- عربي - نصوص الآيات عثماني : قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِۦ ۖ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ ٱلْخُلَطَآءِ لَيَبْغِى بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ ۗ وَظَنَّ دَاوُۥدُ أَنَّمَا فَتَنَّٰهُ فَٱسْتَغْفَرَ رَبَّهُۥ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ۩
- عربى - نصوص الآيات : قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه ۖ وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم ۗ وظن داوود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب ۩
- عربى - التفسير الميسر : قال داود: لقد ظلمك أخوك بسؤاله ضم نعجتك إلى نعاجه، وإن كثيرًا من الشركاء ليعتدي بعضهم على بعض، ويظلمه بأخذ حقه وعدم إنصافه مِن نفسه إلا المؤمنين الصالحين، فلا يبغي بعضهم على بعض، وهم قليل. وأيقن داود أننا فتنَّاه بهذه الخصومة، فاستغفر ربه، وسجد تقربًا لله، ورجع إليه وتاب.
- السعدى : قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِ ۖ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ ۗ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ۩
فقال داود - لما سمع كلامه - ومن المعلوم من السياق السابق من كلامهما، أن هذا هو الواقع، فلهذا لم يحتج أن يتكلم الآخر، فلا وجه للاعتراض بقول القائل: { لم حكم داود، قبل أن يسمع كلام الخصم الآخر } ؟ { لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ } وهذه عادة الخلطاء والقرناء الكثير منهم، فقال: { وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ } لأن الظلم من صفة النفوس. { إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } فإن ما معهم من الإيمان والعمل الصالح، يمنعهم من الظلم. { وَقَلِيلٌ مَا هُمْ } كما قال تعالى { وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ } { وَظَنَّ دَاوُدُ } حين حكم بينهما { أَنَّمَا فَتَنَّاهُ } أي: اختبرناه ودبرنا عليه هذه القضية ليتنبه { فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ } لما صدر منه، { وَخَرَّ رَاكِعًا } أي: ساجدا { وَأَنَابَ } للّه تعالى بالتوبة النصوح والعبادة.
- الوسيط لطنطاوي : قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِ ۖ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ ۗ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ۩
وأمام هذه القضية الواضحة المعالم ، وأمام سكوت الأخ المدعى عليه أمام أخيه المدعى ، وعدم اعتراضه على قوله . . أمام كل ذلك . لم يلبث أن قال داود فى حكمه : ( لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إلى نِعَاجِهِ . . )
واللام فى قوله : ( لَقَدْ . . . ) جواب لقسم محذوف .
وإضافة " سؤال " إلى ( نَعْجَتِكَ ) من إضافة المصدر إلى مفعوله ، والفاعل محذوف .
أى : بسؤاله ، كما فى قوله - تعالى - : ( لاَّ يَسْأَمُ الإنسان مِن دُعَآءِ الخير ) أى : من دعائه .
وقوله ( نعاجه ) متعلق بسؤال على تضمينه معنى الضم .
أى : قال داود - عليه السلام - بعد فراغ المدعى من كلامه ، وبعد إقرار المدعى عليه بصدق أخيه فيما ادعاه - والله إن كان ما تقوله حقا - أيها المدعى - فإن أخاك فى هذه الحالة يكون قد ظلمك بسبب طلبه منك أن تتنازل له عن نعجتك لكى يضمها إلى نعاجة الكثيرة .
وإنما قلنا إن داود - عليه السلام - قد قال ذلك بعد إقرار المدعى عليه بصحة كلام المدعى ، لأنه من المعروف أن القاضى لا يحكم إلا بعد سماع حجة الخصوم أو الخصين حتى يتمكن من الحكم بالعدل .
ولم يصرح القرآن بأن داود - عليه السلام - قد قال حكمه بعد سماع كلام المدعى عليه ، لأنه مقرر ومعروف فى كل الشرائع ، وحذف ما هو مقرر ومعلوم جائز عند كل ذى عقل سليم .
ثم أراد داود - عليه السلام - وهو الذى آتاه الله الحكمة وفصل الخطاب - أراد أن يهون المسألة عن نفس المشتكى ، وأن يخفف من وقع ما قاله أخوه الغنى له ، وما فعله معه ، فقال : ( وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ الخلطآء ليبغي بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ إِلاَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ . . . ) .
أى : قال داود للمشتكى - على سبيل التسية له - : وإن كثيرا من الخلطاء ، أى الشركاء - جمع خليط ، وهو من يخلط ماله بمال غيره .
( ليبغي بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ ) أى : ليعتدى بعضهم على بعض ، ويطمع بعضهم فى مال الآخر ( إِلاَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات ) فإنهم لا يفعلون ذلك لقوة إيمانهم ، ولبعدهم عن كل ما لا يرضى خالقهم ، فالجملة الكريمة منصوبة المحل على الاستثناء ، لأن الكلام قبلها تام موجب .
وقوله : ( وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ ) بيان لقلة عدد المؤمنين الصادقين الذين يعدلون فى أحكامهم .
ولفظ ( قليل ) خبر مقدم و " ما " مزيدة للإِبهام وللتعجب من قلتهم . و " هم " مبتدأ مؤخر .
فكأنه - سبحانه - يقول : ما أقل هؤلاء المؤمنين الذين يعملون الصالحات ويحرصون على إعطاء كل ذى حق حقه ، والجملة الكريمة اعتراض تذييلى .
وبهذا نرى أن داود - عليه السلام - قد قضى بين الخصمين ، بما يحق الحق ويبطل الباطل .
ثم بين - سبحانه - ما حاك بنفس داود - عليه السلام - بعد أن دخل عليه الخصمان ، وبعد أن حكم بينهما بالحكم السابق فقال : ( وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فاستغفر رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ ) .
والظن معناه : ترجيح أحد الأمرين على الآخر .
وفتناه : بمعنى امتحناه واختبرناه وابتليناه ، مأخوذ من الفتن بمعنى الابتلاء والاختبار .
أى : وظن داود - عليه السلام - أن دخول الخصمين عليه بهذه الطريقة ، إنما هو لأجل الاعتداء عليه . وأن ذلك لون من ابتلاء الله - تعالى - له ، وامتحانه لقوة إيمانه ، ولكن لما لم يتحقق هذا الظن ، وإنما الذى تحقق هو القضاء بينهما بالعدل ، استغفر رببه من ذلك الظن ، ( وَخَرَّ رَاكِعاً ) أى : ساجدا لله - تعالى - وعبر عنه بالركوع لأنه فى كل منهما انحناء وخضوع لله - عز وجل - ( وأناب ) أى : ورجع داود إلى الله - تعالى - بالتوبة وبالمداومة على العبادة والطاعة .
- البغوى : قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِ ۖ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ ۗ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ۩
( قال ) داود ( لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه ) أي : بسؤاله نعجتك ليضمها إلى نعاجه .
فإن قيل : كيف قال لقد ظلمك ولم يكن سمع قول صاحبه ؟
قيل : معناه إن كان الأمر كما تقول فقد ظلمك ، وقيل : قال ذلك بعد اعتراف صاحبه بما يقول .
( وإن كثيرا من الخلطاء ) الشركاء ، ( ليبغي بعضهم على بعض ) يظلم بعضهم بعضا ، ( إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) فإنهم لا يظلمون أحدا . ( وقليل ما هم ) أي : قليل هم ، و " ما " صلة يعني : الصالحين الذين لا يظلمون قليل .
قالوا : فلما قضى بينهما داود نظر أحدهما إلى صاحبه فضحك وصعد إلى السماء ، فعلم داود أن الله تعالى ابتلاه ، وذلك قوله :
( وظن داود ) أيقن وعلم ، ( أنما فتناه ) أنما ابتليناه .
وقال السدي بإسناده : إن أحدهما لما قال : " هذا أخي " الآية ، قال داود للآخر : ما تقول فقال : إن لي تسعا وتسعين نعجة ولأخي نعجة واحدة وأنا أريد أن آخذها منه فأكمل نعاجي مائة ، قال : وهو كاره ، إذا لا ندعك وإن رمت ذلك ضربت منك هذا وهذا وهذا ، يعني : طرف الأنف وأصله والجبهة . فقال : يا داود أنت أحق بذلك حيث لم يكن لأوريا إلا امرأة واحدة ولك تسع وتسعون امرأة ، فلم تزل تعرضه للقتل حتى قتل وتزوجت امرأته ، فنظر داود فلم ير أحدا فعرف ما وقع فيه .
وقال القائلون بتنزيه الأنبياء في هذه القصة : إن ذنب داود إنما كان أنه تمنى أن تكون امرأة أوريا حلالا له ، فاتفق غزو أوريا وتقدمه في الحرب وهلاكه ، فلما بلغ قتله داود لم يجزع عليه كما جزع على غيره من جنده إذا هلك ، ثم تزوج امرأته ، فعاتبه الله على ذلك ؛ لأن ذنوب الأنبياء وإن صغرت فهي عظيمة عند الله .
وقيل : كان ذنب داود أن أوريا كان خطب تلك المرأة ووطن نفسه عليها ، فلما غاب في غزاته خطبها داود فتزوجت منه لجلالته ، فاغتم لذلك أوريا ، فعاتبه الله على ذلك حيث لم يترك هذه الواحدة لخاطبها وعنده تسع وتسعون امرأة .
أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي قال : ومما يصدق ما ذكرنا عن المتقدمين ما أخبرني عقيل بن محمد بن أحمد الفقيه أن المعافى بن زكريا القاضي ببغداد أخبره عن محمد بن جرير الطبري ، قال : حدثني يونس بن عبد الأعلى الصيرفي ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني ابن لهيعة ، عن أبي صخر ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه سمعه يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن داود النبي - عليه السلام - حين نظر إلى المرأة فهم أن يجمع على بني إسرائيل وأوصى صاحب البعث ، فقال : إذا حضر العدو فقرب فلانا بين يدي التابوت ، وكان التابوت في ذلك الزمان يستنصر به وبمن قدم بين يدي التابوت ، فلم يرجع حتى يقتل أو ينهزم عنه الجيش فقتل زوج المرأة ، ونزل الملكان يقصان عليه قصته ، ففطن داود فسجد ومكث أربعين ليلة ساجدا حتى نبت الزرع من دموعه على رأسه وأكلت الأرض من جبينه وهو يقول في سجوده : رب زل داود زلة أبعد مما بين المشرق والمغرب ، رب إن لم ترحم ضعف داود ، ولم تغفر ذنبه جعلت ذنبه حديثا في الخلق من بعده ، فجاءه جبريل من بعد أربعين ليلة فقال : يا داود إن الله قد غفر لك الهم الذي هممت به ، فقال داود : إن الرب قادر على أن يغفر لي الهم الذي هممت به ، وقد عرفت أن الله عدل لا يميل ، فكيف بفلان إذا جاء يوم القيامة ، فقال : يا رب دمي الذي عند داود ، فقال جبريل : ما سألت ربك عن ذلك وإن شئت لأفعلن ، فقال : نعم ، فعرج جبريل وسجد داود ، فمكث ما شاء الله ثم نزل جبريل ، فقال : سألت الله يا داود عن الذي أرسلتني فيه ، فقال : قل لداود إن الله يجمعكما يوم القيامة ، فيقول له : هب لي دمك الذي عند داود ، فيقول : هو لك يا رب ، فيقول : إن لك في الجنة ما شئت وما اشتهيت عوضا عنه .
وروي عن ابن عباس ، وعن كعب الأحبار ، ووهب بن منبه قالوا جميعا : إن داود لما دخل عليه الملكان فقضى على نفسه ، فتحولا في صورتيهما فعرجا وهما يقولان : قضى الرجل على نفسه ، وعلم داود أنما عني به فخر ساجدا أربعين يوما ، لا يرفع رأسه إلا لحاجة ولوقت صلاة مكتوبة ، ثم يعود ساجدا تمام أربعين يوما ، لا يأكل ولا يشرب ، وهو يبكي حتى نبت العشب حول رأسه وهو ينادي ربه عز وجل - ويسأله التوبة ، وكان من دعائه في سجوده : سبحان الملك الأعظم الذي يبتلي الخلق بما يشاء ، سبحان خالق النور ، سبحان الحائل بين القلوب ، سبحان خالق النور ، إلهي أنت خليت بيني وبين عدوي إبليس فلم أقم لفتنته إذ نزلت بي ، سبحان خالق النور ، إلهي أنت خلقتني وكان من سابق علمك ما أنا إليه صائر ، سبحان خالق النور ، إلهي الويل لداود إذا كشف عنه الغطاء ، فيقال : هذا داود الخاطئ ، سبحان خالق النور ، إلهي بأي عين أنظر إليك يوم القيامة ، وإنما ينظر الظالمون من طرف خفي ، [ سبحان خالق النور ] إلهي بأي قدم أمشي أمامك وأقوم بين يديك يوم تزول أقدام الخاطئين ، سبحان خالق النور ، إلهي من أين يطلب العبد المغفرة إلا من عند سيده سبحان خالق النور ، إلهي أنا الذي لا أطيق حر شمسك ، فكيف أطيق حر نارك سبحان خالق النور ، إلهي أنا الذي لا أطيق صوت رعدك ، فكيف أطيق سوط جهنم سبحان خالق النور ، إلهي الويل لداود من الذنب العظيم الذي أصاب ، سبحان خالق النور ، إلهي قد تعلم سري وعلانيتي فاقبل عذري ، سبحان خالق النور ، إلهي برحمتك اغفر لي ذنوبي ولا تباعدني من رحمتك لهواي ، سبحان خالق النور ، إلهي أعوذ بنور وجهك الكريم من ذنوبي التي أوبقتني ، سبحان خالق النور ، فررت إليك بذنوبي واعترفت بخطيئتي فلا تجعلني من القانطين ، ولا تخزني يوم الدين ، سبحان خالق النور .
