والجمهور أبقوا لفظه على اللفظ الذي كان في حياة النبي عليه الصلاة والسلام رعياً لما ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه حي يَبلُغه تسليم أمته عليه .
ومن أجل هذا المعنى أبقيت له صيغة التسليم على الأَحياء وهي الصيغة التي يتقدم فيها لفظ التسليم على المتعلِّق به لأن التسليم على الأموات يكون بتقديم المجرور على لفظ السلام . وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للذي سلم عليه فقال : عليك السلام يا رسول الله فقال له : " إن عليكَ السلام تحيةُ الموتى ، فقل : السلام عليك " . والتسليم مشهور في أنه التحية بالسلام ، والسلام فيه بمعنى الأمان والسلامة ، وجعل تحية في الأولين عند اللقاء مبادأة بالتأمين من الاعتداء والثأر ونحو ذلك إذ كانوا إذ اتقوا أحداً توجّسُوا خِيفة أن يكون مضمراً شراً لملاقيه ، فكلاهما يدفع ذلك الخوف بالإِخبار بأنه مُلق على مُلاقيه سلامة وأمناً . ثم شاع ذلك حتى صار هذا اللفظ دالاً على الكرامة والتلطف ، قال النابغة :
أتاركة تدللها قطام ... وضِنًّا بالتحية والسلام
ولذلك كان قوله تعالى : { وسلموا } غير مجمل ولا محتاج إلى بيان فلم يسأل عنه الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا : هذا السلام قد عرفناه ، وقال لهم : والسلام كما قد علمتم ، أي كما قد علمتم من صيغة السلام بين المسلمين ومن ألفاظ التشهد في الصلاة .
وإذ قد كانت صيغة السلام معروفة كان المأمور به هو ما يماثل تلك الصيغة أعني أن نقول : السلام على النبي أو عليه السلام ، وأن ليس ذلك بتوجه إلى الله تعالى بأن يسلم على النبي بخلاف التصلية لما علمت مِمَّا اقتضى ذلك فيها .
والآية تضمنت الأمر بشيئين : الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والتسليممِ عليه ، ولم تقتض جمعهما في كلام واحد وهما مفرقان في كلمات التشهد فالمسلم مخيّر بين أن يقرن بين الصلاة والتسليم بأن يقول : صلى الله على محمد والسلام عليه ، أو أن يقول : اللهم صل على محمد والسلام على محمد ، فيأتي في جانب التصلية بصيغة طلب ذلك من الله ، وفي جانب التسليم بصيغة إنشاء السلام بمنزلة التحية له ، وبين أن يفرد الصلاة ويفرد التسليم وهو ظاهر الحديث الذي رواه عياض في «الشفاء» أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لقيت جبريل فقال لي : أبشرك أن الله يقول : من سَلَّم عليك سلمتُ عليه ومن صلى عليك صلّيتُ عليه . وعن النووي أنه قال بكراهة إفراد الصلاة والتسليم ، وقال ابن حجر : لعله أراد خلاف الأوْلى . وفي الاعتذار والمعتذر عنه نظر إذ لا دليل على ذلك .
وأما أن يُقال : اللهم سلم على محمد ، فليس بوارد فيه مسند صحيح ولا حَسن عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يرد عنه إلا بصيغة إنشاء السلام مثل ما في التحية ، ولكنهم تسامحوا في حالة الاقتران بين التصلية والتسليم فقالوا : صلى الله عليه وسلم لقصد الاختصار فيما نرى . وقد استمر عليه عمل الناس من أهل العلم والفضل . وفي حديث أسماء بنت أبي بكر المتقدم أنها قالت : «صلى الله على محمد وسلم» .
ومعنى تسليم الله عليه إكرامه وتعظيمه فإن السلام كناية عن ذلك .
وقد استحسن أيمة السلف أن يجعل الدعاء بالصلاة مخصوصاً بالنبي صلى الله عليه وسلم وعن مالك : لا يصلّى على غير نبيئنا من الأنبياء . يريد أن تلك هي السنة ، وروي مثله عن ابن عباس ، وروي عن عمر بن عبد العزيز : أن الصلاة خاصة بالنبيئين كلهم .
