- عربي - نصوص الآيات عثماني : يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱجْتَنِبُواْ كَثِيرًا مِّنَ ٱلظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ ٱلظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُواْ وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ
- عربى - نصوص الآيات : يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ۖ ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا ۚ أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه ۚ واتقوا الله ۚ إن الله تواب رحيم
- عربى - التفسير الميسر : يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه اجتنبوا كثيرًا من ظن السوء بالمؤمنين؛ إن بعض ذلك الظن إثم، ولا تُفَتِّشوا عن عورات المسلمين، ولا يقل بعضكم في بعضٍ بظهر الغيب ما يكره. أيحب أحدكم أكل لحم أخيه وهو ميت؟ فأنتم تكرهون ذلك، فاكرهوا اغتيابه. وخافوا الله فيما أمركم به ونهاكم عنه. إن الله تواب على عباده المؤمنين، رحيم بهم.
- السعدى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ
نهى الله تعالى عن كثير من الظن السوء بالمؤمنين، فـ { إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ } وذلك، كالظن الخالي من الحقيقة والقرينة، وكظن السوء، الذي يقترن به كثير من الأقوال، والأفعال المحرمة، فإن بقاء ظن السوء بالقلب، لا يقتصر صاحبه على مجرد ذلك، بل لا يزال به، حتى يقول ما لا ينبغي، ويفعل ما لا ينبغي، وفي ذلك أيضًا، إساءة الظن بالمسلم، وبغضه، وعداوته المأمور بخلاف ذلك منه.
{ وَلَا تَجَسَّسُوا } أي: لا تفتشوا عن عورات المسلمين، ولا تتبعوها، واتركوا المسلم على حاله، واستعملوا التغافل عن أحواله التي إذا فتشت، ظهر منها ما لا ينبغي.
{ وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا } والغيبة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: { ذكرك أخاك بما يكره ولو كان فيه }
ثم ذكر مثلاً منفرًا عن الغيبة، فقال: { أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ } شبه أكل لحمه ميتًا، المكروه للنفوس [غاية الكراهة]، باغتيابه، فكما أنكم تكرهون أكل لحمه، وخصوصًا إذا كان ميتًا، فاقد الروح، فكذلك، [فلتكرهوا] غيبته، وأكل لحمه حيًا.
{ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ } والتواب، الذي يأذن بتوبة عبده، فيوفقه لها، ثم يتوب عليه، بقبول توبته، رحيم بعباده، حيث دعاهم إلى ما ينفعهم، وقبل منهم التوبة، وفي هذه الآية، دليل على التحذير الشديد من الغيبة، وأن الغيبة من الكبائر، لأن الله شبهها بأكل لحم الميت، وذلك من الكبائر.
- الوسيط لطنطاوي : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ
ثم وجه - سبحانه - إلى عباده المؤمنين نداء خامسا ، نهاهم فيه عن أن يظن بعضهم ببعض ظنا سيئا بدون مبرر ، كما نهاهم عن التجسس وعن الغيبة ، حتى تبقى للمسلم حرمته وكرامته . . فقال - تعالى - ( ياأيها الذين آمَنُواْ اجتنبوا . . ) .
وقوله - تعالى - ( اجتنبوا ) من الاجتناب يقال : اجتنب فلان فلانا إذا ابتعد عنه ، حتى لكأنه فى جانب والآخر فى جانب مقابل .
والمراد بالظن المنهى عنه هنا : الظن السيئ بأهل الخير والصلاح بدون دليل أو برهان .
قال بعض العلماء ما ملخصه : والظن أنواع : منه ما هو واجب ، ومنه ما هو محرم ، ومنه ما هو مباح .
فالمحرم : كسوء الظن بالمسلم المستور الحال ، الظاهر العدالة ، ففى الحديث الشريف : " إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث . . " وفى حديث آخر : " إن الله حرم من المسلم ودمه وعرضه وأن يظن به ظن السوء " .
وقلنا : كسوء الظن بالناس ، إنما تكون إذا كان لسوء الظن أثر يتعدى إلى الغير ، وأما إن تظن شرا لتتقيه ، ولا يتعدى أثر ذلك إلى الغير فذلك محمود غير مذموم ، وهو محل ما ورد من أن " من الحزم سوء الظن " .
أى : يا من آمنتم بالله - تعالى - إيمانا حقا ، ابتعدوا ابتعادا تاما عن الظنون السيئة بأهل الخير من المؤمنين ، لأن هذه الظنون السيئة التى لا تستند إلى دليل أو أمارة صحيحة إنما هى مجرد تم ، تؤدى إلى تولد الشكوك والمفاسد . . فيما بينكم .
وجاء - سبحانه - بلفظ " كثيرا " منكرا لكى يحتاط المسلم فى ظنونه ، فيبتعد عما هو محرم منها ، ولا يقدم إلا على ما هو واجب أو مباح منها - كما سبق أن أشرنا - .
وقوله - سبحانه - : ( إِنَّ بَعْضَ الظن إِثْمٌ ) .
أى : إن الكثير من الظنون يؤدى بكم إلى الوقوع فى الذنوب والآثام فابتعدوا عنه .
قال ابن كثير : ينهى الله عباده المؤمنين عن كثير من الظن ، وهو التهمة والتخون للأهل والأقارب والناس من غير محله ، لأن بعض ذلك يكون إثما محضا ، فليجتنب كثيرا منه احتياطا . . " عن حارثة بن النعمان : قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ثلاث لازمات لأمتى : " الطيرة والحسد وسوء الظن " : فقال رجل : ما الذى يذهبن يا رسول الله من هن فيه؟ قال : " إذا حدست فاستغفر الله ، وإذا ظننت فلا تحقق ، وإذا تطيرت فامض " " .
وأخرج البيهقى فى شعب الإِيمان عن سعيد بن المسيب قال : كتب إلى بعض إخوانى من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ضع أمر أخيك على أحسنه ، ما لم يأتك ما يغلبك ، ولا تظنن يكلمة خرجت من امرئ مسلم شرا وأنت تجد لها فى الخير محملا ، ومن عرض نفسه للتهم فلا يلومن إلا نفسه . .
وقوله - سبحانه - : ( وَلاَ تَجَسَّسُواْ ) أى : خذوا ما ظهر من أحوال الناس ولا بتحثوا عن بواطنهم أو أسرارهم .
أو عوراتهم ومعايبهم ، فإن من تتبع عورات الناس فضحه الله - تعالى - .
فالتجسس مأخوذ من الجس ، وهو البحث عما خفى من أمور الناس ، وقرأ الحس وأبو رجاء : ( ولا تحسسوا ) من الحس ، وهما بمعنى واحد . وقيل هما متغايران التجسس - بالجيم - معرفة الظاهر ، وأن التحسس - بالحاء - تتبع البواطن وقيل بالعكس . .
وعلى أية حال فالمراد هنا من التجسس والتحسس : النهى عن تتبع عورات المسلمين ، أخرج أبو داود وغيره " عن أبى برزة الأسلمى قال : خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإِيمان قلبه . لا تتبعوا عورات المسلمين ، فإن من تتبع عورات المسلمين ، فضحه الله - تعالى - فى قعر بيته " .
وعن معاوية بن أبى سفيان قال : سمعت النبى - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم " .
ثم نهى - سبحانه - بعد ذلك عن الغيبة فقال : ( وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً ) والغيبة - بكسر الغين - أن تذكر غيرك فى غيابه بما يسوءه يقال : اغتاب فلان فلانا ، إذا ذكره بسوء فى غيبته ، سواء أكان هذا الذكر بريح اللفظ أم بالكناية ، أم بالإِشارة ، أم بغير ذلك .
روى أبو داود وغيره عن أبى هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " أتدرون ما الغيبة؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : ذكرك أخاك بما يركه . قيل : أرأيت إن كان فى أخى ما أقول؟ قال : إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته ، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بَهَتَّه " .
ثم ساق - سبحانه - تشبيها ينفر من الغيبة أكمل تنفير فقال : ( أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ ) . والاستفهام للتقرير لأنه من الأمور المسلمة أن كل إنسان يكره أكل لحم أخيه حيا ، فضلا عن أكله ميتا .
والضمير فى قوله : ( فَكَرِهْتُمُوهُ ) يعود على الأكل المفهوم من قوله ( يَأْكُلَ ) و ( مَيْتاً ) حال من اللحم أو من الأخ .
أى : اجتنبوا أن تذكروا غيركم بسوء فى غيبته ، فإن مثل من يغتاب أخاه المسلم كمثل من يأكل لحمه وهو ميت ، ولا شك أن كل عاقل يكره ذكل وينفر منه أشد النفور .
ورحم الله - صاحب الكشاف فقد قال عند تفسيره لهذه الجملة : قوله - تعالى - : ( أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ . . ) تمثيل وتصوير لما يناله المتغاب من عرض غيره على أفظع وجه وأفحشه .
وفيه مبالغات شتى : منها الاستفهام الذى معناه التقرير ، ومنها : جعل ما هو الغاية فى الكراهة موصولا بالمحبة ، ومنها : إسناد الفعل إلى أحدكم ، والإِشعار بأن أحدا من الأحديث لا يحب ذلك ، ومنها : أنه -سبحانه - لم يقتصر على تمثل الاغتياب بأكل لحم الإِنسان ، وإنما جعله أخا ، ومنها : أنه لم يقتصر على أكل لحم الأخ وإنما جعله ميتا .
.
وانتصب " ميتا " على الحال من اللحم أو من الأخ . . وقوله : ( فَكَرِهْتُمُوهُ ) فيه معنى الشرط . أى : إن صح هذا فقد كرهتموه - فلا تفعلوه - وهى الفاء الفصيحة .
والحق أن المتأمل فى هذه الآية الكريمة يراها قد نفرت من الغيبة بأبلغ أسلوب وأحكمه ، لأنها من الكبائر والقبائح التى إلى تنزق شمل المسلمين ، وإيقاد نار الكراهية فى الصدور .
قال الآلوسى ما ملخصه : وقد أخرج العلماء أشياء لا يكون لها حكم الغيبة ، وتنحصر فى ستة أسباب :
الأول : التظلم ، إذ من حق المظلوم أن يشكو ظالمه إلى من تتوسم فيه إزالة هذا الظلم .
الثان : الاستعانة على تغيير المنكر بذكره لمن يظن قدرته على إزالته .
الثالث : الاستفتاء ، إذ يجوز للمستفتى أن يقول للمفتى : ظلمنى فلان بكذا .
الرابع : تحذير المسلمين من الشر ، كتجريح الشهود والرواة والمتصدين للإِفتاء بغير علم .
الخامس : المجاهرون بالعاصى وبارتكاب المنكرات ، فإنه يجوز ذكرهم بما تجاروا به . .
السادس : التعريف باللقب الذى لا يقصد به الإِساءة كالأعمش والأعرج .
ثم ختم - سبحانه - الاية الكريمة بدعوة المؤمنين إلى التوبة والإِنابة فقال : ( واتقوا الله إِنَّ الله تَوَّابٌ رَّحِيمٌ ) . أى : واتقوا - أيها المؤمنون - بأن تصونوا أنفسكم عن كل ما أمركم - سبحانه - باجتنابه ، إن الله - تعالى - كثير القبول لتوبة عابده ، الذين يتوبون من قريب ، ويرجعون إلى طاعته رجوعا مصحواب بالندم على ما فرط منهم من ذنوب ، ومقرونا بالعزم على عدم العودة إلى تلك الذنوب لا فى الحال ولا فى الاستقبال . ومستوفيا لكل ما تستلزمه التوبة الصادقة من شروط .
وهو - أيضا - واسع الرحمة لعباده المؤمنين ، المستقيمين على أمره .
وبذلك نرى هذه الآية الكريمة قد نهت المسلمين عن رذائل ، يؤدى تركها إلى سعادتهم ونجاحهم ، وفتحت لهم باب التوبة لكى يقلع عنها من وقع فيها . .
- البغوى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ
( يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن ) قيل : نزلت الآية في رجلين اغتابا رفيقهما ، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا غزا أو سافر ضم الرجل المحتاج إلى رجلين موسرين يخدمهما ، ويتقدم لهما إلى المنزل فيهيئ لهما ما يصلحهما من الطعام والشراب ، فضم سلمان الفارسي إلى رجلين في بعض أسفاره ، فتقدم سلمان إلى المنزل فغلبته عيناه فنام فلم يهيئ لهما شيئا ، فلما قدما قالا له : ما صنعت شيئا ؟ قال : لا ، غلبتني عيناي ، قالا له : انطلق إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاطلب لنا منه طعاما ، فجاء سلمان إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسأله طعاما ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : انطلق إلى أسامة بن زيد ، وقل له : إن كان عنده فضل من طعام وإدام فليعطك ، وكان أسامة خازن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وعلى رحله ، فأتاه فقال : ما عندي شيء ، فرجع سلمان إليهما وأخبرهما ، فقالا كان عند أسامة طعام ولكن بخل ، فبعثا سلمان إلى طائفة من الصحابة فلم يجد عندهم شيئا ، فلما رجع قالا لو بعثناك إلى بئر سميحة لغار ماؤها ، ثم انطلقا يتجسسان ، هل عند أسامة ما أمر لهما به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ فلما جاءا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لهما : " ما لي أرى خضرة اللحم في أفواهكما " ، قالا والله يا رسول الله ما تناولنا يومنا هذا لحما ، قال : بل ظللتم تأكلون لحم سلمان وأسامة ، فأنزل الله - عز وجل - : " يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن " ، وأراد : أن يظن بأهل الخير سوءا ( إن بعض الظن إثم ) قال سفيان الثوري : الظن ظنان : أحدهما إثم ، وهو أن تظن وتتكلم به ، والآخر ليس بإثم وهو أن تظن ولا تتكلم .
( ولا تجسسوا ) التجسس : هو البحث عن عيوب الناس ، نهى الله تعالى عن البحث عن المستور من أمور الناس وتتبع عوراتهم حتى لا يظهر على ما ستره الله منها .
أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد السرخسي ، أخبرنا زاهر بن أحمد ، أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي ، أخبرنا أبو مصعب عن مالك ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ، ولا تجسسوا ، ولا تنافسوا ، ولا تحاسدوا ، ولا تباغضوا ، ولا تدابروا ، وكونوا عباد الله إخوانا "
أخبرنا أبو بكر محمد بن محمد بن علي بن الحسن الطوسي بها ، أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الإسفراييني ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي ، أخبرنا عبد الله بن ناجية ، حدثنا يحيى بن أكثم ، أخبرنا الفضل بن موسى الشيباني ، عن الحسين بن واقد ، عن أوفى بن دلهم ، عن نافع ، عن ابن عمر - رضي الله عنه - ما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " يا معشر من آمن بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه ، لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم ، فإنه من تتبع عورات المسلمين ، يتتبع الله عورته ، ومن يتتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله " .
قال : ونظر ابن عمر يوما إلى الكعبة فقال : ما أعظمك وأعظم حرمتك ، والمؤمن أعظم عند الله حرمة منك .
وقال زيد بن وهب : قيل لابن مسعود : هل لك في الوليد بن عقبة تقطر لحيته خمرا ، فقال : إنا قد نهينا عن التجسس ، فإن يظهر لنا شيء نأخذه به ( ولا يغتب بعضكم بعضا ) يقول : لا يتناول بعضكم بعضا بظهر الغيب بما يسوءه مما هو فيه .
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الخرقي ، أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله الطيسفوني ، أخبرنا عبد الله بن عمر الجوهري ، حدثنا أحمد بن علي الكشميهني ، حدثنا علي بن حجر ، حدثنا إسماعيل بن جعفر ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " أتدرون ما الغيبة ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : ذكرك أخاك بما يكره ، قيل : أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال : إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته ، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته " .
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة ، أخبرنا أبو الطاهر الحارثي ، أخبرنا محمد بن يعقوب الكسائي ، أخبرنا عبد الله بن محمود ، أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الخلال ، أخبرنا عبد الله بن المبارك ، عن المثنى بن الصباح ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده أنهم ذكروا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلا فقالوا : لا يأكل حتى يطعم ، ولا يرحل حتى يرحل ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " اغتبتموه " فقالوا : إنما حدثنا بما فيه ، قال : " حسبك إذا ذكرت أخاك بما فيه " .
قوله - عز وجل - : ( أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه ) قال مجاهد : لما قيل لهم " أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا " قالوا : لا ، قيل : ( فكرهتموه ) أي فكما كرهتم هذا فاجتنبوا ذكره بالسوء غائبا .
قال الزجاج : تأويله : إن ذكرك من لم يحضرك بسوء بمنزلة أكل لحم أخيك ، وهو ميت لا يحس بذلك .
أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي ، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي ، أخبرني ابن فنجويه ، حدثنا ابن أبي شيبة ، حدثنا الفريابي ، حدثنا محمد بن المصفى ، حدثنا أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج ، حدثني صفوان بن عمرو ، حدثنا راشد بن سعد وعبد الرحمن بن جبير ، عن أنس بن مالك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم ولحومهم ، فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ فقال : هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم " .
قال ميمون بن سياه : بينا أنا نائم إذا أنا بجيفة زنجي وقائل يقول : كل ، قلت : يا عبد الله ولم آكل ؟ قال : بما اغتبت عبد فلان ، فقلت : والله ما ذكرت فيه خيرا ولا شرا ، قال : لكنك استمعت ورضيت به ، فكان ميمون لا يغتاب أحدا ولا يدع أحدا يغتاب عنده أحدا .
( واتقوا الله إن الله تواب رحيم ) .
- ابن كثير : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ
يقول تعالى ناهيا عباده المؤمنين عن كثير من الظن ، وهو التهمة والتخون للأهل والأقارب والناس في غير محله ; لأن بعض ذلك يكون إثما محضا ، فليجتنب كثير منه احتياطا ، وروينا عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال : ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك المسلم إلا خيرا ، وأنت تجد لها في الخير محملا .
وقال أبو عبد الله بن ماجه : حدثنا أبو القاسم بن أبي ضمرة نصر بن محمد بن سليمان الحمصي ، حدثنا أبي ، حدثنا عبد الله بن أبي قيس النضري ، حدثنا عبد الله بن عمر قال : رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يطوف بالكعبة ويقول : " ما أطيبك وأطيب ريحك ، ما أعظمك وأعظم حرمتك . والذي نفس محمد بيده ، لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك ، ماله ودمه ، وأن يظن به إلا خير . تفرد به ابن ماجه من هذا الوجه .
وقال مالك ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ، ولا تجسسوا ولا تحسسوا ، ولا تنافسوا ، ولا تحاسدوا ، ولا تباغضوا ، ولا تدابروا ، وكونوا عباد الله إخوانا " .رواه البخاري عن عبد الله بن يوسف ، ومسلم عن يحيى بن يحيى ، وأبو داود عن العتبي [ ثلاثتهم ] ، عن مالك ، به .
وقال سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن أنس [ رضي الله عنه ] قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
لا تقاطعوا ، ولا تدابروا ، ولا تباغضوا ، ولا تحاسدوا ، وكونوا عباد الله إخوانا ، ولا يحل للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام " .رواه مسلم والترمذي - وصححه - من حديث سفيان بن عيينة ، به .
وقال الطبراني : حدثنا محمد بن عبد الله القرمطي العدوي ، حدثنا بكر بن عبد الوهاب المدني ، حدثنا إسماعيل بن قيس الأنصاري ، حدثني عبد الرحمن بن محمد بن أبي الرجال ، عن أبيه ، عن جده حارثة بن النعمان قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
ثلاث زمات لأمتي : الطيرة ، والحسد وسوء الظن " . فقال رجل : ما يذهبهن يا رسول الله ممن هن فيه ؟ قال : " إذا حسدت فاستغفر الله ، وإذا ظننت فلا تحقق ، وإذا تطيرت فأمض " . وقال أبو داود : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن زيد قال : أتي ابن مسعود ، رضي الله عنه برجل ، فقيل له : هذا فلان تقطر لحيته خمرا . فقال عبد الله : إنا قد نهينا عن التجسس ، ولكن إن يظهر لنا شيء نأخذ به .سماه ابن أبي حاتم في روايته الوليد بن عقبة بن أبي معيط .
وقال الإمام أحمد : حدثنا هاشم ، حدثنا ليث ، عن إبراهيم بن نشيط الخولاني ، عن كعب بن علقمة ، عن أبي الهيثم ، عن دخين كاتب عقبة قال : قلت لعقبة : إن لنا جيرانا يشربون الخمر ، وأنا داع لهم الشرط فيأخذونهم . قال : لا تفعل ، ولكن عظهم وتهددهم . قال : ففعل فلم ينتهوا . قال : فجاءه دخين فقال : إني قد نهيتهم فلم ينتهوا ، وإني داع لهم الشرط فيأخذونهم . قال : لا تفعل ، ولكن عظهم وتهددهم . قال : ففعل فلم ينتهوا . قال : فجاءه دخين فقال : إني قد نهيتهم فلم ينتهوا ، وإني داع لهم الشرط فتأخذهم . فقال له عقبة : ويحك لا تفعل ، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : "
من ستر عورة مؤمن فكأنما استحيا موءودة من قبرها " .ورواه أبو داود والنسائي من حديث الليث بن سعد ، به نحوه .
وقال سفيان الثوري ، عن ثور ، عن راشد بن سعد ، عن معاوية قال : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : "
إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم " أو : " كدت أن تفسدهم " . فقال أبو الدرداء : كلمة سمعها معاوية من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نفعه الله بها . رواه أبو داود منفردا به من حديث الثوري ، به .وقال أبو داود أيضا : حدثنا سعيد بن عمرو الحضرمي ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، حدثنا ضمضم بن زرعة ، عن شريح بن عبيد ، عن جبير بن نفير ، وكثير بن مرة ، وعمرو بن الأسود ، والمقدام بن معدي كرب ، وأبي أمامة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "
إن الأمير إذا ابتغى الريبة في الناس ، أفسدهم " .[ وقوله ] : ( ولا تجسسوا ) أي : على بعضكم بعضا . والتجسس غالبا يطلق في الشر ، ومنه الجاسوس . وأما التحسس فيكون غالبا في الخير ، كما قال تعالى إخبارا عن يعقوب [ عليه السلام ] أنه قال : ( يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله ) [ يوسف : 87 ] ، وقد يستعمل كل منهما في الشر ، كما ثبت في الصحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "
لا تجسسوا ، ولا تحسسوا ، ولا تباغضوا ، ولا تدابروا ، وكونوا عباد الله إخوانا " .وقال الأوزاعي : التجسس : البحث عن الشيء . والتحسس : الاستماع إلى حديث القوم وهم له كارهون ، أو يتسمع على أبوابهم . والتدابر : الصرم . رواه ابن أبي حاتم .
وقوله : ( ولا يغتب بعضكم بعضا ) فيه نهي عن الغيبة ، وقد فسرها الشارع كما جاء في الحديث الذي رواه أبو داود : حدثنا القعنبي ، حدثنا عبد العزيز بن محمد ، عن العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قيل : يا رسول الله ، ما الغيبة ؟ قال : "
ذكرك أخاك بما يكره " . قيل : أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال : " إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته ، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته " .ورواه الترمذي عن قتيبة ، عن الدراوردي ، به . وقال : حسن صحيح . ورواه ابن جرير عن بندار ، عن غندر ، عن شعبة ، عن العلاء . وهكذا قال ابن عمر ، ومسروق ، وقتادة ، وأبو إسحاق ، ومعاوية بن قرة .
وقال أبو داود : حدثنا مسدد ، حدثنا يحيى ، عن سفيان ، حدثني علي بن الأقمر ، عن أبي حذيفة ، عن عائشة قالت : قلت للنبي - صلى الله عليه وسلم - : حسبك من صفية كذا وكذا ! - قال غير مسدد : تعني قصيرة - فقال : "
لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته " . قالت : وحكيت له إنسانا ، فقال - صلى الله عليه وسلم - : " ما أحب أني حكيت إنسانا ، وإن لي كذا وكذا " .ورواه الترمذي من حديث يحيى القطان ، وعبد الرحمن بن مهدي ، ووكيع ، ثلاثتهم عن سفيان الثوري ، عن علي بن الأقمر ، عن أبي حذيفة سلمة بن صهيبة الأرحبي ، عن عائشة ، به . وقال : حسن صحيح .
وقال ابن جرير : حدثني ابن أبي الشوارب : حدثنا عبد الواحد بن زياد ، حدثنا سليمان الشيباني ، حدثنا حسان بن المخارق ; أن امرأة دخلت على عائشة ، فلما قامت لتخرج أشارت عائشة بيدها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أي : إنها قصيرة - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "
اغتبتيها " .والغيبة محرمة بالإجماع ، ولا يستثنى من ذلك إلا ما رجحت مصلحته ، كما في الجرح والتعديل والنصيحة ، كقوله - صلى الله عليه وسلم - لما استأذن عليه ذلك الرجل الفاجر : "
ائذنوا له ، بئس أخو العشيرة " ، وكقوله لفاطمة بنت قيس - وقد خطبها معاوية وأبو الجهم - : " أما معاوية فصعلوك ، وأما أبو الجهم فلا يضع عصاه عن عاتقه " . وكذا ما جرى مجرى ذلك . ثم بقيتها على التحريم الشديد ، وقد ورد فيها الزجر الأكيد ; ولهذا شبهها تعالى بأكل اللحم من الإنسان الميت ، كما قال تعالى : ( أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه ) ؟ أي : كما تكرهون هذا طبعا ، فاكرهوا ذاك شرعا ; فإن عقوبته أشد من هذا وهذا من التنفير عنها والتحذير منها ، كما قال عليه السلام ، في العائد في هبته : " كالكلب يقيء ثم يرجع في قيئه " ، وقد قال : " ليس لنا مثل السوء " . وثبت في الصحاح والحسان والمسانيد من غير وجه أنه عليه السلام ، قال في خطبة [ حجة ] الوداع : " إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذا " .وقال أبو داود : حدثنا واصل بن عبد الأعلى ، حدثنا أسباط بن محمد ، عن هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
كل المسلم على المسلم حرام : ماله وعرضه ودمه ، حسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم " .ورواه الترمذي عن عبيد بن أسباط بن محمد ، عن أبيه ، به . وقال : حسن غريب .
وحدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا الأسود بن عامر ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن الأعمش ، عن سعيد بن عبد الله بن جريج ، عن أبي برزة الأسلمي قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه ، لا تغتابوا المسلمين ، ولا تتبعوا عوراتهم ، فإنه من يتبع عوراتهم يتبع الله عورته ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته " .تفرد به أبو داود . وقد روي من حديث البراء بن عازب ، فقال الحافظ أبو يعلى في مسنده : حدثنا إبراهيم بن دينار ، حدثنا مصعب بن سلام ، عن حمزة بن حبيب الزيات ، عن أبي إسحاق السبيعي ، عن البراء بن عازب قال : خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أسمع العواتق في بيوتها - أو قال : في خدورها - فقال : "
يا معشر من آمن بلسانه ، لا تغتابوا المسلمين ، ولا تتبعوا عوراتهم ، فإنه من يتبع عورة أخيه يتبع الله عورته ، ومن يتبع الله عورته يفضحه في جوف بيته " .طريق أخرى عن ابن عمر : قال أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي : أخبرنا عبد الله بن ناجية ، حدثنا يحيى بن أكثم ، حدثنا الفضل بن موسى الشيباني ، عن الحسين بن واقد ، عن أوفى بن دلهم ، عن نافع ، عن ابن عمر ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "
يا معشر من آمن بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه ، لا تغتابوا المسلمين ، ولا تتبعوا عوراتهم ; فإنه من يتبع عورات المسلمين يتبع الله عورته ، ومن يتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله " . قال : ونظر ابن عمر يوما إلى الكعبة فقال : ما أعظمك وأعظم حرمتك ، وللمؤمن أعظم حرمة عند الله منك .قال أبو داود : وحدثنا حيوة بن شريح ، حدثنا بقية ، عن ابن ثوبان ، عن أبيه ، عن مكحول ، عن وقاص بن ربيعة ، عن المستورد أنه حدثه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "
من أكل برجل مسلم أكلة فإن الله يطعمه مثلها في جهنم ، ومن كسي ثوبا برجل مسلم فإن الله يكسوه مثله في جهنم . ومن قام برجل مقام سمعة ورياء فإن الله يقوم به مقام سمعة ورياء يوم القيامة " . تفرد به أبو داود .وحدثنا ابن مصفى ، حدثنا بقية وأبو المغيرة قالا حدثنا صفوان ، حدثني راشد بن سعد وعبد الرحمن بن جبير ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس ، يخمشون وجوههم وصدورهم ، قلت : من هؤلاء يا جبرائيل ؟ قال : هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ، ويقعون في أعراضهم " .تفرد به أبو داود ، وهكذا رواه الإمام أحمد ، عن أبي المغيرة عبد القدوس بن الحجاج الشامي ، به .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أحمد بن عبدة ، حدثنا أبو عبد الصمد عبد العزيز بن عبد الصمد العمي ، حدثنا أبو هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري [ رضي الله عنه ] قال : قلنا : يا رسول الله ، حدثنا ما رأيت ليلة أسري بك ؟ . . . قال : "
ثم انطلق بي إلى خلق من خلق الله كثير ، رجال ونساء موكل بهم رجال يعمدون إلى عرض جنب أحدهم فيحذون منه الحذوة من مثل النعل ثم يضعونه في في أحدهم ، فيقال له : " كل كما أكلت " ، وهو يجد من أكله الموت - يا محمد - لو يجد الموت وهو يكره عليه فقلت : يا جبرائيل ، من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء الهمازون اللمازون أصحاب النميمة . فيقال : ( أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه ) وهو يكره على أكل لحمه .هكذا أورد هذا الحديث ، وقد سقناه بطوله في أول تفسير " سورة سبحان " ولله الحمد .
وقال أبو داود الطيالسي في مسنده : حدثنا الربيع ، عن يزيد ، عن أنس ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر الناس أن يصوموا يوما ولا يفطرن أحد حتى آذن له . فصام الناس ، فلما أمسوا جعل الرجل يجيء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيقول : ظللت منذ اليوم صائما ، فائذن لي فأفطر فيأذن له ، ويجيء الرجل فيقول ذلك ، فيأذن له حتى جاء رجل فقال : يا رسول الله ، إن فتاتين من أهلك ظلتا منذ اليوم صائمتين ، فائذن لهما فليفطرا فأعرض عنه ، ثم أعاد ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما صامتا ، وكيف صام من ظل يأكل لحوم الناس ؟ اذهب ، فمرهما إن كانتا صائمتين أن يستقيئا " . ففعلتا ، فقاءت كل واحدة منهما علقة علقة فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لو ماتتا وهما فيهما لأكلتهما النار " .