وقال مجاهد : مكث أربعين يوما ساجدا لا يرفع رأسه حتى نبت المرعى من دموع عينه حتى غطى رأسه ، فنودي : يا داود أجائع فتطعم أو ظمآن فتسقى أو عار فتكسى فأجيب في غير ما طلب ، قال : فنحب نحبة هاج لها العود فاحترق من حر جوفه ، ثم أنزل الله له التوبة والمغفرة .
قال وهب : إن داود أتاه نداء : إني قد غفرت لك ، قال : يا رب كيف وأنت لا تظلم أحدا قال : اذهب إلى قبر أوريا فناده ، فأنا أسمعه نداءك فتحلل منه ، قال : فانطلق وقد لبس المسوح حتى جلس عند قبره ، ثم نادى يا أوريا فقال : لبيك من هذا الذي قطع عني لذتي وأيقظني قال : أنا داود ، قال : ما جاء بك يا نبي الله ، قال : أسألك أن تجعلني في حل مما كان مني إليك ، قال : وما كان منك إلي قال : عرضتك للقتل : قال : عرضتني للجنة فأنت في حل ، فأوحى الله إليه : يا داود ألم تعلم أني حكم عدل لا أقضي بالعنت ، ألا أعلمته أنك قد تزوجت امرأته قال : فرجع إليه فناداه فأجابه فقال : من هذا الذي قطع علي لذتي قال : أنا داود ، قال : يا نبي الله أليس قد عفوت عنك قال : نعم ولكن إنما فعلت ذلك بك لمكان امرأتك وقد تزوجتها ، قال : فسكت ولم يجبه ، ودعاه فلم يجبه ، وعاوده فلم يجبه ، فقام على قبره وجعل التراب على رأسه ، ثم نادى : الويل لداود ثم الويل الطويل لداود ، سبحان خالق النور ، والويل لداود إذا نصبت الموازين بالقسط ، سبحان خالق النور ، الويل لداود ثم الويل الطويل له حين يؤخذ بذقنه فيدفع إلى المظلوم ، سبحان خالق النور ، الويل ثم الويل الطويل له حين يسحب عل وجهه مع الخاطئين إلى النار ، سبحان خالق النور ، فأتاه نداء من السماء : يا داود قد غفرت لك ذنبك ورحمت بكاءك واستجبت دعاءك وأقلت عثرتك ، قال : يا رب كيف وصاحبي لم يعف عني قال : يا داود أعطيه من الثواب يوم القيامة ما لم تر عيناه ولم تسمع أذناه ، فأقول له : رضي عبدي فيقول : يا رب من أين لي هذا ولم يبلغه عملي فأقول : هذا عوض من عبدي داود فأستوهبك منه فيهبك لي ، قال : يا رب الآن قد عرفت أنك قد غفرت لي . فذلك قوله تعالى :
( فاستغفر ربه وخر راكعا ) أي ساجدا ، عبر بالركوع عن السجود ؛ لأن كل واحد فيه انحناء .
قال الحسين بن الفضل : سألني عبد الله بن طاهر عن قوله : " وخر راكعا " هل يقال للراكع : خر قلت : لا ومعناه ، فخر بعدما كان راكعا ، أي : سجد ) ( وأناب ) أي : رجع وتاب .
- ابن كثير : قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِ ۖ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ ۗ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ۩
قد ذكر المفسرون هاهنا قصة أكثرها مأخوذ من الإسرائيليات ولم يثبت فيها عن المعصوم حديث يجب اتباعه ، ولكن روى ابن أبي حاتم هنا حديثا لا يصح سنده ; لأنه من رواية يزيد الرقاشي عن أنس ويزيد - وإن كان من الصالحين - لكنه ضعيف الحديث عند الأئمة . فالأولى أن يقتصر على مجرد تلاوة هذه القصة وأن يرد علمها إلى الله - عز وجل - فإن القرآن حق وما تضمن فهو حق أيضا .
وقوله : ( [ إذ دخلوا على داود ] ففزع منهم ) إنما كان ذلك لأنه كان في محرابه ، وهو أشرف مكان في داره وكان قد أمر ألا يدخل عليه أحد ذلك اليوم فلم يشعر إلا بشخصين قد تسورا عليه المحراب أي : احتاطا به يسألانه عن شأنهما .
وقوله : ( وعزني في الخطاب ) أي : غلبني يقال : عز يعز : إذا قهر وغلب .
وقوله : ( وظن داود أنما فتناه ) قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : أي اختبرناه .
وقوله : ( وخر راكعا ) أي : ساجدا ) وأناب ) ويحتمل أنه ركع أولا ثم سجد بعد ذلك وقد ذكر أنه استمر ساجدا أربعين صباحا ، ( فغفرنا له ذلك ) أي : ما كان منه مما يقال فيه : إن حسنات الأبرار سيئات المقربين .
وقد اختلف الأئمة رضي الله عنهم في سجدة " ص " هل هي من عزائم السجود ؟ على قولين الجديد من مذهب الشافعي رحمه الله أنها ليست من عزائم السجود بل هي سجدة شكر . والدليل على ذلك ما رواه الإمام أحمد حيث قال :
حدثنا إسماعيل - وهو ابن علية - عن أيوب عن ابن عباس أنه قال في السجود في " ص " : ليست من عزائم السجود وقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسجد فيها .
ورواه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي في تفسيره من حديث أيوب به وقال الترمذي : حسن صحيح .
وقال النسائي أيضا عند تفسير هذه الآية : أخبرني إبراهيم بن الحسن - هو المقسمي - حدثنا حجاج بن محمد عن عمرو بن ذر عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ، رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد في " ص " وقال : " سجدها داود - عليه السلام - توبة ونسجدها شكرا " .
تفرد بروايته النسائي ورجال إسناده كلهم ثقات وقد أخبرني شيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي قراءة عليه وأنا أسمع :
أخبرنا أبو إسحاق المدرجي أخبرنا زاهر بن أبي طاهر الثقفي أخبرنا زاهر بن طاهر الشحامي ، أخبرنا أبو سعيد الكنجروذي أخبرنا الحاكم أبو أحمد محمد بن محمد الحافظ أخبرنا أبو العباس السراج حدثنا هارون بن عبد الله حدثنا محمد بن يزيد بن خنيس عن الحسن بن محمد بن عبيد الله بن أبي يزيد قال : قال لي ابن جريج : يا حسن حدثني جدك عبيد الله بن أبي يزيد عن ابن عباس قال : جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله إني رأيت فيما يرى النائم كأني أصلي خلف شجرة فقرأت السجدة فسجدت فسجدت الشجرة لسجودي فسمعتها تقول وهي ساجدة : اللهم اكتب لي بها عندك أجرا واجعلها لي عندك ذخرا وضع عني بها وزرا واقبلها مني كما قبلتها من عبدك داود .
قال ابن عباس : فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - قام فقرأ السجدة ثم سجد فسمعته يقول وهو ساجد كما حكى الرجل من كلام الشجرة
رواه الترمذي عن قتيبة وابن ماجه عن أبي بكر بن خلاد كلاهما عن محمد بن يزيد بن خنيس نحوه وقال الترمذي : غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه
وقال البخاري عند تفسيرها أيضا : حدثنا محمد بن عبد الله حدثنا محمد بن عبيد الطنافسي عن العوام قال : سألت مجاهدا عن سجدة " ص " فقال : سألت ابن عباس : من أين سجدت ؟ فقال : أوما تقرأ : ( ومن ذريته داود وسليمان ) [ الأنعام : 84 ] ( أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ) [ الأنعام : 90 ] فكان داود - عليه السلام - ممن أمر نبيكم - صلى الله عليه وسلم - أن يقتدي به فسجدها داود - عليه السلام - فسجدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
وقال الإمام أحمد : حدثنا عفان حدثنا يزيد بن زريع حدثنا حميد حدثنا بكر - هو ابن عبد الله المزني - أنه أخبره أن أبا سعيد الخدري رأى رؤيا أنه يكتب " ص " فلما بلغ إلى التي يسجد بها رأى الدواة والقلم وكل شيء بحضرته انقلب ساجدا قال : فقصها على النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يزل يسجد بها بعد . تفرد به [ الإمام ] أحمد
وقال أبو داود : حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال عن عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على المنبر " ص " فلما بلغ السجدة نزل فسجد وسجد الناس معه ، فلما كان يوم آخر قرأها فلما بلغ السجدة تشزن الناس للسجود ، فقال : " إنما هي توبة نبي ولكني رأيتكم تشزنتم " . فنزل وسجد وسجدوا . تفرد به أبو داود وإسناده على شرط الصحيح .
- القرطبى : قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِ ۖ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ ۗ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ۩
قوله تعالى : قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه قال النحاس : فيقال إن هذه كانت خطيئة داود عليه السلام ; لأنه قال : " لقد ظلمك " من غير تثبت ببينة ، ولا إقرار من الخصم ، هل كان هذا كذا أو لم يكن . فهذا قول .
وسيأتي بيانه في المسألة بعد هذا ، وهو حسن إن شاء الله تعالى . وقال أبو جعفر النحاس : فأما قول العلماء الذين لا يدفع قولهم ، منهم عبد الله بن مسعود وابن عباس ، فإنهم قالوا : ما زاد داود صلى الله على نبينا وعليه على أن قال للرجل انزل لي عن امرأتك . قال أبو جعفر : فعاتبه الله - عز وجل - على ذلك ونبهه عليه ، وليس هذا بكبير من المعاصي ، ومن تخطى إلى غير هذا فإنما يأتي بما لا يصح عن عالم ، ويلحقه فيه إثم عظيم . كذا قال : في كتاب إعراب القرآن . وقال : في كتاب معاني القرآن له بمثله . قال - رضي الله عنه - : قد جاءت أخبار وقصص في أمر داود - عليه السلام - وأوريا ، وأكثرها لا يصح ولا يتصل إسناده ، ولا ينبغي أن يجترأ على مثلها إلا بعد المعرفة بصحتها . وأصح ما روي في ذلك ما رواه مسروق عن عبد الله بن مسعود قال : ما زاد داود - عليه السلام - على أن قال : أكفلنيها أي : انزل لي عنها . وروى المنهال عن سعيد بن جبير قال : ما زاد داود - صلى الله عليه وسلم - على أن قال : أكفلنيها أي : تحول لي عنها وضمها إلي . قال أبو جعفر : فهذا أجل ما روي في هذا ، والمعنى عليه أن داود - عليه السلام - سأل أوريا أن يطلق امرأته ، كما يسأل الرجل الرجل أن يبيعه جاريته ، فنبهه الله - عز وجل - على ذلك ، وعاتبه لما كان نبيا وكان له تسع وتسعون ، أنكر عليه أن يتشاغل بالدنيا بالتزيد منها ، فأما غير هذا فلا ينبغي الاجتراء عليه . قال ابن العربي : وأما قولهم إنها لما أعجبته أمر بتقديم زوجها للقتل في سبيل الله فهذا باطل قطعا ، فإن داود - صلى الله عليه وسلم - لم يكن ليريق دمه في غرض نفسه ، وإنما كان من الأمر أن داود قال لبعض أصحابه : انزل لي عن أهلك ، وعزم عليه في ذلك ، كما يطلب الرجل من الرجل الحاجة برغبة صادقة ، كانت في الأهل أو في المال . وقد قال سعد بن الربيع لعبد الرحمن بن عوف حين آخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهما : إن لي زوجتين أنزل لك عن أحسنهما ، فقال له : بارك الله لك في أهلك . وما يجوز فعله ابتداء يجوز طلبه ، وليس في القرآن أن ذلك كان ، ولا أنه تزوجها بعد زوال عصمة الرجل عنها ، ولا ولادتها لسليمان ، فعمن يروى هذا ويسند ؟ ! وعلى من في نقله يعتمد ، وليس يأثره عن الثقات الأثبات أحد . أما أن في سورة [ الأحزاب ] نكتة تدل على أن داود قد صارت له المرأة زوجة ، وذلك قوله : ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له سنة الله في الذين خلوا من قبل يعني في أحد الأقوال : تزويج داود المرأة التي نظر إليها ، كما تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - زينب بنت جحش ، إلا أن تزويج زينب كان من غير سؤال الزوج في فراق ، بل أمره بالتمسك بزوجته ، وكان تزويج داود للمرأة بسؤال زوجها فراقها . فكانت هذه المنقبة لمحمد - صلى الله عليه وسلم - على داود مضافة إلى مناقبه العلية صلى الله عليه وسلم . ولكن قد قيل : إن معنى سنة الله في الذين خلوا من قبل تزويج الأنبياء بغير صداق من وهبت نفسها لهم من النساء بغير صداق . وقيل : أراد بقوله : سنة الله في الذين خلوا من قبل أن الأنبياء صلوات الله عليهم فرض لهم ما يمتثلونه في النكاح وغيره . وهذا أصح الأقوال . وقد روى المفسرون أن داود - عليه السلام - نكح مائة امرأة ، وهذا نص القرآن . وروي أن سليمان كانت له ثلاثمائة امرأة وسبعمائة جارية ، وربك أعلم . وذكر الكيا الطبري في أحكامه في قول الله - عز وجل - : وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب الآية : ذكر المحققون الذين يرون تنزيه الأنبياء عليهم السلام عن الكبائر ، أن داود - عليه السلام - كان قد أقدم على خطبة امرأة قد خطبها غيره ، يقال : هو أوريا ، فمال القوم إلى تزويجها من داود راغبين فيه ، وزاهدين في الخاطب الأول ، ولم يكن بذلك داود عارفا ، وقد كان يمكنه أن يعرف ذلك فيعدل عن هذه الرغبة ، وعن الخطبة بها ، فلم يفعل ذلك ، من حيث أعجب بها إما وصفا أو مشاهدة على غير تعمد ، وقد كان لداود - عليه السلام - من النساء العدد الكثير ، وذلك الخاطب لا امرأة له ، فنبهه الله تعالى على ما فعل بما كان من تسور الملكين ، وما أورداه من التمثيل على وجه التعريض ، لكي يفهم من ذلك موقع العتب فيعدل عن هذه الطريقة ، ويستغفر ربه من هذه الصغيرة .