وأما التسليم في الغيبة فمقصور عليه وعلى الأنبياء والملائكة لا يشركهم فيه غيرهم من عباد الله الصالحين لقوله تعالى : { سلام على نوح في العالمين } [ الصافات : 79 ] ، وقوله : { سلام على آل ياسين } [ الصافات : 130 ] ، { سلام على موسى وهارون } [ الصافات : 120 ] ، { سلام على إبراهيم } [ الصافات : 109 ] .
وأنه يجوز إِتباع آلهم وأصحابهم وصالحي المؤمنين إياهم في ذلك دون استقلال . هذا الذي استقر عليه اصطلاح أهل السنة ولم يقصدوا بذلك تحريماً ولكنه اصطلاح وتمييز لمراتب رجال الدين ، كما قصروا الرضى على الأصحاب وأيمة الدين ، وقصروا كلمات الإِجلال نحو : تبارك وتعالى ، وجل جلاله ، على الخالق دون الأنبياء والرسل .
وأما الشيعة فإنهم يذكرون التسليم على عليّ وفاطمة وآلهما ، وهو مخالف لعمل السلف فلا ينبغي اتباعهم فيه لأنهم قصدوا به الغضّ من الخلفاء والصحابة .
وانتصب { تسليماً } على أنه مصدر مؤكد ل { سلّمُوا } وإنما لم يؤكد الأمر بالصلاة عليه بمصدر فيقال : صلّوا عليه صلاةً ، لأن الصلاة غلب إطلاقها على معنى الاسم دون المصدر ، وقياس المصدر التصلية ولم يستعمل في الكلام لأنه اشتهر في الإِحراق ، قال تعالى : { وتصلية جحيم } [ الواقعة : 94 ] ، على أن الأمر بالصلاة عليه قد حصل تأكيده بالمعنى لا بالتأكيد الاصطلاحي فإن التمهيد له بقوله : { إن الله وملائكته يصلون على النبي } مشير إلى التحريض على الاقتداء بشأن الله وملائكته .
- إعراب القرآن : إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
«إِنَّ اللَّهَ» إن ولفظ الجلالة اسمها «وَمَلائِكَتَهُ» معطوف والهاء مضاف إليه «يُصَلُّونَ» الجملة خبر إن «عَلَى النَّبِيِّ» متعلقان بيصلون «يا» أداة نداء «أَيُّهَا» منادى مبني على الضم في محل نصب والها للتنبيه «الَّذِينَ» بدل «آمَنُوا» الجملة صلة «صَلُّوا» أمر وفاعله «عَلَيْهِ» متعلقان بصلوا «وَسَلِّمُوا» معطوف على ما قبله «تَسْلِيماً» مفعول مطلق
- English - Sahih International : Indeed Allah confers blessing upon the Prophet and His angels [ask Him to do so] O you who have believed ask [Allah to confer] blessing upon him and ask [Allah to grant him] peace
- English - Tafheem -Maududi : إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا(33:56) Allah and His angels bless the Prophet. *106 Believers, invoke blessings and peace on him. *107
- Français - Hamidullah : Certes Allah et Ses Anges prient sur le Prophète; ô vous qui croyez priez sur lui et adressez [lui] vos salutations
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Gewiß Allah und Seine Engel sprechen den Segen über den Propheten O die ihr glaubt sprecht den Segen über ihn und grüßt ihn mit gehörigem Gruß
- Spanish - Cortes : Alá y sus ángeles bendicen al Profeta ¡Creyentes ¡Bendecidle vosotros también y saludadle como se debe
- Português - El Hayek : Em verdade Deus e Seus anjos abençoam o Profeta Ó fiéis abençoaio e saudaio reverentemente
- Россию - Кулиев : Воистину Аллах и Его ангелы благословляют Пророка О те которые уверовали Благословляйте его и приветствуйте миром
- Кулиев -ас-Саади : إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