إسناد ضعيف ، ومتن غريب . وقد رواه الحافظ البيهقي من حديث يزيد بن هارون : حدثنا سليمان التيمي قال : سمعت رجلا يحدث في مجلس أبي عثمان النهدي عن عبيد - مولى رسول الله - أن امرأتين صامتا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأن رجلا أتى رسول الله فقال : يا رسول الله ، إن هاهنا امرأتين صامتا ، وإنهما كادتا تموتان من العطش - أراه قال : بالهاجرة - فأعرض عنه - أو : سكت عنه - فقال : يا نبي الله ، إنهما - والله قد ماتتا أو كادتا تموتان . فقال : ادعهما . فجاءتا ، قال : فجئ بقدح - أو عس - فقال لإحداهما : " قيئي " فقاءت من قيح ودم وصديد حتى قاءت نصف القدح . ثم قال للأخرى : قيئي فقاءت قيحا ودما وصديدا ولحما ودما عبيطا وغيره حتى ملأت القدح . فقال : إن هاتين صامتا عما أحل الله لهما ، وأفطرتا على ما حرم الله عليهما ، جلست إحداهما إلى الأخرى فجعلتا تأكلان لحوم الناس .
وهكذا قد رواه الإمام أحمد عن يزيد بن هارون وابن أبي عدي ، كلاهما عن سليمان بن طرخان التيمي ، به مثله أو نحوه . ثم رواه أيضا من حديث مسدد ، عن يحيى القطان ، عن عثمان بن غياث ، حدثني رجل أظنه في حلقة أبي عثمان ، عن سعد - مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنهم أمروا بصيام ، فجاء رجل في نصف النهار فقال : يا رسول الله ، فلانة وفلانة قد بلغتا الجهد . فأعرض عنه مرتين أو ثلاثا ، ثم قال : " ادعهما " . فجاء بعس - أو : قدح - فقال لإحداهما : " قيئي " ، فقاءت لحما ودما عبيطا وقيحا ، وقال للأخرى مثل ذلك ، فقال : " إن هاتين صامتا عما أحل الله لهما ، وأفطرتا على ما حرم الله عليهما ، أتت إحداهما للأخرى فلم تزالا تأكلان لحوم الناس حتى امتلأت أجوافهما قيحا " .
وقال البيهقي : كذا قال " عن سعد " ، والأول - وهو عبيد - أصح .
وقال الحافظ أبو يعلى : حدثنا عمرو بن الضحاك بن مخلد ، حدثنا أبي أبو عاصم ، حدثنا ابن جريج ، أخبرني أبو الزبير عن ابن عم لأبي هريرة أن ماعزا جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، إني قد زنيت فأعرض عنه - قالها أربعا - فلما كان في الخامسة قال : " زنيت " ؟ قال : نعم . قال : " وتدري ما الزنا ؟ " قال : نعم ، أتيت منها حراما ما يأتي الرجل من امرأته حلالا . قال : " ما تريد إلى هذا القول ؟ " قال : أريد أن تطهرني . قال : فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أدخلت ذلك منك في ذلك منها كما يغيب الميل في المكحلة والرشاء في البئر ؟ " . قال : نعم ، يا رسول الله . قال : فأمر برجمه فرجم ، فسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلين يقول أحدهما لصاحبه : ألم تر إلى هذا الذي ستر الله عليه فلم تدعه نفسه حتى رجم رجم الكلب . ثم سار النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى مر بجيفة حمار فقال : أين فلان وفلان ؟ انزلا فكلا من جيفة هذا الحمار " قالا : غفر الله لك يا رسول الله وهل يؤكل هذا ؟ قال : " فما نلتما من أخيكما آنفا أشد أكلا منه ، والذي نفسي بيده ، إنه الآن لفي أنهار الجنة ينغمس فيها " ] إسناده صحيح ] .
وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الصمد ، حدثني أبي ، حدثنا واصل - مولى ابن عيينة - حدثني خالد بن عرفطة ، عن طلحة بن نافع ، عن جابر بن عبد الله قال : كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فارتفعت ريح جيفة منتنة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أتدرون ما هذه الريح ؟ هذه ريح الذين يغتابون المؤمنين " .
طريق أخرى : قال عبد بن حميد في مسنده : حدثنا إبراهيم بن الأشعث ، حدثنا الفضيل بن عياض ، عن سليمان ، عن أبي سفيان - وهو طلحة بن نافع - عن جابر قال : كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر فهاجت ريح منتنة ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إن نفرا من المنافقين اغتابوا ناسا من المسلمين ، فلذلك بعثت هذه الريح " وربما قال : " فلذلك هاجت هذه الريح " .
وقال السدي في قوله : ( أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا ) : زعم أن سلمان الفارسي كان مع رجلين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر يخدمهما ويخف لهما ، وينال من طعامهما ، وأن سلمان لما سار الناس ذات يوم وبقي سلمان نائما ، لم يسر معهم ، فجعل صاحباه يكلمانه فلم يجداه ، فضربا الخباء فقالا : ما يريد سلمان - أو : هذا العبد - شيئا غير هذا : أن يجيء إلى طعام مقدور ، وخباء مضروب ! فلما جاء سلمان أرسلاه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطلب لهما إداما ، فانطلق فأتى رسول الله [ - صلى الله عليه وسلم - ] ومعه قدح له ، فقال : يا رسول الله ، بعثني أصحابي لتؤدمهم إن كان عندك ؟ قال : " ما يصنع أصحابك بالأدم ؟ قد ائتدموا " . فرجع سلمان يخبرهما بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فانطلقا حتى أتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالا : لا والذي بعثك بالحق ، ما أصبنا طعاما منذ نزلنا . قال : " إنكما قد ائتدمتما بسلمان بقولكما " .
قال : ونزلت : ( أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا ) ، إنه كان نائما .
وروى الحافظ الضياء المقدسي في كتابه " المختارة " من طريق حبان بن هلال ، عن حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس بن مالك قال : كانت العرب تخدم بعضها بعضا في الأسفار ، وكان مع أبي بكر وعمر رجل يخدمهما ، فناما فاستيقظا ولم يهيئ لهما طعاما ، فقالا : إن هذا لنئوم ، فأيقظاه ، فقالا له : ائت رسول الله فقل له : إن أبا بكر وعمر يقرئانك السلام ، ويستأدمانك .
فقال : " إنهما قد ائتدما " فجاءا فقالا : يا رسول الله ، بأي شيء ائتدمنا ؟ فقال : " بلحم أخيكما ، والذي نفسي بيده ، إني لأرى لحمه بين ثناياكما " . فقالا : استغفر لنا يا رسول الله فقال : " مراه فليستغفر لكما " .
وقال الحافظ أبو يعلى : حدثنا الحكم بن موسى ، حدثنا محمد بن مسلم ، عن محمد بن إسحاق ، عن عمه موسى بن يسار ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من أكل من لحم أخيه في الدنيا ، قرب له لحمه في الآخرة ، فيقال له : كله ميتا كما أكلته حيا . قال : فيأكله ويكلح ويصيح " . غريب جدا .
وقوله : ( واتقوا الله ) أي : فيما أمركم به ونهاكم عنه ، فراقبوه في ذلك واخشوا منه ، ( إن الله تواب رحيم ) أي : تواب على من تاب إليه ، رحيم بمن رجع إليه ، واعتمد عليه .
قال الجمهور من العلماء : طريق المغتاب للناس في توبته أن يقلع عن ذلك ، ويعزم على ألا يعود . وهل يشترط الندم على ما فات ؟ فيه نزاع ، وأن يتحلل من الذي اغتابه . وقال آخرون : لا يشترط أن يتحلله فإنه إذا أعلمه بذلك ربما تأذى أشد مما إذا لم يعلم بما كان منه ، فطريقه إذا أن يثني عليه بما فيه في المجالس التي كان يذمه فيها ، وأن يرد عنه الغيبة بحسبه وطاقته ، فتكون تلك بتلك ، كما قال الإمام أحمد :
حدثنا أحمد بن الحجاج ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا يحيى بن أيوب ، عن عبد الله بن سليمان ; أن إسماعيل بن يحيى المعافري أخبره أن سهل بن معاذ بن أنس الجهني أخبره ، عن أبيه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من حمى مؤمنا من منافق يعيبه ، بعث الله إليه ملكا يحمي لحمه يوم القيامة من نار جهنم . ومن رمى مؤمنا بشيء يريد شينه ، حبسه الله على جسر جهنم حتى يخرج مما قال " . وكذا رواه أبو داود من حديث عبد الله - وهو ابن المبارك - به بنحوه .
وقال أبو داود أيضا : حدثنا إسحاق بن الصباح ، حدثنا ابن أبي مريم ، أخبرنا الليث : حدثني يحيى بن سليم ; أنه سمع إسماعيل بن بشير يقول : سمعت جابر بن عبد الله ، وأبا طلحة بن سهل الأنصاري يقولان : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما من امرئ يخذل امرأ مسلما في موضع تنتهك فيه حرمته وينتقص فيه من عرضه ، إلا خذله الله في مواطن يحب فيها نصرته . وما من امرئ ينصر امرأ مسلما في موضع ينتقص فيه من عرضه ، وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في مواطن يحب فيها نصرته " . تفرد به أبو داود .
- القرطبى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ
قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم .
فيه عشر مسائل :
الأولى : قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن قيل : إنها نزلت في رجلين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - اغتابا رفيقهما . وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سافر ضم الرجل المحتاج إلى الرجلين الموسرين فيخدمهما . فضم سلمان إلى رجلين ، فتقدم سلمان إلى المنزل فغلبته عيناه فنام ولم يهيئ لهما شيئا ، فجاءا فلم يجدا طعاما وإداما ، فقالا له : انطلق فاطلب لنا من النبي - صلى الله عليه وسلم - طعاما وإداما ، فذهب فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : اذهب إلى أسامة بن زيد فقل له إن كان عندك فضل من طعام فليعطك وكان أسامة خازن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فذهب إليه ، فقال أسامة : ما عندي شيء ، فرجع إليهما فأخبرهما ، فقالا : قد كان عنده ولكنه بخل . ثم بعثا سلمان إلى طائفة من الصحابة فلم يجد عندهم شيئا ، فقالا : لو بعثنا سلمان إلى بئر سميحة لغار ماؤها . ثم انطلقا يتجسسان هل عند أسامة شيء ، فرآهما النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : ( ما لي أرى خضرة اللحم في أفواهكما ) فقالا : يا نبي الله ، والله ما أكلنا في يومنا هذا لحما ولا غيره . فقال : ( ولكنكما ظلتما تأكلان لحم سلمان وأسامة ) فنزلت : يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ذكره الثعلبي . أي : لا تظنوا بأهل الخير سوءا إن كنتم تعلمون من ظاهر أمرهم الخير .
الثانية : ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تناجشوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا لفظ البخاري . قال علماؤنا : فالظن هنا وفي الآية هو التهمة . ومحل التحذير والنهي إنما هو تهمة لا سبب لها يوجبها ، كمن يتهم بالفاحشة أو بشرب الخمر مثلا ولم يظهر عليه ما يقتضي ذلك . ودليل كون الظن هنا بمعنى التهمة قوله تعالى : ولا تجسسوا وذلك أنه قد يقع له خاطر التهمة ابتداء ويريد أن يتجسس خبر ذلك ويبحث عنه ، ويتبصر ويستمع لتحقيق ما وقع له من تلك التهمة . فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك . وإن شئت قلت : والذي يميز الظنون التي يجب اجتنابها عما سواها ، أن كل ما لم تعرف له أمارة صحيحة وسبب ظاهر كان حراما واجب الاجتناب . وذلك إذا كان المظنون به ممن شوهد منه الستر والصلاح ، وأونست منه الأمانة في الظاهر ، فظن الفساد به والخيانة محرم ، بخلاف من اشتهره الناس بتعاطي الريب والمجاهرة بالخبائث .
وعن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الله حرم من المسلم دمه وعرضه وأن يظن به ظن السوء . وعن الحسن : كنا في زمن الظن بالناس فيه حرام ، وأنت اليوم في زمن اعمل واسكت وظن في الناس ما شئت .
الثالثة : للظن حالتان : حالة تعرف وتقوى بوجه من وجوه الأدلة فيجوز الحكم بها ، وأكثر أحكام الشريعة مبنية على غلبة الظن ، كالقياس وخبر الواحد وغير ذلك من قيم المتلفات وأروش الجنايات . والحالة الثانية : أن يقع في النفس شيء من غير دلالة فلا يكون ذلك أولى من ضده ، فهذا هو الشك ، فلا يجوز الحكم به ، وهو المنهي عنه على ما قررناه آنفا . وقد أنكرت جماعة من المبتدعة تعبد الله بالظن وجواز العمل به ، تحكما في الدين ودعوى في المعقول . وليس في ذلك أصل يعول عليه ، فإن البارئ تعالى لم يذم جميعه ، وإنما أورد الذم في بعضه . وربما تعلقوا بحديث أبي هريرة إياكم والظن فإن هذا لا حجة فيه ; لأن الظن في الشريعة قسمان : محمود ومذموم ، فالمحمود منه ما سلم معه دين الظان والمظنون به عند بلوغه . والمذموم ضده ، بدلالة قوله تعالى : إن بعض الظن إثم ، وقوله : لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا ، وقوله : وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : إذا كان أحدكم مادحا أخاه فليقل أحسب كذا ولا أزكي على الله أحدا . وقال : إذا ظننت فلا تحقق وإذا حسدت فلا تبغ وإذا تطيرت فامض خرجه أبو داود . وأكثر العلماء على أن الظن القبيح بمن ظاهره الخير لا يجوز ، وأنه لا حرج في الظن القبيح بمن ظاهره القبيح ، قاله المهدوي .
الرابعة : قوله تعالى : ولا تجسسوا قرأ أبو رجاء والحسن باختلاف وغيرهما ( ولا تحسسوا ) بالحاء . واختلف هل هما بمعنى واحد أو بمعنيين ، فقال الأخفش : ليس تبعد إحداهما من الأخرى ; لأن التجسس البحث عما يكتم عنك . والتحسس ( بالحاء ) طلب الأخبار والبحث عنها . وقيل : إن التجسس ( بالجيم ) هو البحث ، ومنه قيل : رجل جاسوس إذا كان يبحث عن الأمور . وبالحاء : هو ما أدركه الإنسان ببعض حواسه . وقول ثان في الفرق : أنه بالحاء تطلبه لنفسه ، وبالجيم أن يكون رسولا لغيره ، قاله ثعلب . والأول أعرف . جسست الأخبار وتجسستها أي : تفحصت عنها ، ومنه الجاسوس . ومعنى الآية : خذوا ما ظهر ولا تتبعوا عورات المسلمين ، أي : لا يبحث أحدكم عن عيب أخيه حتى يطلع عليه بعد أن ستره الله . وفي كتاب أبي داود عن معاوية قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت تفسدهم فقال أبو الدرداء : كلمة سمعها معاوية من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نفعه الله تعالى بها . وعن المقدام بن معدي كرب عن أبي أمامة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( إن الأمير إذا ابتغى الريبة في الناس أفسدهم ) . وعن زيد بن وهب قال : أتي ابن مسعود فقيل : هذا فلان تقطر لحيته خمرا . فقال عبد الله : إنا قد نهينا عن التجسس ، ولكن إن يظهر لنا شيء نأخذ به . وعن أبي برزة الأسلمي قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم ، فإن من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته . وقال عبد الرحمن بن عوف : حرست ليلة مع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بالمدينة إذ تبين لنا سراج في بيت بابه مجاف على قوم لهم أصوات مرتفعة ولغط ، فقال عمر : هذا بيت ربيعة بن أمية بن خلف ، وهم الآن شرب فما ترى! ؟ قلت : أرى أنا قد أتينا ما نهى الله عنه ، قال الله تعالى : ولا تجسسوا وقد تجسسنا ، فانصرف عمر وتركهم . وقال أبو قلابة : حدث عمر بن الخطاب أن أبا محجن الثقفي يشرب الخمر مع أصحاب له في بيته ، فانطلق عمر حتى دخل عليه ، فإذا ليس عنده إلا رجل ، فقال أبو محجن : إن هذا لا يحل لك! قد نهاك الله عن التجسس ، فخرج عمر وتركه . وقال زيد بن أسلم : خرج عمر وعبد الرحمن يعسان ، إذ تبينت لهما نار فاستأذنا ففتح الباب ، فإذا رجل وامرأة تغني وعلى يد الرجل قدح ، فقال عمر : وأنت بهذا يا فلان ؟ فقال : وأنت بهذا يا أمير المؤمنين! قال عمر : فمن هذه منك ؟ قال امرأتي ، قال فما في هذا القدح ؟ قال ماء زلال ، فقال للمرأة : وما الذي تغنين ؟ فقالت :
تطاول هذا الليل واسود جانبه وأرقني أن لا خليل ألاعبه فوالله لولا الله أني أراقبه
لزعزع من هذا السرير جوانبه ولكن عقلي والحياء يكفني
وأكرم بعلي أن تنال مراكبه
ثم قال الرجل : ما بهذا أمرنا يا أمير المؤمنين! قال الله تعالى : ولا تجسسوا قال صدقت .