قوله تعالى : قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه فيه الفتوى في النازلة بعد السماع من أحد الخصمين ، وقبل أن يسمع من الآخر بظاهر هذا القول . قال ابن العربي : وهذا مما لا يجوز عند أحد ، ولا في ملة من الملل ، ولا يمكن ذلك للبشر . وإنما تقدير الكلام : أن أحد الخصمين ادعى والآخر سلم في الدعوى ، فوقعت بعد ذلك الفتوى . وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : إذا جلس إليك الخصمان فلا تقض لأحدهما حتى تسمع من الآخر وقيل : إن داود لم يقض للآخر حتى اعترف صاحبه بذلك . وقيل : تقديره : لقد ظلمك إن كان كذلك . والله أعلم بتعيين ما يمكن من هذه الوجوه .
قلت : ذكر هذين الوجهين القشيري والماوردي وغيرهما . قال القشيري : وقوله : لقد ظلمك بسؤال نعجتك من غير أن يسمع كلام الخصم مشكل ، فيمكن أن يقال : إنما قال هذا بعد مراجعة الخصم الآخر وبعد اعترافه . وقد روي هذا وإن لم تثبت روايته ، فهذا معلوم من قرائن الحال ، أو أراد لقد ظلمك إن كان الأمر على ما تقول ، فسكته بهذا وصبره إلى أن يسأل خصمه . قال ويحتمل أن يقال : كان من شرعهم التعويل على قول المدعي عند سكوت المدعى عليه ، إذا لم يظهر منه إنكار بالقول . وقال الحليمي أبو عبد الله في كتاب منهاج الدين له : ومما جاء في شكر النعمة المنتظرة إذا حضرت ، أو كانت خافية فظهرت : السجود لله عز وجل . قال : والأصل في ذلك قوله - عز وجل - : وهل أتاك نبأ الخصم إلى قوله : وحسن مآب . أخبر الله - عز وجل - عن داود - عليه السلام - : أنه سمع قول المتظلم من الخصمين ، ولم يخبر عنه أنه سأل الآخر ، إنما حكى أنه ظلمه ، فكان ظاهر ذلك أنه رأى في المتكلم مخائل الضعف والهضيمة ، فحمل أمره على أنه مظلوم كما يقول ، ودعاه ذلك إلى ألا يسأل الخصم ، فقال له مستعجلا : لقد ظلمك مع إمكان أنه لو سأله لكان يقول : كانت لي مائة نعجة ولا شيء لهذا ، فسرق مني هذه النعجة ، فلما وجدتها عنده قلت له ارددها ، وما قلت له أكفلنيها ، وعلم أني مرافعه إليك ، فجرني قبل أن أجره ، وجاءك متظلما من قبل أن أحضره ، لتظن أنه هو المحق وأني أنا الظالم . ولما تكلم داود بما حملته العجلة عليه ، علم أن الله - عز وجل - خلاه ونفسه في ذلك الوقت ، وهو الفتنة التي ذكرناها ، وأن ذلك لم يكن إلا عن تقصير منه ، فاستغفر ربه وخر راكعا لله تعالى شكرا على أن عصمه ، بأن اقتصر على تظليم المشكو ، ولم يزده على ذلك شيئا من انتهار أو ضرب أو غيرهما ، مما يليق بمن تصور في القلب أنه ظالم ،فغفر الله له ثم أقبل عليه يعاتبه ،
قوله تعالى : وإن كثيرا من الخلطاء يقال : خليط وخلطاء ، ولا يقال : طويل وطولاء ، لثقل الحركة في الواو . وفيه وجهان : أحدهما أنهما الأصحاب . الثاني أنهما الشركاء .
قلت : إطلاق الخلطاء على الشركاء فيه بعد ، وقد اختلف العلماء في صفة الخلطاء ، فقال أكثر العلماء : هو أن يأتي كل واحد بغنمه فيجمعهما راع واحد والدلو والمراح . وقال طاوس وعطاء : لا يكون الخلطاء إلا الشركاء . وهذا خلاف الخبر ، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم - : لا يجمع بين مفترق ، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة ، وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية وروي فإنهما يترادان الفضل . ولا موضع لتراد الفضل بين الشركاء ، فاعلمه . وأحكام الخلطة مذكورة في كتب الفقه . ومالك وأصحابه وجمع من العلماء لا يرون الصدقة على من ليس في حصته ما تجب فيه الزكاة . وقال الربيع والليث وجمع من العلماء منهم الشافعي : إذا كان في جميعها ما تجب فيه الزكاة أخذت منهم الزكاة . قال مالك : وإن أخذ المصدق بهذا ترادوا بينهم للاختلاف في ذلك ، وتكون كحكم حاكم اختلف فيه .
قوله تعالى : ليبغي بعضهم على بعض أي يتعدى ويظلم . إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فإنهم لا يظلمون أحدا . وقليل ما هم يعني الصالحين ، أي : وقليل هم ف " ما " زائدة . وقيل : بمعنى الذين ، وتقديره : وقليل الذين هم . وسمع عمر - رضي الله عنه - رجلا يقول في دعائه : اللهم اجعلني من عبادك القليل . فقال له عمر : ما هذا الدعاء . فقال : أردت قول الله - عز وجل - : إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم فقال عمر : كل الناس أفقه منك يا عمر !
قوله تعالى : وظن داود أنما فتناه أي ابتليناه . وظن معناه أيقن . قال أبو عمرو والفراء : ظن بمعنى أيقن ، إلا أن الفراء شرحه بأنه لا يجوز في المعاين أن يكون الظن إلا بمعنى اليقين . والقراءة " فتناه " بتشديد النون دون التاء . وقرأ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - " فتناه " بتشديد التاء والنون على المبالغة . وقرأ قتادة وعبيد بن عمير وابن السميقع " فتناه " بتخفيفهما . ورواه علي بن نصر عن أبي عمرو ، والمراد به الملكان اللذان دخلا على داود عليه السلام .فقال : ياداود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله فبان بما قصه الله تعالى من هذه الموعظة ، التي توخاه بها بعد المغفرة ، أن خطيئته إنما كانت التقصير في الحكم ، والمبادرة إلى تظليم من لم يثبت عنده ظلمه . ثم جاء عن ابن عباس أنه قال : سجدها داود شكرا ، وسجدها النبي - صلى الله عليه وسلم - اتباعا ، فثبت أن السجود للشكر سنة متواترة عن الأنبياء صلوات الله عليهم . بسؤال نعجتك أي : بسؤاله نعجتك ، فأضاف المصدر إلى المفعول ، وألقى الهاء من السؤال ، وهو كقوله تعالى : لا يسأم الإنسان من دعاء الخير أي من دعائه الخير .
قيل : لما قضى داود بينهما في المسجد ، نظر أحدهما إلى صاحبه فضحك فلم يفطن داود ، فأحبا أن يعرفهما ، فصعدا إلى السماء حيال وجهه ، فعلم داود - عليه السلام - أن الله تعالى ابتلاه بذلك ، ونبهه على ما ابتلاه .
قلت : وليس في القران ما يدل على القضاء في المسجد إلا هذه الآية ، وبها استدل من قال بجواز القضاء في المسجد ، ولو كان ذلك لا يجوز كما قال الشافعي لما أقرهم داود على ذلك . ويقول : انصرفا إلى موضع القضاء . وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء يقضون في المسجد ، وقد قال مالك : القضاء في المسجد من الأمر القديم . يعني في أكثر الأمور . ولا بأس أن يجلس في رحبته ، ليصل إليه الضعيف والمشرك والحائض ، ولا يقيم فيه الحدود ، ولا بأس بخفيف الأدب . وقد قال أشهب : يقضي في منزله وأين أحب .
قال مالك رحمه الله : وكان الخلفاء يقضون بأنفسهم ، وأول من استقضى معاوية . قال مالك : وينبغي للقضاة مشاورة العلماء . وقال عمر بن عبد العزيز : لا يستقضي حتى يكون عالما بآثار من مضى ، مستشيرا لذوي الرأي ، حليما نزها . قال : ويكون ورعا . قال مالك : وينبغي أن يكون متيقظا كثير التحذر من الحيل ، وأن يكون عالما بالشروط ، عارفا بما لا بد له منه من العربية ، فإن الأحكام تختلف باختلاف العبارات والدعاوى والإقرارات والشهادات والشروط التي تتضمن حقوق المحكوم له . وينبغي له أن يقول قبل إنجاز الحكم للمطلوب : أبقيت لك حجة ؟ فإن قال لا ، حكم عليه ، ولا يقبل منه حجة بعد إنفاذ حكمه إلا أن يأتي بما له وجه أو بينة . وأحكام القضاء والقضاة فيما لهم وعليهم مذكورة في غير هذا الموضع .
قوله تعالى : فاستغفر ربه اختلف المفسرون في الذنب الذي استغفر منه على أقوال ستة :
[ الأول ] أنه نظر إلى المرأة حتى شبع منها . قال سعيد بن جبير : إنما كانت فتنته النظرة . قال أبو إسحاق : ولم يتعمد داود النظر إلى المرأة لكنه عاود النظر إليها ، فصارت الأولى له والثانية عليه .
[ الثاني ] أنه أغزى زوجها في حملة التابوت .
[ الثالث ] أنه نوى إن مات زوجها أن يتزوجها .
[ الرابع ] أن أوريا كان خطب تلك المرأة ، فلما غاب خطبها داود فزوجت منه لجلالته ، فاغتم لذلك أوريا . فعتب الله على داود إذ لم يتركها لخاطبها . وقد كان عنده تسع وتسعون امرأة .
[ الخامس ] أنه لم يجزع على قتل أوريا ، كما كان يجزع على من هلك من الجند ، ثم تزوج امرأته ، فعاتبه الله تعالى على ذلك ; لأن ذنوب الأنبياء وإن صغرت فهي عظيمة عند الله .
[ السادس ] أنه حكم لأحد الخصمين قبل أن يسمع من الآخر .