Воистину, Аллах и Его ангелы благословляют Пророка. О те, которые уверовали! Благословляйте его и приветствуйте миром.Аллах любит Своего посланника и поэтому славит его среди обитающих на небесах ангелов, которые также восхваляют святого Посланника и молят Аллаха облагодетельствовать его. О правоверные! Берите пример со своего Господа и благородных ангелов, благословляйте посланника Аллаха и приветствуйте его миром. Тем самым вы выполните одну из своих обязанностей перед Пророком Мухаммадом, да благословит его Аллах и приветствует, отдадите дань уважения этому славному Посланнику, засвидетельствуете перед ним свою любовь и почтение, усовершенствуете свою веру, приумножите свои добрые дела и искупите часть своих прегрешений. Пророк, да благословит его Аллах и приветствует, научил своих сподвижников тому, как они должны молиться за его благословение. Самая лучшая форма мольбы за его благословение гласит: «О Аллах! Благослови Мухаммада и род Мухаммада, как Ты благословил Ибрахима и род Ибрахима. Поистине, Ты - восхваляемый, славный! О Аллах! Ниспошли благодать Мухаммаду и роду Мухаммада, как Ты ниспослал благодать Ибрахиму и роду Ибрахима. Поистине, Ты - восхваляемый, славный!» Мусульмане могут благословлять и приветствовать посланника Аллаха, да благословит его Аллах и приветствует, в любое время и, по мнению многих мусульманских богословов, обязаны делать это во время намаза.
- Turkish - Diyanet Isleri : Şüphesiz Allah ve melekleri Peygamberi överler Ey inananlar Siz de onu övün ona salat ve selam getirin
- Italiano - Piccardo : In verità Allah e i Suoi angeli benedicono il Profeta O voi che credete beneditelo e invocate su di lui la pace
- كوردى - برهان محمد أمين : بهڕاستی خواو فرێشتهکانی صلوات دهدهن لهسهر پێغهمبهر صلی الله علیه وسلم ئهی ئهوانهی باوهڕتان هێناوه ئێوهش صلواتی لهسهر بدهن و بهردهوام یادی خێری بکهن
- اردو - جالندربرى : خدا اور اس کے فرشتے پیغمبر پر درود بھیجتے ہیں۔ مومنو تم بھی ان پر درود اور سلام بھیجا کرو
- Bosanski - Korkut : Allah i meleki Njegovi blagosilju Vjerovjesnika O vjernici blagosiljajte ga i vi i šaljite mu pozdrav
- Swedish - Bernström : Gud och Hans änglar välsignar Profeten; be Gud välsigna honom ni troende och hälsa honom med en vördnadsfull hälsning
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Sesungguhnya Allah dan malaikatmalaikatNya bershalawat untuk Nabi Hai orangorang yang beriman bershalawatlah kamu untuk Nabi dan ucapkanlah salam penghormatan kepadanya
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
(Sesungguhnya Allah dan malaikat-malaikat-Nya bersalawat untuk Nabi) untuk Nabi Muhammad saw. (Hai orang-orang yang beriman! Bersalawatlah kalian untuk Nabi dan ucapkanlah salam penghormatan kepadanya) yaitu katakanlah oleh kalian, "Allaahumma Shalli 'Alaa Sayyidinaa Muhammad Wa Sallim", artinya, "Ya Allah! Limpahkanlah salawat dan Salam-Mu kepada junjungan kami Nabi Muhammad."