قلت : لا يفهم من هذا الخبر أن المرأة كانت غير زوجة الرجل ; لأن عمر لا يقر على الزنى ، وإنما غنت بتلك الأبيات تذكارا لزوجها ، وأنها قالتها في مغيبه عنها . والله أعلم .
وقال عمرو بن دينار : كان رجل من أهل المدينة له أخت فاشتكت ، فكان يعودها فماتت فدفنها . فكان هو الذي نزل في قبرها ، فسقط من كمه كيس فيه دنانير ، فاستعان ببعض أهله فنبشوا قبرها فأخذ الكيس ثم قال : لأكشفن حتى أنظر ما آل حال أختي إليه ، فكشف عنها فإذا القبر مشتعل نارا ، فجاء إلى أمه فقال : أخبريني ما كان عمل أختي ؟ فقالت : قد ماتت أختك فما سؤالك عن عملها! فلم يزل بها حتى قالت له : كان من عملها أنها كانت تؤخر الصلاة عن مواقيتها ، وكانت إذا نام الجيران قامت إلى بيوتهم فألقمت أذنها أبوابهم ، فتجسس عليهم وتخرج أسرارهم ، فقال : بهذا هلكت !
الخامسة : قوله تعالى : ولا يغتب بعضكم بعضا نهى - عز وجل - عن الغيبة ، وهي أن تذكر الرجل بما فيه ، فإن ذكرته بما ليس فيه فهو البهتان . ثبت معناه في صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : أتدرون ما الغيبة ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : ذكرك أخاك بما يكره قيل : أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال : إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته . يقال : اغتابه اغتيابا إذا وقع فيه ، والاسم الغيبة ، وهي ذكر العيب بظهر الغيب .
قال الحسن : الغيبة ثلاثة أوجه كلها في كتاب الله تعالى : الغيبة والإفك والبهتان . فأما الغيبة فهو أن تقول في أخيك ما هو فيه . وأما الإفك فأن تقول فيه ما بلغك عنه . وأما البهتان فأن تقول فيه ما ليس فيه .
وعن شعبة قال : قال لي معاوية - يعني ابن قرة - : لو مر بك رجل أقطع ، فقلت هذا أقطع كان غيبة . قال شعبة : فذكرته لأبي إسحاق فقال صدق . وروى أبو هريرة أن الأسلمي ماعزا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فشهد على نفسه بالزنى فرجمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فسمع نبي الله - صلى الله عليه وسلم - رجلين من أصحابه يقول أحدهما للآخر : انظر إلى هذا الذي ستر الله عليه فلم تدعه نفسه حتى رجم رجم الكلب ، فسكت عنهما . ثم سار ساعة حتى مر بجيفة حمار شائل برجله فقال : أين فلان وفلان ؟ فقالا : نحن ذا يا رسول الله ، قال : انزلا فكلا من جيفة هذا الحمار فقالا : يا نبي الله ومن يأكل من هذا! قال : فما نلتما من عرض أخيكما أشد من الأكل منه والذي نفسي بيده إنه الآن لفي أنهار الجنة ينغمس فيها .
السادسة : قوله تعالى : أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا مثل الله الغيبة بأكل الميتة ; لأن الميت لا يعلم بأكل لحمه كما أن الحي لا يعلم بغيبة من اغتابه .وقال ابن عباس : إنما ضرب الله هذا المثل للغيبة لأن أكل لحم الميت حرام مستقذر ، وكذا الغيبة حرام في الدين وقبيح في النفوس . وقال قتادة : كما يمتنع أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا كذلك يجب أن يمتنع من غيبته حيا . واستعمل أكل اللحم مكان الغيبة لأن عادة العرب بذلك جارية . قال الشاعر [ المقنع الكندي ] :
فإن أكلوا لحمي وفرت لحومهم وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا
وقال - صلى الله عليه وسلم - : ما صام من ظل يأكل لحوم الناس . فشبه الوقيعة في الناس بأكل لحومهم . فمن تنقص مسلما أو ثلم عرضه فهو كالآكل لحمه حيا ، ومن اغتابه فهو كالآكل لحمه ميتا . وفي كتاب أبي داود عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم فقلت من هؤلاء يا جبريل ؟ قال هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم . وعن المستورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : من أكل برجل مسلم أكلة فإن الله يطعمه مثلها من جهنم ومن كسي ثوبا برجل مسلم فإن الله يكسوه مثله من جهنم ومن أقام برجل مقام سمعة ورياء فإن الله يقوم به مقام سمعة ورياء يوم القيامة . وقد تقدم قوله - صلى الله عليه وسلم - : يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لا تغتابوا المسلمين . وقوله للرجلين : ما لي أرى خضرة اللحم في أفواهكما . وقال أبو قلابة الرقاشي : سمعت أبا عاصم يقول : ما اغتبت أحدا مذ عرفت ما في الغيبة . وكان ميمون بن سياه لا يغتاب أحدا ، ولا يدع أحدا يغتاب أحدا عنده ، ينهاه فإن انتهى وإلا قام . وذكر الثعلبي من حديث أبي هريرة قال : قام رجل من عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فرأوا في قيامه عجزا فقالوا : يا رسول الله ما أعجز فلانا! فقال : أكلتم لحم أخيكم واغتبتموه . وعن سفيان الثوري قال : أدنى الغيبة أن تقول إن فلانا جعد قطط ، إلا أنه يكره ذلك . وقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - : إياكم وذكر الناس فإنه داء ، وعليكم بذكر الله فإنه شفاء . وسمع علي بن الحسين - رضي الله عنهما رجلا يغتاب آخر ، فقال : إياك والغيبة فإنها إدام كلاب الناس . وقيل : لعمرو بن عبيد : لقد وقع فيك فلان حتى رحمناك ، قال : إياه فارحموا . وقال رجل للحسن : بلغني أنك تغتابني! فقال : لم يبلغ قدرك عندي أن أحكمك في حسناتي .
السابعة : ذهب قوم إلى أن الغيبة لا تكون إلا في الدين ولا تكون في الخلقة والحسب . وقالوا : ذلك فعل الله به . وذهب آخرون إلى عكس هذا فقالوا : لا تكون الغيبة إلا في الخلق والخلق والحسب . والغيبة في الخلق أشد ; لأن من عيب صنعة فإنما عيب صانعها . وهذا كله مردود . أما الأول فيرده حديث عائشة حين قالت في صفية : إنها امرأة قصيرة ، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم - : لقد قلت كلمة لو مزج بها البحر لمزجته . خرجه أبو داود . وقال فيه الترمذي : حديث حسن صحيح ، وما كان في معناه حسب ما تقدم . وإجماع العلماء قديما على أن ذلك غيبة إذا أريد به العيب . وأما الثاني فمردود أيضا عند جميع العلماء ; لأن العلماء من أول الدهر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتابعين بعدهم لم تكن الغيبة عندهم في شيء أعظم من الغيبة في الدين ; لأن عيب الدين أعظم العيب ، فكل مؤمن يكره أن يذكر في دينه أشد مما يكره في بدنه . وكفى ردا لمن قال هذا القول قوله - عليه السلام - : إذا قلت في أخيك ما يكره فقد اغتبته . . . الحديث . فمن زعم أن ذلك ليس بغيبة فقد رد ما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - نصا . وكفى بعموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : دماؤكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام وذلك عام للدين والدنيا . وقول النبي : من كانت عنده لأخيه مظلمة في عرضه أو ماله فليتحلله منه . فعم كل عرض ، فمن خص من ذلك شيئا دون شيء فقد عارض ما قال النبي صلى الله عليه وسلم .
الثامنة : لا خلاف أن الغيبة من الكبائر ، وأن من اغتاب أحدا عليه أن يتوب إلى الله عز وجل . وهل يستحل المغتاب ؟ اختلف فيه ، فقالت فرقة : ليس عليه استحلاله ، وإنما هي خطيئة بينه وبين ربه . واحتجت بأنه لم يأخذ من ماله ولا أصاب من بدنه ما ينقصه ، فليس ذلك بمظلمة يستحلها منه ، وإنما المظلمة ما يكون منه البدل والعوض في المال والبدن . وقالت فرقة : هي مظلمة ، وكفارتها الاستغفار لصاحبها الذي اغتابه . واحتجت بحديث يروى عن الحسن قال : كفارة الغيبة أن تستغفر لمن اغتبته . وقالت فرقة : هي مظلمة وعليه الاستحلال منها . واحتجت بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : من كانت لأخيه عنده مظلمة في عرض أو مال فليتحلله منه من قبل أن يأتي يوم ليس هناك دينار ولا درهم يؤخذ من حسناته فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فزيد على سيئاته . خرجه البخاري من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل ألا يكون له دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه . وقد تقدم هذا المعنى في سورة ( آل عمران ) عند قوله تعالى : ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء . وقد روي من حديث عائشة أن امرأة دخلت عليها فلما قامت قالت امرأة : ما أطول ذيلها! فقالت لها عائشة : لقد اغتبتيها فاستحليها . فدلت الآثار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها مظلمة يجب على المغتاب استحلالها . وأما قول من قال : إنما الغيبة في المال والبدن ، فقد أجمعت العلماء على أن على القاذف للمقذوف مظلمة يأخذه بالحد حتى يقيمه عليه ، وذلك ليس في البدن ولا في المال ، ففي ذلك دليل على أن الظلم في العرض والبدن والمال ، وقد قال الله تعالى في القاذف : فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون . وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من بهت مؤمنا بما ليس فيه حبسه الله في طينة الخبال . وذلك كله في غير المال والبدن . وأما من قال : إنها مظلمة ، وكفارة المظلمة أن يستغفر لصاحبها ، فقد ناقض إذ سماها مظلمة ثم قال : كفارتها أن يستغفر لصاحبها ; لأن قوله مظلمة تثبت ظلامة المظلوم ، فإذا ثبتت الظلامة لم يزلها عن الظالم إلا إحلال المظلوم له . وأما قول الحسن فليس بحجة ، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : من كانت له عند أخيه مظلمة في عرض أو مال فليتحللها منه .
وقد ذهب بعضهم إلى ترك التحليل لمن سأله ، ورأى أنه لا يحل ما حرم الله عليه ، منهم سعيد بن المسيب قال : لا أحلل من ظلمني . وقيل : لابن سيرين : يا أبا بكر ، هذا رجل سألك أن تحلله من مظلمة هي لك عنده ، فقال : إني لم أحرمها عليه فأحلها ، إن الله حرم الغيبة عليه ، وما كنت لأحل ما حرم الله عليه أبدا . وخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - يدل على التحليل ، وهو الحجة والمبين . والتحليل يدل على الرحمة وهو من وجه العفو ، وقد قال تعالى : فمن عفا وأصلح فأجره على الله .
التاسعة : ليس من هذا الباب غيبة الفاسق المعلن به المجاهر ، فإن في الخبر من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له . وقال - صلى الله عليه وسلم - : اذكروا الفاجر بما فيه كي يحذره الناس . فالغيبة إذا في المرء الذي يستر نفسه . وروي عن الحسن أنه قال : ثلاثة ليس لهم حرمة : صاحب الهوى ، والفاسق المعلن ، والإمام الجائر . وقال الحسن لما مات الحجاج : اللهم أنت أمته فاقطع عنا سنته - وفي رواية شينه - فإنه أتانا أخيفش أعيمش ، يمد بيد قصيرة البنان ، والله ما عرق فيها غبار في سبيل الله ، يرجل جمته ويخطر في مشيته ، ويصعد المنبر فيهدر حتى تفوته الصلاة . لا من الله يتقي ، ولا من الناس يستحي ، فوقه الله وتحته مائة ألف أو يزيدون ، لا يقول له قائل : الصلاة أيها الرجل . ثم يقول الحسن : هيهات! حال دون ذلك السيف والسوط . وروى الربيع بن صبيح عن الحسن قال : ليس لأهل البدع غيبة . وكذلك قولك للقاضي تستعين به على أخذ حقك ممن ظلمك فتقول فلان ظلمني أو غضبني أو خانني أو ضربني أو قذفني أو أساء إلي ، ليس بغيبة . وعلماء الأمة على ذلك مجمعة . وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك : لصاحب الحق مقال . وقال : مطل الغني ظلم وقال لي الواجد يحل عرضه وعقوبته . ومن ذلك الاستفتاء ، كقول هند للنبي - صلى الله عليه وسلم - : إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني ما يكفيني أنا وولدي ، فآخذ من غير علمه ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : نعم فخذي . فذكرته بالشح والظلم لها ولولدها ، ولم يرها مغتابة ; لأنه لم يغير عليها ، بل أجابها عليه الصلاة والسلام بالفتيا لها . وكذلك إذا كان في ذكره بالسوء فائدة ، كقوله - صلى الله عليه وسلم - : أما معاوية فصعلوك لا مال له وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه . فهذا جائز ، وكان مقصوده ألا تغتر فاطمة بنت قيس بهما . قال جميعه المحاسبي رحمه الله .
العاشرة : قوله تعالى : ميتا وقرئ ( ميتا ) وهو نصب على الحال من اللحم . ويجوز أن ينصب على الأخ ، ولما قررهم - عز وجل - بأن أحدا منهم لا يجب أكل جيفة أخيه عقب ذلك بقوله تعالى : فكرهتموه وفيه وجهان : أحدهما : فكرهتم أكل الميتة فكذلك فاكرهوا الغيبة ، روي معناه عن مجاهد . الثاني : فكرهتم أن يغتابكم الناس فاكرهوا غيبة الناس . وقال الفراء : أي : فقد كرهتموه فلا تفعلوه . وقيل : لفظه خبر ومعناه أمر ، أي : اكرهوه . واتقوا الله عطف عليه . وقيل : عطف على قوله : اجتنبوا . ولا تجسسوا إن الله تواب رحيم
- الطبرى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ
القول في تأويل قوله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12)
يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين صدّقوا الله ورسوله, لا تقربوا كثيرا من الظنّ بالمؤمنين, وذلك أن تظنوا بهم سوءا, فإن الظانّ غير محقّ, وقال جلّ ثناؤه : ( اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ ) ولم يقل: الظنّ كله, إذ كان قد أذن للمؤمنين &; 22-304 &; أن يظن بعضهم ببعض الخير, فقال : لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ فأذن الله جلّ ثناؤه للمؤمنين أن يظنّ بعضهم ببعض الخير وأن يقولوه, وإن لم يكونوا من قيله فيهم على يقين.