قال القاضي ابن العربي : أما قول من قال : إنه حكم لأحد الخصمين قبل أن يسمع من الآخر فلا يجوز على الأنبياء ، وكذلك تعريض زوجها للقتل . وأما من قال : إنه نظر إليها حتى شبع فلا يجوز ذلك عندي بحال ; لأن طموح النظر لا يليق بالأولياء المتجردين للعبادة ، فكيف بالأنبياء الذين هم وسائط الله المكاشفون بالغيب! وحكى السدي عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال : لو سمعت رجلا يذكر أن داود - عليه السلام - قارف من تلك المرأة محرما لجلدته ستين ومائة ; لأن حد قاذف الناس ثمانون ، وحد قاذف الأنبياء ستون ومائة . ذكره الماوردي والثعلبي أيضا . قال الثعلبي : وقال الحارث الأعور عن علي : من حدث بحديث داود على ما ترويه القصاص معتقدا جلدته حدين ، لعظم ما ارتكب برمي من قد رفع الله محله ، وارتضاه من خلقه رحمة للعالمين ، وحجة للمجتهدين . قال ابن العربي : وهذا مما لم يصح عن علي . فإن قيل : فما حكمه عندكم ؟ قلنا : أما من قال إن نبيا زنى فإنه يقتل ، وأما من نسب إليه ما دون ذلك من النظر والملامسة ، فقد اختلف نقل الناس في ذلك ، فإن صمم أحد على ذلك فيه ونسبه إليه قتلته ، فإنه يناقض التعزير المأمور به ، فأما قولهم : إنه وقع بصره على امرأة تغتسل عريانة ، فلما رأته أسبلت شعرها فسترت جسدها ، فهذا لا حرج عليه فيه بإجماع من الأمة ; لأن النظرة الأولى تكشف المنظور إليه ولا يأثم الناظر بها ، فأما النظرة الثانية فلا أصل لها . وأما قولهم : إنه نوى إن مات زوجها تزوجها ، فلا شيء فيه إذ لم يعرضه للموت . وأما قولهم : إنه خطب على خطبة أوريا فباطل يرده القرآن والآثار التفسيرية كلها . وقد روى أشهب عن مالك قال : بلغني أن تلك الحمامة أتت فوقعت قريبا من داود - عليه السلام - وهي من ذهب ، فلما رآها أعجبته فقام ليأخذها فكانت قرب يده ، ثم صنع مثل ذلك مرتين ، ثم طارت واتبعها ببصره فوقعت عينه على تلك المرأة وهي تغتسل ولها شعر طويل ، فبلغني أنه أقام أربعين ليلة ساجدا حتى نبت العشب من دموع عينه . قال ابن العربي : وأما قول المفسرين : إن الطائر درج عنده فهم بأخذه واتبعه ، فهذا لا يناقض العبادة ; لأنه مباح فعله ، لا سيما وهو حلال ، وطلب الحلال فريضة ، وإنما اتبع الطير لذاته لا لجماله ، فإنه لا منفعة له فيه ، وإنما ذكرهم لحسن الطائر خرق في الجهالة . أما أنه روي أنه كان طائرا من ذهب فاتبعه ليأخذه ; لأنه من فضل الله سبحانه وتعالى كما روي في الصحيح : ( إن أيوب - عليه السلام - كان يغتسل عريانا فخر عليه رجل من جراد من ذهب فجعل يحثي منه ويجعل في ثوبه ، فقال الله تعالى له : " يا أيوب ألم أكن أغنيتك " قال : ( بلى يا رب ولكن لا غنى لي عن بركتك ) . وقال القشيري : فهم داود بأن يأخذه ليدفعه إلى ابن له صغير فطار ووقع على كوة البيت ، وقاله الثعلبي أيضا وقد تقدم .
قوله تعالى : وخر راكعا وأناب أي خر ساجدا ، وقد يعبر عن السجود بالركوع . قال الشاعر :
فخر على وجهه راكعا وتاب إلى الله من كل ذنب
قال ابن العربي : لا خلاف بين العلماء أن المراد بالركوع هاهنا السجود ، فإن السجود هو الميل ، والركوع هو الانحناء ، وأحدهما يدخل على الآخر ، ولكنه قد يختص كل واحد بهيئته ، ثم جاء هذا على تسمية أحدهما بالآخر ، فسمي السجود ركوعا . وقال المهدوي : وكان ركوعهم سجودا . وقيل : بل كان سجودهم ركوعا . وقال مقاتل : فوقع من ركوعه ساجدا لله عز وجل . أي : لما أحس بالأمر قام إلى الصلاة ، ثم وقع من الركوع إلى السجود ، لاشتمالهما جميعا على الانحناء . وأناب أي : تاب من خطيئته ورجع إلى الله . وقال الحسن بن الفضل : سألني عبد الله بن طاهر وهو الوالي عن قول الله - عز وجل - : " وخر راكعا " فهل يقال للراكع خر ؟ .
قلت : لا . قال : فما معنى الآية ؟ قلت : معناها فخر بعد أن كان راكعا أي : سجد .
واختلف في سجدة داود ، هل هي من عزائم السجود المأمور به في القرآن أم لا ؟ فروى أبو سعيد الخدري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ على المنبر : " ص والقرآن ذي الذكر " فلما بلغ السجدة نزل فسجد وسجد الناس معه ، فلما كان يوم آخر قرأ بها فتشزن الناس للسجود ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إنها توبة نبي ، ولكني رأيتكم تشزنتم للسجود ، ونزل وسجد . وهذا لفظ أبي داود . وفي البخاري وغيره عن ابن عباس أنه قال : " ص " ليست من عزائم القرآن ، وقد رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يسجد فيها . وقد روي من طريق عن ابن مسعود أنه قال : " ص " توبة نبي ، ولا يسجد فيها ، وعن ابن عباس : أنها توبة نبي ، ونبيكم ممن أمر أن يقتدي به . قال ابن العربي : والذي عندي أنها ليست موضع سجود ، ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد فيها فسجدنا بالاقتداء به . ومعنى السجود أن داود سجد خاضعا لربه ، معترفا بذنبه . تائبا من خطيئته ، فإذا سجد أحد فيها فليسجد بهذه النية ، فلعل الله أن يغفر له بحرمة داود الذي اتبعه ، وسواء قلنا : إن شرع من قبلنا شرع لنا أم لا ؟ فإن هذا أمر مشروع في كل أمة لكل أحد . والله أعلم .
قال ابن خويز منداد : قوله : وخر راكعا وأناب فيه دلالة على أن السجود للشكر مفردا لا يجوز ; لأنه ذكر معه الركوع ، وإنما الذي يجوز أن يأتي بركعتين شكرا ، فأما سجدة مفردة فلا ، وذلك أن البشارات كانت تأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والأئمة بعده ، فلم ينقل عن أحد منهم أنه سجد شكرا ، ولو كان ذلك مفعولا لهم لنقل نقلا متظاهرا لحاجة العامة إلى جوازه وكونه قربة .
قلت : وفي سنن ابن ماجه عن عبد الله بن أبي أوفى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى يوم بشر برأس أبي جهل ركعتين . وخرج من حديث أبي بكرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أتاه أمر يسره - أو يسر به - خر ساجدا شكرا لله . وهذا قول الشافعي وغيره . الثانية والعشرون : روى الترمذي وغيره واللفظ للغير : أن رجلا من الأنصار على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي من الليل يستتر بشجرة وهو يقرأ : " ص والقرآن ذي الذكر " فلما بلغ السجدة سجد وسجدت معه الشجرة ، فسمعها وهي تقول : اللهم أعظم لي بهذه السجدة أجرا ، وارزقني بها شكرا .
قلت : خرج ابن ماجه في سننه عن ابن عباس قال : كنت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فأتاه رجل فقال : إني رأيت البارحة فيما يرى النائم ، كأني أصلي إلى أصل شجرة ، فقرأت السجدة فسجدت فسجدت الشجرة لسجودي ، فسمعتها تقول : اللهم احطط بها عني وزرا ، واكتب لي بها أجرا ، واجعلها لي عندك ذخرا . قال ابن عباس فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ " السجدة " فسجد ، فسمعته يقول في سجوده مثل الذي أخبره الرجل عن قول الشجرة . ذكره الثعلبي عن أبي سعيد الخدري ، قال : قلت : يا رسول الله ، رأيتني في النوم كأني تحت شجرة ، والشجرة تقرأ " ص " فلما بلغت السجدة سجدت فيها ، فسمعتها تقول في سجودها : اللهم اكتب لي بها أجرا ، وحط عني بها وزرا ، وارزقني بها شكرا ، وتقبلها مني كما تقبلت من عبدك داود سجدته . فقال لي النبي - صلى الله عليه وسلم - : أفسجدت أنت يا أبا سعيد فقلت : لا والله يا رسول الله . فقال : لقد كنت أحق بالسجود من الشجرة . ثم قرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - " ص " حتى بلغ السجدة فسجد ، ثم قال مثل ما قالت الشجرة .
- الطبرى : قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِ ۖ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ ۗ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ۩
القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ (24)
يقول تعالى ذكره: قال داود للخصم المتظلم من صاحبه: لقد ظلمك صاحبك بسؤاله نعجتك إلى نعاجه; وهذا مما حذفت منه الهاء فأضيف بسقوط الهاء منه إلى المفعول به, ومثله قوله عزّ وجلّ: لا يَسْأَمُ الإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ والمعنى: من دعائه بالخير, فلما ألقيت الهاء من الدعاء أضيف إلى الخير, وألقي من الخير الباء; وإنما كنى بالنعجة ها هنا عن المرأة, والعرب تفعل ذلك; ومنه قول الأعشى:
قَــدْ كُـنْتُ رَائِدَهَـا وَشـاةِ مُحَـاذِرٍ
حَــذرًا يُقِــلُّ بعَيْنِــهِ إغْفَالَهَــا (6)
يعني بالشاة: امرأة رجل يحذر الناس عليها; وإنما يعني: لقد ظلمت بسؤال امرأتك الواحدة إلى التسع والتسعين من نسائه.
وقوله ( وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ) يقول: وإن كثيرا من الشركاء ليتعدَّى بعضهم على بعض ( إِلا الَّذِينَ آمَنُوا ) بالله ( وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) يقول: وعملوا بطاعة الله, وانتهوا إلى أمره ونهيه, ولم يتجاوزوه ( وَقَلِيلٌ مَا هُمْ ) وفي" ما " التي في قوله ( وَقَلِيلٌ مَا هُمْ ) وجهان: أحدهما أن تكون صلة بمعنى: وقليل هم, فيكون إثباتها وإخراجها من الكلام لا يفسد معنى الكلام: والآخر أن تكون اسما, و " هم " صلة لها, بمعنى: وقليل ما تجدهم, كما يقال: قد كنت أحسبك أعقل مما أنت, فتكون أنت صلة لما, والمعنى: كنت أحسب عقلك أكثر مما هو, فتكون " ما " والاسم مصدرا, ولو لم ترد المصدر لكان الكلام بمن, لأن من التي تكون للناس وأشباههم, ومحكي عن العرب: قد كنت أراك أعقل منك مثل ذلك, وقد كنت أرى أنه غير ما هو, بمعنى: كنت أراه على غير ما رأيت.
ورُوي عن ابن عباس في ذلك ما حدثني به عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن على, عن ابن عباس, في قوله ( وَقَلِيلٌ مَا هُمْ ) يقول: وقليل الذين هم.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ ) قال: قليل من لا يبغي.
فعلى هذا التأويل الذي تأوله ابن عباس معنى الكلام: إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات, وقليل الذين هم كذلك, بمعنى: الذين لا يبغي بعضهم على بعض, و " ما " على هذا القول بمعنى: مَنْ.
وقوله ( وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ ) يقول: وعلم داود أنما ابتُليناه, كما:
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَظَنَّ دَاوُدُ ) : علم داود.
حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن عُلَية, عن أبي رجاء, عن الحسن ( وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ ) قال: ظن أنما ابتُلي بذاك.
حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس ( وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ ) قال: ظن أنما ابتُلي بذاك.
حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس ( وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ ) اختبرناه.
والعرب توجه الظن إذا أدخلته على الإخبار كثيرا إلى العلم الذي هو من غير وجه العيان.
وقوله ( فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ ) يقول: فسأل داود ربه غفران ذنبه ( وَخَرَّ رَاكِعًا ) يقول: وخر ساجدا لله ( وَأَنَابَ ) يقول: ورجع إلى رضا ربه, وتاب من خطيئته.