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : আল্লাহ ও তাঁর ফেরেশতাগণ নবীর প্রতি রহমত প্রেরণ করেন। হে মুমিনগণ তোমরা নবীর জন্যে রহমতের তরে দোয়া কর এবং তাঁর প্রতি সালাম প্রেরণ কর।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : இந்த நபியின் மீது அல்லாஹ் அருள் புரிகிறான் மலக்குகளும் அவருக்காக அருளைத் தேடுகின்றனர் முஃமின்களே நீங்களும் அவர் மீது ஸலவாத்து சொல்லி அவர் மீது ஸலாமும் சொல்லுங்கள்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : แท้จริงอัลลอฮฺและมะลาอิกะฮฺของพระองค์ประสาทพรแก่นะบี โอ้ บรรดาผู้ศรัทธาเอ๋ย พวกเจ้าจงประสาทพรให้เขาและกล่าวทักทายเขาโดยคารวะ
- Uzbek - Мухаммад Содик : Албатта Аллоҳ ва Унинг фаришталари Пайғамбарга саловот айтурлар Эй иймон келтирганлар Сиз ҳам унга саловот айтинг ва салом юборинг Араб тилида саловот сўзи салотнинг жами бўлиб дуо маъносини англатади Арабчада намоз ҳам салот дейилади Чунки намозда ҳам дуо маъноси бор Аммо салот Аллоҳ таоло томонидан бўлганида дуо маъносини йўқотади Аллоҳ таолонинг Пайғамбаримизга с а в саловот айтишининг маъноси у зотга с а в ўз раҳматини юбориши улуғлаши мақомларини кўрсатиши ва фаришталар ҳузурида шаънларига мақтовлар айтишини англатади
- 中国语文 - Ma Jian : 真主的确怜悯先知,他的天神们的确为他祝福。信士们啊!你们应当为他祝福,应当祝他平安!
- Melayu - Basmeih : Sesungguhnya Allah dan malaikatNya berselawat memberi segala penghormatan dan kebaikan kepada Nabi Muhammad saw; wahai orangorang yang beriman berselawatlah kamu kepadanya serta ucapkanlah salam sejahtera dengan penghormatan yang sepenuhnya
- Somali - Abduh : Eebe iyo Malaa'igtiisu waxay ku sallin amaani Nabiga ee kuwa xaqa rumeeyow ku Salliya korkiisa oo salaama Salaan
- Hausa - Gumi : Lalle Allah da malã'ikunSa sunã salati ga Annabi Yã kũ waɗanda suka yi ĩmãni Ku yi salãti a gare shi kuma ku yi sallama dõmin amintarwa a gare shi
- Swahili - Al-Barwani : Hakika Mwenyezi Mungu na Malaika wake wanamsalia Nabii Enyi mlio amini Msalieni na mumsalimu kwa salamu
- Shqiptar - Efendi Nahi : Me të vërtetë Perëndia e mëshiron Pejgamberin e engjëjt e Tij lutën për te O besimtarë lutuni për te dhe përshëndetni ate me “salatë” dhe “selam”
- فارسى - آیتی : خدا و فرشتگانش بر پيامبر صلوات مىفرستند. اى كسانى كه ايمان آوردهايد، بر او صلوات فرستيد و سلام كنيد؛ سلامى نيكو.
- tajeki - Оятӣ : Худо ва фариштагонаш бар паёмбар салавот мефиристанд. Эй касоне, ки имон овардаед, бар ӯ салавот фиристед ва салом кунед, саломе некӯ.
- Uyghur - محمد صالح : اﷲ ھەقىقەتەن پەيغەمبەرگە رەھمەت يوللايدۇ (يەنى پەيغەمبەر ئەلەيھىسسالامغا رەھمەت قىلىدۇ، شەنىنى ئۇلۇغ قىلىدۇ، دەرىجىسىنى ئۈستۈن قىلىدۇ)، پەرىشتىلەرمۇ ھەقىقەتەن (پەيغەمبەرگە) مەغپىرەت تەلەپ قىلىدۇ، ئى مۆمىنلەر! سىلەر پەيغەمبەرگە دۇرۇد ئېيتىڭلار ۋە ئامانلىق تىلەڭلار (چۈنكى رەسۇلۇللاھنىڭ سىلەرنىڭ ئۈستۈڭلاردىكى ھەققى چوڭدۇر، ئۇ سىلەرنى گۇمراھلىقتىن ھىدايەتكە، زۇلمەتتىن يورۇقلۇققا چىقارغۇچىدۇر)
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : അല്ലാഹു പ്രവാചകനെ അനുഗ്രഹിക്കുന്നു. അവന്റെ മലക്കുകള് അനുഗ്രഹത്തിനായി പ്രാര്ഥിക്കുന്നു. സത്യവിശ്വാസികളേ, നിങ്ങളും അദ്ദേഹത്തിന് കാരുണ്യവും ശാന്തിയുമുണ്ടാകാന് പ്രാര്ഥിക്കുക.