وبنحو الذي قلنا في معنى ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ, قال: ثني أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ ) يقول: نهى الله المؤمن أن يظنّ بالمؤمن شرّا.
وقوله ( إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ) يقول: إن ظنّ المؤمن بالمؤمن الشرّ لا الخير إثم, لأن الله قد نهاه عنه, ففعل ما نهى الله عنه إثم.
وقوله ( وَلا تَجَسَّسُوا ) يقول: ولا يتتبع بعضكم عورة بعض, ولا يبحث عن سرائره, يبتغي بذلك الظهور على عيوبه ، ولكن اقنعوا بما ظهر لكم من أمره ، وبه فحمدوا أو ذموا ، لا على ما لا تعلمونه من سرائره.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله ( وَلا تَجَسَّسُوا ) يقول: نهى الله المؤمن أن يتتبع عورات المؤمن.
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( وَلا تَجَسَّسُوا ) قال: خذوا ما ظهر لكم ودعوا ما ستر الله.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا ) هل تدرون ما التجسس أو التجسيس؟ هو أن تتبع, أو تبتغي عيب أخيك لتطلع على سرّه.
حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا مهران, عن سفيان ( وَلا تَجَسَّسُوا ) قال: البحث.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا ) قال: حتى أنظر في ذلك وأسأل عنه, حتى أعرف حقّ هو, أم باطل؟; قال: فسماه الله تجسسا, قال: يتجسس كما يتجسس الكلاب، وقرأ قول الله ( وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ) وقوله ( وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ) يقول: ولا يقل بعضكم في بعض بظهر الغيب ما يكره المقول فيه ذلك أن يقال له في وجهه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك جاء الأثر عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وقال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك, والأثر عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم:
حدثني يزيد بن مخلد الواسطيّ, قال: ثنا خالد بن عبد الله الطحان, عن عبد الرحمن بن إسحاق, عن العلاء بن عبد الرحمن, عن أبيه, عن أبي هريرة, قال: " سُئل رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم عن الغيبة, فقال: هُوَ أنْ تَقُولَ لأخِيكَ ما فِيهِ, فإنْ كُنْتَ صَادِقا فَقَدِ اغْتَبْتَهُ, وَإنْ كُنْتَ كاذِبا فَقَدْ بَهَتَّهُ".
حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيع, قال: ثنا بشر بن المفضل, قال: ثنا عبد الرحمن بن إسحاق, عن العلاء بن عبد الرحمن, عن أبيه, عن أبي هريرة, عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, بنحوه.
حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, قال: سمعت العلاء يحدّث, عن أبيه, عن أبي هريرة, عن النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: " هَلْ تَدْرُونَ ما الغيبة؟ قال: قالوا الله ورسوله أعلم; قال: ذِكْرُكَ أخاكَ بِمَا لَيْسَ فِيه, قال: أرأيت إن كان في أخي ما أقول له; قال: إنْ كان فِيه ما تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ, وَإنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ما تَقُولُ فَقَدْ بَهَتَّهُ ".
حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا سعيد بن الربيع, قال: ثنا شعبة, عن العباس, عن رجل سمع ابن عمر يقول: " إذا ذكرت الرجل بما فيه, فقد اغتبته, وإذا ذكرته بما ليس فيه فقد بَهَتَّهُ". وقال شعبة مرّة أخرى: " وإذا ذكرته بما ليس فيه, فهي فِرْية قال أبو موسى: هو عباس الجَريريّ.
حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا ابن أبي عديّ, عن شعبة, عن سليمان, عن عبد الله بن مرّة, عن مسروق قال: إذا ذكرت الرجل بأسوأِ ما فيه فقد اغتبته, وإذا ذكرته بما ليس فيه فقد بهته.
حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن الأعمش, عن أبي الضحى, عن مسروق, قال: إذا قلت في الرجل ما ليس فيه فقد بَهَته.
حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا عمر بن عبيد, عن الأعمش, عن أبي الضحى, عن مسروق, قال الغيبَة: أن يقول للرجل أسوأ ما يعلم فيه, والبهتان: أن يقول ما ليس فيه.
حدثنا يونس بن عبد الأعلى, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرني معاوية بن صالح, عن كثير بن الحارث, عن القاسم, مولى معاوية, قال: سمعت ابن أمّ عبد يقول: ما التقم أحد لقمة أشرّ من اغتياب المؤمن, إن قال فيه ما يعلم فقد اغتابه, وإن قال فيه ما لا يعلم فقد بَهَتَه.
حدثنا أبو السائب, قال: ثنا أبو معاوية, عن الأعمش, عن مسلم, عن مسروق, قال: إذا ذكرت الرجل بما فيه فقد اغتبته, وإذا ذكرته بما ليس فيه فذلك البهتان.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا المعتمر, قال: سمعت يونس, عن الحسن أنه قال في الغيبة: أن تذكر من أخيك ما تعلم فيه من مساوئ أعماله, فإذا ذكرته بما ليس فيه فذلك البهتان.
حدثنا ابن أبي الشوارب, قال: ثنا عبد الواحد بن زياد, قال: ثنا سليمان الشيبانيّ, قال: ثنا حسان بن المخارق "
أن امرأة دخلت على عائشة; فلما قامت لتخرج أشارت عائشة بيدها إلى النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, أي أنها قصيرة, فقال النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: اغْتَبْتِها ".حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا أبو داود, قال: ثنا شعبة, عن أبي إسحاق, قال: لو مرّ بك أقطع, فقلت: ذاك الأقطع, كانت منك غيبة; قال: وسمعت معاوية بن قرة يقول ذلك.
حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, قال: سمعت معاوية بن قُرة يقول: لو مرّ بك رجل أقطع, فقلت له: إنه أقطع كنت قد اغتبته, قال: فذكرت ذلك لأبي إسحاق الهمداني فقال: صدق.
حدثني جابر بن الكرديّ, قال: ثنا ابن أبي أويس, قال: ثني أخي أبو بكر, عن حماد بن أبي حميد, عن موسى بن وردان, عن أبي هريرة "
أن رجلا قام عند رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, فرأوا في قيامه عجزا, فقالوا: يا رسول الله ما أعجز فلانا, فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: أكَلْتُم أخاكُمْ واغَتَبْتُمُوه ".حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا عثمان بن سعيد, قال: ثنا حبان بن عليّ العنـزيّ عن مثنى بن صباح, عن عمرو بن شعيب, عن معاذ بن جبل, قال: "
كنا مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, فذكر القوم رجلا فقالوا: ما يأكل إلا ما أطعم, وما يرحل إلا ما رحل له, وما أضعفه; فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: اغْتَبْتُمْ أخاكُمْ, فقالوا يا رسول الله وغيبته أن نحدّث بما فيه؟ قال: بحَسْبِكُمْ أنْ تُحَدِّثُوا عن أخِيكُمْ ما فِيه ".حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا خالد بن محمد, عن محمد بن جعفر, عن العلاء, عن أبيه, عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: "
إذَا ذَكَرْتَ أخاكَ بما يَكْرَهُ فإنْ كانَ فِيهِ ما تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ, وَإنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ما تَقُولُ فَقَدْ بَهَتَّهُ".حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قال: "
كنا نحدّث أن الغيبة أن تذكر أخاك بما يشينه, وتعيبه بما فيه, وإن كذبت عليه فذلك البهتان ".وقوله ( أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ) يقول تعالى ذكره للمؤمنين أيحبّ أحدكم أيها القوم أن يأكل لحم أخيه بعد مماته ميتا, فإن لم تحبوا ذلك وكرهتموه, لأن الله حرّم ذلك عليكم, فكذلك لا تحبوا أن تغتابوه في حياته, فاكرهوا غيبته حيا, كما كرهتم لحمه ميتا, فإن الله حرّم غيبته حيا, كما حرم أكل لحمه ميتا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله ( وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا ) قال: حرّم الله على المؤمن أن يغتاب المؤمن بشيء, كما حرّم المَيْتة.
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: ( أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا ) قالوا: نكره ذلك, قال: فكذلك فاتقوا الله.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ) يقول: كما أنت كاره لو وجدت جيفة مدوّدة أن تأكل منها, فكذلك فاكره غيبته وهو حيّ.
وقوله ( وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ) يقول تعالى ذكره: فاتقوا الله أيها الناس, فخافوا عقوبته بانتهائكم عما نهاكم عنه من ظنّ أحدكم بأخيه المؤمن ظنّ السوء, وتتبع عوراته, والتجسس عما ستر عنه من أمره, واغتيابه بما يكرهه, تريدون به شينه وعيبه, وغير ذلك من الأمور التي نهاكم عنها ربكم ( إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ) يقول: إن الله راجع لعبده إلى ما يحبه إذا رجع العبد لربه إلى ما يحبه منه, رحيم به بأن يعاقبه على ذنب أذنبه بعد توبته منه.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله ( لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا ) فقرأته عامة قرّاء المدينة بالتثقيل ( مَيِّتا ), وقرأته عامة قرّاء الكوفة والبصرة ( مَيْتا ) بالتخفيف, وهما قراءتان عندنا معروفتان متقاربتا المعنى, فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
- ابن عاشور : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12(
أعيد النداء خامس مرة لاختلاف الغرض والاهتمام به وذلك أن المنهيات المذكورة بعد هذا النداء من جنس المعاملات السيئة الخفية التي لا يتفطن لها من عومل بها فلا يدفعها فما يزيلها من نفس من عامله بها .
ففي قوله تعالى : { اجتنبوا كثيراً من الظن } تأديب عظيم يبطل ما كان فاشياً في الجاهلية من الظنون السيئة والتهم الباطلة وأن الظنون السيئة تنشأ عنها الغيرة المفرطة والمكائد والاغتيالات ، والطعن في الأنساب ، والمبادأة بالقتال حذراً من اعتداء مظنون ظناً باطلاً ، كما قالوا : خذ اللص قبْلَ أن يَأخُذَك .
وما نجمت العقائد الضالة والمذاهب الباطلة إلا من الظنون الكاذبة قال تعالى : { يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية } [ آل عمران : 154 ] وقال : { وقالوا لو شاء الرحمان ما عبدناهم ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون } [ الزخرف : 20 ] وقال : { سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرَّمنا من شيء } [ الأنعام : 148 ] ثم قال : { قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون } [ الأنعام : 148 ] .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم « إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث » ولما جاء الأمر في هذه الآية باجتناب كثير من الظن علمنا أن الظنون الآثمة غير قليلة ، فوجب التمحيص والفحص لتمييز الظن الباطل من الظن الصادق .
والمراد ب { الظن } هنا : الظن المتعلق بأحوال الناس وحذف المتعلّق لتذهب نفس السامع إلى كل ظن ممكن هو إثم . وجملة { إن بعض الظن إثم } استئناف بياني لأن قوله : { اجتنبوا كثيراً من الظن } يستوقف السامع ليتطلب البيان فأعلموا أن بعض الظن جرم ، وهذا كناية عن وجوب التأمل في آثار الظنون ليعرضوا ما تفضي إليه الظنون على ما يعلمونه من أحكام الشريعة ، أو ليسألوا أهل العلم على أن هذا البيان الاستئنافي يقتصر على التخويف من الوقوع في الإثم . وليس هذا البيان توضيحاً لأنواع الكثير من الظن المأمور باجتنابه ، لأنها أنواع كثيرة فنبه على عاقبتها وتُرك التفصيل لأن في إبهامه بعثاً على مزيد الاحتياط .
ومعنى كونه إثماً أنه : إمّا أن ينشأ على ذلك الظن عمل أو مجرد اعتقاد ، فإن كان قد ينشأ عليه عمل من قول أو فعل كالاغتياب والتجسس وغير ذلك فليقدِّر الظانّ أن ظنه كاذب ثم لينظر بعدُ في عمله الذي بناه عليه فيجده قد عامل به من لا يستحق تلك المعاملة من اتهامه بالباطل فيأثم مما طوى عليه قلبه لأخيه المسلم ، وقد قال العلماء : إن الظن القبيح بمن ظاهره الخير لا يجوز . وإن لم ينشأ عليه إلا مجرد اعتقاد دون عمل فليقدِّر أن ظنه كان مخطئاً يجد نفسه قد اعتقد في أحد ما ليس به ، فإن كان اعتقادا في صفات الله فقد افترى على الله وإن كان اعتقاداً في أحوال الناس فقد خسر الانتفاع بمن ظنه ضاراً ، أو الاهتداء بمن ظنه ضالاً ، أو تحصيل العلم ممن ظنه جاهلاً ونحو ذلك .
ووراء ذلك فالظن الباطل إذا تكررت ملاحظته ومعاودة جولانه في النفس قد يصير علماً راسخاً في النفس فتترتب عليه الآثار بسهولة فتصادف من هو حقيق بضدها كما تقدم في قوله تعالى : { أن تُصِيبُوا قوما بجهالة فتُصبحُوا على ما فعلتم نادمين } [ الحجرات : 6 ] .
والاجتناب : افتعال مِن جنَّبه وأجنبه ، إذا أبعده ، أي جعله جانباً آخر ، وفعله يُعدّى إلى مفعولين ، يقال : جَنبه الشرَّ ، قال تعالى : { واجْنُبْنِي وبَنِيّ أن نعبد الأصنام } [ إبراهيم : 35 ] . ومطاوعه اجتَنب ، أي ابتعد ، ولم يسمع له فعل أمر إلا بصيغة الافتعال .
ومعنى الأمر باجتناب كثير من الظن الأمر بتعاطي وسائل اجتنابه فإن الظن يحصل في خاطر الإنسان اضطراراً عن غير اختيار ، فلا يعقل التكليف باجتنابه وإنما يراد الأمر بالتثبت فيه وتمحيصه والتشكك في صدقه إلى أن يتبين موجبه بدون تردد أو برجحان أو يتبين كذبه فتكذب نفسك فيما حدثتك . وهذا التحذير يراد منه مقاومة الظنون السيئة بما هو معيارها من الأمارات الصحيحة . وفي الحديث « إذا ظننتم فلا تحققوا » على أن الظن الحسن الذي لا مستند له غير محمود لأنه قد يوقع فيما لا يحد ضره من اغترار في محل الحذر ومن اقتداء بمن ليس أهلاً للتأسي . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لأم عطية حين مات في بيتها عثمان بن مظعون وقال : « رحمة الله عليك أبا السايب فشهادتي عليك لقد أكرمك الله وما يدريككِ أن الله أكرمه . فقالت : يا رسول الله ومن يكرمه الله؟ فقال : أمَّا هو فقد جاءه اليقين وإنّي أرجو له الخير وإنّي والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي . فقالت أم عطية : والله لا أزكّي بعده أحداً »
وقد علم من قوله : { كثيراً من الظن } وتبيينِه بأن بعض الظن إثم أن بعضاً من الظن ليس إثماً وأنا لم نؤمر باجتناب الظن الذي ليس بإثم لأن { كثيراً } وصف ، فمفهوم المخالفة منه يدلّ على أن كثيراً من الظنّ لم نؤمر باجتنابه وهو الذي يبينه { إن بعض الظن إثم } أي أن بعض الظن ليس إثماً ، فعلى المُسلم أن يكون معيارُه في تمييز أحد الظنين من الآخر أن يعرضه على ما بينته الشريعة في تضاعيف أحكامها من الكتاب والسنة وما أجمعت عليه علماء الأمة وما أفاده الاجتهاد الصحيح وتتبع مقاصد الشريعة ، فمنه ظن يجب اتباعه كالحَذر من مكائد العدّو في الحرب ، وكالظنّ المستند إلى الدليل الحاصل من دلالة الأدلة الشرعية ، فإن أكثر التفريعات الشرعية حاصلة من الظن المستند إلى الأدلة . وقد فتح مفهوم هذه الآية باب العمل بالظن غير الإثم إلا أنها لا تقوم حجة إلاّ على الذين يَرون العمل بمفهوم المخالفة وهو أرجح الأقوال فإن معظم دلالات اللغة العربية على المفاهيم كما تقرر في أصول الفقه .