واختلف في سبب البلاء الذي ابتُلي به نبي الله داود صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, فقال بعضهم: كان سبب ذلك أنه تذكر ما أعطى الله إبراهيم وإسحاق ويعقوب من حسن الثناء الباقي لهم في الناس, فتمنّى مثله, فقيل له: إنهم امتُحنوا فصبروا, فسأل أن يُبتلى كالذي ابتلوا, ويُعطى كالذي أعطوا إن هو صبر.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ قال: إن داود قال: يا رب قد أعطيت إبراهيم وإسحاق ويعقوب من الذكر ما لوددت أنك أعطيتني مثله, قال الله: إني ابتُليتهم بما لم أبتلك به, فإن شئت ابتُليتك بمثل ما ابتُليتهم به, وأعطيتك كما أعطيتهم, قال: نعم, قال له: فاعمل حتى أرى بلاءك; فكان ما شاء الله أن يكون, وطال ذلك عليه, فكاد أن ينساه; فبينا هو في محرابه, إذ وقعت عليه حمامة من ذهب فأراد أن يأخذها, فطار إلى كوّة المحراب, فذهب ليأخذها, فطارت, فاطلع من الكوّة, فرأى امرأة تغتسل, فنـزل نبي الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من المحراب, فأرسل إليها فجاءته, فسألها عن زوجها وعن شأنها, فأخبرته أن زوجها غائب, فكتب إلى أمير تلك السَّرية أن يُؤَمِّره على السرايا ليهلك زوجها, ففعل, فكان يُصاب أصحابه وينجو, وربما نُصروا, وإن الله عزّ وجلّ لما رأى الذي وقع فيه داود, أراد أن يستنقذه; فبينما داود ذات يوم في محرابه, إذ تسوّر عليه الخصمان من قبل وجهه; فلما رآهما وهو يقرأ فزع وسكت, وقال: لقد استضعفت في ملكي حتى إن الناس يستوّرون عليّ محرابي, قالا له: لا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ ولم يكن لنا بد من أن نأتيك, فاسمع منا; قال أحدهما: إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً أنثى وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا يريد أن يتمم بها مئة, ويتركني ليس لي شيء وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ قال: إن دعوت ودعا كان أكثر, وإن بطشت وبطش كان أشد مني, فذلك قوله وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ قال له داود: أنت كنت أحوج إلى نعجتك منه ( لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ ) .. إلى قوله ( وَقَلِيلٌ مَا هُمْ ) ونسي نفسه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, فنظر الملكان أحدهما إلى الآخر حين قال ذلك, فتبسم أحدهما إلى الآخر, فرآه داود وظن أنما فتن ( فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ) أربعين ليلة, حتى نبتت الخُضرة من دموع عينيه, ثم شدّد الله له ملكه.
حدثنا محمد بن الحسين, قال: ثنا أحمد بن المفضل, قال: ثنا أسباط, عن السديّ, في قوله وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ قال: كان داود قد قسم الدهر ثلاثة أيام: يوم يقضي فيه بين الناس, ويوم يخلو فيه لعبادة ربه, ويوم يخلو فيه لنسائه; وكان له تسع وتسعون امرأة, وكان فيما يقرأ من الكتب أنه كان يجد فيه فضل إبراهيم وإسحاق ويعقوب; فلما وجد ذلك فيما يقرأ من الكتب قال: يا رب إن الخير كله قد ذهب به آبائي الذين كانوا قبلي, فأعطني مثل ما أعطيتهم, وافعل بي مثل ما فعلت بهم, قال: فأوحى الله إليه: إن آباءك ابتُلوا ببلايا لم تبتل بها; ابتُلي إبراهيم بذبح ابنه, وابتُلي إسحاق بذهاب بصره, وابتُلي يعقوب بحزنه على يوسف, وإنك لم تبتل من ذلك بشيء, قال: يا رب ابتلني بمثل ما ابتُليتهم به, وأعطني مثل ما أعطيتهم; قال. فأوحي إليه: إنك مبتلى فاحترس; قال: فمكث بعد ذلك ما شاء الله أن يمكث, إذ جاءه الشيطان قد تمثّل في صورة حمامة من ذهب, حتى وقع عند رجليه وهو قائم يصلي, فمد يده ليأخذه, فتنحى فتبعه, فتباعد حتى وقع في كوّة, فذهب ليأخذه, فطار من الكوّة, فنظر أين يقع, فيبعث في أثره. قال: فأبصر امرأة تغتسل على سطح لها, فرأى امرأة من أجمل الناس خَلْقا, فحانت منها التفاتة فأبصرته, فألقت شعرها فاستترت به, قال: فزاده ذلك فيها رغبة, قال: فسأل عنها, فأخبر أن لها زوجا, وأن زوجها غائب بمسلحة كذا وكذا; قال: فبعث إلى صاحب المسلحة أن يبعث أهريا (7) إلى عدوّ كذا وكذا, قال: فبعثه, ففتح له. قال: وكتب إليه بذلك, قال: فكتب إليه أيضا: أن ابعثه إلى عدوّ كذا وكذا, أشد منهم بأسا, قال: فبعثا ففتح له أيضا. قال: فكتب إلى داود بذلك, قال: فكتب إليه أن ابعثه إلى عدوّ كذا وكذا, فبعثه فقتل المرة الثالثة, قال: وتزوج امرأته.
قال: فلما دخلت عليه, قال: لم تلبث عنده إلا يسيرا حتى بعث الله مَلَكين في صور إنسيين, فطلبا أن يدخلا عليه, فوجداه في يوم عبادته, فمنعهما الحرس أن يدخلا فتسوّروا عليه المحراب, قالا فما شعر وهو يصلي إذ هو بهما بين يديه جالسين, قال: ففزع منهما, فقالا لا تَخَفْ إنما نحن خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ يقول: لا تحف وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ : إلى عدل القضاء. قال: فقال: قصّا عليّ قصّتكما, قال: فقال أحدهما: إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فهو يريد أن يأخذ نعجتي, فيكمل بها نعاجه مئة. قال: فقال للآخر: ما تقول؟ فقال: إن لي تسعا وتسعين نعجة, ولأخي هذا نعجة واحدة, فأنا أريد أن آخذها منه, فأكمل بها نعاجي مئة, قال: وهو كاره؟ قال: وهو كاره, قال: وهو كاره؟ قال: إذن لا ندعك وذاك, قال: ما أنت على ذلك بقادر, قال: فإن ذهبت تروم ذلك أو تريد, ضربنا منك هذا هذا وهذا, وفسر أسباط طرف الأنف, وأصل الأنف والجبهة; قال: يا داود أنت أحق أن يُضرب منك هذا وهذا وهذا, حيث لك تسع وتسعون نعجة امرأة, ولم يكن لأهريا إلا امرأة واحدة, فلم تزل به تعرضه للقتل حتى قتلته, وتزوجت امرأته. قال: فنظر فلم ير شيئا, فعرف ما قد وقع فيه, وما قد ابتُلي به. قال: فخر ساجدا, قال: فبكى. قال: فمكث يبكي ساجدا أربعين يوما لا يرفع رأسه إلا لحاجة منها, ثم يقع ساجدا يبكي, ثم يدعو حتى نبت العشب من دموع عينيه. قال: فأوحى الله إليه بعد أربعين يوما: يا داود ارفع رأسك, فقد غفرت لك, فقال: يا رب كيف أعلم أنك قد غفرت لي وأنت حكم عدل لا تحيف في القضاء, إذا جاءك أهريا يوم القيامة آخذا رأسه بيمينه أو بشماله تشخب أوداجه دما فى قبل عرشك يقول: يا رب سل هذا فيم قتلني؟ قال: فأوحى إليه: إذا كان ذلك دعوت أهريا فأستوهبك منه, فيهبك لي, فأثيبه بذلك الجنة, قال: رب الآن علمت أنك قد غفرت لي, قال: فما استطاع أن يملأ عينيه من السماء حياء من ربه حتى قبض صلى الله عليه وسلم.
حدثني عليّ بن سهل, قال: ثنا الوليد بن مسلم عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر, قال: ثني عطاء الخراساني, قال: نقش داود خطيئته في كفه لكيلا ينساها, قال: فكان إذا رآها خفقت يده واضطربت.
وقال آخرون: بل كان ذلك لعارض كان عرض في نفسه من ظن أنه يطيق أن يتم يوما لا يصيب فيه حوبة, فابتُلي بالفتنة التي ابتُلي بها في اليوم الذي طمع في نفسه بإتمامه بغير إصابة ذنب.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن مطر, عن الحسن: إن داود جَزَّأ الدهر أربعة أجزاء: يوما لنسائه, ويوما لعبادته, ويوما لقضاء بني إسرائيل, ويوما لبني إسرائيل يذاكرهم ويذاكرونه, ويبكيهم ويبكونه; فلما كان يوم بني إسرائيل قال: ذكروا فقالوا: هل يأتي على الإنسان يوم لا يصيب فيه ذنبا؟ فأضمر داود في نفسه أنه سيطيق ذلك; فلما كان يوم عبادته, أغلق أبوابه, وأمر أن لا يدخل عليه أحد, وأكب على التوراة; فبينما هو يقرؤها, فإذا حمامة من ذهب فيها من كل لون حسن, قد وقعت بين يديه, فأهوى إليها ليأخذها, قال: فطارت, فوقعت غير بعيد, من غير أن تُؤيسه من نفسها, قال: فما زال يتبعها حتى أشرف على امرأة تغتسل, فأعجبه خَلْقها وحُسنها; قال: فلما رأت ظله في الأرض, جللت نفسها بشعرها, فزاده ذلك أيضا إعجابا بها, وكان قد بعث زوجها على بعض جيوشه, فكتب إليه أن يسير إلى مكان كذا وكذا, مكان إذا سار إليه لم يرجع, قال: ففعل, فأصيب فخطبها فتزوجها. قال: وقال قتادة: بلغنا إنها أم سليمان, قال: فبينما هو في المحراب, إذ تسور الملكان عليه, وكان الخصمان إذا أتوه يأتونه من بان المحراب, ففزع منهم حين تسوروا المحراب, فقالوا: لا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ .. حتى بلغ وَلا تُشْطِطْ : أي لا تمل وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ : أي أعدله وخيره إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وكان لداود تسع وتسعون امرأة وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ قال: وإنما كان للرجل امرأة واحدة فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ أي: ظلمني وقهرني, فقال: ( لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ ) .. إلى قوله ( وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُدُ ) فعلم داود أنما صمد له: أي عنى به ذلك ( وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ) قال: وكان في حديث مطر, أنه سجد أربعين ليلة, حتى أوحى الله إليه: إني قد غمرت لك, قال: رب وكيف تغفر لي وأنت حكم عدل, لا تظلم أحدا؟ قال: إني أقضيك له, ثم أستوهبه دمك أو ذنبك, ثم أثيبه حتى يرضى, قال: الآن طابت نفسي, وعلمت أنك قد غفرت لي.
حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, قال: ثني محمد بن إسحاق, عن بعض أهل العلم, عن وهب بن منبه اليماني, قال: لما اجتمعت بنو إسرائيل, على داود, أنـزل الله عليه الزبور, وعلمه صنعة الحديد, فألانه له, وأمر الجبال والطير أن يسبِّحن معه إذا سبح, ولم يعط الله فيما يذكرون أحدا من خلقه مثل صوته, كان إذا قرأ الزبور فيما يذكرون, تدنو له الوحوش حتى يأخذ بأعناقها, وإنها لمصيخة تسمع لصوته, وما صنعت الشياطين المزامير والبرابط والصنوج, إلا على أصناف صوته, وكان شديد الاجتهاد دائب العبادة, فأقام في بني إسرائيل يحكم فيهم بأمر الله نبيا مستخلفا, وكان شديد الاجتهاد من الأنبياء, كثير البكاء, ثم عرض من فتنة تلك المرأة ما عرض له, وكان له محراب يتوحَّد فيه لتلاوة الزبور, ولصلاته إذا صلى, وكان أسفل منه جنينة لرجل من بني إسرائيل, كان عند ذلك الرجل المرأة التي أصاب داود فيها ما أصابه .
حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن محمد بن إسحاق, عن بعض أهل العلم, عن وهب بن منبه, أن داود حين دخل محرابه ذلك اليوم, قال: لا يدخلن عليّ محرابي اليوم أحد حتى الليل, ولا يشغلني شيء عما خلوت له حتى أمسي; ودخل محرابه, ونشر زبوره يقرؤه وفي المحراب كوّة تطلعه على تلك الجنينة, فبينا هو جالس يقرأ زبور, إذ أقبلت حمامة من ذهب حتى وقعت في الكوّة, فرفع رأسه فرآها, فأعجبته, ثم ذكر ما كان قال: لا يشغله شيء عما دخل له, فنكَّس رأسه وأقبل على زَبوره, فتصوبت الحمامة للبلاء والاختبار من الكوّة, فوقعت بين يديه, فتناولها بيده, فاستأخرت غير بعيد, فاتبعها, فنهضت إلى الكوّة, فتناولها في الكوّة, فتصوبت إلى الجنينة, فأتبعها بصره أين تقع, فإذا المرأة جالسة تغتسل بهيئة الله أعلم بها في الجمال والحُسن والخَلْق; فيزعمون أنها لما رأته نقضت رأسها فوارت به جسدها منه, واختطفت قلبه, ورجع إلى زَبوره ومجلسه, وهي من شأنه لا يفارق قلبه ذكرها. وتمادى به البلاء حتى أغزى زوجها, ثم أمر صاحب جيشه فيما يزعم أهل الكتاب أن يقدم زوجها للمهالك حتى أصابه بعض ما أراد به من الهلاك, ولداود تسع وتسعون امرأة; فلما أصيب زوجها خطبها داود, فنكحها, فبعث الله إليه وهو في محرابه ملَكين يختصمان إليه, مثلا يضربه له ولصاحبه, فلم يرع داود إلا بهما واقفين على رأسه في محرابه, ففال: ما أدخلكما عليّ؟ قالا لا تخف لم ندخل لبأس ولا لريبة خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فجئناك لتقضي بيننا فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ : أي احملنا على الحقّ, ولا تخالف بنا إلى غيره; قال الملك الذي يتكلم عن أوريا بن حنانيا زوج المرأة: إِنَّ هَذَا أَخِي أي على ديني لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا أي احملني عليها, ثم عزّني في الخطاب: أي قهرني في الخطاب, وكان أقوى مني هو وأعزّ, فحاز نعجتي إلى نعاجه وتركني لا شيء لي; فغضب داود, فنظر إلى خصمه الذي لم يتكلم, فقال: لئن كان صدقني ما يقول, لأضربن بين عينيك بالفأس! ثم ارعوى داود, فعرف أنه هو الذي يراد بما صنع في امرأة أوريا, فوقع ساجدا تائبا منيبا باكيا, فسجد أربعين صباحا صائما لا يأكل فيها ولا يشرب, حتى أنبت دمعه الخضر تحت وجهه, وحتى أندب السجود في لحم وجهه, فتاب الله عليه وقبل منه.