- عربى - التفسير الميسر : ان الله تعالى يثني على النبي صلى الله عليه وسلم عند الملائكه المقربين وملائكته يثنون على النبي ويدعون له يا ايها الذين صدقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه صلوا على رسول لله وسلموا تسليما تحيه وتعظيما له وصفه الصلاه على النبي صلى الله عليه وسلم ثبتت في السنه على انواع منها "اللهم صل على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ال ابراهيم انك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ال ابراهيم انك حميد مجيد"
*106) "Allah's sending His blessings on His Prophet" means this: Allah is very kind to His Prophet: He praises him, blesses his work, exalts his name, and showers His mercies on him. " `Blessings of the angels" means: "They love the Prophet most dearly and pray to Allah to bless him with the highest ranks, cause his religion and Shari'ah to flourish and exalt him to the laudable position. " One can clearly see from the context. why this thing has been said here. This was the rime when the enemies of Islam were making alI sorts of false allegations against the Holy Prophet in order to satisfy their jealousy on the success of Faith, By sullying him they thought they would destroy his moralinfluence through which Islam and the Muslims were gaining more and more ground every day. Such were the conditions when Allah sent down this verse, as if warn the people: "However Bard the disbelievers and the hypocrites and the polytheists might try to vilify and slander My Prophet with a view to frustrating his mission, they are bound to suffer disgrace and humiliation in the end, for I am kind to him, and the angels, who are administering the entire universe, are his supporters and admirers. His enemies Cannot gain anything by their condemnation of him because I am exalting his name and My angels are adoring him constantly. They cannot harm him by their mean machinations when My mercies and blessings are with him, and My angels pray for hlm day and night to the effect: "O Lord of the worlds, raise Muhammad to even higher ranks and make his Religion flourish and prosper."
*107) In other words, it means this: "O people, who have found the right path through Muhammad, the Messenger of Allah, you should recognize his the worth and be grateful to him for his great favours to you. You were lost in the darkness of ignorance: He afforded you the light of knowledge: you had become morally bankrupt: he raised you high on the moral level so that the people now feel envious of you; you had sunk to barbarism and savagery: he adorned you with the most refined haman civilization. The disbelievers everywhere have turned his enemies only because he has done you these favours; otherwise personally he has not done any harm to anyone. Therefore, the inevitable demand of your gratitude to him is that you should regard him with an equal, or even greater love than the malice and grudge these people display against him; that you should show a greater attachment to him than the hatred these people show towards him; that you should praise and adore him even more fervently than they condemn him; that you should wish him well even more heartily than they wish him iII, and pray for him just as the angels do day and night, saying: "O Lord of the worlds: Just as Your Prophet has done us countless and endless favours, so do You also show him endless and limitless mercy: raise him to the highest ranks in the world and bless him with the greatest nearness to Yourself in the hereafter.'
In this verse, Muslims have been commanded two things: (1) Sallu alaihi; and (2) sallimu taslima. The word Salat when used with the associating panicle 'ala gives three meanings: (1) To be inclined to some body, to attend to him with love, and to bend over him; (2) to praise somebody; and (3) to pray for somebody. Obviously, when the word is used in regard to Allah, it cannot be in the third meaning, for it is absolutely inconceivable that Allah should pray to someone else; it can only be used in the first two meanings. But when this word is used for the servants, whether angels or men, it will be in alI the three meanings. It will contain the sense of love as well as praise and prayer for mercy. Therefore, the meaning of giving the Command of sallu'alaihi to the believers for the Holy Prophet is: 'Be attached to him, praise and adore him and pray for him."
The word salam also ' as two meanings: (1) To be secure from every kind of affliction and fault and d efect; and (2) to be at peace and refrain from opposing the other person. Therefore, one meaning of sallimu taslima in regard to the Holy Prophet is: "You should pray for his well-being and security," and another meaning is: "Cooperate with him with aII your heart and mind; refrain from opposing him and obey him most faithfully and sincerely."