وأما الظن الذي هو فهم الإنسان وزكانته فذلك خاطر في نفسه وهو أدْرَى فمعتاده منه من إصابه أو ضدها قال أوس بن حجر :
الألمعيُ الذي يظن بك الظ ... ن كأن قَدْ رأى وقد سمِعا
{ إِثْمٌ وَلاَ } .
التجسس من آثار الظن لأن الظن يبعث عليه حين تدعو الظانَّ نفسُه إلى تحقيق ما ظنه سراً فيسلك طريق التجنيس فحذرهم الله من سلوك هذا الطريق للتحقق ليسلكوا غيره إن كان في تحقيق ما ظن فائدة .
والتجسّس : البحث بوسيلة خفيّة وهو مشتق من الجس ، ومنه سمي الجاسوس .
والتجسّس من المعاملة الخفية عن المتجسس عليه . ووجه النهي عنه أنه ضرب من الكيد والتطلع على العورات . وقد يرى المتجسس من المتجسس عليه ما يسوءه فتنشأ عنه العداوة والحقد . ويدخل صدره الحرج والتخوف بعد أن كانت ضمائره خالصة طيبة وذلك من نكد العيش .
وذلك ثلم للأخوة الإسلامية لأنه يبعث على إظهار التنكر ثم إن اطلع المتجسس عليه على تجسس الآخر ساءه فنشأ في نفسه كره له وانثلمت الأخوة ثلمة أخرى كما وصفنا في حال المتجسِّس ، ثم يبعث ذلك على انتقام كليهما من أخيه .
وإذ قد اعتبر النهي عن التجسس من فروع النهي عن الظن فهو مقيد بالتجسس الذي هو إثم أو يفضي إلى الإثم ، وإذا علم أنه يترتب عليه مفسدة عامة صار التجسس كبيرة . ومنه التجسس على المسلمين لمن يبتغي الضُرّ بهم .
فالمنهي عنه هو التجسس الذي لا ينجرّ منه نفع للمسلمين أو دفع ضر عنهم فلا يشمل التجسس على الأعداء ولا تجسس الشُرَط على الجناة واللصوص .
{ تَجَسَّسُواْ وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً } .
الاغتياب : افتعال من غَابه المتعدي ، إذا ذَكره في غيبه بما يسوءه .
فالاغتياب ذكر أحد غائب بما لا يُحب أن يُذكَر به ، والاسم منه الغِيبة بكسر الغين مثل الغِيلة . وإنما يكون ذكره بما يكره غيبه إذا لم يكن ما ذكره به مما يثلم العِرض وإلا صار قذعا .
وإنما قال : { ولا يغتب بعضكم بعضاً } دون أن يقول : اجتنبوا الغيبة . لقصد التوطئة للتمثيل الوارد في قوله : { أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا } لأنه لما كان ذلك التمثيل مشتملاً على جانب فاعل الاغتياب ومفعولِه مُهّد له بما يدلّ على ذاتين لأن ذلك يزيد التمثيل وضوحاً .
والاستفهام في { أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا } تقريري لتحقق أن كل أحد يقر بأنه لا يحب ذلك ، ولذلك أجيب الاستفهام بقوله : { فكرهتموه } .
وإنما لم يرد الاستفهام على نفي محبة ذلك بأن يقال : ألا يحب أحدكم ، كما هو غالب الاستفهام التقريري ، إشارة إلى تحقق الإقرار المقرَّر عليه بحيث يترك للمقرّر مجالاً لعدم الإقرار ومع ذلك لا يسعه إلا الإقرار .
مثُلّت الغيبة بأكل لحم الأخ الميت وهو يستلزم تمثيل المولوع بها بمحبة أكل لحم الأخ الميت ، والتمثيل مقصود منه استفظاع الممثَّل وتشويهه لإفادة الإغلاظ على المغتابين لأن الغيبة متفشية في الناس وخاصة في أيام الجاهلية .
فشبهت حالة اغتياب المسلم مَن هو أخوه في الإسلام وهو غائب بحالة أكل لحم أخيه وهو ميت لا يدافع عن نفسه ، وهذا التمثيل للهيئة قابل للتفريق بأن يشبه الذي اغتاب بآكل لحم ، ويشبه الذي اغتيب بأخ ، وتشبه غَيْبته بالمَوت .
والفاء في قوله : { فكرهتموه } فاء الفصيحة ، وضمير الغائب عائد إلى { أحدكم } ، أو يعود إلى { لحم } .
والكراهة هنا : الاشمئزاز والتقذر . والتقدير : إن وقع هذا أو إن عرض لكم هذا فقد كرهتموه .
وفاء الفصيحة تفيد الإلزام بما بعدها كما صرح به الزمخشري في قوله تعالى : { فقد كذبوكم بما تقولون } في سورة الفرقان ، أي تدل على أن لا مناص للمواجه بها من التزام مدلول جواب شرطها المحذوف .
والمعنى : فتعيّن إقراركم بما سئلتم عنه من الممثَّل به ( إذ لا يستطاع جَحْدَهُ ( تحققتْ كراهتكم له وتقذركم منه ، فليتحقق أن تكرهوا نظيره الممثَّل وهو الغِيبة فكأنه قيل : فاكرهوا الممثل كما كرهتم الممثل به .
وفي هذا الكلام مبالغات : منها الاستفهام التقريري الذي لا يقع إلا على أمر مسلّم عند المخاطب فجعلك للشيء في حيّز الاستفهام التقريري يقتضي أنك تدّعي أنه لا ينكره المخاطب .
ومنها جعل ما هو شديد الكراهة للنفس مفعولاً لفعل المحبة للإشعار بتفظيع حالة ما شبه به وحالة من ارتضاه لنفسه فلذلك لم يقل : أيَتحمل أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً ، بل قال : { أيحب أحدكم } .
ومنها إسناد الفعل إلى { احد } للإشعار بأن أحداً من الأحدين لا يحب ذلك .
ومنها أنه لم يقتصر على تمثيل الاغتياب بأكل لحم الإنسان حتّى جَعل الإنسان أخاً .
ومنها أنه لم يقتصر على كون المأكول لحم الأخ حتى جعل الأخَ ميتاً .
وفيه من المحسنات الطباق بين { أيحب } وبين { فكرهتموه } .
والغِيبة حرام بدلالة هذه الآية وآثار من السنة بعضها صحيح وبعضها دونه .
وذلك أنها تشتمل على مفسدة ضُعف في أخوة الإسلام . وقد تبلغ الذي اغتيب فتقدح في نفسه عداوة لمن اغتابه فينثلم بناء الأخوة ، ولأن فيها الاشتغال بأحوال الناس وذلك يلهي الإنسان عن الاشتغال بالمهم النافع له وترك ما لا يعنيه .
وهي عند المالكية من الكبائر وقلّ من صرح بذلك ، لكن الشيخ عليّاً الصعيدي في «حاشية الكفاية» صرح بأنها عندنا من الكبائر مطلقاً . ووجهُه أن الله نهَى عنها وشنّعها . ومُقتضى كلام السجلماسي في كتاب «العمل الفاسي» أنها كبيرة .
وجعلها الشافعية من الصغائر لأن الكبيرة في اصطلاحهم فِعل يؤذن بقلة اكتراث فاعله بالدين ورقة الديانة كذا حدّها إمامُ الحرمين .
فإذا كان ذلك لوجه مصلحة مثل تجريح الشهود ورواة الحديث وما يقال للمستشير في مخالطة أو مصاهرة فإن ذلك ليس بغِيبة ، بشرط أن لا يتجاوز الحد الذي يحصل به وصف الحالة المسؤول عنها .
وكذلك لا غيبة في فاسق بذكر فسقه دون مجاهرة له به . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لما استؤذن عنده لعُيينة بن حصن { بئس أخو العشيرة } ليحذّره من سمعه إذ كان عيينة يومئذ منحرفاً عن الإسلام .
وعن الطبري صاحب «العُدة» في فروع الشافعية أنها صغيرة ، قال المحلي وأقره الرافعي ومن تبعه . قلت : وذكر السجلماسي في نظمه في المسائل التي جرى بها عمل القضاة في فاس فقال :
ولا تجرح شاهداً بالغيبه ... لأنها عمت بها المصيبه
وذكر في شرحه : أن القضاة عملوا بكلام الغزالي .
وأما عموم البلوى فلا يوجب اغتفار ما عمّت به إلاّ عند الضرورة والتعذر كما ذكر ذلك عن أبي محمد بن أبي زيد .
وعندي : أن ضابط ذلك أن يكثر في الناس كثرةً بحيث يصير غير دالّ على استخفاف بالوازع الديني فحيئذٍ يفارقها معنى ضعف الديانة الذي جعله الشافعية جزءاً من ماهية الغِيبة .
{ فَكَرِهْتُمُوهُ واتقوا الله إِنَّ الله تَوَّابٌ } .
عطف على جُمل الطلب السابقة ابتداء من قوله : { اجتنبوا كثيراً من الظن } هذا كالتذييل لها إذ أمر بالتقوى وهي جُماع الاجتناب والإمتثال فمن كان سالماً من التلبس بتلك المنهيات فالأمر بالتقوى يجنبه التلبس بشيء منها في المستقبل ، ومن كان متلبساً بها أو ببعضها فالأمر بالتقوى يجمع الأمر بالكف عما هو متلبس به منها .
وجملة { إن الله تواب رحيم } تذييل للتذييل لأن التقوى تكون بالتوبة بعد التلبس بالإثم فقيل : { إن الله تواب } وتكون التقوى ابتداء فيرحم الله المتقي ، فالرحيم شامل للجميع .
- إعراب القرآن : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ
«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً» سبق إعرابها «مِنَ الظَّنِّ» متعلقان بكثيرا «إِنَّ بَعْضَ» إن واسمها «الظَّنِّ» مضاف إليه «إِثْمٌ» خبرها والجملة الاسمية تعليل «وَلا تَجَسَّسُوا» مضارع مجزوم بلا الناهية والواو فاعله والجملة معطوفة على ما قبلها «وَلا يَغْتَبْ» مضارع مجزوم بلا الناهية «بَعْضُكُمْ» فاعله «بَعْضاً» مفعوله والجملة معطوفة على ما قبلها «أَيُحِبُّ» الهمزة حرف استفهام وتوبيخ ومضارع مرفوع «أَحَدُكُمْ» فاعل والجملة مستأنفة «أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ» مضارع منصوب بأن ومفعوله والفاعل مستتر «أَخِيهِ» مضاف إليه مجرور بالياء «مَيْتاً» حال والمصدر المؤول من أن والفعل في محل نصب مفعول به «فَكَرِهْتُمُوهُ» الفاء الفصيحة وماض وفاعله ومفعوله والواو للإشباع والجملة الفعلية جواب شرط مقدر لا محل لها «وَاتَّقُوا» حرف استئناف وأمر مبني على حذف النون والواو فاعله «اللَّهَ» لفظ الجلالة مفعوله والجملة مستأنفة «إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ» إن واسمها وخبراها والجملة الاسمية تعليل لا محل لها
- English - Sahih International : O you who have believed avoid much [negative] assumption Indeed some assumption is sin And do not spy or backbite each other Would one of you like to eat the flesh of his brother when dead You would detest it And fear Allah; indeed Allah is Accepting of repentance and Merciful
- English - Tafheem -Maududi : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ(49:12) Believers, avoid being excessively suspicious, for some suspicion is a sin. *24 Do not spy, *25 nor backbite one another. *26 Would any of you like to eat the flesh of his dead brother? *27 You would surely detest it. Have fear of Allah. Surely Allah is much prone to accept repentance, is Most Compassionate.
- Français - Hamidullah : O vous qui avez cru Evitez de trop conjecturer [sur autrui] car une partie des conjectures est péché Et n'espionnez pas; et ne médisez pas les uns des autres L'un de vous aimerait-il manger la chair de son frère mort Non vous en aurez horreur Et craignez Allah Car Allah est Grand Accueillant au repentir Très Miséricordieux
- Deutsch - Bubenheim & Elyas : O die ihr glaubt meidet viel von den Mutmaßungen; gewiß manche Mutmaßung ist Sünde Und sucht nicht andere auszukundschaften und führt nicht üble Nachrede übereinander Möchte denn einer von euch gern das Fleisch seines Bruders wenn er tot sei essen Es wäre euch doch zuwider Fürchtet Allah Gewiß Allah ist Reue-Annehmend und Barmherzig
- Spanish - Cortes : ¡Creyentes ¡Evitad conjeturar demasiado Algunas conjeturas son pecado ¡No espiéis ¡No calumniéis ¿Os gustaría comer la carne de un hermano muerto Os causaría horror ¡Temed a Alá Alá es indulgente misericordioso
- Português - El Hayek : Ó fiéis evitai tanto quanto possível a suspeita porque algumas suspeitas implicam em pecado Não vos espreiteis nemvos calunieis mutuamente Quem de vós seria capaz de comer a carne do seu irmão morto Tal atitude vos causa repulsa Temei a Deus porque Ele é Remissório Misericordiosíssimo
- Россию - Кулиев : О те которые уверовали Избегайте многих предположений ибо некоторые предположения являются грехом Не следите друг за другом и не злословьте за спиной друг друга Разве понравится кому-либо из вас есть мясо своего покойного брата если вы чувствуете к этому отвращение Бойтесь Аллаха Воистину Аллах - Принимающий покаяния Милосердный
- Кулиев -ас-Саади : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ
О те, которые уверовали! Избегайте многих предположений, ибо некоторые предположения являются грехом. Не следите друг за другом и не злословьте за спиной друг друга. Разве понравится кому-либо из вас есть мясо своего покойного брата, если вы чувствуете к этому отвращение? Бойтесь Аллаха! Воистину, Аллах - Принимающий покаяния, Милосердный.Могущественный и Великий Аллах запретил мусульманам плохо думать о своих верующих братьях, поскольку очень часто это подталкивает их к совершению грехов. Подозрения, лишенные основания, и дурные мысли о каком-либо человеке неразрывно связаны с греховными речами и поступками. Эти мысли закрадываются в душу человека и не оставляют его в покое, пока он не скажет или не совершит то, в чем впоследствии станет раскаиваться. Этот аят запрещает не только плохо думать о мусульманах, но и испытывать к ним ненависть и вражду. О правоверные! Не пытайтесь разузнать о недостатках мусульман и не обнародуйте их. Старайтесь не замечать ошибок своих братьев, дабы ваши действия не повлекли за собой нежелательные последствия. Не говорите о своих братьях то, что им не понравится, даже если это правда. Именно так истолковал злословие за спиной мусульман Пророк Мухаммад, да благословит его Аллах и приветствует. Для того чтобы отвратить Своих рабов от этого греха, Всевышний Аллах уподобил человека, который злословит за спиной своего брата, тому, кто ест мясо своего брата, подчеркивая, насколько отвратителен подобный поступок. Вы ни за что не стали бы есть мясо своего брата, особенно, если он испустил дух и умер. Посему не отзывайтесь о нем плохо за его спиной и не ешьте его мяса, пока он еще жив. Бойтесь Аллаха, среди прекрасных имен которого - Принимающий покаяния и Милосердный. Он дает Своим рабам возможность покаяться, помогает им в этом, а затем прощает их и принимает от них покаяния. Он проявляет к ним свое безграничное милосердие: учит их тому, что приносит им пользу и принимает от них покаяния. Этот аят предостерегает мусульман от злословия за спиной мусульман. Этот грех является одним из величайших грехов, и поэтому Всевышний уподобил его другому величайшему греху - употреблению в пищу мертвечины.