ويزعمون أنه قال: أي رب هذا غفرت ما جنيت في شأن المرأة, فكيف بدم القتيل المظلوم؟ قيل له: يا داود, فيما زعم أهل الكتاب, أما إن ربك لم يظلمه بدمه, ولكنه سيسأله إياك فيعطيه, فيضعه عنك; فلما فرج عن داود ما كان فيه, رسم خطيئته في كفه اليمنى بطن راحته, فما رفع إلى فيه طعاما ولا شرابا قط إلا بكى إذا رآها, وما قام خطيبا في الناس قط إلا نشر راحته, فاستقبل بها الناس ليروا رسم خطيئته في يده.
حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن إدريس, قال: سمعت ليثا يذكر عن مجاهد قال: لما أصاب داود الخطيئة خر لله ساجدا أربعين يوما حتى نبت من دموع عينيه من البقل ما غطَّى رأسه; ثم نادى: رب قرح الجبين, وَجمَدت العين, وداود لم يرجع إليه في خطيئته شيء, فنودي: أجائع فتطعم, أم مريض فتشفى, أم مظلوم فينتصر لك؟ قال: فنحب نحبة هاج كلّ شيء كان نبت, فعند ذلك غفر له. وكانت خطيئته مكتوبة بكفه يقرؤها, وكان يؤتى بالإناء ليشرب فلا يشرب إلا ثلثه أو نصفه, وكان يذكر خطيئته, فينحِب النَّحْبة تكاد مفاصله تزول بعضها من بعض, ثم ما يتم شرابه حتى يملأه من دموعه; وكان يقال: إن دمعة داود, تعدل دمعة الخلائق, ودمعة آدم تعدل دمعة داود ودمعة الخلائق, قال: فهو يجيء يوم القيامة خطيئته مكتوبة بكفه, فيقول: رب ذنبي ذنبي قدّمني, قال: فيقدّم فلا يأمن فيقول: ربّ أخِّرني فيؤخَّر فلا يأمن.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرني ابن لَهِيعة, عن أبي صخر, عن يزيد الرقاشي, عن أنس بن مالك سمعه يقول: سمعت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: " إنَّ دَاوُدَ النَّبِيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم حِينَ نَظَرَ إلَى المَرْأَةِ فَأَهَمَّ, قَطَعَ عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ, فَأَوْصَى صَاحِبَ البَعْثِ, فَقَالَ: إذَا حَضَرَ العَدُوُّ, فَقَرَّبَ فُلانًا بَيْنَ يَدَيِ التَّابُوتِ, وَكَانَ التَّابُوتُ فِي ذَلِكَ الزَّمانِ يُسْتَنْصَرُ بِهِ, وَمَنْ قُدّمَ بَيْنَ يَدَيِ التَّابُوتِ لَمْ يَرْجِعْ حَتَّى يُقْتَلَ أوْ يُهْزَمَ عَنْهُ الجَيْشُ, فَقُتِلَ زُوْجُ المَرْأَةِ وَنـزلَ المَلَكَانِ عَلى دَاوُدَ يَقُصَّانِ عَلَيْهِ قِصَّتَهُ, فَفَطِنَ دَاوُدُ فَسَجَدَ, فَمَكَثَ أرْبَعِينَ لَيْلَةً سَاجِدًا حَتَّى نَبَتَ الزَّرْعُ مِنْ دُمُوعِهِ عَلَى رَأْسِهِ, وَأَكَلَتِ الأرْضُ جَبِينَهُ وَهُوَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ" فَلَمْ أُحْصِ مِنَ الرّقاشيِّ إلا هؤلاء الكلمات: " رَبِّ زَلَّ دَاوُدُ أبْعَدُ مَا بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ, إنْ لَمْ تَرْحَمْ ضَعْفَ دَاوُدَ وَتَغْفِرْ ذَنْبَهُ, جَعَلْتُ ذَنْبَهُ حَدِيثًا فِي الخُلُوفِ مِنْ بَعْدِهِ, فَجَاءَهُ جِبْرَائِيلُ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم مِنْ بَعْدِ الأرْبَعِينَ لَيْلَةً, قَالَ: يَا دَاوُدُ إنَّ الله قَدْ غَفَرَ لَكَ الهَمَّ الَّذِي هَمَمْتَ بِهِ, فَقَالَ دَاوُدُ: عَلِمْت أن الرب قادر على أن يغفر لي الهم الذي هممت به, وقد عرفت أن الله عدل لا يميل فكيف بفلان إذا جاء يوم القيامة فقال: يا رب دمي الذي عنْدَ دَاوُدَ، فَقالَ جِبْرائيل صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: ما سألْتُ رَبَّكَ عَنْ ذلكَ, وَلَئنْ شِئْتَ لأفْعَلَنَّ, فقال: نَعَمْ, فَعَرجَ جِبْريلُ وَسَجَدَ دَاوُدُ, فَمَكَثَ ما شاء الله, ثُمَّ نـزلَ فَقَالَ: قَدْ سَأَلت رَبَّكَ عَزَّ وجَلّ َيا دَاوُدُ عَنِ الَّذي أرْسَلْتَنِي فِيهِ, فَقَالَ: قُلْ لِدَاوُدَ: إنَّ الله يَجْمَعُكُما يَوْمَ القِيَامَةِ فَيَقُولُ: هَبْ لي دَمَكَ الَّذِي عِنْدَ دَاوُدَ, فَيَقُولُ: هُوَ لَك يا رَبّ, فَيَقُولُ: فإنَّ لَكَ فِي الجَنَّةِ ما شِئْتَ وَما اشْتَهَيْتَ عِوَضًا "
حدثنني عليّ بن سهل, قال: ثنا الوليد بن مسلم, قال: ثنا ابن جابر, عن عطاء الخراسانيّ: أن كتاب صاحب البعث جاء ينعي من قُتل, فلما قرأ داود نعي رجل منهم رجع, فلما انتهى إلى اسم الرجل قال: كتب الله على كل نفس الموت, قال: فلما انقضت عِدّتها خطبها.
------------------------
الهوامش:
(6) البيت في ديوان الأعشى ميمون بن قيس ( طبعة القاهرة ص 27 ) من لاميته التي مطلعها :" رحلت سمية غدوة أجمالها ..." البيت وفيه :" بت" في مكان" كنت" . والضمير في رائدها : راجع على الأرض التي تزينت بأنواع النبات في البيت السابق . والشاة من الحيوان : يكنى بها عن المرأة . ومحاذر : شديد المحاذرة عليها دائم المراقبة لها ، وهو زوجها . وقوله" شاة" بالجر : معطوف على قوله في بيت سابق :" رب غانية صرمت وصالها" . يقول : رب مصاب سحابة بت رائدها، ورب امرأة لها زوج يحذر عليها ويراقبها مراقبة شديدة ، حتى إذا غفل عنها آخر الليل ، دنوت منها .... الخ .
(7) سيأتي في 149 أن اسمه" أوريا" .
- ابن عاشور : قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِ ۖ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ ۗ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ۩
قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ (24) أي علم داود بعد انتهاء الخصومة أن الله جعلها له فتنة ليشعره بحال فعلته مع ( أُوريا ) وقد أشعره بذلك ما دلّه عليه انصراف الخصمين بصورة غير معتادة ، فعلم أنهما ملَكان وأن الخصومة صورية فعلم أن الله بعثهما إليه عَتْباً له على متابعة نفسه زوجةَ ( أوريا ) وطلبه التنازل عنها . وعبر عن علمه ذلك بالظن لأنه علم نظري اكتسبه بالتوسم في حال الحادثة وكثيراً ما يعبر عن العلم النظري بالظن لمشابهته الظن من حيث إنه لا يخلو من تردد في أول النظر .
و { أنما مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فتناه فاستغفر رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ * فَغَفَرْنَا لَهُ ذلك وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لزلفى وَحُسْنَ مَھَابٍ } مفتوحة الهمزة أخت ( إنما ) تفيد الحصر ، أي ظنّ أن الخصومة ليست إلاّ فتنة له ، أو ظن أن ما صدر منه في تزوج امرأة أوريا ليس إلا فتنة . ومعنى { فتنَّاهُ } قدّرنا له فتنة ، فيجوز أن تكون الفتنة بالمعنى المشهور في تدبير الحيلة لقتل ( أوريا ) فعبر عنها بالفتنة لأنها أورثت داود مخالفةً للأليق به من صرف نفسه عن شيء غيره ، وعدم متابعته ميله النفساني وإن كان في دائرة المباح في دينهم ، فيكون المعنى : وعلم أن ما صدر منه فتنة من النفس . وإنما علم ذلك بعد أن أحسّ من نفسه كراهية مثلها مما صوره له الخصمان .
ويجوز أن يكون الفتن بمعنى الابتلاء والاختبار ، كقوله تعالى لموسى : { وفتناك فتوناً } [ طه : 40 ] ، أي ظن أنا اختبرنا زكانته بإرسال الملكين ، يصور أن له صورةً شبيهةً بفعله ففطن أن ما فعله أمر غير لائق به . وتفريع { فاستغفر ربَّهُ } على ذلك الظنّ ظاهر على كلا الاحتمالين ، أي لما علم ذلك طلب الغفران من ربه لِما صنع .
وخرّ خروراً : سقط ، وقد تقدم في قوله تعالى : { فخر عليهم السقف من فوقهم في سورة } [ النحل : 26 ] .
والركوع : الانحناء بقصد التعظيم دون وصول إلى الأرض قال تعالى : { تراهم ركعاً سجداً } [ الفتح : 29 ] ، فذكر شيئين . قالوا : لم يكن لبني إسرائيل سجود على الأرض وكان لهم الركوع ، وعليه فتقييد فعل { خرّ } بحال { رَاكِعاً } تمَجَّز في فعل { خرّ } بعلاقة المشابهة تنبيهاً على شدة الانحناء حتى قارب الخرور . ومن قال : كان لهم السجود جعل إطلاق الرجوع عليه مجازاً بعلاقة الإِطلاق . وقال ابن العربي : لا خلاف في أن الركوع هاهنا السجود ، قلت : الخلافُ موجود .
والمعروف أنه ليس لبني إسرائيل سجود بالجبهة على الأرض ، ويحتمل أن يكون السجود عبادة الأنبياء كشأن كثير من شرائع الإِسلام كانت خاصة بالأنبياء من قبل كما تقدم في قوله تعالى : { فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون } [ البقرة : 132 ] ، وتقدم قوله تعالى : { وخروا له سجداً } في سورة [ يوسف : 100 ] . وكان ركوع داود عليه السلام تضرعاً لله تعالى ليقبل استغفاره .
والإِنابة : التوبة : يقال : أناب ، ويقال : نَاب . وتقدم عند قوله تعالى : { إن إبراهيم لحليم أوّاه منيب } في سورة [ هود : 75 ] . وعند قوله : { منيبين إليه } في سورة [ الروم : 31 ] .