When this Command was sent down, several of the Companions said to the Holy Prophet, "O Messenger of Allah, you have taught us the method of pronouncing salam (i.e.. of saying as-salamu 'alaika ayyuhannabiyyu wa rahmatullahi wa barakat-u-hu in the Prayer, and as-salamu alaika ya Rasul-Allah as a greeting, but what is the method of sending Salat on you ?" In response to this, the methods of pronouncing Salat and darud that the Holy Prophet taught to many people on different occasions are as follows: Ka'b bin'Ujrah: Allahumma salli ala Muhammad-in wa ala al-i Muhammad-in kama sallaita ala Ibrahima wa ala al-i Ibrahima irmaka Hamidum-Majid, wa barik 'ala Muhammad-in wa ala al-i Muhammad-in kama barakta 'ala Ibrahima wa 'ala al-i Ibrahima innaka Hamid-um-Majid. This darud with a little difference in wording has been reported by Bukhari, Muslim, Abu Da'ud, Tirmidhi, Nasa'i, Ibn Majah, Imam Ahmad, Ibn Abi Shaibah, 'Abdur Razzaq, Ibn Abi Hatim and Ibn Jarir on the authority of Hadrat Ka'b bin 'Ujrah.
Ibn 'Abbas: From him also the same darud as given above has been reported with a slight difference. (Ibn Jarir).
Abu Humaid Sa'idi:Allahumma salli ala Muhammad-in wa azwaji-hi wa dhurriyati-hi kama sallaita ala Ibrahima wa 'ala al-i Ibrhima wa barik ala Muhammad-in wa azwaji-hi wa dhurriyat-hi kama barakta 'ala al-i Ibrahima irmaka Hamid-um-Majid. (Malik, Ahmad, Bukhari, Muslim, Nasa'i, Abu Da'ud, Ibn Majah).
Abu Mas'ud Badri: Allahumma salli ala Muhammad-in wa ala al-i Muhammad-in kama sallaita 'ala Ibrahima wa 'ala al-i Ibrahima wa barik ala Muhammad-in wa ala al-i Muhammad-in kama barakta 'ala Ibrahima fil- alamin innaka Hamid-um-Majid (Malik, Muslim, Abu Da'ud, Tirmidhi, Nasa'i Ahmad, Ibn Jarir, Ibn Habban, Hakim).
Abu Sa' id Khudri: Allahumma salli ala Muhammad-in abdika wa rasuli-ka kama sallaita 'ala Ibrahima wa barik 'ala Mahammad-in wa 'ala al-i Muhammad-in kama ba rakta ala Ibrahim. (Ahmad, Bukhari, Nasa'i Ibn Majah).
Buraidah al-Khuza'i: Allahumm-aj'al Salataka wa rahmataka wa barakati-ka ala Muhammad-in wa ala al-i Muhammad-in kama Ja 'altaha ala Ibrahima innaka Hamid-um-Majid. (Ahmad, 'Abd bin Humaid, Ibn Marduyah).
Abu Hurairah: Allahumma salli ala Muhammad-in wa ala al-i Muhammad-in wa barik ala Muhammad-in wa ala al-i Muhammad-in kama sallaita wa barakta 'ala Ibrahima wa 'ala al-i Ibrahim fil- `alamin innaka Hammid-um-Majid. (Nasai).
Talhah: Allahumma salli ala Muhammad-in wa ala al-i Muhammad-in kama sallaita `ala Ibrahima innaka Hamid-um-Majid wa barik ala Muhammad-in wa ala al-i
Muhammad-in kama barakta ala Ibrahima innaka Hamid-um-Majid. (Ibn Jarir).