- Turkish - Diyanet Isleri : Ey inananlar Zannın çoğundan sakının zira zannın bir kısmı günahtır Birbirinizin suçunu araştırmayın; kimse kimseyi çekiştirmesin; hangi biriniz ölü kardeşinin etini yemekten hoşlanır Ondan tiksinirsiniz; Allah'tan sakının şüphesiz Allah tevbeleri daima kabul edendir acıyandır
- Italiano - Piccardo : O credenti evitate di far troppe illazioni ché una parte dell'illazione è peccato Non vi spiate e non sparlate gli uni degli altri Qualcuno di voi mangerebbe la carne del suo fratello morto Ne avreste anzi orrore Temete Allah Allah sempre accetta il pentimento è misericordioso
- كوردى - برهان محمد أمين : ئهی ئهو کهسانهی باوهڕتان هێناوه خۆتان زۆر بپارێزن لهگومانی خراپ لهڕاستیدا ههندێ لهو گومانانه گوناهو تاوانن بۆیه حهق وایه لهههموو گومانێک خۆپارێزبین بهشوێن کهمو کووڕیی و عهیب و عاری یهکتردا مهگهڕێن و سیخوڕی مهکهن و لهپاش ملهباسی یهکتری بهخراپ مهبهن ئایا کهستان خۆشی دێت لهوهی گۆشتی برای خۆی بهمردوویی بخوات دیاره کاری واتان زۆر پێ سهخت و ناخۆشه دهی کهواتهلهخوا بترسن و پارێزگار بن چونکهبهڕاستی خوا گهڕانهوهی خهڵکی وهردهگرێت و میهرهبانه بۆتان
- اردو - جالندربرى : اے اہل ایمان بہت گمان کرنے سے احتراز کرو کہ بعض گمان گناہ ہیں۔ اور ایک دوسرے کے حال کا تجسس نہ کیا کرو اور نہ کوئی کسی کی غیبت کرے۔ کیا تم میں سے کوئی اس بات کو پسند کرے گا کہ اپنے مرے ہوئے بھائی کا گوشت کھائے اس سے تو تم ضرور نفرت کرو گے۔ تو غیبت نہ کرو اور خدا کا ڈر رکھو بےشک خدا توبہ قبول کرنے والا مہربان ہے
- Bosanski - Korkut : O vjernici klonite se mnogih sumnjičenja nekā sumnjičenja su zaista grijeh I ne uhodite jedni druge i ne ogovarajte jedni druge Zar bi nekome od vas bilo drago da jede meso umrloga brata svoga – a vama je to odvratno – zato se bojte Allaha; Allah zaista prima pokajanje i samilostan je
- Swedish - Bernström : Troende Undvik i möjligaste mån att göra lösa antaganden [och förmoda det ena och det andra om varandra]; det kan ligga synd i sådana antaganden Och spionera inte på varandra och tala inte illa om andra bakom deras rygg [Eller] skulle någon av er vilja äta sin döde broders kött Nej den [tanken] skulle ni finna vämjelig Och frukta Gud I Sin barmhärtighet går Gud den ångerfulle till mötes
- Indonesia - Bahasa Indonesia : Hai orangorang yang beriman jauhilah kebanyakan purbasangka kecurigaan karena sebagian dari purbasangka itu dosa Dan janganlah mencaricari keburukan orang dan janganlah menggunjingkan satu sama lain Adakah seorang diantara kamu yang suka memakan daging saudaranya yang sudah mati Maka tentulah kamu merasa jijik kepadanya Dan bertakwalah kepada Allah Sesungguhnya Allah Maha Penerima Taubat lagi Maha Penyayang
- Indonesia - Tafsir Jalalayn : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ
(Hai orang-orang yang beriman, jauhilah kebanyakan dari prasangka, sesungguhnya sebagian prasangka itu adalah dosa) artinya, menjerumuskan kepada dosa, jenis prasangka itu cukup banyak, antara lain ialah berburuk sangka kepada orang mukmin yang selalu berbuat baik. Orang-orang mukmin yang selalu berbuat baik itu cukup banyak, berbeda keadaannya dengan orang-orang fasik dari kalangan kaum muslimin, maka tiada dosa bila kita berburuk sangka terhadapnya menyangkut masalah keburukan yang tampak dari mereka (dan janganlah kalian mencari-cari kesalahan orang lain) lafal Tajassasuu pada asalnya adalah Tatajassasuu, lalu salah satu dari kedua huruf Ta dibuang sehingga jadilah Tajassasuu, artinya janganlah kalian mencari-cari aurat dan keaiban mereka dengan cara menyelidikinya (dan janganlah sebagian kalian menggunjing sebagian yang lain) artinya, janganlah kamu mempergunjingkan dia dengan sesuatu yang tidak diakuinya, sekalipun hal itu benar ada padanya. (Sukakah salah seorang di antara kalian memakan daging saudaranya yang sudah mati?) lafal Maytan dapat pula dibaca Mayyitan; maksudnya tentu saja hal ini tidak layak kalian lakukan. (Maka tentulah kalian merasa jijik kepadanya) maksudnya, mempergunjingkan orang semasa hidupnya sama saja artinya dengan memakan dagingnya sesudah ia mati. Kalian jelas tidak akan menyukainya, oleh karena itu janganlah kalian melakukan hal ini. (Dan bertakwalah kepada Allah) yakni takutlah akan azab-Nya bila kalian hendak mempergunjingkan orang lain, maka dari itu bertobatlah kalian dari perbuatan ini (sesungguhnya Allah Maha Penerima tobat) yakni selalu menerima tobat orang-orang yang bertobat (lagi Maha Penyayang) kepada mereka yang bertobat.
- বাংলা ভাষা - মুহিউদ্দীন খান : মুমিনগণ তোমরা অনেক ধারণা থেকে বেঁচে থাক। নিশ্চয় কতক ধারণা গোনাহ। এবং গোপনীয় বিষয় সন্ধান করো না। তোমাদের কেউ যেন কারও পশ্চাতে নিন্দা না করে। তোমাদের কেউ কি তারা মৃত ভ্রাতার মাংস ভক্ষণ করা পছন্দ করবে বস্তুতঃ তোমরা তো একে ঘৃণাই কর। আল্লাহকে ভয় কর। নিশ্চয় আল্লাহ তওবা কবুলকারী পরম দয়ালু।
- தமிழ் - ஜான் டிரஸ்ட் : முஃமின்களே சந்தேகமான பல எண்ணங்களிலிருந்து விலகிக் கொள்ளுங்கள்; ஏனெனில் நிச்சயமாக எண்ணங்களில் சில பாவங்களாக இருக்கும்; பிறர் குறைகளை நீங்கள் துருவித் துருவி ஆராய்ந்து கொண்டிராதீர்கள்; அன்றியும் உங்களில் சிலர் சிலலைப் பற்றிப் புறம் பேசவேண்டாம் உங்களில் எவராவது தம்முடைய இறந்த சகோதரனின் மாமிசத்தைப் புசிக்க விரும்புவாரா இல்லை அதனை நீங்கள் வெறுப்பீர்கள் இன்னும் நீங்கள் அல்லாஹ்வை அஞ்சங்கள் நிச்சயமாக பாவத்திலிருந்து மீள்வதை அல்லாஹ் ஏற்றுக் கொள்பவன்; மிக்க கிருபை செய்பவன்
- ภาษาไทย - ภาษาไทย : โอ้ศรัทธาชนทั้งหลาย พวกเจ้าจงปลีกตัวให้พ้นจากส่วนใหญ่ของการสงสัย แท้จริงการสงสัยบางอย่างนั้นเป็นบาป และพวกเจ้าอย่าสอดแนม และบางคนในหมู่พวกเจ้าอย่านินทาซึ่งกันและกัน คนหนึ่งในหมู่พวกเจ้านั้นชอบที่จะกินเนื้อพี่น้องของเขาที่ตายไปแล้วกระนั้นหรือ พวกเจ้าย่อมเกลียดมัน และจงยำเกรงอัลลอฮฺเถิด แท้จริงอัลลอฮฺนั้นเป็นผู้ทรงอภัยโทษ ผู้ทรงเมตตาเสมอ
- Uzbek - Мухаммад Содик : Эй иймон келтирганлар Кўп гумонлардан четда бўлинглар чунки баъзи гумонлар гуноҳдир Жосуслик қилманглар Баъзиларингиз баъзиларингизни ғийбат қилманглар Сизлардан бирорталарингиз ўзининг ўлган биродарининг гўштини ейишни яхши кўрадими Ҳа ёмон кўрасизлар Аллоҳдан қўрқинглар Албатта Аллоҳ тавбани кўп қабул қилувчи ва раҳмлидир Маълумки кимнинг ўйига бадгумонлик ўрнашса у одам ўша гумонини тасдиқлаш учун ҳужжат ва далил қидира бошлайди Натижада гумон остидаги одамнинг ўзига билдирмасдан айбини ахтаришга тушади Буни эса жосуслик дейдилар Одатда жосуслик деб бировга ёмонлик етказиш ниятида айбларини ва заиф жойларини ўзига билдирмай яширинча ахтаришга айтилади Бу иш ҳам катта гуноҳлардандир Чин мусулмон кишининг қалби бу каби жирканч одатлардан пок бўлмоғи зарур
- 中国语文 - Ma Jian : 信道的人们啊!你们应当远离许多猜疑;有些猜疑,确是罪过。你们不要互相侦探,不要互相背毁,难道你们中有人喜欢吃他的已死的教胞的肉吗?你们是厌恶那种行为的。你们应当敬畏真主,真主确是至赦的,确是至慈的。
- Melayu - Basmeih : Wahai orangorang yang beriman Jauhilah kebanyakan dari sangkaan supaya kamu tidak menyangka sangkaan yang dilarang kerana sesungguhnya sebahagian dari sangkaan itu adalah dosa; dan janganlah kamu mengintip atau mencaricari kesalahan dan keaiban orang; dan janganlah setengah kamu mengumpat setengahnya yang lain Adakah seseorang dari kamu suka memakan daging saudaranya yang telah mati Jika demikian keadaan mengumpat maka sudah tentu kamu jijik kepadanya Oleh itu patuhilah laranganlarangan yang tersebut dan bertaqwalah kamu kepada Allah; sesungguhnya Allah Penerima taubat lagi Maha mengasihani
- Somali - Abduh : Kuwa xaqa rumeeyow ka dhawrsada wax badan oo mala ah maxaa yeelay malaha qaarkiis waa dambi hana is jaasuusina qaarkiinna qaar yuusan xamanin miyuu jecelyahay midkiinna inuu cuno Hilibka walaalkiis oo mayd ah waad necebtihiin arrintaa Eebana ka dhawrsada waa tooba aqbale naxariistee
- Hausa - Gumi : Yã kũ waɗanda suka yi ĩmãni Ku nĩsanci abu mai yãwa na zato Lalle sãshen zato laifi ne Kuma kada ku yi rahõto kuma kada sãshenku yã yi gulmar sãshe Shin ɗayanku nã son yã ci naman ɗan'uwansa yanã matacce To kun ƙĩ shi cin nãman Kuma ku bi Allah da taƙawa Lalle Allah Mai karɓar tũba ne Mai jin ƙai
- Swahili - Al-Barwani : Enyi mlio amini Jiepusheni na dhana nyingi kwani baadhi ya dhana ni dhambi Wala msipelelezane wala msisengenyane nyinyi kwa nyinyi Je Yupo katika nyinyi anaye penda kuila nyama ya nduguye aliye kufa Mnalichukia hilo Na mcheni Mwenyezi Mungu Hakika Mwenyezi Mungu ni Mwenye kupokea toba Mwenye kurehemu
- Shqiptar - Efendi Nahi : O ju që keni besuar Shmanguni prej shumë dyshimeve meqë disa dyshime janë mëkat Mos i hulumtoni të metat e njëritjetrit dhe mos e përgojoni njëritjetrin Mos vallë dëshiron ndokush prej jush të hajë mishin e vëllait të vet të vdekur e juve kjo u është e neveritshme Druajuni Perëndisë Me të vërtetë Perëndia është pranues i pendimit dhe mëshirues
- فارسى - آیتی : اى كسانى كه ايمان آوردهايد، از گمان فراوان بپرهيزيد. زيرا پارهاى از گمانها در حد گناه است. و در كارهاى پنهانى يكديگر جست و جو مكنيد. و از يكديگر غيبت مكنيد. آيا هيچ يك از شما دوست دارد كه گوشت برادر مرده خود را بخورد؟ پس آن را ناخوش خواهيد داشت. و از خدا بترسيد، زيرا خدا توبهپذير و مهربان است.
- tajeki - Оятӣ : Эй касоне, ки имон овардаед, аз бисёре аз гумонҳо бипарҳезед. Зеро баъзе аз гумонҳо дар ҳадди гуноҳ аст. Ва дар корҳои пинҳонии якдигар ҷосусӣ макунед. Ва аз якдигар ғайбат макунед. Оё ҳеҷ як аз шумо дӯст дорад, ки гӯшти бародари мурдаи худро бихӯрад? Пас онро нохуш хоҳед дошт. Ва аз Худо битарсед, зеро Худо тавбапазиру меҳрубон аст!
- Uyghur - محمد صالح : ئى مۆمىنلەر! نۇرغۇن گۇمانلاردىن ساقلىنىڭلار (يەنى ئائىلىدىكىلىرىڭلارغا ۋە كىشىلەرگە گۇمانخورلۇق قىلماڭلار)، بەزى گۇمانلار ھەقىقەتەن گۇناھتۇر، (مۆمىنلەرنىڭ ئەيىبىنى) ئىزدىمەڭلار، بىر - بىرىڭلارنىڭ غەيۋىتىنى قىلماڭلار، سىلەرنىڭ بىرىڭلار ئۆلگەن قېرىندىشىڭلارنىڭ گۆشىنى يېيىشنى ياقتۇرامسىلەر؟ ئۇنى ياقتۇرمايسىلەر اﷲ تىن قورقۇڭلار اﷲ (تەۋبەقىلغۇچىلارنىڭ قىلغان) تەۋبىسىنى بەكمۇ قۇبۇل قىلغۇچىدۇر، (ئۇلارغا) ناھايىتى مېھرىباندۇر
- Malayalam - ശൈഖ് മുഹമ്മദ് കാരകുന്ന് : വിശ്വസിച്ചവരേ, ഊഹങ്ങളേറെയും വര്ജിക്കുക. ഉറപ്പായും ഊഹങ്ങളില് ചിലത് കുറ്റമാണ്. നിങ്ങള് രഹസ്യം ചുഴിഞ്ഞന്വേഷിക്കരുത്. നിങ്ങളിലാരും മറ്റുള്ളവരെപ്പറ്റി അവരുടെ അസാന്നിധ്യത്തില് മോശമായി സംസാരിക്കരുത്. മരിച്ചുകിടക്കുന്ന സഹോദരന്റെ മാംസം തിന്നാന് നിങ്ങളാരെങ്കിലും ഇഷ്ടപ്പെടുമോ? തീര്ച്ചയായും നിങ്ങളത് വെറുക്കുന്നു. നിങ്ങള് അല്ലാഹുവെ സൂക്ഷിക്കുക. അല്ലാഹു പശ്ചാത്താപം സ്വീകരിക്കുന്നവനും ദയാപരനുമല്ലോ.