وهنا موضع سجدة من سجود القرآن من العزائم عند مالك لثبوت سجود النبي صلى الله عليه وسلم عندها . ففي «صحيح البخاري» عن مجاهد «سألتُ ابن عباس عن السجدة في ص فقال : أوَ ما تقرأ { ومن ذريته داود وسليمان } [ الأنعام : 84 ] إلى قوله : { أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده } [ الأنعام : 90 ] فكان داود ممن أُمر نبيئكم أن يقتدِيَ به فسجدها داود فسجدها رسول الله» . وفي «سنن أبي داود» عن ابن عباس «ليس ص من عزائم السجود ، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد فيها» . وفيه عن أبي سعيد الخُدْري قال : «قرأ رسول الله وهو على المنبر ص فلما بلغ السجدة نزل فسجد وسجد الناس معه فلما كان يوم آخر قرأها فلما بلغ السجدة تَشَزَّنَ الناس للسجود ( أي تهيّأَوا وتحركوا لأجله ) فقال رسول الله : إنما هي توبة نبيء ولكني رأيتكم تشزَّنْتم للسجود فنزل فسجد وسجدوا» ، وقول أبي حنيفة فيها مثل قول مالك ولم يرَ الشافعي سجوداً في هذه الآية إمَّا لأجل قول النبي صلى الله عليه وسلم " إنما هي توبة نبيء " فرجع أمرُها إلى أنها شرْعُ من قبلنا ، والشافعي لا يرى شرع من قبلنا دليلاً .
ووجه السجود فيها عند من رآه أن ركوع داود هو سجود شريعتهم فلما اقتدى به النبي صلى الله عليه وسلم أتى في اقتدائه بما يساوي الركوع في شريعة الإِسلام وهو السجود . وقال أبو حنيفة : الركوع يقوم مقام سجود التلاوة أخذاً من هذه الآية .
- إعراب القرآن : قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِ ۖ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ ۗ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ۩
«قالَ» ماض «لَقَدْ» اللام واقعة في جواب قسم محذوف وقد حرف تحقيق وجملة قال استئنافية لا محل لها «ظَلَمَكَ» ماض وفاعله المستتر والكاف مفعوله «بِسُؤالِ» متعلقان بظلمك «نَعْجَتِكَ» مضاف إليه «إِلى نِعاجِهِ» متعلقان بمحذوف حال «وَإِنَّ كَثِيراً» الواو حالية وإن واسمها «مِنَ الْخُلَطاءِ» الجار والمجرور صفة لكثيرا والجملة الاسمية حال «لَيَبْغِي» اللازم المزحلقة ومضارع «بَعْضُهُمْ» فاعله «عَلى بَعْضٍ» متعلقان بيبغي وجملة يبغي خبر إن «إِلَّا» حرف استثناء «الَّذِينَ» مستثنى «آمَنُوا» ماض وفاعله والجملة صلة «وَعَمِلُوا» معطوفة على آمنوا «الصَّالِحاتِ» مفعول به «وَقَلِيلٌ» الواو حالية وقليل خبر مقدم «ما» اسم موصول صفة «هُمْ» مبتدأ مؤخر والجملة الاسمية حال «وَظَنَّ» الواو حرف عطف وماض «داوُدُ» فاعل «أَنَّما» كافة ومكفوفة «فَتَنَّاهُ» ماض وفاعل ومفعوله وأنما والفعل سدت مسد مفعولي ظن «فَاسْتَغْفَرَ» الفاء حرف عطف واستغفر ماض والفاعل مستتر «رَبَّهُ» مفعول به والجملة عطف على ظن لا محل لها «وَخَرَّ» الواو حرف عطف وماض فاعله مستتر «راكِعاً» حال والجملة معطوفة على ما قبلها لا محل لها «وَأَنابَ» الواو حرف استئناف وأناب ماض فاعله مستتر والجملة استئنافية لا محل لها
- English - Sahih International : [David] said "He has certainly wronged you in demanding your ewe [in addition] to his ewes And indeed many associates oppress one another except for those who believe and do righteous deeds - and few are they" And David became certain that We had tried him and he asked forgiveness of his Lord and fell down bowing [in prostration] and turned in repentance [to Allah]
- English - Tafheem -Maududi : قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِ ۖ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ ۗ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ۩(38:24) David said: 'He has certainly wronged you in seeking to add your ewe to his ewes; *25 and indeed many who live together commit excesses, one to the other, except those that believe and act righteously; and they are but few.' (While so saying) David realized that it is We Who have put him to test; therefore, he sought the forgiveness of his Lord, and fell down, bowing and penitently turning (to Him). *26
- Français - Hamidullah : Il [David] dit Il a été certes injuste envers toi en demandant de joindre ta brebis à ses brebis Beaucoup de gens transgressent les droits de leurs associés sauf ceux qui croient et accomplissent les bonnes œuvres - cependant ils sont bien rares - Et David pensa alors que Nous l'avions mis à l'épreuve Il demanda donc pardon à son Seigneur et tomba prosterné et se repentit
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : Er sagte "Er hat dir Unrecht getan daß er dein Schaf zu seinen Schafen hinzu verlangte Gewiß viele von den Teilhabern begehen gegeneinander Übergriffe außer denjenigen die glauben und rechtschaffene Werke tun - und das sind nur wenige" Und Dawud verstand daß Wir ihn nur der Versuchung ausgesetzt hatten Da bat er seinen Herrn um Vergebung und fiel in Verbeugung nieder und wandte sich Ihm reuig zu
- Spanish - Cortes : Dijo Sí ha sido injusto contigo pidiéndote que agregaras tu oveja a las suyas En verdad muchos consocios se causan daño unos a otros; no los que creen y obran bien pero ¡que pocos son éstos David comprendió que sólo habíamos querido probarle y pidió perdón a su Señor Cayó de rodillas y se arrepintió
- Português - El Hayek : David lhe disse Verdadeiramente fraudoute com o pedido de acréscimo da tua ovelha; muito sócios se prejudicamuns aos outros salvo os fiéis que praticam o bem; porém quão pouco são E Davi percebeu que o havíamos submetido auma prova e implorou o perdão de seu Senhor caiu contrito em genuflexão
- Россию - Кулиев : Давуд Давид сказал Он поступил по отношению к тебе несправедливо когда попросил присоединить твою овцу к своим Воистину многие партнеры поступают несправедливо по отношению друг к другу кроме тех которые уверовали и совершают праведные деяния Но таких мало Давуд Давид убедился что Мы подвергли его искушению попросил прощения у своего Господа пал ниц и раскаялся
- Кулиев -ас-Саади : قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِ ۖ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ ۗ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ۩
Давуд (Давид) сказал: «Он поступил по отношению к тебе несправедливо, когда попросил присоединить твою овцу к своим. Воистину, многие партнеры поступают несправедливо по отношению друг к другу, кроме тех, которые уверовали и совершают праведные деяния. Но таких мало». Давуд (Давид) убедился, что Мы подвергли его искушению, попросил прощения у своего Господа, пал ниц и раскаялся.Давуд выслушал одного из тяжущихся и вынес решение. Кто-то может спросить: «Почему пророк Давуд вынес решение, не выслушав оправданий второго тяжущегося?» Дело в том, что из слов тяжущихся было ясно, что это произошло на самом деле, и поэтому не было необходимости в заслушивании второго тяжущегося. Затем Давуд добавил, что несправедливость присуща очень многим людям, и поэтому потомки Адама часто попирают права своих друзей и близких. Этого скверного качества лишены только праведники, которые уверовали и совершают добрые дела. Их вера и праведность не позволяют им поступать несправедливо и притеснять окружающих. Однако их очень мало, и поэтому Всевышний Аллах сказал: «Но среди Моих рабов мало благодарных» (34:13). Давуд вынес справедливый приговор и уразумел, что двое тяжущихся явились для того, чтобы испытать самого Давуда и указать ему на правильный путь. Он попросил прощения у Господа за допущенное упущение, совершил земной поклон и покаялся перед Всевышним Аллахом.
- Turkish - Diyanet Isleri : Davud "And olsun ki senin dişi koyununu kendi dişi koyunlarına katmak istemekle sana haksızlıkta bulunmuştur Doğrusu ortakçıların çoğu birbirlerinin haklarına tecavüz ederler İnanıp yararlı iş işleyenler bunun dışındadır ki sayıları da ne kadar azdır" demişti Davud Kendisini denediğimizi sanmıştı da Rabbinden mağfiret dileyerek eğilip secdeye kapanmış tevbe etmiş Allah'a yönelmişti
- Italiano - Piccardo : Disse “Certamente ha mancato nei tuoi confronti chiedendoti la tua pecora in aggiunta alle sue In verità molti associati [in un affare] si fanno torto a vicenda eccetto coloro che credono e compiono il bene ma essi sono ben pochi” Davide capì che lo avevamo messo alla prova implorò il perdono del suo Signore cadde in prosternazione e si pentì
- كوردى - برهان محمد أمين : داود وتی سوێند به خوا بێگومان ئهو برایهت ستهمی لێ کردوویت بهوهی دهیهوێت تاکه مهڕهکهی تۆ بخاته سهر مهڕهکانی خۆی لهڕاستیدا زۆربهی ئهوانهی شهریک و هاوکارن ستهم له یهکتری دهکهن جگه لهوانهی که ئیمان و باوهڕیان ههیه و کاروکردهوهی چاک ئهنجام دهدهن ئهوانیش زۆر کهمن ئینجا دووکهسهکه دیارنهما ئهوسا ئیتر داود زانی که ئێمه تهنها تاقیمان کردۆتهوه لهبهر دوو هۆی سهرهکی یهکهم فێر ببێت بهپهله حوکم دهرنهکات دووهههم لهبهر ئهوهی سوێندی خوارد لهسهر شتێک که لێکۆڵینهوهی دهربارهی نهکردبوو ئیتر داوای لێخۆشبوونی له پهروهردگاری کردو بهکڕنووش و سوژدهدا چوو داوای لێبووردنی کرد
- اردو - جالندربرى : انہوں نے کہا کہ یہ جو تیری دنبی مانگتا ہے کہ اپنی دنبیوں میں ملالے بےشک تجھ پر ظلم کرتا ہے۔ اور اکثر شریک ایک دوسرے پر زیادتی ہی کیا کرتے ہیں۔ ہاں جو ایمان لائے اور عمل نیک کرتے رہے اور ایسے لوگ بہت کم ہیں۔ اور داود نے خیال کیا کہ اس واقعے سے ہم نے ان کو ازمایا ہے تو انہوں نے اپنے پروردگار سے مغفرت مانگی اور جھک کر گڑ پڑے اور خدا کی طرف رجوع کیا
- Bosanski - Korkut : "Učinio ti je doista krivo" – reče Davud – "time što je tražio da tvoju ovcu doda ovcama svojim; mnogi ortaci čine nepravdu jedni drugima ne čine jedino oni koji vjeruju i rade dobra djela; a takvih je malo" I Davud se uvjeri da smo Mi baš njega na kušnju stavili pa oprost od Gospodara svoga zamoli pade licem na tle i pokaja se
- Swedish - Bernström : [David] sade "Utan tvivel har han gjort dig orätt när han krävde att få din tacka utöver dem han redan hade Många människor som har gemensamma intressen gör sig skyldiga till [sådana] övergrepp mot varandra utom de som tror och lever ett rättskaffens liv men de är ett fåtal" Nu förstod David att Vi hade velat sätta honom på prov och han bad sin Herre om förlåtelse och föll ned på sitt ansikte i bön och ånger
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Daud berkata "Sesungguhnya dia telah berbuat zalim kepadamu dengan meminta kambingmu itu untuk ditambahkan kepada kambingnya Dan sesungguhnya kebanyakan dari orangorang yang berserikat itu sebahagian mereka berbuat zalim kepada sebahagian yang lain kecuali orangorang yang beriman dan mengerjakan amal yang saleh; dan amat sedikitlah mereka ini" Dan Daud mengetahui bahwa Kami mengujinya; maka ia meminta ampun kepada Tuhannya lalu menyungkur sujud dan bertaubat
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِ ۖ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ ۗ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ۩
(Daud berkata, "Sesungguhnya dia telah berbuat lalim kepadamu dengan meminta kambingmu itu) dengan maksud untuk menggabungkannya (untuk ditambahkan kepada kambingnya. Sesungguhnya kebanyakan dari orang-orang yang berserikat itu) yakni orang-orang yang terlibat dalam satu perserikatan (sebagian mereka berbuat lalim kepada sebagian yang lain, kecuali orang-orang yang beriman dan mengerjakan amal yang saleh; dan amat sedikitlah mereka ini") huruf Ma di sini untuk mengukuhkan makna sedikit. Lalu kedua malaikat itu naik ke langit dalam keadaan berubah menjadi ujud aslinya seraya berkata, "Lelaki ini telah memutuskan perkara terhadap dirinya sendiri." Sehingga sadarlah Nabi Daud atas kekeliruannya itu. Lalu Allah berfirman, (Dan Daud yakin) yakni merasa yakin (bahwa Kami mengujinya) Kami menimpakan ujian kepadanya, berupa cobaan dalam bentuk cinta kepada perempuan itu (maka ia meminta ampun kepada Rabbnya lalu menyungkur rukuk) maksudnya bersujud (dan bertobat.)