All these daruds agree in meaning despite the difference in wording. A few points concerning them should be understood clearly:
First, in aII these the Holy Prophet tells the Muslims that the best way of sending darud and Salat on him is that they should pray to Allah, saying, "O God: send darud on Muhanunad. " Ignorant people who do not possess full understanding of the meaning inunediately raise the objection: 'How strange that AIlah commands us to send darud on His Prophet, but we, in return, implore AIlah that He should send it." The fact, however, is that the Holy Prophet has instructed the people, as if to say, 'You cannot do full justice to sending of darud and Salat on me even if you want to. Therefore, pray only to Allah to bless me with Salat. " Evidently, the Muslims cannot raise the ranks of the Holy Prophet, AIlah only can raise them; the Muslims cannot repay the Holy Prophet for his favours and kindness, Allah only can adequately reward him for this; the Muslims cannot attain any success in exalting the Holy Prophet's name and promoting the cause of religion unless Allah favours them with His help and succour. So much so that the Holy Prophet's love can be impressed in our hearts only by Allah's help; otherwise Satan can turn us away from him by every kind of evil suggestion sand suspicions. May AIlah protect us from this! Therefore, there is no other way of doing full justice to sending of darud and salat on the Holy Prophet than that we should supplicate Allah to send salat on him. The person who says: Allahumma salli 'ala Muhammad-in, in fact, admits his helplessness before Allah, and says: "O God: it is not in my power to send salat on Your Prophet as it should be sent. I. therefore, implore You to send it on my behalf and take from me whatever service You will in this regard." Secondly, the Holy Prophet did not want to have this prayer reserved for onlv himself bat included his followers and his wives and offsprings also. The meaning of the wives and offspring is obvious. As for the word al it dces not merely denote the people of the Holy Prophet's household, but it applies to aII those people who follow him and adopt his way. Lexically, there is a difference between the words al and ahl. By the al of a person arc understood aII those people who are his companions, helpers and followers, whether they are related to him or not, and his ahl are those who are related to him, whether or not they are his companions and followers. The Qur'an has used the word al Fir aun at fourteen places but nowhere has it been used to mean the people of Pharaoh's household only; everywhere it implies alI those who sided with him in the conflict against the Prophet Moses. (For example, see Al-Baqarah: 49-50, AI-i-'Imran: 11, AI-A'raf; 130, Al-Mu'min: 46). Thus, from al-Muhammad is excluded every such person who is not on the way of Muhammad (upon whom be Allah's peace and blessings), whether he be a member of his household, and in it is included every such person, who is following in his footsteps, whether he is not even distantly related to him by blood. However, those members of the Prophet's household who arc related to him by blood and are also his followers are most worthy to be regarded as al-Muhammad.
Thirdly, the same thing found in aII the daruds taught by the Holy Prophet is that he may be blessed with the same kindness with which Abraham and the followers of Abraham have been blessed. The people have found it difficult to understand this. The scholars have given different interpretations of it but none of them is appealing. In my opinion the correct interpretation is this (though the real knowledge is with Allah): Allah blessed the Prophet Abraham in particular with something with which He has blessed no one else in the world, and it is this: AlI those human beings who regard the Prophethood and the Revelation and the Book as the source of guidance are agreed on the leadership of the Prophet Abraham, whether they are Muslims or Christians or Jews. Therefore, what the Holy Prophet means to say is this: "O Allah, just as You have made the Prophet Abraham the refuge of the followers of aII the Prophets, so You make me also the refuge, so that no one who is a believer in Prophethood, may remain deprived of the grace of believing in my Prophethood."
That it is an Islamic practice to send darud on the Holy Prophet, that it is commendable to pronounce it when the Holy Prophet's name is mentioned, that it is a Sunnah of the Prophet to recite it in the Prayer in particular, is agreed upon by aII the scholars. There is also a consensus that it is obligatory to pronounce the darud on the Holy Prophet at least once in a lifetime, because Allah has clearly commanded it, but apart from this there are differences among the scholars regarding it. Imam Shafe' i holds the view that it is obligatory to recite salat on the Prophet during tashahhud in the final sitting of the Prayer, for without it the Prayer would be void. Hadrat Ibn Mas'ud, Abu-Mas'ud Ansari, Ibn 'Umar and Jabir bin 'Abdullah from among the Companions, Sha'bi, Imam Muhammad bin Baqir, Muhammad bin Ka'b al-Qurzi and Muqatil bin Hayyan from among the immediate followers of the Companions, and Ishaq bin Rahwayah from among the jurists also held the same opinion, and Imam Ahmad bin Hanbal also had adopted the same in the end.