- عربى - التفسير الميسر : يا ايها الذين صدقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه اجتنبوا كثيرا من ظن السوء بالمومنين ان بعض ذلك الظن اثم ولا تفتشوا عن عورات المسلمين ولا يقل بعضكم في بعض بظهر الغيب ما يكره ايحب احدكم اكل لحم اخيه وهو ميت فانتم تكرهون ذلك فاكرهوا اغتيابه وخافوا الله فيما امركم به ونهاكم عنه ان الله تواب على عباده المومنين رحيم بهم
*24) What is forbidden is not conjecture as such but excessive conjecture and following every kind of conjecture, and the reason given is that some conjectures are sins. In order to understand this Command we should analyse and see what are the kinds of conjecture and what is the moral position of each.
One kind of conjecture is that which is morally approved and laudable, and desirable and praiseworthy from religious point of view, e.g. a good conjecture in respect of Allah and His Messenger and the believers and those people with whom one comes in common eontact daily and concerning whom there may be no rational ground for having an evil conjecture.
The second kind of conjecture is that which one cannot do without in practical life, e.g. in a law court a judge has to consider the evidence placed before him and give his decision on the basis of the most probable conjecture, for he cannot have direct knowledge of the facts of the matter, and the opinion that is based on evidence is mostly based on the most probable conjecture and not on certainty. Likewise, in most cases when one or the other decision has to be taken, and the knowledge of the reality cannot possibly be attained, there is no way oat for men but to form an opinion on the basis of a conjecture.
The third kind of conjecture, which is although a suspicion, is permissible in nature, and it cannot be regarded as a sin. For instance, if there are clear signs and pointers in the character of a person (or persons), or in his dealings and conduct, on the basis of which he may not deserve to enjoy one's good conjecture, and there are rational grounds for having suspicions against him, the Shari `ah dces not demand that one should behave like a simpleton and continue to have a good conjecture about him. The last limit of this lawful conjecture, however, is that one should conduct oneself cautiously in order to ward off any possible mischief from him; it is not right to take an action against him only on the basis of a conjecture.
The fourth kind of conjecture which is, in fact, a sin is that one should entertain a suspicion in respect of a person without any ground, or should start with suspicion in forming an opinion about others, or should entertain a suspicion about the people whose apparent conditions show that they are good and noble. Likewise, this also is a sin that when there is an equal chance of the evil and goodness in the word or decd of a person, one should regard it as only evil out of suspicion. For instance, if a gentleman while leaving a place of assembly picks up another one's shoes, instead of his own, and we form the opinion that he has done so with the intention of stealing the shoes, whereas this could be possible because of oversight as well, there is no reason for adopting the evil opinion instead of the good opinion except the suspicion.
This analysis makes it plain that conjecture by itself is not anything forbidden; rather in some cases and situations it is commendable, in some situations inevitable, in some permissible up to a certain extent and un-permissible beyond it, and in some cases absolutely unlawful. That is why it has not been enjoined that one should refrain from conjecture or suspicion altogether but what is enjoined is that one should refrain from much suspicion. Then, to make the intention of the Command explicit, it has been said that some conjectures are sinful. From this warning it follows automatically that whenever a person is forming an opinion on the basis of conjecture, or is about to take an action, he should examine the case and see whether the conjecture he is entertaining is not a sin, whether the conjecture is really necessary, whether there arc sound reasons for the conjecture, and whether the conduct one is adopting on the basis of the conjecture is permissible. Everyone who fears God will certainly take these precautions. To make one's conjecture free and independent of every such care and consideration is the pastime of only those people who are fearless of God and thoughtless of the accountability -of the Hereafter.
*25) "Do not spy': Do not grope after the secrets of the people: do not search for their defects and weaknesses: do not pry into their conditions and affairs. Whether this is done because of suspicion, or for causing harm to somebody with an evil intention, or for satisfying one's own curiosity, it is forbidden by the Shari 'ah in every case. It dces not behove a believer that he should spy on the hidden affairs of other people, and should try to peep at them from behind curtains to find out their defects and their weaknesses. This also includes reading other people's private letters, listening secretly to private conversation, peeping into the neighbour's house, and trying to get information in different ways about the domestic life or private affairs of others. This is grave immorality which causes serious mischief in society. That is why the Holy Prophet once said in an address about those who pry into other people's affairs:
"O people, who have professed belief verbally, but faith has not yet entered your hearts: Do not pry into the affairs of the Muslims, for he who will pry into the affairs of the Muslims, Allah will pry into his affairs, and he whom AIlah follows inquisitively, is disgraced by Him in his own house. " (Abu Da'ud).
Hadrat Mu'awiyah says that he himself heard the Holy Prophet say; `If you start prying into the secret affairs of the people, you will corrupt them, or at least drive them very near corruption. " (Abu Da'ud).
In another Hadith he said: "When you happen to form an evil opinion about somebody, do not pry about it. " (AI-Jassas, Ahkam al-Qur'an).
According to still another Hadith, the Holy Prophet said: "The one who saw a secret affair of somebody and then concealed it is as though he saved a girl who had been buried alive." (AI-Jassas).
This prohibition of spying is not only applicable to the individuals but also to the Islamic government. The duty of forbidding the people to do evil that the Shari`ah has entrusted to the government does not require that it should establish a system of spying to enquire too curiously into the people's secret evils and then punish them, but it should use force only against those evils which are manifested openly. As for the hidden evils spying is not the way to reform them but it is education, preaching and counselling, collective training of the people and trying to create a pure social environment. In this connection, an incident concerning Hadrat `Umar is very instructive. Once at night he heard the voice of a person who was singing in his house. He became curious and climbed the wall. There he saw wine as well as a woman present. He shouted at the man, saying: "O enemy of God, do you think you will disobey Allah, and Allah will not expose your secret?" The man replied: 'Do not make haste, O Commander of the Faithful: if I have committed one sin, you have committed three sins: Allah has forbidden spying, and you have spied; AIlah has commanded that one should enter the houses by the doors, and you have entered it by climbing over the wall; Allah has commanded that one should avoid entering the other people's houses without permission, and you have entered my house without my permission. " Hearing this reply Hadrat `Umar confessed his error, and did not take any action against the man, but made him to promise that he would follow the right way in future. (Abi Bakr Muhammad bin Ja`far al-Khara'iti, Makarim al-Akhlaq). This shows that it is not only forbidden for the individuals but also for the Islamic government itself to pry into the secrets of the people and discover their sins and errors and then seize them for punishment. The same thing has been said in a Hadith in which the Holy Prophet has said: `When the ruler starts searching for the causes of suspicions among the people he corrupts them" (Abu Da'ud).
The only exception from this Command are the special cases and situations in which spying is actually needed. For instance, if in the conduct of a person (or persons) some signs of corruption are visible and there is the apprehension that he is about to commit a crime, the government can enquire into his affairs; or, for instance, if somebody sends a proposal of marriage in the house of a person, or wants to enter into business with him, the other person can, enquire and investigate into his affairs for his own satisfaction.
*26) Ghidat (back-biting) has been defined thus: "It is saying on the back of a person something which would hurt him if he came to know of it. " This definition has been reported from the Holy Prophet himself. According to a tradition which Muslim, Abu Da'ud, Tirmidhi, Nasa'i and others have related on the authority of Hadrat Abu Hurairah, the Holy Prophet defined ghibat as follows:
"It is talking of your brother in a way irksome to him." It was asked: "What, if the defect being talked of is present in my brother ?" The Holy Prophet replied: "If it is present in him, it would be ghibat; if it is not there, it would be slandering him. "
In another tradition which Imam Malik has related in Mu'watta, on the authority of Hadrat Muttalib bin `Abdullah, "A person asked the Holy Prophet: What is ghibat? The Holy Prophet replied: It is talking of your brother in a way irksome to him. He asked: Even if it is true, O Messenger of Allah? He replied: If what you said was false, it would then be a calumny."
These traditions make it plain that uttering a false accusation against a person in his absence is calumny and describing a real defect in him ghibat; whether this is done in express words or by reference and allusion, in every case it is forbidden. Likewise, whether this is done in the lifetime of a person, or after his death, it is forbidden in both cases. According to Abu Da'ud, when Ma`iz bin Malik Aslami had been stoned to death for committing adultery, the Holy Prophet on his way back heard a man saying to his companion: "Look at this man: Allah had concealed his secret, but he did not leave himself alone till he was killed like a dog!" A little further on the way there was the dead body of an ass Iying rotting. The Holy Prophet stopped, called the two men and said: "Come down and cat this dead ass." They submitted: "Who will eat it, O Messenger of Allah?" The Holy Prophet said: "A little before this you were attacking the honor of your brother: that was much worse than eating this dead ass."
The only exceptions to this prohibition are the cases in which there may be a genuine need of speaking in of a person on his back, or after his death, and This may not be fulfilled without resort to backbiting, and if it was not resorted to, a greater evil might result than backbiting itself. The Holy Prophet has described this exception as a principle, thus: "The worst excess is to attack the honour of a Muslim unjustly." (Abu Da'ud).
In this saying the condition of `unjustly" points out that doing so "with justice" is permissible. Then, in the practice of the Holy Prophet himself we find some precedents which show what is implied by "justice" and in what conditions and cases backbiting may be lawful to the extent as necessary.
Once a desert Arab came and offered his Prayer under the leadership of the Holy Prophet, and as soon as the Prayer was concluded, walked away saying: "O God, have mercy on me and on Muhammad, and make no one else a partner in this mercy beside the two of us." The Holy Prophet said to the Companions: `What do you say: who is more ignorant: this person or his camel? Didn't you hear what he said?" (Abu Da`ud). The Holy Prophet had to say this in his absence, for he had left soon after the Prayer was over. Since he had uttered a wrong thing in the presence of the Holy Prophet, his remaining quiet at it could cause the misunderstanding that saying such a thing might in some degree be lawful; therefore, it was necessary that he should contradict it.
Two of the Companions, Hadrat Mu`awiyah and Hadrat Abu Jahm, sent the proposal of marriage to a lady, Fatimah bint Qais. She came to the Holy Prophet and asked for his advice. He said: "Mu`awiyah is a poor man and Abu Jahm beats his wives much." (Bukhari, Muslim). In this case, as there was the question of the lady's future and she had consulted the Holy Prophet for his advice, he deemed it necessary to inform her of the two men's weaknesses.
One day when the Holy Prophet was present in the apartment of Hadrat 'A'ishah, a man came and sought permission to see him. The Holy Prophet remarked that he was a very bad man of his tribe. Then he went out and talked to him politely. When he came back into the house, Hadrat `A'ishah asked: "You have talked to him politely, whereas when you went out you said something different about him. " The Holy Prophet said, "On the day of Resurrection the worst abode in the sight of Allah will be of the person whom the people start avoiding because of his abusive language." (Bukhari, Muslim). A study of this incident will show that the Holy Prophet in spite of having a bad opinion about the person talked to him politely because that was the demand of his morals; but he had the apprehension lest the people of his house should consider the person to be his friend when they would see him treating him kindly, and then the person might use this impression to his own advantage later. Therefore, the Holy Prophet warned Hadrat
`A'ishah telling her that he was a had man of his tribe. Once Hind bint 'Utbah, wife of Hadrat Abu Sufyan, came to the Holy Prophet and said: "Abu Sufyan is a miserly person: he does not provide enough for me and my children's needs. " (Bukhari, Muslim). Although this complaint from the wife in the absence of the husband was backbiting, the Holy Prophet pemitted it, for the oppressed one' has a right that he or she may take the complaint of injustice to a person who has the power to get it removed.
From these precedents of the Sunnah of the Holy Prophet, the jurists and traditionists have deduced this principle: 'Ghibat (backbiting) is permissible only in case it is needed for a real and genuine (genuine from the Shari'ah point of view) necessity and the necessity may not be satisfied without having resort to it". Then on the basis of the same principle the scholars have declared that ghibat is permissible in the following cases:
(1) Complaining by an oppressed person against the oppressor before every such person who he thinks can do something to save him from the injustice.
(2) To make mention of the evils of a person (or persons) with the intention of reform before those who can do expected to help remove the evils.
(3) To state the facts of a case before a legal expert for the purpose of seeking a religious or legal ruling regarding an unlawful act committed by a person.
(4) To warn the people of the mischiefs of a person (or persons) so that they may ward off the evil, e g. it is not only permissible but obligatory to mention the weaknesses of the reporters, witnesses and writers, for without it, it is not possible to safeguard the Shari ah against the propagation of false reports, the courts against injustices and the common people or the students against errors and misunderstandings. Or, for instance, if a person wants to have the relationship of marriage with somebody, or wishes to rent a house in the neighborhood of somebody, of wants to give something into the custody of somebody, and consults another person, it is obligatory for him to apprise him of aII aspects so that he is not deceived because of ignorance.
(5) To raise ' voice against and criticise the evils of the people who may be spreading sin and immorality and error, or corrupting the people's faith and persecuting them.
(6) To use nicknames for the people who may have become well known by those names, but this should be done for the purpose of their recognition and not with a view to condemn them. (For details, see Fat-h al-Bani, vol. X, p. 362; Sharh Muslim by An-Nawawi; Riyad us-Salihin; al-Jassas, Ahkam al-Qur an; Ruh al-Ma ani commentary on verse wa %a yaghtab ba 'dukum ba 'dan).
Apart from these exceptions it is absolutely forbidden to speak ill of a person behind his back. If what is spoken is true, it is ghibat; if it is false, it is calumny; and if it is meant to make two persons quarrel, it is slander. The Shari 'ah has declared all these as forbidden. In the Islamic society it is incumbent on every Muslim to refute a false charge made against a person in his presence and not to listen to it quietly, and to tell those who are speaking ill of somebody, without a genuine religious need, to fear God and desist from the sin. The Holy Prophet has said: If a person does not support and help a Muslim when he is being disgraced and his honour being attacked, Allah also does not support and help him when he stands in need of His help; and if a person helps and supports a Muslim when his honour is being attacked and he is being disgraced, AIIah Almighty also helps him when he wants that AIlah should help him. (Abu Da'ud).
As for the backbiter, as soon as he realizes that he is committing this sin, or has committed it, his first duty is to offer repentance before Allah and restrain himself from this forbidden act. His second duty is that he should compensate for it as far as possible. If he has backbitten a dead person, he should ask Allah's forgiveness for the person as often as he can. If he has backbitten a living person, and what he said was also false, he should refute it before the people before whom he had made the calumny. And if what he said was true, he should never speak ill of him in future, and should ask pardon of the person whom he had backbitten. A section of the scholars has expressed the opinion that pardon should be asked only in case the other person has come to know of it; otherwise one should only offer repentance, for if the person concerned is unaware and the backbiter in order to ask pardon goes and tells him that he had backbitten him, he would certainly feel hurt.
*27) In this sentence Allah by likening backbiting to eating the dead brother's flesh has given the idea of its being an abomination. Eating the dead flesh is by itself abhorrent; and when the flesh is not of an animal, but of a man, and that too of one's own dead brother, abomination would be added to abomination. Then, by presenting the simile in the interrogative tone it has been made alI the more impressive, so that every person may ask his own conscience and decide whether he would like to eat the flesh of his dead brother. If he would not, and he abhors it by nature, how he would like that he should attack the honour of his brother-in-faith in his absence, when he cannot defend himself and when he is wholly unaware that he is being disgraced. This shows that the basic reason of forbidding backbiting is not that the person being backbitten is being hurt but speaking ill of a person in his absence is by itself unlawful and forbidden whether he is aware of it, or not, and whether he feels hurt by it or not. Obviously, eating the flesh of a dead man is not forbidden because it hurts the dead man; the dead person is wholly unaware that somebody is eating of his body, but because this act by itself is an abomination. Likewise, if the person who is ` backbitten also does not come to know of it through any means, he will retrain unaware throughout his life that somebody had attacked his honour at a particular time before some particular people and on that account he had stood disgraced in the eyes of those people. Because of this unawareness he will not feel at all hurt by this backbiting, but his honour would in any case be sullied. Therefore, this act in its nature is not any different from eating the flesh of a dead brother.