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : দাউদ বললঃ সে তোমার দুম্বাটিকে নিজের দুম্বাগুলোর সাথে সংযুক্ত করার দাবী করে তোমার প্রতি অবিচার করেছে। শরীকদের অনেকেই একে অপরের প্রতি জুলুম করে থাকে। তবে তারা করে না যারা আল্লাহর প্রতি বিশ্বাসী ও সৎকর্ম সম্পাদনকারী। অবশ্য এমন লোকের সংখ্যা অল্প। দাউদের খেয়াল হল যে আমি তাকে পরীক্ষা করছি। অতঃপর সে তার পালনকর্তার কাছে ক্ষমা প্রার্থনা করল সেজদায় লুটিয়ে পড়ল এবং তাঁর দিকে প্রত্যাবর্তন করল।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : அதற்கு தாவூது; "உமமுடைய ஆட்டை அவர் தம்முடைய ஆடுகளுடன் சேர்த்து விடும்படிக் கேட்டது கொண்டு நிச்யசமாக அவர் உம்மீது அநியாயம் செய்து விட்டார்; நிச்சயமாகக் கூட்டாளிகளில் பெரும்பாலோர் அவர்களில் சிலர் சிலரை மோசம் செய்து விடுகின்றனர்; ஈமான் கொண்டு ஸாலிஹான நல்லமல்கள் செய்பவர்களைத் தவிர இத்தகையவர் சிலரே" என்று கூறினார்; இதற்குள்; "நிச்சயமாக நாமே அவரைச் சோதித்து விட்டோம்" என்று தாவூது எண்ணித் தம்முடைய இறைவனிடம் மன்னிப்பு கோரிக்குனிந்து விழுந்தவராக இறைவனை நோக்கினார்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : เขา ดาวู๊ด กล่าวว่า “แน่นอน เขาอธรรมต่อท่านในการขอให้นำแกะของท่านไปรวมกับแกะของเขา และแท้จริงส่วนมากของผู้มีหุ้นส่วนร่วมกัน บางคนในพวกเขามักละเมิดสิทธิของอีกคนหนึ่ง เว้นแต่บรรดาผู้ศรัทธาและประกอบความดีทั้งหลาย และพวกเขาเช่นนี้มีน้อย” และดาวู๊ดรู้สึกว่าเราได้ทดสอบเขา ดังนั้น เขาจึงได้ขออภัยต่อพระเจ้าของเขา และเขาได้ก้มลงรูกัวะและทบทวนความผิดด้วยความเสียใจ
- Uzbek - Мухаммад Содик : У Дарҳақиқат сенинг совлиғингни сўраб ўз совлиқларига қўшиш билан сенга зулм қилибдир Албатта кўп шериклар бирбирларига зулм қилурлар Магар иймон келтириб солиҳ амал қилганларгина қилмаслар Улар жуда ҳам оз деди Ва Довуд Биз уни синаганимизни билдида тезда Роббига истиғфор айтиб саждага йиқилди ва тавба қилди
- 中国语文 - Ma Jian : 达五德说:他确已欺负你了,因为他要求你把你的母绵羊归并他的母绵羊。有许多伙计,的确相欺,惟信道而行善者则不然,但他们是很少的。达五德以为我考验他,他就向他的主求饶,且拜倒下去,并归依他。(此处叩头!)※
- Melayu - Basmeih : Nabi Daud berkata " Sesungguhnya ia telah berlaku zalim kepadamu dengan meminta kambingmu itu sebagai tambahan kepada kambingkambingnya; dan sesungguhnya kebanyakan dari orangorang yang bergaul dan berhubungan dalam berbagaibagai lapangan hidup setengahnya berlaku zalim kepada setengahnya yang lain kecuali orangorang yang beriman dan beramal soleh; sedang mereka amatlah sedikit" Dan Nabi Daud setelah berfikir sejurus mengetahui sebenarnya Kami telah mengujinya dengan peristiwa itu lalu ia memohon ampun kepada Tuhannya sambil merebahkan dirinya sujud serta ia rujuk kembali bertaubat
- Somali - Abduh : Wuxuuna yidhi Daa'uud wuu kugu dulmiyey warsashada Laxdaada inuu ku biiriyo Idihiisa in badan oo ka mid ah kuwa wax isku darsadana qaarkood waxay ku xadgudbaan dulmiyaan qaarka kale marka laga reebo kuwa xaqa rumeeyey ee camalka wanaagsan falay wayna yaryihiin kuwaasi Daa'uudna wuxuu umaleeyey inaan ibtileynay wuyxuuna ka dambidhaaf dalbay Eebihiis rukuuc sujuudbuuna la dhacay wuuna noday
- Hausa - Gumi : Dãwũda ya ce "Lalle haƙiƙa ya zãlunce ka game da tambayar tunkiyarka zuwa ga tumakinsa Kuma lalle ne mãsu yawa daga abõkan tarayya haƙiƙa sãshensu na zambatar sãshe fãce waɗanda suka yi ĩmãni kuma suka aikata ayyukan ƙwarai" Kuma Dãwũda ya tabbata cẽwa Mun fitine shi ne sabõda haka ya nẽmi Ubangijinsa gãfara kuma ya fãɗi yanã mai sujada kuma ya mayar da al'amari ga Allah
- Swahili - Al-Barwani : Akasema Kweli amekudhulumu kwa kumtaka kondoo wako mmoja kuongezea kwenye kondoo wake Na hakika washirika wengi hudhulumiana wao kwa wao isipo kuwa walio amini na wakatenda mema Na hao ni wachache Na Daudi akajua kuwa tumemfanyia mtihani Basi akamwomba msamaha Mola wake Mlezi na akaanguka kusujudu na kutubia
- Shqiptar - Efendi Nahi : Daudi tha “Me të vërtetë ai të ka bërë padrejtësi që të ka kërkur delen tënde që ta bashkojë me delet e veta” Dhe me të vërtetë shumë bashkëpronarë i bëjnë padrejtësi njëritjetrit pos atyre që besojnë dhe bëjnë punë të mira por ata janë pak” Daudi e kuptoi se Na me të vërtetë – e kemi sprovuar atë prandaj ka kërkuar falje nga Zoti i vet dhe u përul duke rënë për dhé dhe duke u penduar
- فارسى - آیتی : داود گفت: او كه ميش تو را از تو مىخواهد تا به ميشهاى خويش بيفزايد بر تو ستم مىكند. و بسيارى از شريكان جز كسانى كه ايمان آوردهاند و كارهاى شايسته كردهاند -و اينان نيز اندك هستند- بر يكديگر ستم مىكنند. و داود دانست كه او را آزمودهايم. پس از پروردگارش آمرزش خواست و به ركوع درافتاد و توبه كرد.
- tajeki - Оятӣ : Довуд гуфт: «Ӯ, ки меши туро аз ту мехоҳад то ба мешҳои худ бияфзояд, ба ту ситам мекунад. Ва бисёре аз шарикон ғайри касоне, ки имон овардаанд ва корҳои шоиста кардаанд — ва инҳо низ андак ҳастанд — бар якдигар ситам мекунанд». Ва Довуд донист, ки ӯро озмудем. Пас аз Парвардигораш бахшоиш хост ва ба руқӯъ дарафтоду тавба кард. (Саҷда).
- Uyghur - محمد صالح : داۋۇد ئېيتتى: «ئۇ سېنىڭ ساغلىقىڭنى ئۆزىنىڭ ساغلىقلىرىغا قوشۇۋېلىشنى تەلەپ قىلىپ راستلا سېنى بوزەك قىلىپتۇ، نۇرغۇن شېرىكلەر (يەنى دوستلار)، شۈبھىسىزكى، بىر - بىرىگە چېقىلىدۇ، پەقەت ئىمان ئېيتقان ۋە ياخشى ئەمەل قىلغانلارلا (بىر - بىرىگە چېقىلمايدۇ) بۇلار ئازدۇر». داۋۇد بىزنىڭ ئۇنى سىنىغانلىقىمىزنى بىلدى. پەرۋەردىگارىدىن مەغپىرەت تەلەپ قىلدى، سەجدىگە باردى. (اﷲ قا) تەۋبە قىلدى
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : ദാവൂദ് പറഞ്ഞു: "തന്റെ ആടുകളുടെ കൂട്ടത്തിലേക്ക് നിന്റെ ആടിനെക്കൂടി ആവശ്യപ്പെടുന്നതിലൂടെ അവന് നിന്നോട് അനീതി ചെയ്യുകയാണ്. കൂട്ടാളികളായി കഴിയുന്നവരിലേറെ പേരും പരസ്പരം അതിക്രമം പ്രവര്ത്തിക്കുന്നവരാണ്. സത്യവിശ്വാസം സ്വീകരിക്കുകയും സല്ക്കര്മങ്ങള് പ്രവര്ത്തിക്കുകയും ചെയ്തവരൊഴികെ. എന്നാല് അത്തരക്കാരുടെ എണ്ണം വളരെ കുറവാണ്." ദാവൂദിന് മനസ്സിലായി; നാം അദ്ദേഹത്തെ പരീക്ഷിച്ചതായിരുന്നുവെന്ന്. അതിനാല് അദ്ദേഹം തന്റെ നാഥനോട് പാപമോചനം തേടി. കുമ്പിട്ടു വീണു. പശ്ചാത്തപിച്ചു മടങ്ങി.
- عربى - التفسير الميسر : قال داود لقد ظلمك اخوك بسواله ضم نعجتك الى نعاجه وان كثيرا من الشركاء ليعتدي بعضهم على بعض ويظلمه باخذ حقه وعدم انصافه من نفسه الا المومنين الصالحين فلا يبغي بعضهم على بعض وهم قليل وايقن داود اننا فتناه بهذه الخصومه فاستغفر ربه وسجد تقربا لله ورجع اليه وتاب
*25) Here, one should not doubt that the Prophet David gave his decision after hearing only what one party had to say. The fact of the matter, is that when the respondent kept quiet at the complaint of the complainant and said nothing in defence it by itself amounted to a confession by him. That is why the Prophet David came to the conclusion that the facts of the case were the same as the complainant had stated.
*26) There is a difference of opinion as to whether it is obligatory to perform a sajdah (prostration) on this occasion or not. Imam Shafe'i says that it is not obligatory, for this is only a Prophet' tepentance; but Imam Abu Hanifah has opined that prostration here is obligatory. The traditionists have related three traditions from lbn- 'Abbas in this regard. According to 'Ikrimah, Ibn 'Abbas said: "this is not one of those verses on the recitation of which prostration is obligatory, but I have seen the Holy Prophet prostrating himself on this occasion. "(Bukhari, Abu Da'ud, Tirmidhi, NASa'I, Musnad Ahmad). The second tradition which Said bin Jubair has related froth Ibn 'Abbas is to the effect: 'The Holy Prophet prostrated himself in Surah Suad and said: 'The Prophet David (on whom be peace) had prostrated himself in order to express his repentance and we prostrate ourselves as a token of gratitude, because his repentance was accepted. (Nasa'i) In the third tradition that Mujahid has related from him, he says: "Allah has commanded the Holy Prophet, in the Qur'an: "These were the ones whom Allah had shown the Right Way: therefore, you should follow their way'." (AI-An'am: 90). Now, since David was a Prophet and he had prostrated himself on this occasion, the Holy Prophet also prostrated himself here only to follow his way. (Bukhari). These three arc the statements of Hadrat Ibn 'Abbas: and Hadrat Abu Sa' id Khudri says: "The Holy Prophet once recited Surah Suad in his address, and when he came to this verse, he descended from the pulpit and performed a prostration and the audience also did the same along with him. Then, on another occasion, he recited this same Surah and when the people heard this verse, they were ready to perform the prostration. The Holy Prophet said 'This is the repentance of a Prophet, but I see that you have got ready to perform the prostration' --Saying this he descended from the pulpit and prostrated himself and the people also did the same." (Abu Da'ud). Although these traditions do not provide any absolute argument to prove that it is obligatory to perform the prostration here, yet they prove at least that because the Holy Prophet generally performed a prostration on this occasion, it is in any case commendable to prostrate here.
Another thing that one notices in this verse is that Allah has used the words kharra raki'an (fell in ruku') here, but All the commentators arc agreed that this implies kharra sajid-an (fell in sajdah: prostration). On this very basis, Imam Abu Hanifah and his companions have expressed the opinion that one may perform only a ruku' instead of a sajdah, when one recites or hears being recited a verse requiring a sajdah in the Prayer or outside it. For when AIlah has used the word ruku' to imply sajdah, it becomes obvious that ruku' can represent sajdah. Imam Khattabi, a Shafe'ite jurist, also holds the same opinion, Though this opinion in itself is sound and reasonable, we do not find any precedent in the practices of the Holy Prophet and his Companions that they might have been content with performing a ruku' only instead of a sajdah on a verse requiring a sajdah. Therefore, one should act upon the view only when there is an obstruction in performing the sajdah; it would be wrong to make it a practice, Imam Abu Hanifah and his companions themselves also did not intend that it should be made a practice; they only ruled that it was permissible.