Imam Abu Hanifah, Imam Malik and the majority of the scholars hold that the pronouncing of the Salat is obligatory only once in a life time. It is just like the Kalimah: whoever affirmed the divinity of Allah and the Prophethood of the Messenger of Allah once in a lifetime carried out his duty. Likewise, the one who pronounced the darud and salat once in his lifetime would be deemed to have done his duty of pronouncing the darud on the Holy Prophet. After it, it is neither obligatory ( fend) to recite the Kalimah nor the darud.
Another group holds that it is absolutely wajib to recite it in the Prayer but not necessarily in the tashahhud. Still another group holds the view that it is wajib to pronounce the darrid in every supplication. Some others say that it is wajib to pronounce it whenever the Holy Prophet's name is mentioned, and according to another group recitation of the darrid is wajib only once in an assembly or sitting no matter how often the name of the Holy Prophet is mentioned during it. ,
These differences only pertain to the darud's being obligatory in status or otherwise. As for its merit and excellence, its being conducive to high spiritual rewards and its being a great righteous act, there is complete unanimity among the Ummah. No one who is a believer in any degree can have any different opinion about it. The darud is the natural supplication of the heart of every Muslim, who realizes that the Holy Prophet Muhammad (upon Whom be Allah's peace) is the Ummah's greatest benefactor after Allah. The greater one's appreciation of Islam and the Faith, the greater will one be appreciative of the favours of the Holy Prophet himself; and the greater one's appreciation of the favours of the Holy Prophet, the more often will he pronounce the darud and salat on him. Thus, in fact, the frequency with which a person pronounces the darud is the measure which shows the depth of his relationship with the Holy Prophet's Religion and the extent of his appreciation of the blessing of the Faith. On this very basis the Holy Prophet has said: "The angels send darud on him who sends darud on me, as long as he does so." (Ahmad, Ibn Majah). "He who sends darud on me once, Allah sends darud on him ten times over." (Muslim) "The one who sends darud on me most often will deserve to remain close to me on the Day of Resurrection" (Tirmidhi). 'Niggardly is the person who dces not send darud on me when I am mentioned before him." (Tirmidhi)
As to whether it is permissible to use the words Allahumma salli ala soand so, or sallallahu alaihi wa sallam, or similar other words for others than the Holy Prophet, it is disputed. One group of the scholars of whom Qadi `Iyad is most prominent holds it as absolutely permissible. Their argument is this: Allah Himself has used the word salat in respect of those who were not prophets at several places in the Qur'an, e.g. in AI-Baqarah; 157, At-Taubah: 103, Al-Ahzab:43. Similarly, the Holy Prophet also prayed for those who were not' prophets using the word sale) on several occasions. For example, he prayed for a Companion, thus: Allahumma salli 'ala al Abi Aufa; on the request of Hadrat Jabir bin 'Abdullah's wife, he said: Sallallahu alaihi wa 'ala zaujiki. Then concerning those who came with the Zakat money, he would say: Allahumma salli 'alaihim. Praying for Hadrat Sa'd bin 'Ubadah he said: Allahumma aj'al salataka wa rahmataka ala al-i Sa'd bin 'Ubadah. And about the soul of the believer the Holy Prophet gave the news that the angels prayed for him, thus: Sallallahu 'alaika wa ala jasadika. However, the majority of the Muslim scholars opine that it was correct for Allah and His Messenger but not so for the Ummah. They say that it has become a convention with the Muslims to use salat-o-salam exclusively for the Prophets. Therefore, it should not be used for those who are not prophets. On this very basis Hadrat 'Umar bin 'Abdul 'Aziz once wrote to one of his governors, saying: "I hear that some preachers have started using the word salat in respect of their patrons and supporters in the manner of salat 'alas-Nabi. As soon as you receive this letter, stop them from this practice and command them to use Salat exclusively for the Prophets and remain content with the prayer for the other Muslims." (Ruh al-Ma'eni). Most scholars also hold that using the words sallallahu alaihi wa sallam for any other Prophet than the Holy Prophet is not correct.